لحج نيوز/بقلم:طه العامري -
تواصلا مع ما سبق تناوله بعنوان ( إلى عقلاء اليمن ) أسطر _ اليوم _ الحلقة الثالثة _ والأخيرة , والتي أقف فيها أمام منظومة المخططات التامرية التي تستهدف ضرب كل عوامل الأمن والاستقرار أبرزها استهداف المؤسستين العسكرية والأمنية والتي تواجه حملة مسعورة ومنظمة هذه الحملة تنوعت بين التحريض السياسي عليها عبر المنابر والخطاب الإعلامي المتعدد الوسائط , وبين التشكيك فيها وبدورها الوطني , وبين الاستهداف العملي الميداني لهذه المؤسسات ومحاولة البعض تجنيد كل طاقاته وقدراته للنيل من هذه المؤسسة الوطنية الكبرى وهي صمام آمان الوطن والمواطن ومصدر السكينة والاستقرار .. ترى لمصلحة من يعمل من يستهدف هذه المؤسسة الوطنية ..؟ هل يعود هذا لقدرة هذه المؤسسة في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن وعدم السقوط في مهاوى الفتنة ..؟ هل تجازى هذه المؤسسة وأفرادها الأبطال الشرفاء الذين يقدمون التضحيات تباعا من أجل اليمن الأرض والإنسان ..؟ ولهذا يجد البعض من الخارجين على القانون أن هذه المؤسسة الوطنية غدت بمثابة حجرة عثرا أمام مخططاتهم وأهدافهم التخريبية التي ضربت كل مقومات السلم الاجتماعي وكان هدفهم المضي أبعد من هذا لولاء يقظة وحنكة وولاء وتماسك هذه المؤسسة الوطنية الكبرى التي استطاعت أن تقطع الطريق أمام منظومة المؤامرات التي اعد لها البعض جيدا لدرجة أن مؤامراتهم وصلت إلي اقدس الأماكن وأطهرها بيوت الله التي ضربت بوسائل الموت والغدر والخيانة وفيها كبار رجال الدولة ورموز الوطن السيادية وفي مقدمتهم فخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _ حفظه الله_ ولولا لطف الله فينا والوطن لكانت تلك الجريمة قد أودت بناء والوطن وبكل مكاسبنا الوطنية ..؟ ترى من المسئول ..؟ ولماذا ..؟ وما هي الغاية والدافع لكل هذه المؤامرات التي ظهرت تباعا والتي يتبناها البعض بكل وقاحة وشفافية وقلة حياء ودون وازع من ضمير أو خجل ..؟
بيد أن تدخل الله سبحانه وتعالى في هذه الجريمة هو مكرمة ربانية نحمد الله عليها ونشكره ونخر له ساجدين فلولاء تدخل الله لكانت الأمور قد ذهبت بناء إلي حيث لا يتمنى حتى صناع الفتن والقتلة الذين ارتكبوا الجريمة ؟؟ نعم فلوا قدر الله ونجح القتلة في مخططهم لكانت اليمن قد تحولت إلى (بحيرة دماء) .. لكن يظل السؤال لمصلحة من كل هذا ..؟ وما هي الدوافع والأسباب ..؟ هل هي الرغبة المجنونة لدى البعض في السلطة ..؟ طيب السلطة قد حلينا وبإرادتنا جميعا جدلية الصراع عليها قبل عقدين , وبالتالي من يريد السلطة عليه أن يسير في الطريق الديمقراطي والشراعي للوصول للسلطة .. وهي طريق لن نحيد عنها ولن نتراجع عن قيمها ومن يريد طريق أخر غير طريق الديمقراطية عليه أن يدرك أن هذا فعل مستحيل وأن يدرك أن عهد الانقلابات قد انتهى وأن زمن الاغتيالات السياسية لن يعود بعد هذه السنوات وأن زمن الأنظمة الشمولية والتسلط لن يعود مهما حاولوا اعطاء مبررات ودوافع زائفة وتغليفها بشعارات سياسية هي أبعد ما تكون عن هموم وتطلعات المواطن اليمني الذي لا يتمثل في زمرة الانقلابين ومن يقف في حشدهم فجميع أولئك المصطفين في مربع الانقلابين هم جزء من الشعب وليس الشعب وهو اقلية وليس لهم تأثير في ميزان الاستحقاقات الانتخابية ولهذا نجدهم يرفضون الديمقراطية لأنها تقف ضد طموحاتهم الغير شرعية ولهذا نجد من فجر كل هذه الأحداث وأربك المسار والمسيرة هم المناهضين للديمقراطية كفكرة وسلوك وقيم ومواقف ونتائج , ونجد من يقف وراء كل هذه الأحداث هم رموز (الفساد والتطرف والتخلف والجهل ) وقد استطاعت قوى الثالوث المتخلف والمتطفل أن تحشد خلفها كوادر بعض الفعاليات السياسية والحزبية مستغلة حاجة هذه الكوادر المتعددة وخاصة ( الحاجة المادية) إذ استطاع رموز الجهل بما نهبوا من ثروات الوطن والشعب أن يوظفوا هذا المال خلال الاحداث الجارية لشراء ذمم واستمالة مواقف لكي يمتلكوا شرعية ولا نعتقد أن للفوضى والتطرف والانقلابات على الدستور شرعية تذكر , فما يجرى لا شرعية له ولا لإصحابه ورموزه إلا أن اعتبرنا أن هناك شرعية (لتنظيم القاعدة) ومن يقف خلف الأحداث في اليمن ليسوا بعيدين عن هذا ( التنظيم) بل أن هذا التنظيم يمثل الجناح العسكري لهؤلاء الانقلابين بدليل ما يحدث في ( ابين وتعز والجوف والكثير من المحافظات اليمنية والمدن والتي تعيش أجوا الخوف والرعب على يد اتباع القوى الانقلابية التي لم تهدف في كل مواقفها غير العودة باليمن إلى زمن الشمولية والتخلف والجهل والقهر والتسلط ..!؟؟
فماذا في جعبة المتمردين والمنشقين والانقلابين لهذا الشعب ..؟ وأن كانت المقدمات تدل على النتائج فأن ما نعيشه اليوم بسبب هذه القوى الانقلابية يمثل مقدمة كافية لكي ندرك نتائج الجريمة التي ترتكب بحق الشعب خاصة وأن هناك محاولة إغفال للإرادة الشعبية الأكثرية من قبل الأقلية التي تقف بكل وقاحة وتقول نحن ( الشعب) وهي غير ذلك بل هي الجزء الأقل من الشعب ولا تصل نسبتها إلى ما يمكن تسميته ب ( 23%) من الشعب لكن لدى الانقلابين قدرة على تضخيم وتزوير الحقائق ومحاولة التظليل عبر وسائط إعلامية محلية وخارجية وهي وسائط تصفي للأسف حساباتها مع الشعب اليمني بطريقة فجة ووقحة ..فالأزمة التي فجرها الانقلابين لم تترك حتى ثقافة ( الابتذال) التي برزت وكشفت عن حالة من ( انحطاط قيمي وسلوكي) لم نكون نتوقعه مثلما لم نكون نتوقع هذا السقوط لبعض من كنا نرى فيهم ( رموزا وطنية) بالمقابل لم نكون نتوقع أكثر غياب أصحاب العقول الذين ممن كنا نراهن عليهم عند الشدائد , فبدت الأزمة بقيمها وثقافة صناعها وكأنها لم نكون يوما أصحاب تاريخ عريق وحكمة يستشهد بها ونتفاخر بها عبر التاريخ , وكل هذا برزا على خلفية جنون البعض منا على السلطة وعلى الجاه والنفوذ والمؤسف أن صناع الأزمة لم يكونوا يوما بعيدين عن السلطة بل هم كانوا جزءا أساسيا فيها وحاضرين بمفاصلها بدليل أنهم وبحكم مواقعهم في السلطة استطاعوا تعطيل الحياة وشل الحركة وتمزيق السكينة والأخطر من كل هذا تمزيق الإرادة الوطنية واستلاب العقول والمضي في غي مثير ليس له ما يبرره غير جشع وطمع صناع الأزمة بالسلطة بطريقة درامية متجاهلين حقيقة دورهم في كل الظواهر السلبية التي قالوا أنهم ( ثاروا ضدها) وتجاهلوا أو نسوا أنهم من صنع كل هذه الظواهر السلبية التي يتذمروا منها , ثم وهذا المهم أن كانوا جادين في طرحهم ورغبتهم في القضاء على الظواهر السلبية , أليس الأولى بهم العمل بروح وطنية جمعية وبما يخرج الوطن من أزماته والقضاء على كل الظواهر بطرق دستورية وشرعية وعبر القنوات والمؤسسات الدستورية , لكن هدف ترويكا الانقلاب لم يكون كما يسوقوا في خطابهم الإعلامي بل لهم أهداف أبعد وأكثر خطورة وهي رغبتهم في العودة بناء والوطن إلى المرحلة الشمولية بكل ما تعني هذه العبارة من معاني فهذه الترويكا وجدت في الديمقراطية عائقا يحول بينها وبين تطلعاتها وأهدافها المتناقضة مع أهداف الشعب ومع المنجزات الحضارية الوطنية التي تحققت عبر مراحل زمنية لم تكون سهلة ولم تكون ميسرة بل كانت حافلة بكل التحديات المتعددة ومع هذا استطاعت قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ / علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية _ حفظه الله _ ومع كل شرفاء الوطن والمخلصين أن يتجاوزوا كل تلك التحديات والوصول بالوطن إلى هذا المرحلة المتقدمة من الاستقرار والتي يحاول رموز الردة والانقلاب والمصالح الضيقة القضاء عليها اليوم مستغلين بعض النواقص والظواهر السلبية التي صنعوها وشاركوا في صناعتها على مدى السنوات المنصرمة , لكنهم اليوم يدعون الطهارة وهي دعوات لا تقبل التسويق ولا يمكن لشعبنا أن يصدقها ويأخذ بها وهو يدرك جيدا من هي القوى الانقلابية التي ضاعفت بأفعالها معاناة الشعب والوطن وفرضت ( حربا متعددة الجوانب ) على المواطن باسم ما يطلق عليها ( الثورة والتغير) والحقيقة ليست هناك (ثورة ولا تغير) بل هناك مؤامرة انقلابية وجنون محموم على السلطة من قبل فئة تحاول نسف كل المكاسب الوطنية التي تحققت عبر سنوات طويلة وبعد عقود أطول من الترقب والانتظار والحلم ..!!
بيد أن المؤسف أن يذهب بعض الأشقاء والأصدقاء بعيدا عن نظرتهم للأزمة اليمنية ويسعون من خلال مواقف ( ضبابية) غير واضحة إلى تأجيج (سعار الأزمة) متجاوزين الواقع اليمني وخصوصياته وحقيقة تكويناته المجتمعية وهذا ما يجعل الرموز الانقلابية تستمري الفتنة وتوغل في التشبث بمواقفها الانتحارية التي تقودنا والوطن إلى هاوية سحيقة من التمزق والاحتراب الاهلي وكل هذه المخاطر التي نحاول تلافيها وتجنب السقوط اصبحت فاعلة وقائمة في مسار الأزمة , فما يجري في بلادنا لا يختلف عن ( الحرب الأهلية) لكنها حرب من ( طرف واحد) هو الطرف المتمرد وحلفائه الملتفين حوله وكل هؤلاء ينطلقوا في مواقفهم من منطلقات ( حزبية وايدلوجية ) ونزوع ثأري ونوازع شمولية وتدميرية لكل مكاسبنا الديمقراطية والحضارية التي تحققت والتي يرى هؤلاء أنها سبب اعاقتهم في التفرد والتسلط والسيطرة الكاملة والمطلقة على السلطة ومفاصلها , لأن من يرفض الحوار مع سلطة شرعية قائمة بكل مؤسساتها السيادية والدستورية والشرعية بزعم ( الثورة) فأن هذا لا يؤمن بالشراكة والحوار ولا يؤمن غير بذاته وبطموحه وأهدافه , ومن يرفض الحوار ويتنكر للغالبية الشعبية من أبناء الشعب هو يستغل الظواهر الاحتجاجية لفرض خيارات لا تنسجم مع توجهات الوطن وإرادة الشعب ولا تنسجم مع الخطاب الدولي الداعم للديمقراطيات في دول العالم والمؤيد لحرية وحقوق الشعوب , وهذا كما يزعم العالم المتقدم مع أننا نتحفظ في بلادنا على هذه المزاعم على خلفية ما نرى في واقعنا من أزمة فجرها وصنعها رموز الجهل والتخلف ( والشمولية) فيما من يدعون رعاة الحريات والديمقراطيات لم يترددوا في التوقف والاستماع لهذه الترويكا على خلفية رغبات ومصالح وحسابات سياسية هي بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية وعن الإرادة الشعبية اليمنية التي لم تقف صامته بل خرجت واحتلت الميادين والساحات وعبرت بكل شفافية ووضوح عن تمسكها بالخيار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة ورفضا لكل اشكال الانقلابات والتحايل والتوظيف الرخيص للظواهر والسلبيات واعتبارها مصدر إلهام لصناع الفوضى مع أن هذه الظواهر السلبية كانت صناعة هؤلاء الذين صنعوا الازمة والانقلاب ..؟!!
نعم .. يبقى السؤال أين عقلاء اليمن ..؟ وأين المرجعيات اليمنية السياسية والروحية والاجتماعية ..؟ أين أصحاب العقول النقية ..؟ أين أصحاب الضمائر الوطنية الذين وأن اختلفوا مع النظام أو مع الحاكم , تظل اليمن ومصالحها ومصالح الشعب هي الحاضرة في عقولهم النيرة وفي ضميرهم الوطني وفي سلوكهم ومواقفهم ..؟ أين عقلاء اليمن الذين عشنا وعاشت اليمن في كنفهم وصنعوا ملاحم وطنية وتاريخية حافلة بكل أيات المجد والخلود المنحوت في ذاكرة ووجدان اليمن الأرض والإنسان والذاكرة التاريخية ..!!
لهذا نأمل من اصحاب العقول النيرة أن يخرجوا من صمتهم ونطلب من كل صاحب راي سديد أن يقول رأيه وأن يغادر الجميع دائرة الصمت فليس الوقت وقت صمت أو حياد أو تخاذل فالكلمة الشريفة الصادقة والرأي السديد هذا زمانهم ومن لم يقول ما يؤمن به اليوم فليس مطلوب منه أن يتحدث بعد هذا بدا , لأن من يقول اليوم رأيه الشافي الصادق المعبر عن إرادة وطن وتطلع شعب , فليس عليه بعد هذا اليوم أن يتفوه بكلمة , لأننا سنكون حينها غير محتاجين لرأيه ولا لأمثاله .. فهل سيخرج لنا أصحاب العقول النيرة ..؟ وهل فعلا لا يزل لدينا من العقلاء من يمكن مخاطبتهم واللجوء لرأيهم في مثل هذه الظروف خاصة وقوى التمرد والانقلاب قد رهنت مصيرنا والوطن لدى أطراف متعددة وكل هذا في سبيل المزيد من تسلط واستبداد هذه القوى الظلامية التي لم يكفيها ما صنعت بناء ..ولا ندري إلى أي مدي قد تصل بناء هذه القوى التي ترى لليمن وكأنها ( اقطاعية خاصة بها) وأن هذا الشعب لم يكون إلا لخدمة هذه ( الفئة الانقلابية) التي ترى في صندوق التعبير الشعبي عدوها اللدود وهكذا ترى في الإنسان الذي يؤمن بتداول السلطة عبر هذا الصندوق .. فهل من عقلاء لدى أهل الحكمة والإيمان ..؟
[email protected]