بقلم/عبدالرحمن بجاش -
قال صديق عزيز وحميم في رسالة سريعة: تحية طيبة، نتابع باهتمام
ونقرأ ما تكتب في « ن... والقلم » واللهَّ أن ما تكتبه في عمودك
هو ما تحتاجه هذه المرحلة وما نحتاجه نحن كأشخاص، فاستمر ولسنا
بحاجة إلى ما يكتبه أو يقوله الساسة والاقتصاديون والفنانون والشعراء
والأدباء وغيرهم، فحديثهم غير ذي جدوى، وكنت أعتقد أنني فقط من
أشعر بالقرف والاشمئزاز عند المرور بجوار قسم أو محكمة.
صديق عزيز آخر أتى إلي ثائراً: يا أخي ما الذي يحدث؟ قلت: خير، عاد
يقول: ماذا حدث لنا، ذهبت إلى تاجر صديق - أعتبره هكذا - طلبت منه
بضاعة واشترطت عليه راجياً أن يكلف أحد عماله بأن يزيل أية إشارة تدل
على المكان الذي اشتريت منه حتى أظل أنا الوسيط لأستفيد رزقاً لي
وأولادي، فوافق مرحباً، وخرجنا راضين باعتبار أن الكل سيستفيد، لأفاجأ
أنه تعمد ترك بعض البضاعة كما هي وفوجئت به وقد اتصل بزبوني
وعرض عليه بسعر أقل!! فثارت ثائرتي ورميت الفلوس في وجهه وذهبت،
ماذا حدث؟ لماذا تحولنا إلى آلات بدون مشاعر؟ قلت: فعلاً ، ماذا حدث؟
ولا أدري لماذا تذكرت مقولة لسياسي أتابعه باهتمام قال في لحظة ما
إننا في هذه البلاد وصلنا إلى مرحلة القرف!! هل بالفعل وصلنا الآن إلى
تلك النقطة؟ فما قالته الرسالة وصديقي التاجر والسياسي يقولان بذلك!!
هل هي بالفعل الآن، اجتماعياً وثقافياً، مرحلة القرف الكبرى، حيث الشك
وعدم اليقين هما عنوانان رئيسيان بارزان في حياتنا؟ نحتاج إجابة، وقد
عاد التاجر يقول: نحن شعب مع الاحترام (...)، أو ما رأيك؟ قلت: لا، نحن
شعب كأي شعب، قال: طيب، والحل أين نذهب؟ قلت: أما الذهاب فلم
يعد لنا طريق للهجرة حتى، لكن ما نحتاجه - وهو الغائب الأكبر - دولة
تعيد تربيتنا، عقد اجتماعي جديد، قال صائحاً: هيا ارجع ابكي لهم مثل
باسندوة، قلت: يا ليت، فدموعه أصدق دموع، لأنه يدرك أين الألم، نحن
بحاجة إلى من يعيد الحصان إلى مكانه ويعيد إصلاح عجلات العربة التي
غرزت في الرمل!!
الدولة يا صاحبي دستور، قانون، حقوق، واجبات، مواطنة متساوية،
ديمقراطية حقيقية، بناء إنسان حقيقي، واسأل مهاتير: أين السر؟ سيقول
لك: في العلم، تغييبها أهدر قيمنا وتراه سيحولنا إلى وحوش!! وهناك من
تعمد أن تظل الأمور شؤون قبائل أو شؤون مشائخ إلى الأبد!! هناك من
يريد تيئيس الناس من كل شيء، لكن السؤال الأهم: أين نحن؟؟