لحج نيوز/تحقيق:تهاني مهيوب- جدة -
أسباب عديدة وراءانزلاق الفتيات في الإدمان
فجر اعتراف مختصين عن علاج الإدمان بالمملكة بزيادة أعداد المدمنات من الفتيات والسيدات علامات استفهام عديدة، ودقت الاعترافات ناقوس الخطر الذى يطال فتيات في أعمار صغيرة وتفتح القضية الباب أمام طرق وأساليب هذه الآفة الخطيرة التى أوقعت شبابا وتبعتهم الفتيات اللائي دخلن برغبتهن في دائرة الإدمان عبر قائمة الهلاك سواء الكحول أو المخدرات أو المنشطات «اليوم» فتحت هذا الملف الشائك والتقت بعدد من المدمنات اللائي يروين قصصا مأساوية لرحلة الإدمان .
أول المتحدثات اختارت أن ترمز لنفسها بـ «أم لورانس» وقالت : عمري 40 سنة متزوجة منذ كان عمري 18 سنة لم يرزقني الله أبناء ، ولكن بعد الزواج بسنوات أصبح لزوجي غرفة خاصة يمنعني من دخولها، زوجي يحب الشجار ولأنه قريبي يرفض هو وأهلي طلاقي،
وفي يوم خرج مسرعاً ونسي إغلاق غرفته وانتهزت الفرصة ودخلتها لأجد فيها صورا وأفلاما إباحية، ثم وجدت جهاز الكمبيوتر يعمل ونسي أن يغلق برنامج الدردشة فأخذت إقرأ، وطلبت منه جهاز كمبيوتر ورفض، ثم تحججت بأني أريد أخذ دورة في الحاسب، وبالفعل أصبحت أدخل الشات هروباً من واقعي وتعرفت على الكثير من البنات والشباب في النت وأصبحت أقابلهم، وأضافت أدخن الحشيش وأدفع قيمته من الشباب الذين أعرفهم، وبسؤالها وما المقابل ؟ لم تجب سوى بقولها : أعتقد مفهوم المقابل.
أما قصتنا الثانية فكانت مع آنسة رمزت لنفسها باسم (ع.م) عمرها 25 سنة، قالت : بدأت مأساتي بتعرفي على صديقات جديدات وكنت أشكي لإحداهن من «السمنة» وصعوبة المواد وإرهاقي بسبب سهري للمذاكرة .. التي بدورها تبرعت وأخبرتني بأنها ستحضر لي حبوبا تساعدني على إنقاص وزني وتعطي جسمي نشاطا حتى أتمكن من الاستعداد للاختبارات، وأخذت الحبوب وبدأت طريق الدمار بتناولي أول حبة دون علمي أنها مخدرات، انزلقت إلى هذا الطريق دون علمي.
وبتوجيه استفسارنا لها عن النوع الذي تستخدمه وشعورها بعد أخذه. أكملت قصتها بقولها بعد أخذي الحبوب كنت أشعر بنشوة ونشاط لدرجة أني أظل مستيقظة أياما عديدة ولا أستطيع المذاكرة. طبعا لأنها تصيبني بإحساس بالقلق والى الآن امتد الشعور وأصبحت أشعر بالعزلة وعدم رغبة في تناول الطعام بعد أخذ الحبوب، لكن بعد نفاد مفعولها أصبحت شرهة لها وانفعالية، وتضيف : أكثر ما يخيفني أنني مخطوبة لشاب طيب وأفكر في فسخ خطوبتي أشعر بأني لا أستحقه.
أما السيدة الثالثة فرمزت لنفسها بـ «ص.ج» عمرها 34 سنة من عائلة ثرية متزوجة ولديها طفلان، وبسؤالها عن سبب الإدمان أغمضت عينيها وأخذت تبكي وقالت : لن أسامح من كان السبب ، فقد كنت ناجحة في حياتي. لم أكن أعترف بكلمة فشل إلى أن ذقت أقسى أنواع الفشل الآن. كنت طالبة جامعية متفوقة وكان لي صديقة قمة في الأخلاق كنا توأمتين ونعين بعضنا على الاجتهاد. كانت دائمة الحديث عن شقيقها الحاصل على الماجستير ويرغب في الارتباط بإنسانة طموحة. وبالطبع تقدمت عائلته لنا ولكن أسرتي رفضت بحجة أنهم من طبقة متوسطة وأقل منا، بعدها مباشرة زوجني والدي بمن هو في نفس مستوى عائلتي وأنجبت طفلين، ومنذ الأيام الأولى لزواجي اكتشفت أن من اختاروه أهلي زوجاً لي يدمن المسكرات ويجلبها للمنزل ويضعها في علب العصير عند خروجه، وكان يعرض علي أن أشرب معه وانه متحرر ولا يمانع وان هذا شيء عصري وشربت بعد إلحاحه، وصرت أشرب كل ما يحضره زوجي ولكن أميل «للفودكا» أكثر وأصبحت أطلبها منه.
استشارية: لاتوجد احصائيات بأعداد المدمنات
وتقول استشارية الطب النفسي، ورئيسة وحدة الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجدة والخبيرة الدولية لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة في مجال علاج الإدمان عند النساء للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدكتورة منى الصواف «ان الإدمان على المخدرات يعتبر أحد أخطر الأمراض التي تصيب النساء والرجال بدرجات متفاوتة في معظم المجتمعات البشرية.
وتضيف الدكتورة منى بقولها لا توجد لدي أعداد أو إحصائيات حول عدد النساء المصابات بهذا المرض ، ومن أتابعهن ويأتين للعلاج لا يمثلن العدد الحقيقي للحالات , وفي الواقع إن مسألة الأعداد تمثل عقبة في معظم الدول لأن العديد من الحالات لا يتم تشخيصها إما لعدم حضور المرضى للعلاج أو لأسباب أمنية ، وأشارت الدكتورة منى الى أن عدد النساء اللاتي يأتين للعلاج أقل بكثير مما كنت أراه أثناء فترة تدريبي خارج المملكة وقد يعني ذلك عدة أشياء أن العدد فعلياً أقل مقارنة بالمجتمعات الغربية
وضعف الاقبال من المرضى على العلاج بالمستشفيات , حيث أن البعض يفضل العلاج بسرية في المنزل أو السفر للخارج و عدم البوح حتى للطبيب بمعلومات عن الإدمان
وتضيف ..من ملاحظاتي أن هناك تخوفا مبالغ فيه ومعلومات مغلوطة وتحتاج إلى العمل على تصحيحها وهنا سأعطي بعض الأمثلة على ذلك ان الإدمان وتعاطي المخدرات مرتبط بسوء الأخلاق وإهمال الأسرة والحقيقة أن مرض الإدمان قد يظهرعلى هيئة سلوكيات خاطئة مثل السرقة والكذب ، الإهمال الأسري فهناك فرق بين الإهمال الأسري وبين الاضطرابات السلوكية والعاطفية داخل أفراد الأسرة .
دراسات: العنف وراء انتشـار الظـاهرة
أما الدكتور ماجد عشي زميل باحث في الطب النفسي بمستشفى مكلين جامعة هارفرد، استشاري زائر بمركز الدكتور ممدوح عشي جدة فقال إن الإحصائيات تظهر ازدياد أعداد الفتيات والنساء المدمنات لأنواع المخدرات المختلفة بما في ذلك التدخين والأدوية.
وأضاف عشي: بعض أنواع المخدرات يزيد عدد النساء المدمنات على الرجال، حيث ان النساء يدمنّ لأسباب تختلف عن الرجال، وتظهر نتائج الإدمان بشكل أسرع من الرجل وتكون اكبر عند النساء نتيجة اثر المخدرات على الهرمونات الأنثوية وما يحدث للفتاة المدمنة اجتماعيا.
ويؤكد الدكتور ماجد: هناك أسباب عديدة ومتداخلة للإدمان عند النساء فقد أظهرت الدراسات أن أجزاء في المخ تتأثر أثناء الطفولة نتيجة إساءة معاملة الطفلة سواء بالعنف الجسدي أو النفسي أو الاعتداء الجنسي، وهذه التغيرات في المخ تؤدي إلى أمراض نفسية لاحقاً مما يدفع الفتاة إلى استخدام المخدرات لمعالجة نفسها وتخفيف مشاعرها المضطربة، كما أن الفتاة تتأثر بشكل أسرع واكبر بالاضطرابات الأسرية، مما يجعلها تلجأ للمواد المخدرة للهروب من المشاكل.
العلاج لا يختلف بين المـرأة والرجـل
يقول مدير إدارة الخدمة الاجتماعية الطبية وعلاقات المرضى بمستشفى حراء العام بمكة - وباحث في مجال الأسرة والسلوك الاجتماعي الدكتور عادل الجمعان أن من أهم الأسباب المؤدية للإدمان لدى السيدات، الفراغ، التقليد، البُعد عن الدين، حب الاستطلاع، البحث عن الحرية الزائفة، أصدقاء السوء ثم يأتي واحداً من أهم الأسباب المؤدية للانحراف السلوكي المبكر لدى الشاب سواء كان أنثى أو ذكراً ألا وهو الأسرة، فهي المصدر الأول لتلقي المعلومات وهي التى تشكل أنماط شخصية الفرد خاصة مع ظهور العديد من التغيّرات على الأسرة التي بدأت تصل إلى مرحلة التحلل في أحيان كثيرة، فمن اختفاء وتضارب الأدوار بين الوالدين وانعدام الرمز والقدوة وصولاً إلى اختفاء الدور الإشرافي والتوجيهي والإرشادي للأبناء داخل محيط الأسر.
مسؤولة: التصريح بنسبة المرضى الحقيقية «سياسة عليا»
وتشير رئيسة قسم التوعية والتثقيف الصحي للقسم النسائي بمستشفى الأمل بجدة مها الميمان الى عدم وجود إحصائيات رسمية أو دقيقة عن المدمنات حيث ان الأمر ما زال حبيسا لدائرة الإحراج والخوف والجهل من المجتمع وبقدر معالجتنا لتلك الأمراض الاجتماعية كلما استطعنا تقييم المشكلة بشكل علمي دقيق، كما انه من السياسات العليا للمستشفى «عدم الإدلاء بنسب مئوية أو أعداد عن المرضى» إلا أن إقبال مريضات الإدمان على العلاج يعتبر ضئيلا جدا كما كان الحال أيضا في بدايته لمرضى الإدمان من الرجال حين افتتاح مستشفيات الأمل، وأضافت الميمان بقولها: لا يوجد عدد متوقع لمريضات الإدمان اللاتي يتوجهن لطلب العلاج لكنني اجزم بوجود حالات كثيرة تعرفت عليها من خلال إلقائي للمحاضرات العامة حيث تتساءل الكثيرات عن كيفية العلاج وأيضا من خلال المكالمات الهاتفية التي تصلني, وبرغم صغر العينة التي نعالجها حاليا إلا أننا لاحظنا أن كل أنواع المخدرات منتشرة بينهن من (حشيش، هيروين، منشطات، كحول) وأكثرهن من المراهقات والشابات وان كنا نجد فئة المراهقات تزايدت معدلات إدمانها بحكم أنهن معرضات للوقوع في الإدمان بسهولة أكثر من غيرهن.
|