لحج نيوز/بقلم: محمد ناجي أحمد -
حدثني صديقي الدكتور عباس السوسوة، أن محمد عبد الله صالح ذات يوم ذهب إلى مدرسة جمال عبد الناصر كي يسأل عن ابنه “يحيى”، وقيل له إنه مشاغب، وتطاول على أساتذته، فكان موقف الأب أن لطم ابنه أمام مدرسيه، وقال لهم: تعاملوا معه كغيره من التلاميذ.
وسمعت قصة أخرى عن امرأة اشتكت لأمة العليم السوسوة، أن أحد ابناء “علي عبد الله صالح”، ربما كان “خالد”، تحرش بها، فقال الأب لأمة العليم السوسوة: "إذا تحرش بها ثانية فلتلطمه بحذائها".
حين قرأت شكوى “نصر طه مصطفى”، إلى نقابة الصحفيين، بخصوص تهديد تعرض له من “طارق محمد عبد الله صالح”، بسبب مواقفه وآرائه...، وبعد ذلك قرأت رسالة منشورة في نيوزيمن، يطالب فيها “طارق” من نقابة الصحفيين، أن تتضامن معه ضد الصحفيين الذين يستهدفونه بالإساءة غير المبررة، شعرت بتعاطف تجاه “طارق” خاصة وأنه قال: أنا أرسلت عبر صديق مشترك لنصر طه مصطفى، أن يتوقف عن التدليس، والكذب، وذكرته بالعيش والملح ...”، وعلى القارئ أن يفهم ما معنى العيش والملح.
نصر طه مصطفى، موثق معلومات متحيز، ورجعي كما أعرفه، كنت أتابع له مقالات بداية التسعينيات وحتى 1994م، وقتها كان محرضاً على شريك الوحدة، الحزب الاشتراكي، ولا يألو جهداً في تأليب كل قوى النظام عليهم، بالباطل، وبالباطل!
وبعد أن انتهى الحزب الاشتراكي كدولة، وجدته يحرض السلطة على الدكتور “محمد عبد الملك المتوكل”، ويصفه بأنه الخطر الحقيقي على الدولة! وقتها كان يرى أن الدكتور أبو بكر السقاف خطر، لكن خطر الدكتور الهاشمي أكبر، ولهذا يجب التنبه لهذا الخطر الأكبر حسب رأيه!...شخص كهذا كيف يمكن أن نتضامن معه! هو من أصول تركية، وهذا لا شأن له بعدم التعاطف، لكن الاتراك الذين بقوا في اليمن مثل راغب وصهره مدحت باشا، كانوا نواة اليسار في اليمن، الاّ أن “نصر طه مصطفى” كان من رموز الرجعية في اليمن، فهو يرى اليسار كدولة خطر، وبعد الانتهاء من اليسار يرى الهاشميين خطرا حقيقيا، حتى أنه كان يسلط نظام 7-7-1994م على أن يتنبهوا لذلك الخطر! فبالله عليكم من الأحق بالتضامن طارق أم نصر؟
إنني أشعر أن طارق، وأحمد، ويحيى، وخالد، بل وعلي عبد الله صالح هم المستضعفون في هذا الصراع، الذي هو صراع لمكونات النظام أكثر منه ثورة، ويذكرونني بالمغدور به ظلماً الإمام “يحيى حميد الدين”...
مشكلة سنحان أنها خانت انتماءها الطبقي، واعترفت عام 1969م بالشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شيخاً لها.
الحريات لا يجوز التحيز ضدها .. لكن هل نصدق مجرد صديق مشترك بين رفيقين بينهما عيش وملح!
أليس من المنطقي التضامن مع انتهاك للحريات والحقوق حين تكون بينة وواضحة، ولا تعتمد على رواية طرف فقط لا غير، أليس من العدل الذي ذكرني فيه عزيزي عبد الله العزاني، ألاّ نحكم بمجرد حقدنا وشيطنتنا ومواقفنا تجاه أحد ما؟
فلتكن آية “ولايجرمنكم شنئان قوم على ان لاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى” قانونا يشمل الجميع، فالله بآياته وسننه محايد لا يعرف الظلم.
فلنفكر بشكل عقلاني، هل يكفي أن يعلن نصر طه مصطفى وسمير اليوسفي وفارس السقاف ومنير الماوري، وعلي محسن، وعلي السعيدي، والبداي، والقيسي... و.. و.. الخ، انتماءهم للثورة بعد جمعة الكرامة ليصبحوا بعدها قادة للخطاب والفعل الثوري؟!.
هل يكفي أن ينتمي الأمن السياسي للثوار الجدد كي يصبح قيمياً في موقع إدانة الأمن القومي، أليسوا اجهزة قمع لنظام تشقق من الداخل؟
إن نشر نيوز يمن لطلب طارق من نقابة الصحفيين، بأن تتضامن معه أراه فعلا ديقراطيا نفتقده جميعا -سواء فعل طارق، او شجاعة نيوزيمن ومهنيتها.
بالنسبة لوصفي “نصر” بمصطلح “رجعي”، فهو يعود إلى فلسفة نصر للاقتصاد، وموقفه من القوى القبيلية، هل هي كيان إداري عابر أو حقيقة وجودية ابدية. موقفه من الشريك الأكثر تخلفا في النظام .. اتحدث عن رجعية اجتماعية. اما إشارتي إلى الجذر التركي، فليست عنصرية مني، أولاً لأن تركيا تاريخها وحاضرها يجعلها غير منتقصة.
ثانيا: لأنني أردت الاشارة إلى أن اليسار كان خيار الكثير من الاتراك في اليمن، وبعضهم كان ينتمي لتركيا الفتاة.
صديقي "حمدي الفقيه"، رغم ما يتميز به من تعصب للإخوان المسلمين، تميز بأدب الحوار قائل: استاذ محمد انت علمتنا في المدرسة معنى النقد البناء لا النقد المتحامل فليس لأن طه لا تحبذ فكرته فإنك تنكر شكواه من التهديد”، في حين أن صديقي محمد الحكيمي، الذي عرفته في ثانوية تعز أواخر التسعينيات، وكان وقتها طالبا ضمن الجماعة الأدبية التي اشرفت عليها، علق على حائطي في الفيس بوك، واصفاً إياي “بجلاد بامتياز”، وهناك من وصفني بماسح أحذية، وثالث وجدني متلبساً بالعمالة قائلا لي: “اطلب الله يا أهيل”، وآخر وجد حائطي سقوطا لقناع التنوير حسب وصفه ورغبته!
لكن "عبد الله احمد العزاني" وبعقلية المحامي المنصف، والنزيه، دافع عن نصر طه باستماتة المحب، ومحاججة العقلاني الذي يحرص على دفع التهم عن موكله.
ميساء شجاع الدين، بعقلانيتها التي أحبها، علقت بحيادية وموضوعية، محافظة على اختلافها واتفاقها قائلة: “استاذ محمد التهديد لأي صحفي مدان، ونظام الرئيس صالح لطالما يهدد صحفيين، وسجن بعضهم واختطف ولم يتضامن معهم، اظن ما جرى للأستاذ نصر أمر عادي خاصة أننا نتحدث الآن عن نظام متهاوٍ لذا أرى المسألة اخذت حجماً اكبر من حجمها.
اما بخصوص آراء استاذ نصر فمن حقك الاختلاف معها.. اما المستضعفون في الارض فأدرك مشاعرك عندما يستقوي الناس على رجل وأسرة تمددوا بالأرض، بعضهم لم يتحصل شرف معارضتهم في عز مجدهم مثل الاستاذ نصر وغيرهم كثر، لكن اجد صعوبة في تصويرهم لدرجة "مستضعفون في الارض" ربما ارى أنه لم يعد مشرّفا الهجوم المبالغ فيه عليهم، والذي وصل حد الاستعراض الرخيص لدى البعض”، وواصلت تعليقها “بخصوص ابناء الرئيس ومعاملتهم، قائلة: “اشهد شهادة لله ان ابناء الرئيس وابناء الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر وبمعنى ادق بناتهم في مدرسة آزال الوادي بداية التسعينيات كانوا معي، كان ابناء الرئيس افضل سلوكا وهناك من يعاقبهم على سلوكهم على عكس الشيخ... اتذكر ان ابنته بلقيس رسبت اكثر من مرة في الثانوية وعادت الامتحانات والسنة طبيعي كأي طالبة بينما بنات الشيخ وابناؤه لا من يحاسبهم على سلوكهم او دراستهم...”.
وصديقي نبيل الصوفي بعد يومين من الإجهاد الحواري مع “العزاني”! دخل معلقا، بلغة لا أخفي اعجابي بها... "اكتفي بدفاع العزاني.. وماقلته عن اولاد الرئيس وأكدته ميساء كشهادة مباشرة، هو الجديد الذي تستحقون عليه الاحترام.. لسنا في معرض حملة انتخابية، بل في مواجهة اللاعقلانية التي تردنا للتقييم الكلي وبلسان يقول إنه ديمقراطية".
مع اختلافي معك على وصف رجعي، يمكن لأن الوصف بالمقياس ينطبق علي أنا، لكن بقيت حتى أمس متمنياً أن يكون الاستاذ القدير نصر طه ثوريا، والمعنى أن يعلن أنه فهم خطأ أو الناقل لم يكن دقيقا او يقول: بل قال لي فلان الفلاني الجملة الفلانية.. كنت سأعتبره ثوريا حقيقيا.. يخدم الوضوح العام، والمهنية، والوفاق والتعايش والتجديد وكل الكلمات التي نقولها عن المستقبل، لكنه صمت مكتفياً بتحية الحشود المؤيدة له وسكت عن السبب”.. وهذا فعل ينتمي تماماً لوصف الرجعية..
التضامن مع طارق، اكثر تعبيرا عن الحرية والديمقراطية بل والثورية الكاملة، حين يستحق طارق التضامن، والعكس أيضا بالتمام والكمال”.
في الأخير وجدتني أشكر كل الذين علقوا على حائطي، بالقول: “أشكر جميع من علق، سواء من شتم، ووجدني جلاداً بامتياز، أو وصفني بماسح أحذية، أو غيرها من الأوصاف التي تعكس طريقة ما في الفهم، أو المشاعر... لكنني أقف بفرح إزاء قدرة عبدالله احمد العزاني، وهو يستعرض حيثياته دفاعاً عن مشاعره تجاه “نصر”ربما كان الأقرب في تحليله لما كتبته، لكنه كان المفارق بعاطفة وقدر من الوعي للنتيجة التي خرجت بها.. أقف له بمحبة .. وأقدر كثيرا عقلانية ميساء وحياديتها في قراءة حائطي .. شكرا للجميع، المحب، والشاتم، والذي حافظ على عقلانيته بمقدار فهمه وتفهمه لما كتبت.. وأحب أن اضيف ما كتبه نبيل الصوفي في صفحته عن مقالي هذا، حيث كتب مايلي:
ليتحمل الاستاذ نصر.. وإن شيئاً هنا يسيء لشخصه، فأنا أعتذر له، لكن كاتباً بحجم محمد ناجي أحمد، لايسيء، ولايشتم.. بل يكتب تقييماً من وجهة نظره.. ليس هو مسؤولا عن فهم الآخرين لمفرداته.
ليس الموضوع، عندي الآن، نصر طه، بل واحدة من جمل وخطابات الثوة كأحد تعبيرات الصراع العائلي الطويل في صنعاء.. وقد كان نصر طه، قبل الثورة، ثوريا في التعامل مع هذه النقطة، إذ بقي طيلة عهده، يفصل بين ماقد يكون فسادا سياسيا لأقارب الرئيس علي عبدالله صالح، وبين اشخاصهم. وبالتحديد اولاده وأولاد اخيه محمد، أو حتى ابناء علي محسن.
وأجزم، أن اللغة المسفة التي نقلها بعض المسفين او الغاضبين او الذين تعرضوا لانتهاكات في عهد الرئيس صالح، إلى خطاب الثورة، تعد واحدة من أهم اسباب التراجع الشعبي عن دعم الثورة.. فمجتمعنا قد يتبادل الشتائم في الشارع لحظة غضب.. لكنه يستنكف حين يشتم المتخاصمون بعضهم البعض، بفجور علني.
أن يكتب محمد ناجي، المعارض الذي لم يتوقف عن نقد الرئيس صالح، حتى اليوم، تنبيهاً فيما يخص التعامل مع أولاد الرئيس، وتسانده ميساء شجاع الدين، بمعلومات هي مصدرها، مع أنها اختلفت معه اختلافا شديدا بشأن تفاصيل موقفه.. فأعتبر هذا موقفا ثوريا.. يقف ضد الانتهاكات التي يرتكبها اصحابها بحجة أنهم ثائرون.
* ملاحظة توضيحية: لا أعرف طارق، ولا أياً من ابناء عمه، وطبعاً وليس لي بصالح سوى علاقة الخوف والقمع قبل أن يكون لافتتها.