لحج نيوز/تقرير: محمد سالم - العملية الانتحارية التي نفذها تنظيم القاعدة في "ميدان السبعين"؛ أظهرت التيار الديني داخل تجمع الإصلاح في موقف محرج؛ فهذا التيار كان، حتى يوم تنفيذ العملية، يطالب بإيقاف الحرب على تنظيم القاعدة، والدخول معه في حوار. والحقيقة أن تنفيذ العملية الانتحارية حمل رسالة واضحة وصريحة: هؤلاء هم من يدافع عنهم الجناح الديني والقبلي والعسكري في حزب الإصلاح.. يقتلون اليمنيين بهذه الطريقة البشعة وغير الأخلاقية. لهذا سارع هذا التيار إلى مواصلة حمايته لتنظيم القاعدة عبر توجيه تهمة ارتكاب جريمة التفجير نحو "نظام العائلة"، واستمر هذا التيار في توجيه التهمة نحو علي عبدالله صالح وعائلته رغم تبني "القاعدة" للعملية، وأبعد من ذلك تم استخدام شباب الثورة للدفاع عن تنظيم القاعدة. وأمس الأول؛ حاول هذا التيار الدفاع عن تنظيم القاعدة عبر تقديم تبرير للجريمة التي ارتكبها في ميدان السبعين عشية 22 مايو الجاري، إذ قيل، في بيان منسوب لـ"القاعدة"، إنه (أي تنظيم القاعدة) أرسل الانتحاري لتنفيذ عملية التفجير في مكان آخر في العاصمة، والأمن القومي هو من دفع به (الانتحاري) لتنفيذ العملية ضد الجنود في "ميدان السبعين"! هذه محاولة لتخليص تنظيم القاعدة من الجريمة تماشياً مع الحملة التي نفذها لصالحه ناشطون محسوبون على حزب الإصلاح، الذين حاولوا حرف الغضب الشعبي الموجه نحو "القاعدة" عبر توجيهه نحو "نظام العائلة". فرغم أن تنظيم القاعدة أعلن تبنيه للجريمة؛ أخذ التجمع اليمني للإصلاح يوجه الاتهام نحو "نظام العائلة" باعتباره من يقف خلف الجريمة، ثم عمل الإصلاح، وبدعم من حميد الأحمر، على تسمية الجمعة الماضية بـ"جمعة لا لإرهاب نظام العائلة"، وكل هذا كان بمثابة دعم كبير لتنظيم القاعدة، فيفترض أن عملية التفجير ستعمل على تكوين رأي عام شعبي رافض ومدين لتنظيم القاعدة وعملياته، وهذا سيؤدي إلى فرض نوع من الحصار الأخلاقي والمجتمعي عليه، غير أن الحملة التي قام بها تجمع الإصلاح، حرفت مسار الرأي العام عبر توجيه أصابع الإدانة نحو علي عبدالله صالح وأسرته. علي عبدالله صالح دمر البلاد، ويعمل على إعاقة الانتقال السلمي للسلطة، لكن علينا أن نفصل بين ذلك، وبين ما يقوم به تنظيم القاعدة، وعلينا أن نعرف أن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب جراء ما يقوم به تنظيم القاعدة بنظام صالح، محاولة تُحدث حالة من التمييع تحمي الإرهاب وتمده بالقوة.
نعرف علاقة حزب الإصلاح بتنظيم القاعدة، وهي وإن لم تكن علاقة رسمية مباشرة بالإصلاح كحزب، فهي قائمة مع قيادات وكوادر وقيادات تابعة للإصلاح. فقيادات في الإصلاح حالت دون إقدام "أنصار الشريعة" على إعدام الجنود الأسرى الـ72، وهذا أمر يحسب لها، لكنها قامت بذلك بدافع الحرص على سمعة تنظيم القاعدة، وهذا الحرص ذاته هو الذي دفعها إلى حرف الغضب العام من "القاعدة" نحو "نظام العائلة". وتسمية الجمعة الماضية بـ"جمعة لا لإرهاب العائلة"، تؤكد أن الإصلاح يعمل جاهداً على حماية تنظيم القاعدة، فاللجنة التنظيمية لساحة التغيير يسيطر عليها الإصلاح، وهو من وقف خلف هذه التسمية التي تحمل استخفافاً بالغاً بشباب الثورة وبالشعب اليمني.
حاولت قيادات في الإصلاح دفع "القاعدة" للتمسح بشباب الثورة في الساحات، حتى إن تنظيم القاعدة أورد، في البيان الذي تبنى فيه عملية التفجير في "ميدان السبعين"، عدة أسباب لتنفيذه عملية التفجير، بينها الانتقام من النظام كونه قتل شباب الثورة في الساحات! هكذا أصبح الإرهاب دفاعاً عن شباب الثورة!
كانت عملية التفجير في "ميدان السبعين" فضيحة أخلاقية للقيادات الإسلامية التي مارست، خلال الأشهر الماضية، الضغط على رئيس الجمهورية، عبد ربه منصور هادي، لإيقاف الحرب على تنظيم القاعدة، والدخول في عملية حوار معه، بحجة أن الدولة تتحاور مع الحوثيين. ونعلم جميعاً أن التيار القبلي والديني والعسكري داخل تجمع الإصلاح استمر في ممارسة الضغط على هادي بهذا الخصوص، إلى درجة أن هذا الأخير أكد، مؤخراً في تصريح صحفي مفاجئ، رفضه لأي حوار مع "القاعدة". قاد هذه الحملة رجال دين وقادة عسكريون وتجار، على رأسهم حميد الأحمر، وانتهت هذه الحملة بمحمد عبدالمجيد الزنداني، ورجال دين آخرين، إلى إصدار فتاوى للجهاد في أبين، بحجة أن هناك جنوداً أمريكيين يقاتلون المسلمين في أبين! والحقيقة أن "الجهاد" في أبين لا يعني إلا حشد مقاتلين ومليشيات، والدفع بهم للقتال ضد الجيش اليمني في أبين.
هناك معلومات تُثبت تورط حميد الأحمر في دعم تنظيم القاعدة عبر إرسال مبالغ مالية له بواسطة شخصيات دينية تعمل كهمزة وصل بين الإصلاح و"القاعدة"، وهذه الأموال وصلت إلى "القاعدة" في جعار وشبوة. والحقيقة أن هذا الدعم يأتي في سياق استخدام مقاتلي "القاعدة" لمواجهة النظام في أرحب، كما أنه يأتي في سياق محاولة استخدام "القاعدة" في مواجهة جماعة الحوثي، ويبدو أن العمليات الـ3 التي نفذها تنظيم القاعدة، الجمعة الماضية، ضد الحوثيين في صعدة والجوف ورداع، جاءت كتأكيد للدور الذي يراد لتنظيم القاعدة أن يلعبه خلال الفترة القادمة. عملياً؛ هناك تقارب نفسي وثقافي بين كثير من قيادات الإصلاح ومقاتلي تنظيم القاعدة، وهذا عائد إلى انتمائهم إلى ذات المدرسة الوهابية القائمة على تكفير الآخر.
من الواضح أن حميد الأحمر يريد إغراق الحوثيين بمواجهة دم مع "القاعدة" تحد من توسعهم داخل قبيلة حاشد، وهو التوسع الذي يسير بوتيرة عالية، ويُهدد حميد الأحمر بمصير عثمان مجلي وصغير عزيز، اللذين لم يعد بوسعهما دخول صعدة أو "حرف سفيان" اللتين أخرجهما الحوثي منهما بعد جولات حرب وعمليات قتال شرسة.
تعيش البلاد حالة "ميوعة" سمحت بتحويلها إلى ساحة صراع تستخدم فيها الجماعات الإرهابية بعيداً عن أي اعتبار لأية قيم ومعايير أخلاقية، وهذا الأمر يحول بين الرئيس هادي وبين بناء دولة النظام والقانون. وأرى أنه أصبح على هادي ضرورة اتخاذ قرارات بتغيير علي محسن وأحمد علي عبدالله صالح، ومن إليهم، والعمل على توحيد الجيش، لأن بقاء البلاد في حالة "الميوعة" الحالية يُعد تربة خصبة لصعود وتعاظم دور "القاعدة"، وتوسع الحوثيين كجماعة مسلحة تُهدد الدولة، واتساع رقعة الفوضى، وضعضعة وإضعاف دولة الرئيس هادي.
صحيفة الاولى |