لحج نيوز/بقلم:طه العامري -
تشير كل المعطيات عن فشل جولة رئيس حكومة الوفاق الخليجية مهما قيل إعلاميا عنها خاصة وأن الجولة لم تراعي الظروف المناسبة من حيث ( التوقيت) ومن حيث المهام ذات الأولوية العاجلة التي كان يفترض بحكومة الوفاق الوفاء بها كجزاء من استحقاقات , على اعتبار أن حكومة الوفاق أمامها مهام داخلية عاجلة كان المفترض على الحكومة الوفاء بها والعمل على معالجة هذه القضايا قبل البدء في جولة لحشد الدعم الذي سيأتي وأن بدون جولة , باعتبار هذا الدعم جزءا من إرادة خليجية متفق عليها مسبقا لكن هذا الدعم قطعا مرهون بشروط التوافق والاتفاق فيما بين الأطراف اليمنية المعنية بالأزمة ..
الجولة لم تكون إذا تعبيرا عن نجاح حكومة الوفاق أو تجسيدا لنصوص وجوهر المبادرة التي لم تنفذ بعد حكومة الوفاق بنودها إلا فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وأدائها اليمن الدستورية أمام نائب الرئيس فيما الجوانب المهمة في المبادرة لا تزل محل جدل بين الأطراف ذات العلاقة !!
بيد أن الدعم الخليجي مفروغ منه طالما التزم أطراف الأزمة بالنصوص (غير المعلنة ) في المبادرة وهي الأهم بالنسبة لدول الخليج وبعض الأطراف الدولية ..؟
حكومة الوفاق هربت من كل هذا إلى جولة ( مثيرة) حافلة بالتساؤلات المريبة الواقفة خلف جولة مبهمة جاءت في غير أوانها بدليل لأن ثمة أطراف خليجية تبرمت من هذه الجولة ومنها من استقبل رئيس حكومة الوفاق على مضض ..؟
إذ يمكن القول أن أهم مطالب المبادرة والمفترض من الحكومة تنفيذها لم تنفذ وهي تطبيع الحياة والسكينة وعودة الأمن والاستقرار ورفع المظاهر المسلحة ونزع فتيل التوترات وكل الظواهر المسببة للأزمة منها الاعتصامات والتصعيد الإعلامي وكل ما يؤدي إلى عودة التوتر وهو ما لم يحدث , بل شاهدنا العكس على أثر تأدية الحكومة اليمن الدستورية شاهدنا كيف نقلت الاعتصامات من الساحات للمؤسسات وبارك هذا رئيس حكومة الوفاق واعتبره عملا مشروعا وصمت أمامه الأخ النائب أو هكذا نحسب ونرى ..؟
حدث هذا فيما اللجنة العسكرية لا تزل تسعى لإقناع بعض أطراف الأزمة في رفع مسلحيهم من الشوارع والبدء في أرسى حياة طبيعية وإعادة الخدمات الأساسية للشعب وخاصة الكهرباء والمياه وسلامة الطرقات وكل هذه الطلبات المهمة لم يتم تحقيقها فلا الخدمات عادة ولا الطرقات الطويلة تم تأمينها ولا الوفاق الوطني حقا قد تحققت بصورة تبدو فيها أطراف المعادلة وكأنها تستمد شرعيتها من الخارج وأن الشعب هذا بعيدا عن كل اهتماماتها ..!!
إضافة لكل هذا فأن قانون الحصانة يؤجل للمرة الرابعة داخل مجلس النواب على خلفية غياب الحكومة التي قطعا لها حساباتها على القانون الذي يشكل أهم ما في المبادرة الخليجية لكن في ذات السياق ترى ( المعارضة) أن لها شروط في قبول القانون وفي المقدمة رغبة المعارضة بالحصول بدورها على ( حصانة ) لبعض رموزها وحلفائها وخاصة ما يتصل بقضية ( جامع الرئاسة) والجريمة لاتي يبدو هناك من تورط بها من هؤلاء وبالتالي يرى هؤلاء أن المماطلة والتسويف في تنفيذ بنود المبادرة يمكنهم من ابتزاز رعاة المبادرة وطرفها الأخر ( الحزب الحاكم ) وحلفائه في ضل هكذا حسابات يجد رئيس الجمهورية نفسه ( وحيدا) يصارع أمواج الانفلات المتعدد الجوانب في ضل تباين حقيقي يعتمل في أوساط قيادة الحزب الحاكم التي انقسمت بين ولاء مطلق ووفاء دائم لفخامة الأخ الرئيس وبين من يرى أن عهد الرئيس قد ولى وأن هناك عهدا جديدا قد أشرق ,الأمر الذي أتاح فرصة لبعض الجيوب الراديكالية بدءا من جماعة (الحوثي) وفي مواجهتهم قوى ( سلفية) وهناك ( حراك جنوبي ) وهناك ( تنظيم قاعدة) وهناك جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الجنرال المنشق والشيخ الزنداني ومعهم عيال الأحمر ولهولاء حساباتهم الخاصة حتى مع الحديث الزائف الصادر عنهم والمتمثل في الالتزام بالمبادرة الخليجية واحترام نصوصها وهو قول لم يرتقي للمصداقية بل يقال في سياق رهان هذه الأطراف على عامل الوقت وعلى هفوات وغلطات الحكومة ورد فعل الحزب الحاكم واستنادا لحسابات إقليمية محرضة ودافعة بهذه الأطراف باتجاه التصعيد بغية تصفية حسابات إقليمية ودولية على الخارطة اليمنية وهذا ما تقوم به ( إيران) من خلال ( الحوثي) في مواجهة ( الرياض ) وما تقوم به ( قطر) في ذات الاتجاه مواجهة ( الرياض) مع الفارق بين نوايا ورغبات وأهداف ( إيران وقطر) ..؟؟
في هذا الخضم المثير نرى تصعيد في خطاب المشترك وتحايل في أداء الحكومة والتزاماتها المفترض أن تؤديها وهذا ما خلق الكثير من بؤر التوتر على خلفية كل هذه المعطيات فكان التوسع المثير لجماعة القاعدة التي سيطرت على مدينة رداع باتجاه تطويق العاصمة بطريقة درامية فالحوثي يزحف باتجاه الجوف وحجة والقاعدة تتجه لربط وجودها في أبين بالسيطرة على محافظة البيضاء والضالع ربما فيما محافظتي لحج وعدن اصبحتا مرتعا للتفجيرات الإرهابية العابرة الأمر الذي يشير إلى أن محافظة ( تعز) قد تكون الهدف المقبل للقاعدة خاصة وهناك حضور كبير للجماعات الإسلامية في المحافظة والتي تم الاعتراف بها رسميا وإقليميا ودوليا وتم التعامل معها باعتبارها ندا للحرس الجمهوري والأمن المركزي ولم يتم معاملتها باعتبارها قوى متمردة خارجة على القانون وهذا هو عيب المبادرة الخليجية التي منحت شرعية للقتلة والمتمردين والخارجين على القانون وهو سلوك لم نعهده في أي بلد بما في ذلك دول الخليج الشقيقة التي كنا نتمنى أن تنظر للخارجين على القانون في اليمن بنفس الرؤية والمنطق والطريقة لاتي يتعاملوا بها مع الخارجين على القانون لديهم سوى في البحرين أو في قطر والسعودية أو في الكويت ..؟!!
ليبقى السؤال هو ماذا بقى أو تبقى من المبادرة الخليجية ..؟ إذا ما سلمنا جدلا بفشل حكومة الوفاق التي فعلا تعتبر بحكم الفاشلة على خلفية كل هذه التداعيات وما يجرى من تفاعلات ( سرية ) وبعيدة عن الانظار ..؟؟