لحج نيوز/بقلم:نزار العبادي -
خلافاً للتهويل الإعلامي الداخلي والخارجي حول واقع ومستقبل السياسة والحكم في اليمن، تؤكد العديد من المؤشرات أن الرئيس علي عبدالله صالح مازال يدير اللعبة السياسية بثقة عالية بالنفس ويحتفظ بالعديد من الأوراق الوطنية التي من شأنها إسقاط الرهانات المشبوهة، وتحصين الساحة اليمنية من أي انزلاق للفوضى.
قبل أربعة أعوام، وعلى خلفية أحداث شغب في صنعاء، تبلور توجه لدى بعض السياسيين يطالب الرئيس صالح بتضييق هامش الديمقراطية، غير أن الرئيس رد على ذلك بالقول بأن (إصلاح أخطاء الديمقراطية لا يكون إلا بمزيد من الديمقراطية) ولم يكن ذلك محض مزايدة بقدر ما ترجمه الرئيس لاحقاً بانتخابات المحافظين، ومشروع للانتقال إلى نظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات، فضلاً عن سياسة النفس الطويل مع أحزاب المعارضة والتي بموجبها تم التمديد للبرلمان وتأجيل الانتخابات.
أمس كان الرئيس يدعو قوى المعارضة إلى مناظرة تلفزيونية، وهو باب جديد من الممارسات الديمقراطية يطرقه الرئيس لأول مرة ليدفع بمعارضيه مجدداً إلى ساحة الاحتكام للجماهير اليمنية التي لطالما تحدثت المعارضة باسمها ونصبت نفسها ممثلاً لها في ذات الوقت الذي ظلت تتهرب من الامتثال لتصويتها الانتخابي.
ولعل دعوة كهذه لمكاشفة الرأي العام بالحقائق في بث تلفزيوني مباشر لا تنم عن ضعف أو قلق من فضح ما قد يسبب إحراجاً، وإنما ينم عن ثقة عالية بالنفس وقوة كبيرة بالموقف ، ودهاء سياسي لن تجرؤ أحزاب المشترك على قبول المناظرة في ظله وذلك خوفاً من وقوف الرأي العام على الحقيقة الكاملة التي تفند كل ما تشيعه في بياناتها وخطاباتها التي تستعطف بها الشارع غير المطلع على خفايا كواليس السياسة.. وبالتالي فإن المناظرة قد تتسبب في قلب الطاولة من قبل القواعد على القيادات التي استغلت الأجواء السرية للحوار في ترويج ما يلقي باللائمة على الحزب الحاكم ويصوره بالمنقلب على الديمقراطية.
كما أن الرئيس أطلق مبادرة جديدة بمنح الأمان لعناصر المعارضة في الخارج ودعوتهم للعودة للوطن، وإبداء الاستعداد للتحاور معهم، وهو أمر كانت تزايد به أحزاب المشترك من قبل وهي كارهة له لأنه يقوّض من فرص مشاركتها في الحكم إذا ما دخل حلبة التقاسم للحقائب الوزارية أو البرلمانية شريك جديد, خاصة عندما يكون هذا الشريك على خلاف عقائدي تاريخي مع أكبر أقطاب المشترك، ومن هنا نجد أن التسويف بالموقف الذي راهنت عليه تلك الأحزاب لجني المكاسب، أو لاختبار قدراتها في تثوير الشارع لم يفضِ إلى ما تريد بل إلى حسابات عكسية تفرض مزيداً من الحصار على خياراتها السياسية.
وفي نفس الخطاب الذي ألقاه الرئيس أمس في افتتاح مؤتمر قادة الدفاع والداخلية جدد التأكيد على رفض مبدأ توريث السلطة، وهو الموضوع الذي جعلت منه المعارضة قميص عثمان الذي تذرف الدموع لأجله من على كل منبر، رغم أن للتوريث مؤشرات على نواياه مثل تودد (الخليفة) للشارع وكثر ظهوره في الأوساط الشعبية، وتصدره واجهات الصحف وغير ذلك من المظاهر التي لم تلمس منها الساحة الشعبية شيئاً، إلا أن المعارضة تتفنن بأساليب استعطاف الشارع وتحريضه مستغلة تفشي الجهل لدى شرائح كثيرة من المجتمع وعدم قدرة البعض على التمييز بين الحق والباطل، وبين الحقيقة وشهادة الزور.
حتى هذه اللحظة قدمت للمعارضة إغراءات في عداد أحلام أي معارضة أخرى، وأولها ثلث الحقائب الوزارية ، والقبول بطريقة الانتخاب بالقائمة النسبية، والاستعداد لمناقشة مشروعها للتعديلات النسبية وأموراً أخرى لا يتسع المقال لذكرها, لكنها تمسكت بخيار إشعال الفوضى الخلاقة والرهان على من سينهبون المحلات ويخربون المؤسسات ويفتحون أبواب السجون لمعتقلي القاعدة للفرار، وأظن أن الشعب اليمني سيحسم الأزمة برهانه على المناظرة وحكم العقل ليس الشعارات الثورية الزائفة !!.