لحج نيوز - المرهبي

الإثنين, 17-يناير-2011
لحج نيوز/ حاوره: أسامه حسن ساري -
رشاد العليمي حقق معي مباشرة.. وكان ذلك يوم العذاب الشديد..
• دعمنا الجبهات من داخل السجن.. وأعلنوني زعيم عصابة مسلحة لا أعرف أفرادها
• عبدالكريم الخيواني كان أحد ضحايا عصابتي المجهولة.. والقضاء سقطت شرعيته أمامنا.
• سجنوا أخي ليش ما يحلق ذقنه.. وآخر لأنه ساعد شقيقه في الزواج .
• اعتقلوا زوجة أخي ومولودها وطفلتين وأهانوا كرامتنا بدون صفة قانونية..
• عملوا لي أربع جلسات كهربائية.. ومائة صفعة يومياً..والجنود هم من قلوا ضابطهم.
• داخل السجن ممنوع تصلي أو تقرأ القرآن.. والمحققون ليسوا مسلمين ولا عرب.


بين جدران السجون تنتشر أقاصيص معاناة وقهر.. وخلف كواليس أسواره السياسية تُحبك الألاعيب القذرة وتؤدلج التوجهات ، وتُدبلج القضايا ، وتُهندس الملفات المختلفة.. حيناً يكون السجان سجيناً في أسر معتقليه..!!
هذا ما سنفهمه من حكاية رجل مرور في أمانة العاصمة " جعفر المرهبي " ، كان يصرخ بشعار الحوثي في الجامع الكبير.. كان ينظم حركة السير في جولات أمانة العاصمة صنعاء وهو يلصق شعار الصرخة بالموت لأمريكا وإسرائيل في مؤخرة السيارات المارة والعابرة..لكن فجأة يقع في مصيدة ويسقط قتلى وجرحى عدد من الضباط والجنود ، ثم تعلنه النيابة العامة زعيماً لعصابة مسلحة قوامها خمسة عشر فرداً ، اسمها " خلية صنعاء الثانية " ومن ضحاياها عبدالكريم الخيواني.. قصة معاناة مليئة بالمظلومية ، وتحتشد فيها مخيلات القهر والتزوير والحرمان والوحشية.. فإلى نص الحوار:

*:/ الأخ جعفر المرهبي : خلية صنعاء الثانية كان لاعتقال أفرادها صدى إعلاميا دولياً.. فما هي قصة هذه الخلية وكيف تم كشف وضبط أفرادها رغم أن جماعة الحوثي اشتهروا بالسرية الشديدة في أعمالهم وتنقلاتهم؟!.

**:/ أولاً : لا يوجد شيء في الواقع اسمه " خلية صنعاء الثانية".. وعندما تم اعتقالي كنت بمفردي وليس لديّ عصابة أو معاونين كما زعمت الجهات المعنية!!.

*:/ وكيف تم اعتقالك ؟.. وأين؟!.

**:/ اعتقلوني في منزلي بمنطقة " الحشيشية " جوار الكلية الحربية بصنعاء بعد حصار مكثف لمدة يومين.. بدئوا أولاً بتطويق المنزل بعديد من الأفراد المدنيين لديهم سيارات تاكسي كراسيدا أجرة.. ثم جاءت تعزيزات أمنية قرابة أربعين جندي وضباط من المنطقة الخامسة بمديرية شعوب ، وأحاطوا بالمنزل ثم اقتلعوا إحدى النوافذ ثم حاولوا اقتلاع باب البيت ففتحته لأخرج إليهم وأجاوبهم ، فباشروني بإطلاق الرصاص الحي وأصابوني في ساقي.. عدت إلى غرفتي حملت سلاحي وبادلتهم إطلاق النار.

تركوا ضابطهم يموت

*:/ هل وقعت إصابات وقتلى كما أشيع حينها ، وهل ثبتت عليك فعلاً تهمة قتل
بعض الضباط والجنود كما أشيع حينها؟!.

**:/ لا أدري بالضبط.. لكن دفاعاً عن نفسي أطلقت الرصاص أولاً على الجدار ، ثم تبادلنا إطلاق نار مكثف وعشوائي لوقت قصير.. سمعت أحد الضباط يئن ويترجى زملاءه وأفراده أن يسعفوه أو ينقلوه على سيارته الخاصة إلى المستشفى.. لكنهم رفضوا وتركوه ينزف ويموت بذريعة أنهم لا يستطيعون التصرف إلا بعد وصول لجنة التحريات الجنائية.. وكان بالإمكان أن يعيش الضابط لو قاموا بإسعافه وعلاجه..
تهمة حلاقة الذقن عند الراتب

*:/ سمعنا أنهم اعتقلوا شقيقك أحمد المرهبي رغم أنه رجل أمن في المنطقة الخامسة واعتقله زملاؤه وأضافوه إلى عصبة خلية صنعاء الثانية..واعتقلوا زوجته وأطفاله الثالثة.. فما الذي حدث بالضبط؟!.

**:/ بالفعل اعتقلوا أخي أحمد قبل اقتحامهم المنزل..قالوا له لماذا لا تحلق ذقنك..!! فقال لهم ما معي فلوس ، لكن نهاية الشهر سأستلم راتبي وأحلق.. فأوقفوه في القسم ، وسجنوه بتهمة عدم الحلاقة لذقنه.. وبعد ساعات فوجئ بهم يطالبونه أن يشي بي ويدلهم على مكاني ، وقالوا له : " نحن سلطة وسنحضر أخيك بالقوة ".. فصرخ فيهم وحمّل مدير أمن المنطقة ومدير البحث الجنائي مسئولية أي أذى قد يلحق بزوجته وأطفاله.. وفعلاً اقتحموا البيت واعتقلوني ، وفي المحكمة بعد عدة أشهر فوجئنا أنهم أيضاً اعتقلوا أخي وضموه إلى الخلية " العصابة المزعومة " واعتقلوا زوجته وهي في وضع الولادة ، واعتقلوا طفلتها عمرها ستون يوماً، وطفلتان 3 و 5 سنوات ،.. وانتهكوا جميع حقوقنا ، وكل هذا حدث بصورة غير قانونية ولا شرعية ، لم يعلم مدير أمن الأمانة ولا النيابة ولا أشعروا حتى عاقل الحارة.

ارتجال يؤدي إلى قتلى وجرحى

*:/ كيف عرفت أن الاقتحام والاعتقالات لا تحمل أي صفة قانونية؟!.

**:/ كان هناك جندي من الذين اقتحموا المنزل ، اسمه عبدالقادر شرف الدين ،.. لفقوا له تهمة مع أخي أحمد وسجنوهما وضموهما ضمن ما أسموه خلية صنعاء.. وفي السجن عرفت هذا الجندي ، شرف الدين ، وأخبرني أن مدير عام أمن أمانة العاصمة أصدر أمر تكليف للتحري والمراقبة لمعرفة من يدخل ويخرج من وإلى منزلي فقط ، .. وليس لاقتحامه ، وكان التكليف مع واحد من الضباط في المنطقة اسمه "عبدالغني المعمري " ، ثم حضر إلى الساحة جنب البيت ضابط آخر اسمه "يحيى راوع " واقترح على زميله المعمري أن يستغلوا الفرصة ويقتحموا البيت فيحصلوا على ترقيات وعلاوات ومكافآت.. وقال شرف الدين أن : مدير عام أمن الأمانة حضر إلى ساحة الحدث وهو غاضب على مدير المنطقة الخامسة وعلى الأفراد وصرخ فيهم يلومهم ويعنفهم " لماذا اقتحموا البيت ،يقول لهم أعطيتكم تكليف تحري فقط ".. وأيضاً أخبرني أن مدير المنطقة الخامسة بعد الحادثة اجتمع بالأفراد والضباط ومن بينهم الجندي شرف الدين ، وقال لهم : " إحنا ارتكبنا خطأ فادح وخالفنا الأوامر وتسببنا في مقتل وإصابة بعض زملائنا من الضباط والجنود ويجب أن لا نكرر هذا الخطأ".. يعني أنهم كانوا معترفين بخطأ وعدم قانونية تصرفهم..

قانونيون في النيابة.. وبلطجيون في الشوارع

•يضيف جعفر المرهبي قائلاً : " في النيابة فوجئنا بهم أحضروا عاقل الحارة ليأخذوا شهادته ، ويتظاهرون باتخاذ الإجراءات القانونية ،.. لكن عندما اقتحموا منزلي واعتقلوني واعتقلوا زوجة أخي بدون خجل أو مبررات واعتقلوا طفلاً مولوداً وطفلتان صغيرتان ، لم يكونوا قانونيين بل بلطجيين ، وأرادوا علاوات ومصالح شخصية.. وإلا فما ذنب امرأة واضعة وطفل مولود بهذلوهم وأتعبوهم.. والطفلتان سلموهما لضابط في المنطقة وقالوا له هاتان في عهدتك واستلامك وكأنهما سلعة صناعية وليس بشراً يحتاجان الحنان والرعاية والدفء ولا ذنب لهما أو لأمهما في شيء..

رجلا أمن في السجن ضمن الخلية الثانية!!

*:/ تقول أنهم لفقوا تهمة لشقيقك وللجندي عبدالقادر شرف الدين وسجنوهما ضمن الخلية.. فما طبيعة تلك التهمة؟!..

**:/ كلفوا أخي أحمد الذي يعمل معهم في أمن المنطقة ، كلفوه بحراسة أرضية عليها قتل ومشاكل.. وكان مع الجندي شرف الدين قنبلة خشبية فاشتراها منه شقيقي أحمد مثله مثل مئات الضباط والجنود الذين يشترون الأسلحة والقنابل من بعضهما البعض.. لكن المنطقة استغلت الوضع وورطتهما في السجن.. وفي النيابة تم التحقيق معهما عدة مرات ، ولم يجدوا عليهما أي إدانة ، فقال سعيد العاقل رئيس النيابة سابقا لأخي : " إذا لم نجد لك تهمة والله أنني سأجد لك تهمة مناسبة " .. وقال للجندي شرف الدين : " يكفيك تهمة أنك هاشمي"..!! وبسبب غياب العدالة ، حكموا أخي أحمد ثلاث سنوات سجن رغم أنه اشترى فقط ، وحكموا على شرف الدين سنة سجن رغم أنه حاز وباع..

أولياء الدم.. مدنيون يثارون في قسم أمن بتسهيلات

*:/ بعد أن اعتقلوك .. ما الذي حدث.. هل تم عرضك على مستشفى لعلاج ساقك المصابة ؟!..

**:/ لا.. فالذي حصل أنهم نقلوني إلى سجن المنطقة الخامسة.. وفي غرفة التحقيق باليوم الأول أدخلوا عليّ ثلاثة أفراد مدنيين ليضربوني ضرباً مبرحاً وعذبوني أشد العذاب.. وبعد رحيلهم عرفت من المحقق أنهم أولياء الدم ولا علاقة لهم بالأمن أو السلطة ، وإنما استدعوهم من منازلهم ليأخذوا بثأرهم مني داخل سجن الدولة.. ثم دخلوا ضباط كبار وضربوني وما قصروا ، كل واحد عمل جهده فيني .. وكل يوم أتعرض للضرب عدة مرات.. وفي اليوم الثالث نقلوني إلى وحدة مكافحة الإرهاب التي يرأسها العقيد ركن هشام الغزالي ،.. ورموني في زنزانة انفرادية بعد تقييد يدي إلى وراء ظهري.. في المساء نقلوني غرفة التحقيق وتناوبوا على حراستي ثلاثة ضباط ليلاً ونهاراً لمنعي من النوم أو تناول الطعام أو شرب الماء إلا بما يسد رمقي لمدة ستة أيام بدون نوم.. وأخضع لتعذيب شديدة جداً وجرح ساقي ينزف بغزارة ويعذبوني بمختلف الأساليب..

مائة صفعة يومياً.. وتعليق وجلسات كهرباء

*:/ قلت أنهم عذبوك وتركوك تنزف بلا شفقة .. فما هي أنواع العذاب؟!.

**:/ حَدِّث ولا حرج.. لم يدخروا أسلوباً من أساليب التعذيب إلا استخدموه.. لكن أبشعها أن يمنعوني من الصلاة ومن قراءة القرآن ويسبون الله تعالى ويقول لي المحقق : أنا ربك.. منعوا عني الطعام والماء ، وكلبشوا يدي إلى وراء ظهري ، ثم شدوا حبلاً وعلقوني إلى السقف من وراء ظهري " من رسغيَّ " لأوقات طويلة حتى تمزقت رسغاي ونزفت بغزارة وتقطع لحم ذراعي .. وزيادة في العذاب كانوا يضعون في الفراغ الضيق بين يديّ وظهري مسنداً كبيراً وثقيلاًَ بشكل طولي حتى أنزف من القيود.. وعملوا لي أربع جلسات كهرباء.. واستخدموا العصا الحديدية ليضربوني باستمرار في مفاصل يديّ ورجليّ.. واستخدموا مطرقة يضربون بعنف ووحشية على أصابع قدميّ حتى تلتصق أصابع المدمرة ببلاط الغرفة ، مرة بعد أخرى معظم الأيام.. هشام الغزالي بنفسه كان يباشر عمليات التحقيق والضرب والتعذيب بنفسه.. ولكن أشد أنواع العذاب والألم عانيتها يوم جاء الدكتور رشاد العليمي ليحقق معي ومعه عدد من الضباط تناوبوا على ضربي.. أما الصفعات والملاطيم فكل يوم أتلقى مائة صفعة عنيفة طوال السنة ناهيك عن بقية أنواع الضرب من ركل وجلد واستخدام العصي الحديدة والهراوات الخشبية.. وأحياناً كانوا ينتفون شعر شاربي بقوة..

إنسانيون لاستكمال التحقيقات فقط

*:/ ماذا كانت نتيجة هذا التعذيب.. وما هي الصورة التي رسمتها عن المعتقلات والتحقيقات بعيداً عن مظلة القوانين والأخلاق الإنسانية؟!.

**:/ لم يحقق التعذيب نتيجة .. لأن الاعتقال كان ملفقاً ولأهداف سياسية وعسكرية تقتضيها اتجاهات الحرب ونتائجها لدى تلك الجهات.. ومهما كانت الجريمة فلا يجوز التعذيب.. مع أنني لست مجرماًَ ، بل إنسان مؤمن بالله تعالى ، وملتزم وأتبع ثقافة قرآنية في مسيرة كبيرة شمال اليمن.. لهذا تخيلت وتصورت أنني لم أعد في اليمن ، لست في دولة عربية ولا إسلامية ، فاليمن أبناؤها من رجال أمن وقضاة وغيرهم مسلمون لديهم قيم وشهامة وأخلاق وكرامة.. لكن الذي حصل داخل السجن ليس من يمنيين حقاً ، بل أناس ليسوا مسلمين وأظنهم تعلموا اللهجة اليمنية بركاكة ،.. تصرفاتهم لا تدل أنهم يمنيون أو مسلمون ، فقد كانوا يهددوني دائماً بأن أعترف .. ولا أدري بماذا أعترف.. ما لم سيقومون بإحضار كريماتي والافتعال بهن أمام عيني.. أحد زملائي في السجن أخذوه غرفة التحقيق وبعد التعذيب هددوه وقالوا له : زوجتك أحضرناها وهي الآن في الغرفة المجاورة .. وإذا لم تعترف بما نريده سندخلها غرفة التحقيق ونتحرش بها - " يقولونها بكلمة بذيئة وقذرة جداً " - أمام عينيك.. هؤلاء المحققون ليسوا يمنيين ولا عرب ولا مسلمين ، لأن ليس عندهم ذرة من شهامة أو كرامة أو نخوة أو خوف من الله تعالى.. بل كان بعضهم عندما أذكر الله أو اقرأ لهم آية قرآنية يضربونني ويقولون لا نريد قرآن ويسبون الله ويشتمون الإسلام ويقول لي أحدهم : أنا ربك فاعترف لي الآن.!! ويشتم ويسب بكل ما حملته ثقافته من ألفاظ قذرة وبذيئة.. فقلنا لهم : أنتم بهذه السلوكيات والتصرفات اللا أخلاقية والوحشية في التعذيب تجبرونا على أن نعاديكم أشد العداء خلافاً لما حدث في سجننا بالمرة السابقة..

*:/ وهل كان هناك مرة سابقة لدخولك السجن؟.. ولماذا؟!..

**:/ نعم .. في عام 2003م كنت ضمن المجموعة الذين اعتقلتهم السلطة في الجامع الكبير بصنعاء عندما صرخنا هناك بشعار الموت لأمريكا وإسرائيل.. وبقيت في السجن أكثر من سنة ثم أفرجوا عني.. وفي السجن الأول خرجنا بانطباعات جيدة عن رجال الأمن اليمنيين ، لديهم احترام لذاتهم ، فيهم كرامة وشهامة ، وأنهم إخواننا وعرضهم من عرضنا ولو تطلب الأمر أن ندافع عنهم ونضحي من أجلهم لفعلنا.. لكن السجن الثاني كما أخبرتك.. ليسوا يمنيين ولا مسلمين.. فقلت لهم : " هذه المرة أثبتم لنا أنكم فعلاً تتولون أمريكا واليهود وأنكم فعلاً أعداءً لنا.. وهكذا كانوا يتعاملون معي ومع غيري..

أقوال لم نقلها.. واعترافات يجب أن يحاكم عليها النائب

*:/ كيف تم التعامل معكم في النيابة؟.. وهل نلتم أي حقوق قانونية؟!.

**:/ بدأنا الجلسات مع النيابة وحرمونا من أبسط حقوقنا القانونية " المحامي ".. وأسوأ من ذلك أن سعيد العاقل رئيس النيابة كان يحقق معي ويرفض أقوالي ويجبرني على قول كلام آخر ، ويكتب في التحقيقات ما يريده هو.. يقول لي : غير كلامك هذا وقل كذا أو كذا وإلا أعدتك غرفة التحقيق المجاورة يسلخوا جلدك.. فهل هذا مسئول عدلي؟!.. كانوا يكتبون كلاماً لم نقله.. ونفاجأ في المحكمة أن هناك أقوال واعترافات غريبة وبعيدة عن الدين الإسلامي ، والمفترض أن يتم محاكمة رئيس النيابة على تلك الاعترافات لأنها اعترافاته هو وليست لنا.. مما يعني أنه متمرس في كل اعتراف يقدمه وكل حقيقة يزيفها.. في الأخير أجبروني على توقيع خمسة عشر ورقة ..

رفض شرعية المحكمة

*:/ لكن كان متاحاً لكم أن ترفضوا تلك الاعترافات أمام المحكمة وتطالبوا بمحامي؟!..
**:/ صحيح.. لكن كانت المحكمة نفسها ضدنا.. وليست شوكة ميزان ، لأن موقفنا من المحكمة بحد ذاتها هو الرفض لشرعيتها ولشرعية القاضي..

*:/ولماذا ترفضون شرعية المحكمة والقاضي؟!..
**:/ لأن المحكمة تلزمنا بأشياء باطلة وتستند إلى تحقيقات مزورة وتحت وطأة التعذيب.. وأيضا لا تكفل لنا المحكمة أي حقوق قانونية للدفاع عن أنفسنا وإحراز العدالة. القاضي نفسه كان منحازاً.. كان يقوم يخاطب زوجة الضابط المقتول ويقول لها طالبيني أن أحكم لك بالقصاص وبكذا وبكذا.. فقلنا له : يا قاضي انزل من المنصة وخلِّي الشوفة تطلع مكانك تحكم فما عاد فايدتك قاضي.. أردت أن أشرب ماء في تخشيبة المحكمة فأمر القاضي بأخذ علبة الماء مني ومنعوني من الشرب.. فصرخنا كيف تمنعونا من أبسط حق لنا وهو الماء داخل المحكمة.. وصرخنا كربلاء عادت وعاد يزيد وأمثال يزيد..
الآية خلف الظهر.. والخصم هو الحكم

*:/ وماذا كان موقف القاضي من رفضكم لشرعيته ولشرعية المحكمة؟!.
**:/ كان تصرفاته وتعاملاته معنا بانحياز ضدنا تثبت أننا محقون في رفض شرعية المحكمة.. وقلنا له : " كيف نرجو منك العدالة وأنت تتصرف كعدو وطرف وليس كقاضي ،.. ولا غرابة في هذا فأنت تضع الآية " وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل " تعلقها وراء ظهرك فتنساها ولا تجعل لها قيمة".. فقال القاضي : " ليش ترفضوا شرعية المحكمة ؟!." أجبناه : " لأنك طرف بالفعل ، فالذي وضعك هنا هو الجلاد وهو خصمنا".. قال : " القضاء مستقل ونزيه ".. قلنا له : " كلام عجيب.. وشعار فضفاض أمام الرأي العام.. أين نزاهة القضاء واستقلاله .

الخلية الثانية.. عصابة لا يتعارف أفرادها

*:/ طيب.. ما هي حكاية خلية صنعاء الثانية ، فقد قلت بداية اللقاء أنه لا وجود لها على أرض الواقع؟!.

**:/ يوم طلعنا المحكمة لم نكن نعرف أي أحد من السجناء ..، باستثناء شقيقي أحمد كنت أظنه قد خرج لكن وجدته معي في المحكمة واستغربت لأنه لم يكن له علاقة بي ولا بالحوثي.. ورأينا بعضهم فاعتقدنا أنهم أصحاب قضايا أخرى.. لكن فوجئت بالقاضي يقرأ قرار الاتهام على أنني زعيم عصابة مسلحة مكونة من خمسة عشر فرداً قامت بالتخطيط لارتكاب تفجيرات وأعمال إجرامية.. خمسة عشر شخصاً دفعة واحدة ، منهم اثني عشر شخصاً لا أعرفهم ، أول مرة أراهم في قفص الاتهام ،.. استغربنا كيف عصابة مسلحة ولا نعرف بعضنا بعضاً أبداً ، أقلها استحوا واخجلوا وجيبوا ناس نعرفهم مش مجهولين..

عبدالكريم الخيواني أحد ضحايا هندسة الخلايا

*:/ هل تعرفت لاحقاً على أفراد الخلية.. وهوياتهم واتجاهاتهم ونوعية تهمهم وملابسات اعتقالهم؟!.
**:/ بالطبع.. أحدهم من صنعاء اسمه إبراهيم علي ابوطالب ، ظروفه صعبة جداً وبالكاد وجد لنفسه عملاً في شركة اتصالات لينفق على أسرته ، ولكن شقيقه الأصغر التحق بجماعة الحوثي وتزوج في صعدة ، ومن منطلق التعاطف الأخوي قام إبراهيم بإرسال مبلغ خمسة آلاف ريال لشقيقه مساعدة زواج بالكاد استطاع تدبيرها ، فاعتقلوه بتهمة تمويل عصابات مسلحة وتخريبية.. وأيضاً الدكتور ، يملك مخزن أدوية في صنعاء ، مصرح من وزارة الصحة ، وباع بأربعين ألف ريال شاش وعلاج لصيدلية في صعدة ، فاعتقلوه بتهمة دعم عصابات التخريب المسلحة ، فقال لهم هذا حقي القانوني أن أبيع الدواء بفواتير رسمية لجهات مصرح بها ولست مسئولاً عن البحث وراء هويات زبائني الدائمين.. وحتى لو كان العلاج للحوثيين فمن الواجب الإنساني أن نوفره لهم..لكن الأجهزة الأمنية اعتقلته وضربوه وأهانوه وقالوا " خلية ثانية" لفقوها من هناك وهناك بأبرياء ، ليس لأن صنعاء تنهار وتواجه انقلابات ولكن لتبرير فشلهم في الميدان وعجزهم عن تحقيق العدالة المفقودة. ضحايا الخلية أبرياء وأبرزهم الأستاذ عبدالكريم الخيواني الذي لم أعرفه إلا من خلال قراءة مقالاته في الصحف ثم فوجئت أنه عضو في عصابتي المسلحة التي لا أعرف أحداً منها. لا يوجد أي اتزان لدى الأجهزة الامنية.. حالة من الاضطراب.. فقد قاموا باعتقال مجموعة من أفراد الجيش الشعبي الذين قاتلوا في صف الجيش ضد الحوثيين في جبهة بني حشيش وسجونهم وحكموهم إعدام... لم نسمع بهذه التلفيقات والاختلاقات ولا حتى في الخيال والأفلام الأمريكية.

موقف فخر.. وتجنيد رجال أشداء

*:/ ماذا كانت ردة فعلكم تجاه تهمة العصابة المسلحة " الخلية الثانية"؟!..
**:/ قلت لهم والله أنني أفتخر وأعتز أن أكون زعيماً لعصابة مسلحة من هذا النوع على الأقل كنت سأرضي الله تعالى وأعمل عملاً داخل صنعاء يخفف الضغط على الأطفال والنساء في صعدة.. لكن للأسف ويحز في نفسي – قلت لهم – أن هذه العصابة من اختلاقكم وكان شرفاً لي لو كانت واقعاً حقيقيا. أحد الإخوان في السجن من المتهمين ضمن العصابة ، " أبو زيد – يحيى الكحلاني " قدم إلى سعيد العاقل رئيس النيابة رسالة شكر قال له فيها : " أشكرك انك اعتقلتني في اليوم الفلاني ومنحتني بطاقة التحاق بمسيرة السيد حسين الحوثي وكنت سبباً لهدايتي إلى ثقافة قرآنية جهادية حقيقية وأبعدتني عن ثقافتكم التي ما أنزل الله بها من سلطان ، أشكرك كثيراً لأنك كنت سبباً في دخولي الدرب الصحيح ودليتني على طريق الحق فقد كنت غافلاً عن مسيرة الحوثي وجاهلاً بها ولكن ساعدتني على اعتناقها وقد صارت لي وسام شرف".. وبالفعل ، بالاعتقالات الظالمة والعشوائية والتعذيب وانتهاك الأعراض والحقوق ، ساعدوا كثيراً في تجنيدنا لنكون ألد عداءً لهم ، عرفنا ما معنى أنهم يتولون أمريكا واليهود ويعادون المسلمين.. وأحد الزملاء الآخرين المسجونين ضمن أفراد العصابة كتب قصيدة شعرية وأهداها للقاضي محسن علوان ، وعنوان القصيدة " هندسة الخلايا " يتحدث فيها عن مهارة سعيد العاقل في هندسة وبناء الخلايا والعصابات المسلحة... وحقاً لقد جندونا أفضل تجنيد وجعلونا رجالاً أشداء لا نفرط ونستبسل حق الاستبسال من أجل دين الله تعالى.

كلمة أخيرة

*:/ كلمة أخيرة تود قولها؟!..

**:/ كل ما أود قوله أنهم كانوا هم السجناء ونحن السجانون ، فقد أرادوا أن يذلونا ويهينوننا ويفصلون بيننا وبين أمة كاملة.. ولكننا جعلنا الزنازن الانفرادية محاريب للالتجاء إلى الله تعالى.. جعلنا من السجن مدرسة علمية واسعة ، حفظنا فيه القرآن الكريم غيباً ، التحقنا في المركزي بصنعاء بخمسة عشر دورة لغة انجليزية وخمس دورات كمبيوتر ، وشكلنا دوري كرة قدم وكنا أبطال الدوري ورواده ، وأنشأنا معملاً للصناعات اليدوية وبعنا منتجات يدوية بحوالي مليونيين وسبعمائة ألف ريال
، وخلال الحرب السادسة لم ننفصل عن الجبهات القتالية ، بل كنا جزءًَ هاماً من الجبهات ، فقد استشعرنا مسئوليتنا الكاملة تجاه إخواننا المرابطين في المتارس ضد الجيشين اليمني السعودي ، وحاولنا تسيير قافلة ملابس وأدوات متنوعة إلى الجبهات من داخل السجن وأوصلنا إلى هناك مبلغ تسعمائة ألف ريال دعماً للجبهات.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-11041.htm