لحج نيوز - عن المشايخ الحمر وإخوان اليمن وأمن الرئيس هادي!

الأربعاء, 07-مارس-2012
فتحي الباشا -
الحديث المتداول حاليا وتحت دعاوي قانونية وتشريعيه وإجرائية عن مدى شرعية من عدم شرعية هيئة رئاسة "مجلس النواب" ، ذلك الحديث الذي يتصدر وسائل إعلام الإخوان المسلمين ومن سار في ركابهم يذكرنا بالمقولة الشهيرة للصحابي الجليل عبدالله بن عمر ردا على وفد من أهل العراق قدموا لسؤاله عن حرمة قتل الذباب في المسجدِ الحرام في الأشهر الحرم ، فما كان من عبدالله بن عمر إلا أن رد على سائليه بقوله: عجبت لكم يا أهل العراق ، تقتلون ابنَ بنت رسول الله وتسألون عن حرمة قتل الذباب في المسجد الحرام والأيام الحرم ؟!

العجب نفسه يثار في وجه تلك القوى الانقلابية التي ركبت موجه الفوضى وراهنت على الشارع منذ عام وغذت إعمال القتل والنهب وقطع الطرقات وتدمير البنية التحتية ومهاجمة المنشآت العامة والخاصة واقتحام مؤسسات الدولة وضربت بالدستور فصوله ومواده عرض الحائط وعطلت كل القوانين في البلد ثم تأتي اليوم لتثير جدلا قانونيا عن شرعية هيئة رئاسة مجلس النواب من عدمه .. وكل سلاحها في هذه المعركة (اللائحة الداخلية لمجلس النواب) ، ليقول قائل (عجبا لكم أيها الإخوان ، تنقلبون على الشرعية الدستورية وعلى النظام والقانون وتتباكون للائحة داخلية تحكم برلمان كنتم حتى وقت قريب تشككون بشرعيته وما زلتم حتى الآن).

ولو أردنا جدلا ومن باب _ إسقاط الحجة _ مسايرة هذه الأطروحات ومناقشة الموضوع من الناحية القانونية "الصرفة" لقلنا أن الرد على المتباكين على (لائحة مجلس النواب) يكون بتذكيرهم بأن شرعية التمديد للبرلمان الذي منحته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (المزمنة) في فترة انتقالية مدتها عامين ..وهي المبادرة التي فرضت شرعية الأمر الواقع أو التوافق لمجموعة من الإجراءات والهياكل القانونية والمؤسسية ، تنطبق بالضرورة على هيئة رئاسة المجلس التي هي جزء من البرلمان وجزء من التوافق السياسي وجزء من المعادلة السياسية التي فرضتها تلك المبادرة التي طغت على ما عداها من قوانين أخرى "وبحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية ذاتها" .

لكن المسألة من وجهة نظر شخصية لا تكمن في البحث عن مسوغات قانونية يعلم الإخوان أنها لن تسعفهم طويلا ، وهي أيضا لا تتعلق بجدل قانوني أو دستوري حول شرعية المطالبات بتغيير هيئة رئاسة مجلس النواب لأن ذلك يعيدنا من حيث المبدأ لأصل الحكاية وجدلية (هدر دم "الدستور" واستباحة "القوانين" ثم التباكي كذبا وزورا على "لائحة داخلية" تنظم العمل داخل البرلمان الذي ما زال يخضع بلغة الأصوات للأغلبية) .. فهنالك ما هو ابعد من التنازع على كرسي الشيخ يحي الراعي العائد من الموت بعد تفجير مسجد _ دار الرئاسة وهناك ما هو أخطر من كل هذا الجدل السياسي والصخب الإعلامي.

والسؤال الحقيقي الذي يفرض نفسه بعيدا عن هذه الجدلية الطارئة مؤخرا وربطا بتحركات إخوانية أخرى (استثنائية) و(غير بريئة) وربطا كذلك بالمعلومات التي رشحت عن أموال رصدت لشراء ولاءات ومساومات وصفقات تعقد وملايين تضخ للإطاحة بالرئاسة وتصعيد رئاسة "جديدة قديمه" للبرلمان .. السؤال هو: (لماذا كل هذا الاهتمام الاخواني بالسيطرة على رئاسة برلمان (انتقالي) محكوم أداءه خلال العامين القادمين بمبادرة توافقية ومناخات توافقية ومسيطر عليه بـ (أغلبية مؤتمريه) ستبقى صاحبة اليد الطولى والصوت الأعلى تحت سقف البرلمان سواء بقيت رئاسة المجلس أو رحلت .

وبلغة اقرب، ما الذي سيجنيه الإصلاح وأولاد الأحمر من السيطرة على رئاسة البرلمان ..ولماذا ترصد مئات الملايين لهذا الانقلاب الهادئ تحت قبته .. ولماذا يثار هذا الموضوع أصلا في هذه الفترة الانتقالية والحرجة من تاريخ اليمن ؟!.

الإجابة على هذا السؤال ومع سهولته على أهل القانون والساسة ومن خبروا دهاليز السياسية يكشف عن النصف الخفي والشق الأخطر من المخطط الاخواني وراء سعيهم السيطرة على رئاسة البرلمان ، ويكشف كذلك أن هذا التنظيم وحلفاءه في المخطط الانقلابي (الفاشل) لم يفقدوا الأمل بعد وما زالوا يراهنون على السلطة ويلهثون خلف كرسي الرئاسة .. بعد أن اضطروا مجبرين تحت ضغط فشل خياراتهم داخليا في "الحسم" من جهة وتصاعد الضغط الخارجي عليهم من جهة أخرى ، اضطروا للقبول بالانخراط في مسار التسوية السياسية المتمثلة بالمبادرة الخليجية من باب (التكتيك) ودعم الرئيس المنتخب هادي من باب (المناورة السياسية) والإتجاه لكسب ساحات جديدة ومواقع متقدمه لإدارة المخطط "القديم" "الجديد" في الانقلاب على الشرعية والاستيلاء على السلطة كـ (هدف نهائي ومقدس) يسعى الإخوان لتحقيقه في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية وعبر سيناريوهين :

السيناريو الأول فتتلخص فكرته في محاولة الدفع باللواء المنشق علي محسن الأحمر لموقع "نائب رئيس الجمهورية" عبر ضغوط تمارسها أحزاب اللقاء المشترك وتحديدا (تنظيم الإخوان المسلمين) على رئيس الجمهورية مره بالترغيب عبر عروض بالمؤازرة والدعم والمساندة ومره بالترهيب عبر رسائل لا تخطئها العين من خلال السيارات المفخخة وتصعيد الساحات وتحريك الشارع والتظاهرات والاعتصامات التي وصلت أسوار منزله ، وكأنها تضع رئيس الجمهورية بين خيارين لا ثالث لهما إما التسليم بضغوط الإخوان وتعيين علي محسن الأحمر بموقع الرجل الثاني في الدولة أو تعطيل التسوية السياسية ونسفها من جذورها والعودة بالبلاد للمربع الأول .

وفي حال فشل السيناريو الأول برفض المشير هادي التسليم بالضغوط متكئا على (الدعم الشعبي) الكاسح الذي عبر عن نفسه بوضوح في الإقبال المليوني على صناديق الاقتراع ومعولا على (الشرعية الدستورية) التي انتزعها في انتخابات مباشره بالإضافة للدعم الخارجي (الإقليمي والدولي) الذي لم يتوفر لرئيس عربي من قبل لإدارة مرحلة انتقالية لإخراج البلد من هذا المنعطف التاريخي ، يلجأ الإخوان للخطة البديلة أو (السيناريو الثاني) الذي يجري طباخة تفاصيله على نار هادئة تحت قبة البرلمان وبمبررات أقل ما توصف به أنها "سخيفة" .

أما بطل السيناريو في نسخته الثانية فهو الشيخ حمير الذي يجري الدفع به لخلافة الجريح يحي الراعي على رأس السلطة التشريعية وبميزانية قدرها (خمسمائة مليون ريال يمني) يفترض أن توزع لمائة نائب مقابل أن يصوت كل منهم للرئيس الأحمر بالإضافة إلى أصوات كتلة الإخوان والإشتراكي وكتلة المتقافزين من قطار المؤتمر، وهذه المعلومات نقلها برلمانيون كانوا هدفا لجولات حوار وعروض وإغراءات خلال الأسبوع المنصرم وحتى قبل أن يثير الزنداني منصور موضوع رئاسة المجلس وقبل أن ترفع جلساته، ولسنا هنا بحاجه للسؤال عن سر هذه الاستماتة الاخوانية ولا عن مغزى هذا العبث بالملايين فالموضوع بالتأكيد أكبر من مماحكة سياسية وأكثر من مجرد تصفية لحسابات شخصيه .

إنها قوة المال واللهث خلف كرسي الرئاسة وبريق السلطة .. ذلك البريق الذي ما زال يداعب القوى الانقلابية التي لم تسلم بعد بسقوط مشروعها وهي اليوم تسعى للسيطرة على كرسي رئاسة (مجلس النواب) كخطوة للقفز إلى كرسي الرئاسة .. وحال خلو الكرسي (الأخير) لأي سبب ، وكل الأسباب ستقود لتلك النهاية الدراماتيكية طالما والشيخ حمير الأحمر (الرئيس المفترض للبرلمان) هو الوريث الدستوري والقانوني للسلطة وللشرعية .

ليبقى ما بين أولاد الأحمر الحالمين بـ "كرسي الرئاسة" وحركة الإخوان المسلمين المتعطشة لـ "للسلطة" اختراق ما لمنظومة أمن الرئيس المنتخب وعبوة ناسفة ومسجد وإمام ومنبر وترتيب دقيق ومحكم هذه المرة .
(وإذا عرف السبب بطل العجب)..!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-19776.htm