بقلم/ مصطفى قطبي -
تسارع الأحداث حول سورية على نحو غير مسبوق، جعل المراقبين في المنطقة والعالم يدركون أن المؤامرة الدولية التي خطط لها من زمن طويل، لن تتوقف حتى يسقط أحد طرفيها، إما سورية التي تستمد قوتها من إرادة الشعب المتمسك بوحدته الوطنية والمصرّ على مواجهة المؤامرة وهزيمتها مهما كان الثمن، أو المشاركون فيها من دول ومنظمات وهيئات دولية وإقليمية وعربية ومجموعات العملاء المرتزقة المنتشرين في العديد من العواصم الغربية والعربية الذين يرفعون لافتات المعارضة وحقوق الإنسان ويتباكون على سورية الوطن والشعب في مؤتمرات واجتماعات ينظمها لهم بشكل مفضوح وفج وزير الخارجية العثماني برعاية الجهات الممولة لخيانتهم وعلى رأسها مشيخة قطر وإلسعودية الوهابية.
هذه الحقيقة التاريخية لم يدركها بعض محترفي السياسة الجدد والداخلين على خطوطها الحمر، فسورية بهذا المعنى الاستراتيجي هي أكبر من الجغرافيا وفي قلب وعمق تاريخ المنطقة الذي يتجاوز مفاهيم البراغماتية الجديدة على قاعدة الآن، أو هنا، وهو ما يحاول بعض الطارئين على المشهد الإقليمي والدولي تكريسه واستثماره والاشتغال عليه، معتقدين او واهمين أن أبناء وشعوب المنطقة بلا ذاكرة وأن وهج المال قد أصابهم بمقتل وهم بفعلتهم هذه يكونون قد ارتكبوا خطأً استراتيجياً بحق أنفسهم وشعوبهم أولاً وبحق الشعب السوري وقضية العرب المركزية قضية فلسطين، حيث يدرك كل ذي بصيرة أن سر الاهتمام الأميركي والغربي بما يجري على الساحة السورية والدفع بالأمور نحو مزيد من التعقيد وإسالة الدماء وإطالة أمد الأزمة هو جزء أساسي من هذه السياسة التي تسعى لتحقيق أحد أمرين الأول وهو استراتيجي ومؤداه ما أطلق عليه خداعاً (إسقاط النظام) والنظام هنا ليس السلطة السياسية وإنما بنية الدولة وترابطها العضوي، عندها تصبح مقولة إسقاط النظام لهجة مخففة ومزاعم سياسية إعلامية تخبئ في الجوهر تدمير الدولة ـ الوطن وكل ما تمثله من معان وطنية ونضالية ونهج مقاوم وعروبي، أما الهدف الثاني وهو المطلوب حال فشل الهدف الأول فيتمثل في إنهاك الدولة الوطنية السورية اقتصادياً وعسكرياً واستنزاف طاقاتها وإمكاناتها ومحاولة ضرب نسيجها الوطني الذي يعيش حالة وئام وتناغم تاريخي نموذجي والسعي لتحويله الى بلوكات طائفية ودينية متناحرة، ومن ثم تصديره الى دول الإقليم وجوارها المتشابه بنية ليكون أنموذجاً، وهو الخطوة التالية في إطار الإستراتيجية الأميركية الإسرائيلية للمنطقة ولعله فحوى ومضمون نظرية الفوضى الخلاقة التي صاغها برنارد لويس، ويبدو أن تنفيذها قد أوكل لكل من برنار هنري ليفي ومقاولي السياسة المستثمرين فيما سمي ربيعاً عربياً.
لقد تكفل سارقو مقدرات شعوب الخليج، المؤتمنون على نفط ٍ رائحته للعرب وثمنه لأعدائهم، تكفل هؤلاء كعادتهم بتغطية كل فاتورة حرب تقع على الأرض العربية عدا ما يندرج في مجهود الصراع العربي الإسرائيلي، ويكون سخاؤهم أكبر عندما تخدم العمليات العسكرية مصالح إسرائيل.
رغم أن هؤلاء كانوا رأس الحربة في استهداف سورية وفي مقدمتهم وبشكل سافر قطر والسعودية، ومع أن كلا الطرفين لم يرتقيا بدورهما الدولي أكثر من مرتبة التابع، إلا أن أسيادهم في أمريكا والغرب الأوروبي ومن يلوذ بمصالحهم من الدول الناشئة في ظل أزمة اقتصادية دولية كانوا أكثر سفوراً في إعلان مواجهتهم لسورية، وبالغوا، ما زالوا في خروجهم عن الأعراف الدولية في إشهار هذا العداء لدرجة تنصيب أنفسهم أوصياء على الشعب السوري لتحديد شرعية قيادته، والإعلان بشكل سافر أن ثمن استقرار الحكم، وشرعية الرئيس السوري هو تحقيق مطالب إسرائيل.
أما (النطوطة) بين الدول الأوروبية (الديمقراطية)، والثرثرة على القنوات الفضائية المفلسة، والسمسرة على دماء السوريين في أسواق البورصة الفتنوية، والحركات البهلوانية لبعض المهرجين (السياسيين) وفتاوى النفاق التي تصدر عن شيوخ الموساد، وصرخات الله أكبر التي يطلقها الإرهابيون وهم يقطعون أوصال رجال الأمن والمواطنين الأبرياء، كل ذلك لا يعني للمواطن السوري إلا شيئاً واحداً وهو: أن الحاقدين هاجموا الوطن، وعلى الجميع أن يتحدوا لمواجهة الخطر، مهما كانت خسائر المواجهة كبيرة فهي ستكون أرخص من الاستسلام لهم.
المواطن السوري الواعي يعرف أن بلده غير مدين للبنوك الأجنبية بقرش واحد، على حين أميركا التي تلقي علينا المحاضرات مرة بالديمقراطية، ومرة بالاقتصاد، مدينة بـ14 تريليون دولار. في أميركا اليوم 46 مليون جائع، 46 مليون إنسان إذا لم تقدم لهم الدولة وجبات الطعام المجاني إما سيموتون جوعاً وإما سيثورون ضد حكومتهم ويهدمون أميركا حتى عظام جورج واشنطن. والدولة تطعمهم ليس حباً بهم، بل خوفاً من ثورتهم. وأنا لم أجد في سورية شخصاً واحداً مهدداً بالموت جوعاً.
عدد العاطلين من العمل في إسبانيا يفوق عدد العاطلين في سورية بمرة ونصف المرة. اليونان أفلست، والبرتغال على الطريق وكل دول أوروبا غارقة بديونها، وانتفاضة الشعب الأميركي لا زالت مستمرة، والاحتجاجات عل الفقر وسوء توزيع الثروة تجتاح عشرات المدن الأوروبية والمثل يقول: فاقد الشيء لا يعطيه. فماذا ينتظر الدجالون السياسيون من الغرب الذي يريد أن يحل أزمته الاقتصادية على حساب شعوبنا؟
اليابان التي تعتبر القوة الاقتصادية الثانية في العالم، 35 في المائة من الأسر الجديدة ليس لها أولاد. وحسب استطلاعات الرأي، فإن تبني كلب أو قطة أوفر من إنجاب طفل. المرأة اليابانية لا تثق بقدراتها الاقتصادية لإنجاب طفل خوفاً من البطالة التي قد تطولها، أو تطول زوجها، أو لخشيتها من فقدان وظيفتها أثناء الحمل. أما في سورية، فالزوجان يلجآن للأطباء إذا لم تحمل المرأة خلال سنة. السر يكمن في ذلك النظام الاجتماعي التكافلي الذي وفرته الدولة للسوريين. ومن لا يصدق، فالسفارات اليابانية أمامه فليسألها.
وفرنسا التي تشفق على الشعب السوري كما أشفقت على الشعب الجزائري فقتلت مليون إنسان، وترفض حتى اليوم مجرد الاعتذار عن جرائمها، وقتلت أفراد حامية البرلمان السوري لأنهم لم يستسلموا لها ومثلت بجثثهم كما يفعل أذنابها اليوم بجثث رجال الجيش والأمن في سورية، بقدرة قادر تحولت إلى مدافع شرس عن حقوق السوريين. أوليس من الأفضل أن تحرص على مصالح مواطنيها؟ المواطن الفرنسي العادي لا يستطيع أن يحصل على حبة أسبرين مجاناً من الدولة، على حين نظام الضمان الصحي في سورية أفضل بألف مرة من النظامين الفرنسي والأميركي.
في سورية يحصل المواطن ـ إن أراد ـ على كل الخدمات الطبية مجاناً بما في ذلك الأدوية المخصصة للأمراض المستعصية كالسرطان والسكري مثلاً. أما ألمانيا التي قضت على كل القوميات الصغيرة على أرضها، وسحقت لغاتها وثقافاتها، وتسببت للبشرية بحربين عالميتين راح ضحيتهما أكثر من 60 مليون قتيل، وأكثر من مائة مليون جريح ومشوه، هذا الوحش الذي اقتلع العالم أسنانه وأظفاره تحولت اليوم بقدرة قادر إلى مدافع عن حقوق السوريين، ورئيسة وزرائها تقلق على الوضع السوري، وسبحان مغير الأحوال.
وإيطاليا التي تقدم إلينا النصح ما زالت أزمة القمامة في مدنها الكبرى تعوق استمرار الحياة الطبيعية فيها لدرجة أن الاتحاد الأوروبي وجه انتقاداته إليها. أما في سورية، فيتأفف المواطن إذا تغيب عامل النظافة يوماً واحداً.
وإنجلترا، وما أدراك ما إنجلترا؟ في القرن 19 احتلت مصر، ومن بين الأسباب التي دفعتها لذلك كانت تهمة خطيرة وجهتها لحكومة سعد زغلول، أتدرون ما هي؟ إنجلترا اتهمت الحكومة المصرية الجديدة بأنها تسعى لإدخال الديمقراطية إلى مصر. واليوم، إنجلترا تدعو للتدخل العسكري في سورية لنشر الديمقراطية. عجيب يا زمن، كنا ديمقراطيين قبل إنجلترا فحاربتنا من أجل ذلك، واليوم، قراصنة الأمس تحولوا من نهب السفن إلى نهب الدول بحجة نشر الديمقراطية. فأول ما يفعله أي نظام ديمقراطي في العالم هو: صياغة دستور للبلاد. وأنا أسأل المسؤولين البريطانيين: لماذا لا يوجد في بريطانيا دستور حتى اليوم؟ ولك الآن أن تتصور بؤس المعارضين المحتمين (بديمقراطية) إنجلترا لدرجة أنهم يدعونها لاحتلال بلادهم.
ولو توقف الأمر بتعليمنا أصول الديمقراطية والحرية، وكيفية بناء دولة عصرية على أميركا وأوروبا لهان الأمر. ولكن ظهر علينا فجأة (معلم) ديمقراطي، وداعية للحرية، ومدافع عن حقوق الشعوب العربية، وأستاذ في نقل الدول من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي، وأظن أنكم عرفتم بأنه رجب طيب أردوغان. أنا شخصياً لا أستطيع إلا أن أنحني أمام مواهبه التمثيلية، ولكن احترام الممثل لا يستوجب مني تصديق الفيلم الذي يمثله. فالأمر الذي لا يخفى على أحد هو: أن أردوغان يؤيد جميع شعوب العالم ماعدا شعوب تركيا. لو تسنى لي رؤيته لقلت له: قبل التنطع لتعليم سورية احترام حقوق مواطنيها عليك تبرئة ذمة أجدادك أمام الشعب الأرمني. عليك تبرئة ذمة دولتك أمام الشعب الكردي، عليك احترام الحقوق القومية لملايين العرب في تركيا، عليك السماح لخمسة ملايين علوي في تركيا بممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وعليك ترك الشعب القبرصي يقرر مصيره بنفسه. وبعد إتمام كل ذلك، يكون لديك الحق الأخلاقي بتقديم النصح لسورية.
واجبي كعربي يهمه تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع تركيا، أن أحذر الشعب التركي من الانعكاسات السلبية لسياسات أردوغان الخارجية غير المدروسة. أردوغان يشارك اليوم في صنع السكين التي ستذبح بها تركيا غداً، فهو يشارك اليوم بتمزيق النسيج الاجتماعي المتنوع في سورية عبر مواقف تمثيلية تليق بالمهرجين والحالمين وليس بالسياسيين الواقعيين، لقد نسي أو تناسى أن النسيج الاجتماعي لتركيا مكون من العناصر نفسها التي يتكون منها النسيج الاجتماعي السوري. وما يحدث اليوم في سورية، سيحدث غداً في تركيا، وبالماضي القريب تفتتت الإمبراطورية العثمانية بالطريقة نفسها، فلماذا لا يفهم أردوغان دروس التاريخ؟
أما السعودية، فبغض النظر عن أنها تكاد تختنق من أموال النفط، فهي تستورد 60 في المائة من حاجاتها الغذائية و90 في المائة من حاجاتها الدوائية، على حين سورية تنتج حاجاتها من الغذاء والدواء وتصدر الباقي. ومع ذلك يتنطع مسؤولوها لتعليم السوريين كيفية بناء دولة عصرية.
في سورية أيها السادة، المرأة أصبحت برلمانية، ووزيرة، ونائبة لرئيس الجمهورية، وأما في السعودية فالمرأة تجلد لو ضبطت تقود سيارة. فالمملكة الوهابية نصف سكانها لا يرون النور وهم يسيرون في شوارعها، وهي حتى الآن لم تبن دار عرض سينمائي واحدة… بل إن مفتيها يحرم رؤية المرأة للتلفاز إلا مع محرّم…
أليس من المضحك أن يتنطع وطاويط العصور الوسطى لتعليم سورية أسلوب الحياة في القرن الحادي والعشرين؟
وأنصح خادم الحرمين الشريفين الذي حوّل الأولى إلى قاعدة أميركية وفرط بالثانية لمصلحة إسرائيل بأن يترك أمر سورية للسوريين، ويخصص لنفسه ساعة واحدة في الأسبوع لقراءة القرآن الكريم ليس لأسباب دينية، بل ليتعلم اللغة العربية. ففي كل خطاباته التي يلقيها يقترف خطايا في حق اللغة العربية، علماً بأن نص خطاباته يكون مكتوباً. ألا يدل هذا (يا خادم الحرمين) على أنك لا تقرأ القرآن، ولو كنت تحسن قراءة القرآن لأتقنت اللغة العربية، ولو كنت تتقن العربية لما أجرمت في حق لغة القرآن. وأنصح شيوخ البيت الأبيض في السعودية أن يعلموا ملكهم اللغة العربية والصلاة قبل أن يعلموا السوريين أصول الجهاد ضد جيش بلادهم.
أما قطر، فمشيخة الغاز التي تجلت روعة الديمقراطية فيها بانقلاب الإبن على أبيه، ووضع نفسه ومشيخته في خدمة المشروع الأميركي والإسرائيلي وتصرف على أساس أنه قوة عظمى لها أساطيلها الضاربة ويجب أن تمارس دورها القيادي في العالم… هذه الأوهام التي جعلتهم الولايات المتحدة الأميركية يصدقونها ويعملون على أساسها دفعتهم إلى التصرف وكأنهم دعاة الديمقراطية. فسياسة وسلوك حاكم هذه المشيخة التي ترتبط بعلاقات ”مميزة” مع ”إسرائيل” وتستضيف أهم القواعد العسكرية الأميركية (العيديد والسيلية)، لا يتناسبان مع معطيات القوة والقدرة الذاتية التي تؤهل للتأثير في مجرى الأمور، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، إضافة إلى أن واقع الإمارة الاجتماعي ذا الطبيعة الأبوية والعائلية المشدودة إلى قعر التاريخ، ونظامها السياسي الذي يعتبر، وعلى غرار شقيقاتها الأخريات، الأكثر تخلفاً في العالم، لا يسمح لحاكمها وحاشيته وغلمانه مجرد الهمس بمصطلحات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وما إلى ذلك من ”بدعٍ وترهات” دخيلة تتنافى مع العادات والتقاليد، وفق منطق الشيوخ والأمراء والمطوعين في بلاد النفط والغاز.
أما الكويت، فقد تحولت فجأة إلى منبر للديمقراطية، وبدأت بإلقاء المحاضرات حول حقوق المواطنين السوريين المشروعة. ”يدافعون” عن المواطن السوري ويحرمون مواطنهم من جنسيته، وأظن أن أول حق للمواطن على الدولة هو، أن يحصل على جنسيتها. سورية منحت جنسيتها لكل من يعيش على أرضها. وتمنح الجنسية لكل أجنبي أقام فيها خمس سنوات. لكن الكويت (المدافعة عن حقوق المواطن السوري). لم تمنح حتى اليوم الجنسية الكويتية لفئة عريضة من الشعب الكويتي والذين يعرفون بإسم (بدون). أي، كويتي ولد أجداده في الكويت وحكومة الكويت ترفض إعطاءهم الجنسية الكويتية. ومع ذلك تحولت هذه الدولة إلى مدافع عن حقوق المواطن السوري، وكان الأولى بها أن تدافع عن حقوق مواطنيها. فالوفاء من عادة العرب، والتنكر للجميل من عادة الأعراب الذين وصفهم القرآن بأنهم أشد كفراً ونفاقاً. هناك من لم ينس الجميل بين الكويتيين، وهم العرب. أما ما يقوله الأعراب فنحن لا نحمّل وزر أقوالهم لإخوتنا الكويتيين.
حقد بعض أعراب الكويت من منافقي البيت الأبيض والموساد الذين يتخفون تحت عمائم الإسلام وصل إلى درجة إصدار فتوى تبيح دماء فئة عريضة من أبناء الشعب السوري. ولم يخجل أولئك المنافقون من اجتزاء الآيات القرآنية وتحريف معانيها لتبرير فتواهم الضالة.
أما الإمارات التي تطالبنا باحترام حرية الرأي في سورية فهي عجيبة العجائب. أولئك الذين لم تتردد في مدارسهم أناشيد (نحن الشباب، بلاد العرب أوطاني، الله أكبر فوق كيد المعتدي، موطني، في سبيل المجد)، أولئك الذين لم يقدموا الشهداء في مقاومة الاحتلال الصهيوني، بل قدموهم في مقاتلة الروس الذين يدعمون قضايا العرب. أولئك الذين لم ينتجوا فيلماً أو مسلسلاً واحداً يمجد المقاومة، أو يرسخ الفكر القومي العربي بل رسخوا إيديولوجيا الإرهاب على أسس دينية، أولئك المطبعون مع إسرائيل المتاجرون بالعروبة والإسلام لا يحق لهم أن يرفعوا صوتهم فوق صوت سورية.
اليوم ونحن نعيش انحسار وانكسار وتلاش المؤامرة العالمية على سورية، أليس من حقنا أن نصرخ بوجه الجميع معلنين حقيقة يجب ألا نمل من تكرارها: أعرابنا المتآمرون، الممولون، المنفذون المنغمسون في كل الفضائح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأعراب القابعون في مراحل ما قبل الجاهلية، هؤلاء الذين استعدوا العالم علينا بأموالهم، بعمالتهم…
هل نحن وإياهم في كفة واحدة، بهوية واحدة، تجمعنا آمال واحدة ومصير واحد…؟
كيف لنا أن نتحدث عن انتماء قومي والشعب السوري هو الذي يدفع الضريبة والدم من أجل كل العرب…؟
ألا يعرف هؤلاء الأعراب أنهم ليسوا في نهاية الأمر إلا محطات صغيرة في مخططات الغرب، محطات عابرة لا تدوم في أحسن الأحوال حتى إلى نهاية استعمالها… اليوم ونحن نشهد المتكالبين والمتآمرين على سورية يبدلون خططهم وأدواتهم ويجربون جميع المنافذ مع محاولات احتفاظهم بخط الرجعة لحفظ ماء الوجه تجد هؤلاء الأعراب بغباء منقطع النظير يعدون لنهاياتهم.
فهل من عاقل في هذا الكون يؤمن أن المتشدقين بالحرية في قطر والسعودية هم فعلاً ديمقراطيون…؟ هل احتلال البحرين وقمع شعبها فعل ديمقراطي…؟ هل إسقاط قطر جنسيتها عن أكثر من 5000 قطري فعل ديمقراطي…؟ ألا يرى العالم ذلك ويشاهده…؟!
إلى هؤلاء الأعراب، ومن أجلهم يجب أن يعقد مجلس الأمن، ويجتمع العالم، وتتحدث منظمات حقوق الإنسان، من أجل حرية شعبنا في السعودية وقطر والإمارات والبحرين ومن لف لفيفهما كان على الجامعة العربية أن تعقد آلاف الجلسات، وتذهب شرقاً وغرباً، وتتحدث عن خطط ومبادرات… من أجل أبناء قطر والبحرين والإمارات والسعودية يجب أن يكون مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية… لن نذكر فلسطين ومآسيها وما حل ويحل بها، لأن إسرائيل تعيش ربيعها النابت على دمنا العربي.
مختصر الكلام، أميركا تستنفر عملاءها بطريقة واضحة وهؤلاء يلبون تحت وهم أن النظام في سورية سوف يتراجع عن مواقفه القومية السابقة، ويغير جلده للحفاظ على بقائه، وهذا ما رددته أبواق الدعاية العربية منذ فترة، لكن الوقائع أثبتت خطأه وسوء مقصد من يرددونه.
وعليه، يجوز الافتراض، وباطمئنان، أن حجم التكالب العالمي والعربي ونوعية هذا التكالب على سورية سوف ينتج تحولات نوعية مهمة يصبح النظام العالمي القائم على شرطي الهيمنة الأميركية والهوس الأوروبي الاستعماري في مهب الريح، فما يجري في سورية هو مقدمة كبرى واضحة الأبعاد والمعالم لصياغة نظام عالمي جديد سوف تفقد القوى المستبدة فيه أظافرها وأنيابها وسوف يتساقط فيمن حول هذه القوى نسق من الكيانات التي نمت خلسة عبر التطبيقات الاستعمارية ولاسيما في منطقة الخليج العربي حيث المشايخ المتصالحون صاروا دولاً ثم استخدمهم المستعمر الغربي كمخالب ومنصات لممارسة الإرهاب والتآمر وبث سموم الفتنة والحقد في نطاق مهمة رخيصة ضد الإسلام والعروبة والإنسانية تقودها مشيختان في مجلس التعاون هما آل ثاني في قطر وآل سعود في الحجاز وكلاهما من معدن واحد ولربما من أصول واحدة وكلاهما بوابة لؤم وبؤرة حقد على الإنسان ولا مجال لاستمرارهما إلاّ عبر الولوغ في المشروع الاستعماري القديم والجديد فهكذا كان جيل الآباء والأجداد في هذه المشيخات وهذا هو الدور المستمر للأبناء والأحفاد في هذه المشيخات مع تعديل بسيط هو أن الآباء الخونة كانوا يميزون بين الجمل والناقة وأما الأولاد فصاروا يتحدثون الإنجليزية.
ليحم الله السوريين من إخوانهم آل سعود الذين لا سعد فيهم، وآل حمد الذين لا حمد لهم، والشعب و والجيش العربي السوري كفيلون بمواجهة أعدائهم.