لحج نيوز/كتب:أمين الوائلي -أخبار اليمن - ارتفعت درجة التوقعات السياسية بشأن الأزمة اليمنية مع انقضاء أولى أيام عيد الفطر في ظل معاودة المصادر رسم خطوط بيانية غير مكتملة المعالم على خطة خارطة طريق تباينت بشأنها التصريحات وتفاوتت المعلومات الراشحة على مدى الأشهر الأربعة الماضية لترجح في الأثناء الاقتراب من لحظة الحقيقة مع اكتمال تبلور معالم اتفاق اشتغلت عليه جهود مشتركة وسيطة بين أطراف النزاع خلال الأسابيع الأخيرة بتكتم توخى إغلاق النوافذ والشقوق أمام التسريبات ووسائل الإعلام.
وبمعزل عن التصعيد السياسي والتراشقات والملاسنات الإعلامية كانت الجهود (الضغوط) الأميركية السعودية تنشط على خط المفاوضات والاتصالات للدفع بخطة التسوية إلى الأمام تمهيدا لمفجأة لم تخطئها القراءات والمقاربات بالنظر إلى المعطيات الناجزة والمراوحة الموقفية في السياسة وعلى الأرض بين الأطراف المتأهبة من جهة ومن جهة أخرى لا يسعها أن تفعل شيئا.. ليبقى الوضع هكذا على ما هو عليه .
رسائل الرئيس ..
الرئيس علي عبد الله صالح ألمح في خطابه بمناسبة حلول عيد الفطر إلى توافر مقومات اتفاق سياسي قابل للبقاء والتوقيع عليه عقب استكمال بعض النواقص وسد الثغرات بالتوافق بين طرفي الأزمة وعبر الوسيط الخليجي والجهد الدولي . كاشفا عن قطب رحى التسوية والعمود الفقري الحامل لها "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة" تحقق مطلب وهدف نقل السلطة بالطرق السلمية والتزام المبادئ الدستورية وبما لا ينتقص من الشرعية أو يؤسس لحالة انقلابية تضع اليمن والفوضى وجها لوجه.
ولا يبدو أن الرئيس صالح مستعد لتقديم تنازلات في هذه الجزئية تحديدا كما تعلن بوضوح خطاباته الأربعة الأخيرة على الأقل, امتدادا لخطاباته الاسبوعية الشهيرة في كل جمعة أمام مؤيديه بميدان السبعين حتى وقطعتها جريمة الاعتداء على جامع الرئاسة ومحاولة اغتيال الرئيس وصحبه في الثالث من يونيو الماضي.
وعليه يمكن تحقيق مطالب وشروط طرفي الأزمة والنزاع في اليمن فقط بالتوافق على آلية تضمن نقل السلطة سلميا وتمنع الانقلابات والفوضى وتُعمل مواد وقواعد الدستور في وقت واحد بالتزامن والتوازي. غير هذا من المستبعد حدوثه مالم نطرأ استثناءات خارج السياق والنص وإلى أن يحدث ذلك , وليس هذا واردا , ستظل السياسة بنت الواقع وفن الممكن وعلى اليمنيين أن يحزموا أمرهم ويعيدوا ترتيب أوراقهم وخياراتهم على هذا الأساس. لان منطق الغلبة والفرض والإرغام ثبت ليس فقط فشله بل وعجزه بالأحرى عن إحداث الفارق ولي ذراع منطق السياسة والأشياء الأخرى الأهم من السياسة في اليمن .
الكلام المفيد ..
التوقعات السياسية خلال الساعات الأخيرة بنت على وقائع محددة في المستوى الأدائي والميداني من الجانبين واكتفاء المصادر الحزبية وشبه الحزبية من الشطط وتسويق العضلات والعنتريات الخطاباتية المزبدة والمتوعدة واضطرارها إلى ابتلاع ألسنة النار والتواري عن الأنظار قبل وخلال العيد وهي من حملته الكثير من التهديد والوعيد. والإشارة زائدة عن الحاجة في هذا السانحة لنفهم أن يدا ما فاعلة .. من هنا أو هناك .. ضغطت بأصبع على زر معين في لوحة "الريمونت كونترول" ليتوقف البث المزعج وتلوذ مثيروا الشغب والضجيج ومسوقوا الوهم بالصمت..!
وإذا كان معروف بالضرورة من خطة التسوية المختمرة على مدى أسابيع طويلة أنها تبني بحجارة المبادرة الخليجية والجهد الدولي وبصدد اجتراح آلية تنفيذية مزمنة وصارمة على أساس خطوات ممرحلة تبدأ بحوار وطني موسع بعد تفويض النائب بمهام وصلاحايات كافية لإدارة المرحلة الانتقالية الوجيزة والحوار الوطني الجامع واتخاذ القرارات على ضوء النتائج التوافقية بشأن اللجنة العليا للانتخابات والسجل الانتخابي وغيرها من القضايا والضرورات اللازمة والحاسمة قبل الذهاب إلى انتخاب رئيس شرعي ودستوري جديد يخلف الرئيس صالح وتنتقل إليه السلطة في غضون بضعة أشهر.
إلا أن غير المعروف على نطاق واسع بشأن الخطة والاتفاق وأجواء المفاوضات والمشاورات هو ما لاتود أطراف مؤثرة ولاعبون متشددون في معسكر المعارضة اليمنية التطرق إليه أو عرضه في النشرات ووسائل الإعلام تكملة للبقية من حكاية الأزمة والتسوية في الحالة اليمنية . حيث يصر الرئيس علي عبد الله صالح على إنجاز تسوية نهائية شاملة وشافية تكفل نقل السلطة وإعمال سننية التغيير الواعي والمأمون وتكفل أيضا وبالسوية نقل السلطة والقرار والثروة بعيدا عن رؤوس ورموز مراكز القوى التقليدية والطفيلية التي غرقت في السطة والفساد مثلما أغرقت السطة والدولة والبلاد طوال العقود الثلاثة الماضية.
يتمسك صالح إلى آخر مدى بإبعاد الأحمرين اللواء علي محسن وصادق الأحمر عن اليمن والمرحلة وتحجيم سطوة وتسلط مراكز القوى التي عربدت كثيرا في تقزيم اليمن الجمهوري وتبديد جهود وإمكانات وتحولات كبيرة لولا أنها لم تأمن على نفسها والشعب من مفاسد بضعة مخربين غلبوا آلافا من البنائين ولم تسلم ابدا من الطفيليات المميتة التي ترعرعت على هامش النظام وتحت مظلته حتى استشرت وانتشرت وأتت على كل شيء من البلاد إلى الدولة إلى النظام جملة واحدة.
في كلمته أيضا صبيحة يوم العيد إلى مهنئيه من أفراد الجالية اليمنية في المملكة العربية السعودية حرص صالح على قول هذه الجملة بوضوح شديد بما معناه : نعم أخطأنا ( النظام ) بالسكوت على هذه القوى الطفيلية وهؤلاء الفاسدين, وقال إن كان من خطأ على النظام فسيكون دوره في رعاية ودعم وحماية الفاسدين. خالصا الرئيس صالح إلى المفيد والجديد : "عليهم أن يرحلوا جميعا". هذا لم يرد عرضا في كلام صالح.. لم يكن يمزح .. قصد إيصال الرسالة وإعلان المحدد الجديد والمعادل الضامن لإنجاح الأمر برمته مرة واحدة.
انتعاش الآمال ..
رحيل رموز وقوى الأزمة شرط جوهري ولم يعد أداة مساومة . و نعلم ممن أعلمنا أن هناك من يقترح إجراء مقايضة بشكل ما في هذا المطلب والشرط ! هنا هم مستعدون للحوار والتفاوض والتوافق , فالأمر يتعلق بهم ويعنيهم شخصيا. وعكس هذا هم ضد الحوار والتفاهم والتوافق عندما تعلق ويتعلق الأمر بأزمة ملعونة طحنت البلاد والعباد منذ أزيد من سبعة أشهر في جولتها الأخيرة فقط وتعود جولاتها الأولى أعواما إلى الوراء !!
"لا يمكن للرئيس صالح أن يفعلها بنا ويتركنا لقمة سائغة وفريسة سهلة بين أضافر وأنياب السيئين الذين نبتوا ونموا وعششوا في عهد نظامه وجروا علينا الويلات والمصائب ثم لم يسلم هو نفسه من شرهم وهو من هو فكيف يمكن له أن يعاقبنا هكذا ويسلمنا إليهم ؟ هذا لن يكون ", هكذا , أو بهذا المعنى , يتواسى ويتواصى اليمنيون فيما بينهم هذه الأيام .
وعلى الفور كانت هناك تعليقات وردود أفعال لافتة من قبل المواطنين والأوساط الشعبية على حديث الرئيس من الرياض عن ضرورة رحيل الفاسدين ومراكز القوى, " هذا هو الكلام" قال مواطن يمني وعلق آخر : " ولا مثلها.. أحسن ماقلت" أما العم ظيف الله عتيق فق استحسن المضمون و أضاف من عنده : " يرحلوا ولا يبقى منهم واحد , أو يجلسوا بقعتهم ويرحل الشعب "..!!
ذلك التحديد والحصر في كلام الرئيس صالح وبتلك الصراحة والعلنية أنعش في اليمنيين المتذمرين والمتوجسين في أنفسهم خيفة وحذرا من ذهاب صالح وبقاء السيئين وقد صاروا "ثوارا " بررة يُلهج باسمهم في الساحات ويدعو لهم خطيب الستين حتى أن اللواء الأحمر قدم نفسه زعيما شعبيا إضافة إلى كونه القائد العسكري الذي قرر فجأة بدء ممارسة مهمه الرئاسية قبل الوقت وتحدث إلى الأمة ليلة العيد في خطاب أول لا يضاهيه في الرمزية والدلالة إلا البيان الأول لإعلان الانشقاق أو البيان رقم واحد عن المجلس العسكري الذي شكله وترأسه الأحمر بعد وقت ليس بالكثير..!
قولاً واحداً ..
يوما عن يوم يتكرس يقين في أوساط اليمنيين ودونما تفاوت أو فرق بين ساحتين وجمهورين خصوصا عند هذا المستوى من الإجماع بضرورة طي صفحة مراكز القوى التقليدية بأنواعها مهما تلونت ولونت وغيرت مواقفها ومواقعها بحكم الضرورة والطروء.
لا يحتمل اليمن وأهله تغييرا زائفا أجوفا تصنعه وتحرك أدواته وتقوده القوى التقليدية العتيقة نفسها التي كانت وما تزال أكبر وأهم عامل يحرض الشعب والنخب على التغيير,ولكن ما لم يذهب بها ويزيحها من طريق المستقبل فما نفع التغيير ؟ هذا إن كنا نتحدث عن نوع بعينه من التغيير , النوع الوحيد الذي يلزم اليمن الآن, إلى الأمام والأفضل وليس العكس..! |