الخميس, 20-يناير-2011
لحج نيوز - صالح بكر الطيار لحج نيوز/كتب:د. صالح بكر الطيار -

لا أحد ينكر ان الشعب التونسي تمكن من اسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي خلال ايام قليلة من انتفاضة قام بها ضد الفساد والبطالة وغلاء المعيشة دون ان يكون لأي تنظيم او نقابة او جمعية او تيار الفضل في ذلك . كما لا احد ينكر ان سقوط نظام زين العابدين بن علي في الشارع هو الأول من نوعه في العالم العربي فيما كانت الأنظمة تسقط في السابق عبر انقلابات عسكرية . ولكن السؤال الأن هو ماذا بعد سقوط النظام ؟ . للإجابة على هذا السؤال حري التنويه هنا أن لا أحد كان يتوقع سقوط نظام بن علي بهذه السرعة إذ كانت الإنتفاضة الشعبية تكبر يومياً مثل كرة الثلج الى حد انها عمت كل المدن والمناطق دون خشية من القوى الأمنية التي مارست شتى انواع العنف والترهيب حيث ذهب ضحية ممارساتها عشرات القتلى والجرحى من المواطنين العزل . لا بل ان القوى الدولية والإقليمية كانت تظن ان الإنتفاضة ستدوم بضعة ايام يصار بعدها الى ايجاد تسوية على قاعدة تقديم وعود بإيجاد فرص عمل ، او عبر إقالة الحكومة وإعتبارها المسؤولة عما يجري في البلاد ، او اقالة بعض القيادات الأمنية وجعلها كبش محرقة ، وخير دليل على ذلك الموقف الرسمي الفرنسي في بداية الإنتفاضة الذي كان مؤيداً بالكامل لنظام بن علي . كما حري بالتنويه أن أي حزب سياسي او تنظيم نقابي ممن كان يعارض النظام لم يكن يملك تصوراً عن البديل فيما لو اطيح بالنظام القائم ، لا بل جل ما قامت به المعارضة انها كانت تصدر بيانات الدعم والتأييد من منطلق تعاطيها مع حدث فرض نفسه على الساحة السياسية التونسية وليس من موقع المحرك لهذا الحدث والمتحكم بمساراته . ولهذا ما إن كبرت الإنتفاضة وأجبرت بن علي على مغادرة البلاد حتى دبت الفوضى وكثرت عمليات النهب والسلب والتخريب للمؤسات العامة والخاصة ، كما شاعت عمليات الإنتقام الشعبية ممن بقي من رموز السلطة في تونس ولم يتوفر له الوقت الكافي للهرب كما فعلت عائلة الرئيس بن علي وأصهرته وأقربائه الذين كانوا من اكبر المستفيدين من خيرات الدولة وثرواتها . ولقد لعب الجيش دوراًهاماً في هذه الظروف التاريخية الى حد انه دخل في مواجهة مع قوى امنية موالية للسلطة ، ولكن ليس بإمكان الجيش ان يضع جندياً امام باب كل مبنى ، كما ليس بإمكان الجيش ان يعيد الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية الى طبيعتها لأن ذلك من مهمة المؤسسات الدستورية المتبقية ومن مسؤولية القوى الحزبية والنقابية التي كانت اساساً تحتل مساحة على الساحة التونسية . وإذا كان هناك من مساعي الأن تبذل من اجل تشكيل حكومة ائتلافية جديدة برئاسة محمد الغنوشي بعد ان تسلم رئيس البرلمان سدة الرئاسة إلا ان هناك بالمقابل خلاف حول من يتمثل في هذه الحكومة . هل تأتي من المعارضة فقط ، او من المعارضة بالتعاون مع تنظيمات كانت موالية للسلطة ، او من هؤلاء جميعاً إضافة الى ممثلين عن تنظيمات معارضة لم يكن معترفاً بها ؟ . من هنا يبرز التنافس الأن بين وجوه بارزة من أحزاب المعارضة القانونية، خصوصا تلك التي كانت محرومة من التمثيل النيابي والدعم الحكومي، إلى جانب شخصيات سياسية معروفة بوطنيتها ونزاهتها، تمثل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، والمجتمع المدني، والمستقلين، يضاف اليهم في نفس الوقت الأحزاب غير المعترف بها، والتي كانت تمثل ما يعرف بالمعارضة الراديكالية، مثل حركة النهضة الأصولية المتطرفة، و حزب العمال الشيوعي، والمؤتمر من أجل الجمهورية والحزب الوطني الديمقراطي وحزب تونس الخضراء. وفي حال تم التوافق على تشكيل الحكومة فماذا سيتضمن برنامجها الإصلاحي ، ومتى ستقر موعداً لإنتخابات جديدة في البلاد ، وهل ستحاكم اركان النظام السابق ، وهل ستطالب بإستعادة الأموال المسلوبة التي تم تهريبها الى خارج البلاد ، وهل تصر على محاكمة بن علي ، ومن هي الشخصية القادرة على تخليص تونس من ازماتها ومعاناة شعبها ، وما هي الإمكانيات المتوافرة ؟ . قد يكون من المبكر الرد على كل هذه الأسئلة لأن المعروف في تاريخ كل دول العالم ان اسقاط نظام قد يكون اسهل بكثير من إعادة تركيب نظام جديد ، ولهذا من المنتظر ان تدوم الفوضى على كل المستويات لفترة زمنية ومن ثم تبدأ الأمور تتخذ منحى التهدئة شرط ان لا تستغل قوى خارجية الوضع الحالي لإحداث المزيد من التأزم ..

رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-11162.htm