لحج نيوز/بقلم:بدرية البشر -
قيل سابقاً من ضمن ما قيل في مجابهة تعليم البنات إن من الشر أن تتعلم الفتاة لأنها ستعرف الطريق لكتابة الرسائل لحبيبها فما الفائدة من تعليم يفسد النساء؟ لكن الفتيات تعلمن وتخرجن وعملن مدرسات وطبيبات ومرشدات اجتماعيات، وصارت تلك التوجسات من سقط الحديث، بل من نوادره، ودلالات الجهل التي مرت بها المجتمعات تلك الأزمان، ولا يمكن لأحد اليوم أن يعيد الجيوش من النساء التي خرجت للتعليم إلى بيوتها بنفس الحجة التي أطلقت آنذاك وهي أن التعليم مدعاة لفساد الفتيات، لكن هذه الذهنية التي تلقي بالمعوقات في طريق حركة النساء الاجتماعية والثقافية لا تزال تجد بيئة مناسبة لتعيد إنتاج نفسها بذات المنطق القديم، منطق حبس النساء في البيوت وتعطيل قدراتهن، لتفادي أي عارض سلبي، وهو عارض يحدث بسبب الطبيعة البشرية وليس بسبب خروج النساء وعملهن، بل هي طبيعة الحياة أن يكون فيها الصالحون والطالحون، ولا يجب أن يحبس الصالحون لتأديب الطالحين. هذه المقدمة اقتضاها ما نشر حول حركة العمل التطوعي الذي شاركن فيه فتيات كشافة جدة، وهو عمل يجب أن يرفع الرؤوس، لما فيه من سمو في الهدف وجمال في الروح، إلا أن مكافأة هؤلاء الفتيات كان التشكيك بسلوك بعضهن وهو الحديث الساقط نفسه والذي يذكرنا بما لحق تعليم البنات.
كل مشروع يحرر طاقة المرأة وينمي شخصيتها سيجد من قاصري النظر هوجة ضده، وسيفتشون عن إبرة في كومة قش يخرج لمساندة نظريات هوسهم المرضي.
إدخال حصص الرياضة في مدارس البنات، أوالعمل التطوعي في جمعيات الكشافة ومساعدة الحجيج، والعمل بالبيع والتجارة والتنقل، كلها مناشط وحقوق يتم تعطيلها والاعتراض عليها، والأخطر من هذا أن يؤخذ بنظريات التعطيل ولا يؤخذ بنظريات التفعيل والتمكين، ويصبح التعطيل هو التنظيم الإداري النافذ، مما يجعل المرء العاقل يفكر: أي مجتمع قادر على الحياة الطبيعية ونصفه مشلول ومعطل، ولنأخذ على سبيل المثال مشروع مثل مشروع جامعة نورة للبنات، والذي رصدت له الدولة ٢٤ بليون ريال، ما هو المستقبل الذي ينتظر الفتيات الخريجات في بيئة مليئة بالشك بجدواها سوى البطالة.