لحج نيوز -  تسعى السلطات الإيرانية إلى كبح حالة العصيان المدني غير المعلن الذي يجتاح البلاد منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلا إن المعطيات على الأرض توحي الى استمرار حركات الاحتجاج والمعارضة بعد ان تبلورت مراكز قيادة وتنظيم قادرة على تحريك الحشود بيسر وسهولة،

الجمعة, 08-يناير-2010
لحج نيوز/متابعات -

تسعى السلطات الإيرانية إلى كبح حالة العصيان المدني غير المعلن الذي يجتاح البلاد منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلا إن المعطيات على الأرض توحي الى استمرار حركات الاحتجاج والمعارضة بعد ان تبلورت مراكز قيادة وتنظيم قادرة على تحريك الحشود بيسر وسهولة، والتنابز مع أعلى سلطات الدولة دون مقدار كبير من الخشية او التحسب، خصوصا بعد تأييد عدد من رجال الدين البارزين للحراك المعارض.
فيما يشير المحللون الى عدم قدرة الحكومة الإيرانية في احتواء الأزمة التي تعصف هناك دون اللجوء الى حل سياسي متوازن يرضي جميع الأطراف.
الولي الجائر
فيما أدرجت وزارة الأمن الإيرانية نحو 60 جماعة بوصفها من عملاء "الحرب الناعمة"، صدر بيان لسياسيين إيرانيين في الخارج يصف مرشد الجمهورية الإيرانية، علي خامنئي بـ"الولي الجائر"، ضمنوه مطالب "الحركة الخضراء."
وطالب الموقعون على البيان بإقامة انتخابات لجميع المناصب الحكومية وتحديد فترة تولي المسؤولين لمهامهم وخضوعهم للاستيضاح أمام الشعب، وفقاً لموقع منظمة حقوق الإنسان الأهوازية.
ووقع على البيان كل من المفكر والكاتب المعارض عبدالعلي بازركان والفيلسوف الإيراني عبدالكريم سروش ووزيرالثقافة الأسبق عطاء الله مهاجراني ورجل الدين المعارض محسن كديور والصحفي المعارض أكبر كنجي.
وأعلن الموقعون على البيان دعمهم لزعماء المعارضة محمد خاتمي ومير حسين موسوي ومهدي كروبي، وأكدوا أن المطالب التي يطرحها هؤلاء تشكل الحد الأدنى للحركة الخضراء "نظرا للمضايقات السياسية السائدة في البلاد."
وطرح البيان مطالب تشمل "استقالة أحمدي نجاد من منصبه، وإقامة انتخابات رئاسية جديدة بإشراف جهات محايدة، وإلغاء رقابة مجلس صيانة الدستور على الانتخابات، وتشكيل لجنة مستقلة للانتخابات."
وأكدوا "ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومعاقبة المتورطين بتعذيب السجناء وقتل أبناء الشعب، وإطلاق الصحافة الحرة وإزالة المضايقات على الصحفيين، وإقالة المتورطين ببث الكذب من التلفزيون الرسمي، و الاعتراف بحق المواطنين بالنشاط المدني."
كما أكد الموقعون على البيان ضرورة "منع قوات الأمن والجيش من التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية وحصر نشاطهم على اختصاصهم."
ووصف موقعو البيان المرشد الأعلى لإيران بـ"الولي الجائر"، وقالوا إن "الخطاب الذي يروج له الولي الجائر منذ 20 عاما على أساس 'مؤامرة الأعداء'، أدى إلى بث التفرقة بين الشعب واختلاق أعداء في البلاد، ووضع نسبة كبيرة من الإيرانيين في خندق الأعداء، ويدعو على هذا الأساس أجهزة القمع لمواجهتهم."
وذكّر البيان بأن "الحقد الدفين والكراهية التي ترسخت في البلد طوال العقود الثلاثة الماضية لها جذور عميقة من شأنها أن تؤدي إلى إثارة موجات من العنف المفرط."
وتطرق البيان إلى المظاهرات التي نظمها المعارضون بالتزامن مع يوم عاشوراء، واتهم السلطات بالمحاولة لحرف الأنظار من الحقائق، والترويج بأن المحتجين أساءوا إلى المعتقدات الدينية.
وقال البيان إن "الاستبداد الديني يستمد شرعيته من إثارة العنف وقتل المواطنين، ويعمل لتحريض الموالين له بواسطة الدين بمساعدة الإذاعة والتلفزيون الحكومي وتعبئة جميع القوى الخاضعة لأوامر خامنئي."
عملاء الحرب الناعمة
وكان وزير الأمن الإيراني، حيدر مصلحي، قد أعلن عن اعتقال عدد من الأجانب خلال الأحداث الأخيرة في ذكرى عاشوراء بطهران.
وقال مصلحي أن بعض الأجانب الذين اعتقلوا كانوا قد دخلوا إيران قبل يومين من الأحداث بهدف إثارة حرب نفسية وإعلامية ضد إيران، وفقاً لما نقلته قناة العالم الإخبارية، مضيفاً أن الوسائل والكاميرات التي كانت بحوزة المعتقلين تؤكد تورطهم في الأحداث.
وأشار مصلحي إلى أن المعتقلين هم "مجموعة من العناصر المؤثرة في الفتنة التي تلت الانتخابات والعناصر المعادية للثورة وأنصار الملكية والمنافقين."
وأكد مسؤولون بوزارة الأمن الإيرانية خلال لقائهم أعضاء اللجنة البرلمانية للأمن القومي والسياسة الخارجية، أن الزمر المعارضة خارج البلاد هم المحرضون الرئيسيون على أعمال الشغب التي وقعت في ذكرى يوم عاشوراء، وفقاً لوكالة مهر الإيرانية للأنباء.
تورط مفترض للسعودية
من جهتها اتهمت تقارير إعلامية إيرانية السلطات السعودية بالتورط في إثارة الاحتجاجات التي وقعت في البلاد خلال إحياء مناسبة عاشوراء، وذلك عبر سفارتها في طهران، التي زعمت التقارير أنها قامت بتقديم "مبالغ مالية كبيرة لبعض الأشخاص للقيام بأعمال تحريضية" خلال الشعائر الدينية الشيعية.
وبالتزامن، حض عدد من كبار ممثلي التيار المتشدد على التصدي لتحركات الإصلاحيين ودعوا قادتهم إلى "التوبة،" والاعتذار من "الله والرسول والشعب،" في حين كشفت مصادر قضائية عزمها معاملة المحتجين على أساس "حكم الحرابة."
وقالت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية شبه الرسمية أن "مصدراً مطلعاً" لم تكشف اسمه أو صفته كشف لها قيام السعودية "بتقديم مبالغ مالية كبيرة لبعض الأشخاص،" ونقلت عن هذا المصدر أن السعوديين "تجنبوا العمل بشكل مباشر، واستعاضوا عن ذلك باستخدام عملاء لهم من أجل القيام بهذه الأعمال لأن سمعة السعودية عند الشعب الإيراني سيئة جدا."
وقال هذا المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه إنه تم "الكشف عن بعض الخيوط التي تشير إلى تورط السعودية في الحوادث والاضطرابات التي جرت يوم عاشوراء في طهران."
وأضافت الوكالة إن تصرفات السعودية في الشهر الماضي، من خلال الإعلان عن لجوء ابنة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن إلى السفارة السعودية في طهران، وكذلك اتهام إيران بالتدخل في حوادث اليمن: "تشير إلى سعيها للاستفادة من كل الظروف والإمكانات لمواجهة إيران."
وفي سياق متصل، هدد حجة الإسلام رئيسي، مساعد رئيس السلطة القضائية الإيرانية، أنه سيتم "التصدي بحزم لمثيري الشغب ومنتهكي القانون وكل من يهدد أمن الشعب وسيتم التعامل معهم على أنهم محاربون."
ونقلت وكالة مهر الإيرانية شبه الحكومية أن رئيسي قال: "من اجل الاستجابة لمطالب الشعب، واستنادا إلى مسؤوليتنا القانونية والشرعية ومسؤولية جميع الأجهزة، فلن يتم التهاون بأي شكل من الأشكال في مواجهة مثيري الشغب ومنتهكي القانون وكل من يريد أن يعرض امن الشعب إلى الخطر." بحسب رويترز.
وتزامنت تصريحات رئيسي مع دعوة آية الله جنتي، خطيب الجمعة في طهران وأحد المعبرين عن وجهات نظر التيار المتشدد في إيران السلطات القضائية إلى "التصرف بسرعة للتصدي لمثيري أعمال الشغب والفتنة."
وتوجه جنتي إلى قادة المعارضة الإيرانية قائلاً إنهم "ضلوا الطريق، ولا سبيل أمامهم سوى التوبة وتلقي العقاب وعليهم الاعتذار من الله والنبي والشعب."
في السياق ذاته قال نجل رجل الدين الراحل ايه الله العظمى حسين علي منتظري في تصريحات ان على القيادة السياسية في إيران محاولة التوصل الى حل وسط مع رموز المعارضة من أجل تفادي تزايد الاضطراب السياسي في البلاد.
وقال منتظري في مقابلة مع مجلة دير شبيجل الالمانية انه يأمل أن يعود قادة إيران الى رشدهم ودعا الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الى الاستقالة.
ونقلت المجلة عن منتظري الذي أجرى الحوار الذي لم يتبين وقت اجرائه عبر الهاتف المحمول من منزله في قم "الامور لا يمكن أن تستمر على هذا الحال لوقت طويل."
وقال "أعتقد أن البنية المستقبلية لمجتمعنا ليست على درجة كبيرة من الاهمية. من الممكن أن تكون جمهورية إسلامية ومن الممكن أن تكون جمهورية علمانية أو فيما يخصني ان تكون حتى مملكة. والامر الرئيسي هو أن يستطيع الشعب العيش في حرية ورخاء."
وسئل منتظري عما اذا كان يتوقع أن يتحول الموقف الى حمام دم فقال "آمل ألا يصل الامر الى هذه النقطة. مازلت آمل أن يعود الحكام الى رشدهم وأن يصلوا الى حلول وسط ويتخذوا مسار المصالحة الوطنية. واذا لم يفعلوا فسوف تصبح بلادي في حال أسوأ بكثير خلال سنة عما هي عليه الان." كما أصر منتظري على ضرورة استقالة أحمدي نجاد.
وقال "يجب على الاشخاص المسؤولين أن يعتذروا عن أخطائهم والقمع الذي جرى في الشهور الاخيرة. سيكون ذلك شرطا لاستمرار الجمهورية الاسلامية. وبعد استقالة محمود أحمدي نجاد يجب أن يسلم المكتب الرئاسي الى المرشح الفائز بأكبر عدد من الاصوات في الانتخابات. السيد (مير حسين) موسوي."
وحث محسن رضائي المرشح الرئاسي المحافظ في انتخابات يونيو حزيران قادة ايران على اعتبار مطالب موسوي مطالب "بناءة" من شأنها أن تقلل التوتر وذلك حسب ما نقلت وكالة العمال الايرانية شبه الرسمية للانباء.
ورضائي هو أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام وهو هيئة التحكيم القوية التي يرأسها الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني
وقالت مواقع اصلاحية على الانترنت ان قوات الامن الايرانية تصادمت مع أنصار رجل الدين اية الله العظمى منتظري بعد وفاته في ديسمبر كانون الاول عن عمر 87 عاما.
نظام مهدد
من جانب آخر قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر ان رجال دين بارزين يقوضون الحكومة الايرانية من الداخل.
وأضاف أن اغلبية كبيرة من "الشيعة البارزين" يختلفون مع الحكومة ويطعنون في قيمها الدينية.
وقال كوشنر لراديو (ار.تي.ال) "يمكننا ان نرى جميعا ان النظام مهدد من اناس ذوي عزيمة قوية .. ايرانيون .. بعضهم على درجة كبيرة من التدين في النظام الشيعي." وتابع "نعم النظام مهدد من المعارضة الداخلية ولا أعلم الى ماذا سيقود ذلك."
وحين سئل كوشنر عما اذا كان يتمنى الاطاحة بالحكومة الايرانية اجاب "ليس من حقي ان اتمنى ذلك أو غيره. من جانبنا نواصل المحادثات مع الايرانيين."
وفرنسا واحدة من عدة دول غربية على خلاف مع حكومة احمدي نجاد بشأن البرنامج النووي الايراني.
وأعرب كوشنر عن خيبة أمله فيما وصفه باحدث مناورة دبلوماسية ايرانية وقال "انه من المستحيل لسوء الحظ" التحدث بجدية مع طهران بشأن برنامجها النووي.
ورفضت ايران المهلة التي حددها الغرب والتي انتهت في 31 ديسمبر كانون الاول الماضي لقبول صفقة تخصيب وقود تهدف لتهدئة مخاوف دولية من محاولتها تصنيع اسلحة نووية. وتنفي ايران ذلك. وأشار كوشنر الى ان المهلة انقضت ولكنه لم يوضح ما هي خطوته التالية.
ويقول مسؤولون ودبلوماسيون ان الولايات المتحدة وحلفاءها يدرسون عقوبات مركزة تستهدف القيادة الايرانية بدلا من عقوبات عامة يخشون ان تضر بحركة الاحتجاج.
حظر الاتصال بستين منظمة
الى ذلك حظرت ايران على مواطنيها اقامة اي "اتصال" بستين منظمة غير حكومية غربية وبوسائل الاعلام الاجنبية باللغة الفارسية وبعدد من المواقع الالكترونية "المضادة للثورة" ادرجت جميعها على قائمة نشرتها الصحافة.
واوضحت وزارة الاستخبارات التي وضعت القائمة، ان جميع المنظمات ووسائل الاعلام والهيئات المستهدفة لعبت دورا في التظاهرات المعادية للحكومة والتي هزت ايران بشكل متكرر منذ فوز الرئيس محمود اجمدي نجاد بولاية ثانية في الانتخابات موضع الجدل التي جرت في حزيران/يونيو 2009.
وبين المنظمات غير الحكومية المدرجة، العديد من المنظمات الاميركية، منها هيومن رايتس ووتش ومعهد بروكينغز ومؤسسة جورج سوروس والصندوق الوطني للديموقراطية ومؤسستا فورد وروكفيلر.
وقال نائب وزير الاستخبارات بحسب ما اوردت وسائل الاعلام الايرانية ان "اي اتصال او تعاقد او استخدام لوسائل هذه الجمعيات التي تشارك في +حرب ناعمة+ (للاطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية) محظور وغير شرعي". بحسب فرانس برس.
كما يحظر بحسب قوله التعاون او اقامة اتصال مع "شبكات فضائية باللغة الفارسية معادية للجمهورية الاسلامية مثل صوت اميركا والبي بي سي وراديو فاردا (تمولها الولايات المتحدة) وصوت اسرائيل (رسمية اسرائيلية) والشبكات الفضائية التابعة للمنافقين (التسمية المستخدمة للاشارة الى مجاهدي خلق) والملكيين".
واضاف انه يحظر ايضا اقامة اي اتصال مع مواقع المعارضة على الانترنت مثل موقع رهسبز.كوم.
وطلب اخيرا من الايرانيين عدم اقامة "اتصالات خارجة عن المألوف مع المواطنين الاجانب والسفارات الاجنبية والمنظمات المرتبطة بها".
ونسبت السلطات ووسائل الاعلام القريبة من النظام التظاهرات التي جرت في الاشهر الاخيرة الى "مؤامرة" خارجية دبرتها الولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا بصورة خاصة بمساعدة وسائل الاعلام الغربية.
اعتقال عدد من الاجانب
على صعيد متصل أعلنت ايران القبض على عدد من الاجانب الذين يشنون "حربا نفسية" ضد النظام الحاكم في الاشتباكات الدامية التي وقعت في الشهر الماضي بين مؤيدي المعارضة وقوات الامن.
وقال وزير المخابرات حيدر مصلحي للتلفزيون "يوجد عدد من الاجانب بين الذين اعتقلوا يوم عاشوراء...انهم يقودون حربا نفسية ضد المؤسسة الحاكمة.. لقد دخلوا ايران قبل يومين من عاشوراء" ولم يقدم المزيد من التفاصيل عن جنسية المعتقلين.
واتهمت السلطات الايرانية مرارا زعماء المعارضة بأنهم على صلة "باعداء اجانب" وحذرت من انها لن تتهاون مع مزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة بعد الاحتجاجات العنيفة التي حدثت يوم عاشوراء.
ولم يظهر اي جانب رغبة في التوصل الى حل وسط بعد مرور ستة اشهر من الانتخابات المتنازع عليها وقد تشتد المواجهات رغم الاتهامات والاتهامات المضادة.
وقال ممثل للزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي ان زعماء المعارضة اعداء الله ويستحقون الاعدام.
ودخلت الاضطرابات السياسية مرحلة جديدة منذ اشتباكات يوم عاشوراء التي قتل فيها ابن شقيقة موسوي. وتنفي الشرطة أنها متورطة في اعمال القتل.
ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن غلام حسين محسني أجئي قوله "الذين اعتقلوا اثناء اشتباكات عاشوراء يواجهون عدة اتهامات تشمل القيام بأعمال ضد الامن القومي وسيلقون مواجهة قاسية."

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 09:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-1936.htm