بقلم/عمر مكرم -
حين سحبت ثورة الربيع العربي خطاها الى اليمن ونقلت قناة الجزيرة قضها وقضيها الى هذا البلد الآم.. بلد الايمان والحكمة .. وجدت بعض الاصوات الناعقة طريقها الى اذان الناس لتلوثها بالكثير من السموم الدعائية الموجهة وبالكثير من المغالطات الكاذبة الهادفة تغليب الانا على الصالح العام.. ولا ننكر ان فترة الازمة السياسية التي عاشها يمننا الحبيب في العام 2011م قد منحت اولئك فرصة -ماكانوا يحلمون بها- في الجلوس على كرسي الدجل والشعوذة و«الهلس» على عباد الله الطيبين وتحقيق المثل القائل: «اكذب.. اكذب.. اكذب حتى يصدقك الاخرون..» وهكذا كان لهم ما ارادوا حين هدروا -في النفس- هدير عنتر وصدقهم الطيبون.. أو لنقل انهم تعاملوا معهم من منطلق القول: اعط الكذاب لحد باب الدار!!
وهكذا تعملقوا وهم الاقزام.. وهكذا صورت لهم نفوسهم المريضة انهم قد نفثوا سمومهم في صدور اخيار الوطن ورجالاته المخلصين.. وان حقد الشعب سيصب على هؤلاء وسيدعهم في غيهم الذي يقوده اعلامهم الاصفر المقزز المؤذي للاذن!.
لكن هيهات .. فطال الزمن او قصر تظل الحقيقة راسخة رسوخ الجبال .. والكذب مهما حاول ان يتوارى اصحابه تكشفهم اشعة شمس الحق والصدق ويكونون تحت مجهر الحقيقة.
هكذا يخبرنا الواقع اليوم -كما حاول تأكيد ذلك بالأمس شيخ الصحافة العربية هيكل- حين أكد ان لا ثورة في اليمن.. وانما هي قبيلة تريد ان تحل محل الدولة.. ولم يرد احد حينها ان يصدقه.
فما الذي نعيشه اليوم؟.. وما الذي استخلصناه بعد مرور ما يقرب من عشرة أشهر؟.. كل اولئك المتشدقين المشروخة اصواتهم في وسائل اعلامهم الرخيص المبني على الزيف والتضليل والذي يواجه اليوم ازمته في التعاطي مع الواقع .. والذين استطاعوا ان يسرقوا طموحات الشباب واستحقاقاتهم الوطنية .. واولئك الذين استطاعوا ان يتبوأوا المشهد السياسي على اكتاف اصحاب الفعل الوطني.. جميعهم صاروا اليوم وجها لوجه أمام زيفهم وكذبهم وتضليلهم حتى صارت لغتهم خرساء في مواجهة هذا الواقع الذي كشف ليس تسلقهم وركوبهم موجة التغيير ولكن نواياهم السيئة في الاستغلال البشع لمشاعر الناس الطيبة وحقهم في البحث عن حياة آمنه مستقرة .. فبعد ان ركبوا الموجة وتصدروا المواجهة.. وتسيدوا المشهد.. ها هي فضائحهم تزكم الانوف .. وتثقل الصدور وتقض المضاجع وبدلا من ان يكون الشعب هو صاحب المصلحة في التغيير .. صار أولئك هم أصحاب أكبر الفائدة في رأسمال الوطن بعد ان تخطوا كل العقد.. وتجاوزوا كل الممنوعات والغوا جميع مقومات النظام والقانون.. وما عاد كشف وثائق عفونتهم يهمهم في شيء طالما وهم قد امسكوا بتلابيب السلطة على اشرعة الربيع العربي وقناة الجزيرة وأسنة الرماح القطرية.
فلماذا يشكي الشعب اليوم ويجترح مآثر الأمس؟.. ولماذا ينظر بأسى الى ما آل اليه حاله في مختلف جوانب الحياة.
وكيف انكفأت الاحزاب السياسية في الساحة اليمنية على نفسها وراحت تولول على ما اصابها من ذبول ومن تجاهل متعمد وهي الشريك والمناصر خلف فلول الغزو الربيعي.
ما الذي يمكن ان يقوله اليوم ياسين سعيد نعمان بعد ان غادر قاعة المجلس الوطني مجروحا.. خائب المسعى تلاحقه نابيات حميد الاحمر التي تتهمه بالتآمر لصالح الرئيس عبدربه منصور هادي؟. ولماذا بعد كل هذا صار صوت الدكتور الحكيمي مختنقا شاحبا وعلى غير اتجاه؟.
عشرة أشهر جوفاء.. خاوية.. لم نلمس خلالها ما ينبئ بغد قادم او تحول مأمول صار لون البهجة اسود .. وصارت كل الاحلام كوابيس شتاء بارد.
فاذا كان ذلك هو حالنا بعد إعادة توزيع المناصب والمكاسب والمغانم.. واذا كان ذلك هو حالنا ونحن نتفرج على دولة لا يتفق فيها الوزير مع رئيس حكومته ورئيس جمهوريته واذا كان ذلك هو حالنا ونحن نودع ابسط أسس خدمات الدولة الوداع الاخير المصحوب بمارش الجنازات الوداعية الرسمية لكل مقومات الدولة.. فماذا بقي لنا.. وكيف لنا ان ننتظر القادم؟ حتى وان كان ذلك القادم هو مؤتمر الحوار الوطني.