لحج نيوز/بقلم:فراج إسماعيل -
شرحت لي إعلامية علمانية مرموقة بأسى أمس مشهد الاعتداء على مراسل برنامج العاشرة مساء في قناة "دريم" الذي شاهدناه على الفضائيات.
مشهد وحشي فظيع لم نر مثله. مائة أو أكثر اجتمعوا على الفريسة ينهشونها كالحيوانات المتوحشة. كلما حاول ضابط وجنود تابعون للجيش تخليصه منهم يجرون وراءه، ثم ضربوا الضابط أيضا بوحشية.
لا نعرف ما هي حالة المراسل الآن، فالضرب لم يكن عاديا بأي حال. إنهم أناس متعصبون جدا لم نر مثلهم من قبل في بلادنا..
شهدت الإعلامية بنفسها، التي لا أشك في صدق روايتها، كيف يتم التفتيش على كل داخل لعمله أو بيته في المنطقة. من الذي أعطاهم سلطة التفتيش تلك في وجود المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية؟!.. إذا وجدوا محجبة يبالغون في تفتيش رأسها ويوخزونها كأنها تخفي شيئا تحت الغطاء، وطبعا ذلك مقصود منه السخرية والاستهزاء من حجابها..!
كيف يصل التعصب الديني ضد الآخر لهذا الحد وتقف المؤسسة الأمنية والعسكرية مجرد متفرج.. هناك خوف ورعشة لا أعلم لماذا؟!.. من الذي يخيفنا فيمنعنا من حماية نسيجنا الوطني أمام مؤامرة خارجية.. لماذا لا يتدخل أحد أمام مجموعة رفضت أن تسمع أو تنصاع إلا لرغباتها، بل جاءوا بتوابيت جاهزة وناموا بجانبها، كناية على أنهم مستعدون للموت.
اقرأوا ما نشرته بوابة "الوفد" أمس وهي تعبر عن حزب ليبرالي علماني يرفع دوما شعار الهلال والصليب. قصة مفزعة تعبر عن تعصب هؤلاء الشباب القبطي الذي يطلق على نفسه "ائتلاف ماسبيرو".
لاحظوا أنني استعنت بشهادتين ينتميان للعلمانية والتيار الليبرالي المعروفان بمواقفمها المناصرة دوما لحقوق الأقباط والمتعاطفة معهم لأبعد مدى، لأدلل على حجم الكارثة التي تنتظرنا من وراء هؤلاء المتعصبين، والتي بدأ يستشعرها أكثر الكتاب والمحللين والإعلاميين قسوة وشدة على المسلمين والسلفيين بوجه خاص.
تقول الوفد: رغدة سالم عبدالفتاح 19 سنة إحدي ضحايا هذا التعصب، اختطفها متطرفون من أمام ماسبيرو فى يوم 15 مارس ولم تعد لمنزلها إلا فى يوم 18 مارس، وقد أصيبت بإصابات نفسية وجسدية كبيرة أى قبل أحداث كنيستى امبابة بنحو شهر فى مرحلة الإعداد للفتنة الكبرى التى نعيشها هذه الأيام.
انتقلت "بوابة الوفد" إلى منزل رغدة فى إمبابة حيث تعيش وسط أسرة بسيطة مكونة من 3 اشقاء ووالدتهم "عواطف الممرضة بأحد المستشفيات الحكومية" والتى تكد وتكدح لتربيتهم بعد أن توفى والد رغدة منذ 18 عاما.
لم تكف عن الارتجاف والرعشة التى أصبحت ملازمة لها طيلة ساعة وهى مدة الحوار معها.
جلست رغدة تروى مأساتها وتجربتها المؤلمة، وقالت : فى يوم 15 مارس وتحديدا فى الساعة التاسعة مساء ارتديت ملابسى أنا وشقيقتى الصغرى ميرنا، وطلبنا من والدتى الخروج من المنزل لشراء هدية لشقيقتنا الكبرى بمناسبة عيد ميلادها، وركبنا سيارة ميكروباص متجهه الى ميدان التحرير وذلك حتى نذهب إلى وسط البلد لشراء الهدية.
عند مبنى الاذاعة والتليفزيون توقفت السيارة لأننا وجدنا مظاهرة كبيرة، وعندما نزلنا من السيارة، ووقفنا نشاهد ما يحدث قام بعض الشباب الحاملين للصليب بدعوتنا للانضمام إلى المظاهرات، ولكن انقلب الحال فجأة وحدثت اشتباكات بين بعض الأشخاص.
وتدخل الجيش لفض هذه الاشتباكات وأطلق القنابل المسيلة للدموع، واختفت شقيقتى ميرنا عن عينى وأصبحت وسط هذه الاشتباكات، ولأنى أعانى من ضيق فى التنفس سقطت مغشيا عليً من رائحة الغاز المسيل للدموع.
عندما فتحت عينى وجدت نفسى مكبلة بالحبال ويدى خلف ظهرى وملقاة فى غرفة بها رمال وطوب وبدون منافذ هواء ومعلق على جدرانها براويز للسيدة مريم وسيدنا عيسى ومن حولى 4 فتيات يرتدين الحجاب ويصرخن.
أخذت أصرخ معهن وأبكى حتى فتح باب الحجرة 3 رجال بشوارب كبيرة ولحية ويرتدى كل منهم قميصا وبنطلونا وحذاءً ضخما مثل حذاء رجال الجيش "البيادة" ومن خلفهم سيدة عجوز على كرسى متحرك بدون حجاب، ويبدو عليهم أنهم اقباط، وأخذ هؤلاء الرجال يضربوننا فى أرجلنا بالأحذية حتى نكف عن الصراخ.
إحدى الفتيات من حولى استمرت فى الصراخ فهددها أحدهم بأنهم سوف يقطعون لسانها لو لم تكف عن البكاء، وبعد ذلك أحضروا "مقصات" ونزعوا عنا الحجاب وحلقوا شعورنا جميع،ا وذلك حتى ننطق ببعض الأقوال التى تشبه الترانيم ولكننا لم ننطقها فحلقوا لنا رؤوسنا وشوهوها .
ومر اليوم الأول هكذا بين البكاء المستمر والصراخ، وفى اليوم الثانى فتحوا علينا باب الحجرة وفى أيديهم "الابر الصغيرة وأساتك مطاطية وولاعات ومادة خضراء" امسكوا بأيدينا وقاموا باشعال الولاعات لتسخين الابر، ورسم ما يشبه الصليب على أيدينا، وهنا حدثت الكارثة عندما قاموا برسم الصليب لإثنين منا على المعصم، وانقطعت شرايينهما، وأخذا ينزفان وتركوهما حتى انتهوا من رسم الصليب على يدى أنا وفتاتين أخريين، وأخرجوا الإثنتين المغشى عليهما إلى خارج الحجرة ولا أعلم ماذا حدث لهما؟!
ثم بعد ذلك وفى اليوم الثالث وطيلة هذه الفترة لم نأكل أو نشرب أو أى شيء سمعت مكالمة تليفون لأحدهم "يخبر أحدا بأن يحضر بسرعة ويقوم بتصوير بعض الأوراق، ولم أسمع شيئا آخر.
كما أنى سمعت السيدة العجوز تخبرهم بأنهم يجب أن يتخلصوا منا فى هذا اليوم ولكن ليلا حتى لا يراهم أحد، وبالفعل انفتح باب الحجرة للمرة الثالثة واصطحبونا بعد أن عصبوا أعيننا ووضعونا داخل سيارة، وانطلقت بنا لمدة ما يقرب من 20 دقيقة.
ألقونا فى مكان أعلى الكوبرى الدائرى بعد أن حلوا وثاقنا، واستطعت ان انزع الغمامة من على عيني وشاهدت السيارة التى حملونا داخلها، وهى سيارة بيضاء بيجو 7 راكب ولكن لم أر الرقم لأن الإضاءة كانت ضعيفة، ثم بعد ذلك وقفت أنا والفتاتان الأخريان ننتظر أى نجدة.
ولأنى فقدت الأمل فى الحياة استوقفت سيارة يستقلها رجل، وطلبت من الفتاتين أن نستقل السيارة سويا، ولكنهما خشيتا. استقليت معه السيارة وطلبت منه توصيلي لمنزلى بإمبابة، ولكنه خشي من المشاكل وأخبرنى بانه سوف يقوم بتوصيلي لأقرب مكان.
وبالفعل أنزلني فى شارع الوحدة بإمبابة وأعطاني 5 جنيهات لاتصل بأحد من عائلتي وانصرف، وقمت بالاتصال بوالدتي والتى لم تصدق فى بادئ الأمر أنى من يحدثها.
والتقطت الأم طرف الحديث وقالت: عندما علمت من ابنتي الصغيرة ميرنا بان شقيقتها رغدة قد اختفت أمام ماسبيرو، أخذت اصرخ مثل المجنونة وانطلقت إلى شقيقى لاستعين به، وقمنا بالذهاب إلى جميع المستشفيات ونقاط الشرطة العسكرية للبحث عنها حتى الصباح.
وفى اليوم الثاني ذهبنا الى قسم إمبابة لتحرير محضر وطلب مني ضابط المباحث مواصفاتها وطلب صورا فوتوغرافية لها، وبعد ذلك أخذت أبحث عنها مرة أخرى فى كل مكان حتى انى تمنيت أن اشاهدها حتى ولو جثة ولكن اطمئن عليها.
وبعد ثلاث ليال بدون نوم فوجئت بها مساء يوم 18 مارس تتصل على هاتفى المحمول، فلم استطع ان اتحدث إليها من هول المفاجأة، فأعطيت الهاتف لشقيقي والذى علم منها مكان وجودها بشارع الوحدة واستقل سيارة وأحضرها.
وانخرطت الأم فى البكاء عندما تذكرت هذا المشهد وابنتها رغدة تدخل عليها الشقة بملابس ممزقة وبدون شعر فى رأسها والدموع تملأ عينيها، وقد تحشرج صوتها بسبب الصراخ لمدة ثلاثة أيام فى حجرة التعذيب.
وأخذتها فى احضانها وشاهدت آثار التعذيب على قدميها وفى يدها أثر قيام المختطفين برسم الصليب على يدها وهرعت الى رجال الأمن والقوات المسلحة فى كل مكان لتخبرهم بما حدث لإبنتها ولكن بدون جدوى حتى الآن!!
وتطالب عواطف شعبان والدة رغدة فى نهاية حديثها بحق ابنتها ومن الفاعل أيا كانت ديانته فيجب القصاص منه وإلقاء القبض عليه.
بقي القول إن الوفد نشرت المقال تحت عنوان "رغدة.. فتاة اختطفها متظاهرو ماسبيرو".. وهو تقريبا العنوان الذي اخترته، في محاولة للفت أنظار من نرجو أن ينفد صبرهم من أجل انقاذ مصر من نار هذا التعصب الأعمى، فقصة مثل هذه لم أتصور أن أسمعها في غير البوسنة والهرسك أيام مذبحة الصرب الشهيرة.
[email protected]