لحج نيوز/بقلم: حنان محمد فارع -
شرارة تونس التي أشعلت الحرائق في قلوب ووجدان الشعوب العربية، أضأت درب اليمنيين وقادتهم لثورة تكاد تؤتي ثمارها وتبشر بفجر جديد يصنعه الشباب والأحرار، الثورة التي قرر فيها كل قطاعات الشعب اليمني أن يحيا ويموت بكرامة أعادت لنا الحياة بعد أن فقدناها في مآسي الظلم ومرارة السنين، فكان الشباب المحرك الأول والأساسي لهذه الثورة بعد أن ظلوا طوال السنوات السابقة خانعين لسياسات حكومية فاشلة همشت دورهم ومكانتهم وحرمتهم من حقوقهم المشروعة، اليوم بإصرارهم وإرادتهم امتلاءت ساحات الحرية والتغيير بالمعتصمين وتزلزلت الأرض من تحت اقدام الفاسدين .
في ساحات الكرامة يعتصم الباحثين في صبرهم عن وطناً يصون كرامة وآدميته أبناءه، يحفظ حقوقهم ويحتضن أحلامهم المشروعة وينعمون بخيراته وثرواته ويستظلون بظلاله .. بعد أن ملوا الفساد والفقر والبطالة والمحسوبية واستغلال السلطة وتحكم فئة قليلة بمقدرات البلاد تحركت في نفوس الشباب الطاقات والإمكانات الإبداعية التي من شأنها أن تجعلهم أحراراً وامتلكوا القدرة في الدفاع عن حقوقهم وتطلعاتهم، في ساحات الكرامة في عدن ستواجهه مفارقات من شأنها أن تصنع تاريخاً جديداً لليمن الحر... وتتجلى تلك المفارقات في الشباب الثائر الذين كسروا جدار الصمت والخوف والانكسار .
في ساحات الكرامة ستتنفس الصعداء وأنت ترى الشباب الصامدين وقد أصبحوا أكثر تنظيماً ونضجاً ووعياً يقسمون يومياً بدماء الشهداء إنهم لن يتحركوا قيد أنمله حتى تتحقق مطالبهم بدولة مدنية تحترم الحقوق والحريات.
وفي ساحات الكرامة سترى الشباب الحالمين من شعراء وكُتاب وفنانين ومسرحيين يصعدون إلى المنصات لإيقاظ الحس الوطني الصادق وتعبئة المعتصمين وتثقيفهم، وعلى جدران ساحات الكرامة تتصدر صور الشهداء لتبقى راسخة في قلوبنا وعقولنا تضحياتهم ونقتل الخوف فينا وتظل ذكراهم لهباً ينير طريقنا، كما وأن بعض الأحزاب والقوى السياسية تستميت في ساحات الكرامة مستخدمة شتى الوسائل لفرض أيدلوجياتها، ونحن على يقين تام أن الفشل سيكون حليفهم في كل مرة يحاولون التسلق على قامات منتصبة ورؤوس مرفوعة.
وغاب عن تلك الساحات أولئك النسوة اللواتي أمطرونا سابقاً بوابل من التنظيرات والمحاضرات حتى ظننت إني سأراهم في مقدمة صفوف الحرية أثناء مظاهرات الاحتجاج وفي ساحات الاعتصام فيما يبدو أن الزمن قد عفا عنهن ليحل محلهن جيلاً جديداً من شابات عدن الواعيات اللاتي يتحلين بدرجة عالية من الشجاعة والوطنية وشاركن بكل ما يملكن من قوة في صرخات الاحتجاج والتبرع لدعم ثورة الشعب اليمني.
كم كنا متعطشين للحرية والديمقراطية، شغوفين بشعب ينتفض ويصرخ ويقود ثورة التغيير ... وأخيراً في ساحات الكرامة تحققت تلك الأماني .