بقلم / احمد هادي العولقي -
من الملاحظ أن ما يسمى بربيع الثورات العربية والذي كان العام 2011مـ . القاعدة الزمنية التي تأسست عليها تلك الثورات قد حركتها في البداية قوى شبابية 70% منها متحررة من أية انتماءات حزبية .
إلا أن تطور حركتها والأحداث التي واجهتها قد جدبت إليها انتماءات حزبية مختلفة كانت السيطرة فيها للأكثر دقة وانضباطا في علاقاتها الداخلية والأكثر تماسكا وعقائدية على صعيدي الفكر والحركة . وفي مقدمتها جماعات الإسلام السياسي التي يشكل ( الأخوان المسلمين ) القسم الأكبر منها كما وحجما وتأثيرا . والتي وظفت قدراتها وإمكاناتها المختلفة لطمس الأهداف الحقيقية التي فجرت القوى الشبابية ثوراتها من اجلها والمشار إليها بإسقاط النظام وإعادة بناء الدولة على أسس مدنية تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لكل أبناء المجتمع . لتتحول تلك الأهداف وتختزل أخيرا في إسقاط النظام . وإيصال جماعات الإسلام السياسي ( الأخوان المسلمين ) الى سدة السلطة بدلا عن الأنظمة التي أسقطت . وحدث دلك في تونس ومصر وليبيا . وتسير الأمور عبر انتفاضة قائمة على الأرض في سوريه . وعبر انتفاضة فبها وتسوية ما زالت في الحقبة الانتقالية كما في اليمن الآن . والتي أوضحت بما لا لبس فيه ان أراده إقليمية ودولية فاعله قد دعمتها عمليا في الميدان وسعت إعلاميا وسياسيا الى تهيئة المناخات وحشد وتعبئة الرأي العام من اجل إيصال جماعات الإسلام السياسي وتحديدا الأخوان المسلمين الى مواقع السلطة واطر اتحاد القرارات الإستراتيجية والمستقبلية في البلدان العربية التي شهدت الربيع المقصود.
وإذا كان المرحلة الانتقالية في ربع فترتها المحددة بعامين وخطوات التسوية لم تحسم بعد مسألة إيصال قوى الإسلام السياسي ( تجمع الإصلاح ) الا جزئيا فان الأخوان المسلمين في اليمن من خلال التجمع اليمني للإصلاح يعتبرون ان مأل السلطة في البلاد حتما هيا إليهم وحدهم . فهم استنادا الى العديد من المؤشرات يستعدون لتولي السلطة كليا في نهاية المطاف ويعملون على بناء دولتهم من اللحظات الأولى التي باشرت فيها خطة التسوية حركتها السياسية على الأرض . مستخدما وسائل الترغيب والترهيب عبر المواد التموينية والمالية والمليشيات المسلحة في كل مناطق اليمن وفي الجامعات والوزارات والمؤسسات المختلفة .
وفي الأيام الأخيرة طغى صوت تجمع الإصلاح الخاص خارج اللقاء المشترك من خلال مطالبات مشائخه بالدولة الدينية والمرجعية الدينية للحوار الوطني . وتبنى باسمة مطالب تعديلات وزارية تشمل حقائب شركائه في المشترك . وفتح جبهات مواجهه مسلحة في بعض المحافظات أبرزها مع الحراك الجنوبي في المحافظات الجنوبية . وخاصة في عدن عبر المحافظ الذي يطالب باستخدام العنف المسلح ضد أبناء المحافظة عموما والحراك الجنوبي خاصة من اجل تمثيل مخطط حزب الإصلاح الذي ينتمي إلية . وبذلك يبدو الإصلاح مستضما مع ثوابت كل حلفائه في المشترك . ما جعل تصدعات داخل المشترك تطفوا على السطح معلنه ان الإصلاح أدار ظهره للتحالف متخذا مسارا أحاديا لتعزيز بناء المساحة الخاصة ونسب تمثيل في قوائم الحوار تمنحه صوتا أقوى بدون المشترك ان لم يكن في مواجهته . وعليها ( أحزاب المشترك ) ان تبلور مشروعها الخاص بدلا من التذمر والاستمرار في خدمة مشروع الإصلاح الأحادي قبل ان تجد نفسها خارجة لا تملك شيئا على الإطلاق . بل على الجميع ان يتنبه إلى مخاطر ما يقوم به تجمع الإصلاح في بناء دولته من الآن . اذ ان أهدافه ووسائله البعيدة عن منطق الحرص والمسؤولية ستؤدي الى كوارث سياسية وصدامات عسكرية مسلحة وتفكك اجتماعي وجغرافي يهدد وحدة الدولة والمجتمع . وعلينا ملاحظ وفهم ما تجري من صدامات مسلح في محافظات تعز وعدن والجوف وصعدة وحجة وحضرموت والحديدة . ويكاد يكون الأسلوب واحدا هنا وهماك وهو التوظيف السياسي غير المسئول من مليشيات المسلحة .
ومن اجل تحقيق أهدافه فيما بعد إيصاله إلى السلطة ولتمثيل الشباب في الحوار الوطني احضر الإصلاح شبابه .
ولتمثيل الحراك الجنوبي انشأ مجالس قوى ثورية . وفي الجوف حجة يقاتل الإصلاح ويحرض على حرب ضد الحوثيين ليمثلهم في الحوار . متناسيين ا ناسكات الخصوم بالرغم أسمة ( عدو يتآمر على الجميع )كانت طريقة مفيدة في الماضي ولا كنها اليوم لم تعد كذلك . بدليل ان الإصلاحيين بكثرة كدبهم لا ينجحون في تحريك كل من هم في الخيام داخل الساحة ولذلك يرجعون من جولتهم الشوارعيه خائبين ولكن متحفزين بجولة عنف جديدة في الساحة ضد بقية المكونات اذا كنا هنا بصدد الإشارة الى ما يفعله الإصلاح ضد الحراك الجنوبي وجماعة الحوثيين فان الآمر قد تحول من خلال الوقائع الى صراع عقائدي ومسلح في عملية المقصود بها إخضاع قسري من قبل الإصلاح لهده الأطراف لأهداف سياسية وإقصائها هائيا من الطريق التي يسير عليها الإصلاح لبناء دولته . خصوصا وان المحافظات الجنوبية تمثل الكثير للتحالف الشيطاني الذي يترأسه الإصلاح وأطرافه السلفيين ومشائخ الفتوى وأولاد الأحمر والفرقة المنشقة . فهي مخزن ثروته ومعين حياته بما تمثله من نفط وغاز وتجارة وأراضي منهوبة وأسماء وغيرها الكثير . كما تخشى أطراف دلك التحالف ان يستطيع الحراك الجنوبي تلقائيا بحكم حضوره وقوة تماسكه وباعتباره الحامل للقضية الجنوبية من ان يفشل أي انتخابات قادمة في المحافظات الجنوبية كما ان الحضور القوي في الساحة اليمنية لجماعة الحوثيين قد تعطل طموحات الإصلاح للوصول الى السلطة عبر العملية الديمقراطية ( الانتخابات ) .
أما خروج الإصلاح وحلفائه في مظاهرات الى الشوارع وأمام منزل رئيس الجمهورية للمطالبة بإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن وإعادة بنائهما وفق عقيدة وطنية وولاء للوطن وان هدا ا يقولونه للناس وهدا بمثابة كلمة حق يراد بها باطل . انه الكذب بأبشع صورة لأنهم وفي الجانب أخر وبحسب إستراتيجيتهم لما بعد إيصالهم للسلطة وفي ضل مجهودهم المتواصل والمثابر لبناء دولتهم نجدهم يسعون الى تغيير القيادات العسكرية وعلى مستوى الأفراد الذي زرعوهم في مختلف الوحدات العسكرية والأمنية مند زمن طويل وضمنوا ولائهم العقائدي للإصلاح أولا وأخيرا 0وفي نفس الوقت يقومون بضخ عناصر إضافية جديدة الى الفرقة المنشقة ويتولون عملية إعدادهم كليا لصالح الولاء لهم وقد أشارت تقارير صحفية مؤخرا ان وزير المالية المحسوب على الإصلاح قد اعتمد صرف 8 مليارات ريال رواتب لـ ( 20 ألف مجند ) . وهكذا تكون من وجهة نظرهم طرق إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن بحيث تكون كاملة الولاء لجماعة الأخوان المسلمين واتباعم .
ونستطيع ان نقول إجمالا ان البنية التنظيمية للإخوان المسلمين في اليمن لم تتمكن من تحفيز طاقة أعضائها لاستيعاب التحول الذي أنتجته المبادرة الخليجية والتوافق السياسي الناتج عنها . بحيث يكون فعلهم عاملا مساعدا لإنتاج السلام باعتباره الطريق الأكثر جدوى للملمت وطن مشتت ينقسم على نفسه .
فمن يتابع مسارات حركتهم سيلحظ أنهم يديرون معركة كبرى ضد جميع الأطراف علنا وسرا . ويمارسون السياسة بواقعية المستبد . ليسوا مهتمين ببناء التلاحم أو المحافظة على وحدة المجتمع باعتبار ذلك المدخل الأكثر جدوى لانجاز التغيير . ومن الواضح ان التغيير الذي يريدون انجازه يتمثل في إلغاء كل من يختلف معهم لفرض هيمنه كليه على الدولة والمجتمع بع ان كانوا وينظرون الى التسوية السلمية آلية لتحقيق أهدافهم التي ترعاها وتدعمها الإرادة الدولية بدرجة أساسية .
وهنا نود الإشارة الى انه ورغم الصلاحيات المطلقة التي يحظى بها الأخ الرئيس بحسب المبادرة الخليجية واليتها . يمارس المبعوث الاممي وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في اليمن مهام تنفيذية للمرحلة الانتقالية . ويتولون إقناع أطراف الأزمة السياسية بل ( يفرضون ) أجندة الإصلاح والفرقة المنشقة في تسيير المرحلة الانتقالية . وواضح التنسيق بين القوى الأجنبية وهي القوى الاستعمارية التي تهيمن حاليا على القرار السيادي لليمن وتحكم اليمن اليوم بصورة فعليه وبين حزب الإصلاح . وكيف ان هده القوى تحاول ان تفرض علينا أجندة حزب الإصلاح والفرقة المنشقة والمشائخ الدينيين . وان العملية برمتها يراد لها ان تصل الى مرحلة تسليم السلطة الى هدا التكتل الخليط من الأخوان المسلمين والتابعين لهم عقائديا حتى تكتمل حلقات مسلسل القوى الاستعمارية التي تمت في تونس ومصر وليبيا . والتي تم فيها إيصال من يطلق عليهم غربيا الإسلاميين المعتدلين الى السلطة في بلدان ثورات الربيع العربي . وفقا لرؤية راسمي الاستراتيجيات الدولية لمراكز اتخاذ القرار . ومن ان وصول أولائك الإسلاميين الى مواقع السلطة بل دعمهم وتمكينهم من دلك لا يهدد المصالح الإستراتيجية الكبرى لها . والأساسية في دول الشرق الأوسط ولا يعد دلك خطرا على الأمن القومي لأي من الدول الغربية المذكورة فوق ان دلك يعد جزءا أساسي من تحسين صورة الغرب لدي شعوب المنطقة وإلغاء حجج ودعاوى العداء التاريخي بين الإسلام والغرب . وجملة أخرى من الأهداف المنظورة والغير منظورة .
وما يلفت النظر أخيرا انه وبرغم أقوال وأفعال وسياسات واستراتيجيه حزب الإصلاح والتي تعد أمورا أحادية وإقصاء واضح لشركائه على مستوى اللقاء المشترك . فان مواقف حلفاء الإصلاح في هدا التكتل لا ترقى الى مستوى مواجهة مشروع حزب الإصلاح بمشروع أخر خاص ببقية أحزاب اللقاء المشترك قابل للمواجهة وفرض الإرادة والانتصار لها مع قدرة على البقاء والاستمرار . واكتفت تلك الأحزاب بمجرد المواقف التي لا تقدم ولا تؤخر عبر بياناتها التي مثلت مواقف سلبية لا ترقى الى مستوى المطلوب الايجابي القادر على التأثير والقابل لان يتحول الى أفعال متحركة تفرض توازنا فعالا للقوى على الأرض . ولعل اخر تلك البيانات عديمة الجدوى بيان الحزب الاشتراكي . فقد جاء رد الفعل داك بما يندرج تحت بند رفع العتب فقط ولم يحدد موقفا تؤدي إلى إبلاغ رسالة واضحة لكل اللاعبين بالساحة السياسية ممن يبنون دولتهم وشركائهم يعرفون دلك . وهدا معروف عن الحزب الاشتراكي فقد اعتاد ( البكاء والشكاء ) في كل مراحله . وسوف يجد نفسه مع بقية أحزاب اللقاء المشترك ( يخرجون من المولد بلا حمص ) وعندها ( لا بكى ينفع ولا شكوى تفيد ؟؟ )