الخميس, 13-أكتوبر-2011
لحج نيوز - نبيل حيدر لحج نيوز/بقلم:الكاتب/نبيل حيدر -
عندما تصل العقول إلى مناقشة هل تفتح المدارس والجامعات أبوابها أم تظل مغلقة فتلك صلاة الجنازة المعلنة عن موت العقل بمختلف مستوياته . لقد بلغ السيل الزبى ووصل العقل المفلس إلى منتهاه في الانكشاف و التعري حيث سقطت ورقة التوت الأخيرة التي كانت تستره ومن الواضح أن هذه الورقة ستظل في عالم الشهرة وسيظل استخدامها رائجا بسبب التصميم العجيب على تحويل العقل إلى حانة ترنح .

- كل أمة وكل شعب يراهن على التعليم قبل الرهان على أي شيء آخر .. تراهن عليه حتى في إنتاج الثورات و التغييرات الجوهرية . أما نحن فمساق آخر . أما نحن فمسار أغرب من الغرابة .. نقول في لحظة مزاجية أن التعليم عندنا فاسد لأنه مزج بالفساد طوال تاريخه و بالتالي فلا فائدة منه و لا حاجة إليه .! و الملاحظ بل المشاهد بقوة عين الشاهد العيان أن الخطاب السياسي أنتج ذلك القول والاعتقاد الذي يستند إلى حائط سميك يسور العقول الناطقة به . حائط يفصل بين المعقول واللامعقول ..بين المستساغ وغير المستساغ .. بين الإدراك و بين التقوقع على هدف وغاية وما يعتقد أنه مبدأ و أنه نضال يجب أن يأتي على كل شيء و يجب أن يخضع له كل شيء .

- حقيقة تعجز الكلمات عن تركيب وصف معين لمن يقول في موضع ما أن إشعال شمعة هو خير من أن تبقى لاعنا للظلام و عندما جاء موضوع التعليم و انطلاق المدارس و الجامعات سعى بقوة إلى إغلاقها بحجة أن الثورة تحتاج ذلك و في نفس الوقت تجاهل إغلاق المدارس و الجامعات الخاصة و لم يوجه نظريته نحوها و لم يخاطبها حتى بلغة الطلب و ليس الفرض و البلطجة كما فعل في الحكومي . فهل الحكومي مباح إلى هذه الدرجة ؟ و هل الحكومي ملك لعلي عبدالله صالح أم ملك للشعب و البلد ؟! . أليس هذا تناقضا فجا ؟!

- يتكلمون عن إشعال شمعة في الظلام و يتحاشون التأمل البسيط في أن شمعة التعليم يجب أن تبقى متوقدة مهما كانت الممارسات يتحدثون عن الأمل وفي الظرف الذي يريدونه يغضون الطرف عن الآمال المعلقة على التعليم في النهوض و الذهاب نحو الأفضل . وهناك ما هو جلي وواضح ويصلح للاستشهاد به في سياق الجدل البيزنطي الذي حول التعليم إلى طاولة قمار سياسي و (ديموغائي) أي خلط الديمقراطية بالغوغائية و إلى ملعب للأفكار الشمولية التي لا تعرف المرونة و الوسطية و لا تفهم إلا في حدود خرافاتها .. فإلى ما قبل فبراير 2011م لم يكونوا ينادون بإغلاق المدارس و الجامعات رغم الفساد المتوغل في البلد ولم تكن تلك الأصوات تنهى عن استمرار التعليم و لم تكن بفلسفتها العميقة تنطق بحرف مضمونه وقف التعليم حتى إشعار آخر ..و على العكس استثمرت حتى النخاع في قطاع التعليم و فعلت ما تريد فيه من إعمال للمعايير الحزبية قبل المعايير المهنية وبدونها في معظم الأوقات .

- و أتساءل .. في مرحلة ما بعد الحراك الثوري هل سيتم أيضا الاستمرار في إغلاق المدارس و الجامعات حتى يصيغون استراتيجية جديدة خالية من الفساد ؟

أتساءل أيضا ..هل من مبادئ أي ثورة أن ينزل جنود محسوبون عليها لإغلاق بوابات الجامعة الحكومية و الوقوف عليها لمنع الدخول ؟ هل من الأخلاق و الحريات أن يدخل طلاب معارضون الى القاعات الدراسية في الجامعة لمنع الراغبين و الراغبات من الطلبة في الدراسة من البقاء فيها ؟ ! .

أي منطق هذا ؟ و عن أي مبادئ يتحدثون باسمها و تصرفاتهم عبارة عن إجبار و قسر على تنفيذ المجموع لقرار البعض والذي وصل إلى حد إغلاق مكاتب هيئة التدريس و بطريقة تنافي أي احترام لعضو هيئة التدريس و مكانته الأكاديمية ؟.

- إنه سوق عكاظ من نوع مختلف و في زمن مختلف .. سوق مليء بالتناقضات و السلوكيات الفجة جدا و الممارسات العارية التي تريد فرض قرارها وأعمالها العدائية حتى لبديهية التعليم التي يجب أن تسير حتى ولو كانت بنظام الكتاتيب . لقد صدمنا في كثيرين وضعوا التعليم في مزاد تناقصي بهدف الخلوص إلى أن القفل على الباب أفضل من فتح الباب .

- زاد الماء على الطحين و أمسى كل شيء لدينا قابل للتعويم و صارت التشوهات النضالية تنضح بلا أدنى درجة أخلاقية أو معرفية أو إنسانية مثل ذلك النضح لا يعبر إلا عن سقم و اعتلال والسقيم والمعلول في المبادئ و الأفكار يستحيل أن يكون قادرا على تقديم وصفات علاجية .

وما يجب اللفت إليه أن عددا من شباب الثورة عبر عن رفضه لعكاظية قهر التعليم لكن أصواتهم للأسف أضعف تأثيرا و يظل ذلك موقفا محسوبا لهم رغم أي شيء .
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-17514.htm