لحج نيوز - غصن الياسمين .. إطلالة على مواجع الزمن

الجمعة, 21-يناير-2011
لحج نيوز/دمشق:من مهند التكريتي -


عن دار رند للطباعة والنشر / دمشق ، صدرت المجموعة القصصية غصن الياسمين ؛ للقاص أسامة محمد الصادق .
وتقع المجموعة في 71 صفحة من القطع المتوسط ، حيث ضمت 15 نصا ً ، حملت العناوين التالية :-
الجرح ، القرار ، اغتيال ، خريف الوهم ، الوليمة ، المدلس ، خارج التوقعات ، قرقعة النعل ، الملاك ، عبق الذكريات ، السراب ، غصن الياسمين ، المحظوظ ، التنهيدة الأخيرة ، طيور الظلام.
ومما يمكن أن يقال عن المجموعة بأنها مجموعة قصصية متميزة، برع فيها القاص في تحريك الفعل وتحويله إلى كلمة وتحويل الكلمة إلى فن يُجاد التلاعب بآلياتها ـ بكل بساطة واقتدار ـ عبر سياقات قصصية تعبر عن الموقف النفسي والاجتماعي من مشكلات الحياة وتناقضاتها حين تواجه الذات الفاعلة عقم الحياة المطعم بانكسارت وتناقضات الواقع فتتكثف رؤيته الفنية للإفادة من اتجاهين أحدهما واقعي والآخر رمزي في سياقات نصّية محرّضة على حراك فني ترتدي زي الكلمة كقناع لعرض الحقيقة فينعكس التناقض القائم في الواقع المعيش؛ ليسكن سياقات النص فيعبر عن الصراع القائم بين النقيضين: الزائف والمتأصل, الفعل والاستلاب, الحلم البريء في مقابل الواقع المؤلم, مما يجعل هذه المجموعة تتغلّف بحس بسيط شفيف يعبر عن الحلم المفقود والحب الضائع وانتظار ما لا يجيء وهذا مايطالعنا به القاص من أول مجموعته المؤطرة بـ(( الجرح )) وحتى ولوجنا لعالم (( القرار )) ،ثم يأخذنا بعد ذلك في انتقالة كاميراتية يبدأها بقصته (( اغتيال )) كمحطة ينقلنا فيها الى جملة من الإحالات الرمزو – نفسية تتمخض عن اشارات مدعّمة بتشكيلات من التراث الذاكراتي المفعم بهموم الحياة وأبجديات الطفولة فتتنوع أساليب العرض فيها ما بين توظيف تقنية المونولوج والوصف والسرد والفلاش باك والتذكر والتداعي الحر وتتنوع ضمائر الحكي في معظمها ما بين الحضور والغياب والخطاب, وقد نجح القاص في اختيار عنوانها وفي تأويله وفي توزيع أقسام المجموعة على مفرداته لتتواءم مفاتيح النص الكلية والجزئية مع مفاصله وتقسيماته الفنية ويكون العنوان تعبيراً عن إحلال عنصر نفسي مقصود في وعي النص؛ ليمثل بؤرة مركزية تلتف حولها الدلالة التي تنفرد بالتعبير عن ذات الكاتب الحالية لا كما ينظّر عنه بعض من أساتذته من حيث عدم تواءم جوهر العنوان ومستوى المضمون ؛ ليصبح بذلك ككتلة متوارية لا يسمح لها بالحضور إلا بإشارة واضحة من بنان شخص بدأ بوضع قدمه على أول السلم ليمارس سلطته على سياقات نصوصه القصصية المعروضة.
وقد قدم للمجموعة القاص جمال نوري بورقة نقدية بسيطة جاء فيها { إذا كانت اللغة برأي (رولان بارت) هي التي تتكلم فأن قصص مجموعة القاص أسامه محمد (غصن الياسمين) تفصح عن الكثير عبر معالجتها واقتناصها للواقعة القصصية التي يتعامل معها بمسالمة وروية عبر لغة سردية متواترة تميل إلى الواقعية وتفاصيلها مع تغيب مقصود أحيانا ًللمخيلة لكي يرتفع هاجس القاص في انتقاد واقعه المزدحم بالمواجع اليومية وهو لا ينفك مع ذلك ان يخرج عن محنة التواصل الأسري والعلاقات الطارئة التي يجدها خروج عن النسق التربوي ألبيتي الذي جبّل عليه فهو بالكاد يوضح في قصة (القرار) عن الموقف العاطفي الذي دفعه إلى ذلك حجم الخواء العاطفي الذي يعيشه وينقلنا في هذه القصة التي تشبه الاعتراف إلى سرد حكايا جميلة عن براءة الطفولة ومخوفها فيسجل نجاح لافتاً في هذه القصة ويفعل ذلك أيضاَ والى حد كبير في قصة ( طيور الظلام ) التي يروي من خلالها بلغة الراوي العليم جسامة المواقف وخطورة الاحتلال الذي يصادر حريات الناس البسطاء ولا يتورع عن مداهمة بيوتهم من دون رعاية لإنسانيتهم ووجودهم وينجح القاص عبر لغة محايدة ان ينقل لنا حجم الفجيعة الإنسانية التي تزج ببطل القصة بأسلوب تسجيلي يشبه أسلوب الروبرتاج في ملاحقة ومتابعة حالة المداهمة والاعتقال ومواجهة المصير المجهول في سجن مسكون بالأهوال ومصادرة حقوق الإنسان هذا فضل عن بقية القصص التي توزعت في معالجاتها على سوء التأويل والفهم الذي يملي دواخل شخصياته التي تعاني من جدب عاطفي وتأزم نفسي يجعلها يصطلي في اتون التردد والمخاوف الجمة التي تلجم فعلها الحياتي الإيحائي وتقودها إلى مجاهيل الضياع والغربة والانفصال عن وسائل التواصل والفهم الحقيقي للأشياء .
تتحدث قصص هذه المجموعة بلغة آسرة بسيطة عن مواجع الذات الإنساني في تواصلها ومواجهاتها للمحن والعلاقة المرتبكة بين الرجل والمرأة التي تقضي إلى أزمات اكبر تتلبس التجربة بكل إبعادها النفسي والاجتماعي}.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 12:07 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-11190.htm