بقلم/عبد الكريم المدي -
مع كامل الإحترام للأدباء الرائعين وغير المتواطئين مع فكرة ومشروع إضعاف دور ورسالة إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين .. ومع كامل الإحترام والتقدير للأدباء والقيادات عموماً من أصحاب حملة المشاعر الملتهبة والمتحّمسة للحفاظ عليه وإعادة دوره ومكانته للواجهة إنطلاقاً من كونهم منتمون له أولاً : ومؤمنون بالقيم التي ارساها روّاده الأوائل ثانياً : نأسف جداً لما آلت إليه هذه المؤسسة النقابية والإبداعية والوحدوية العريقة التي بدأت تترنح بشكل غير مسبوق أو مفهوم بصورة تسمح بفك الطلاسم وسبر الأغوار وإن كانت هناك بعض الملامح لمشاريع وسلوكيات وأدوات تحاكي أفعال الهدم على غرار تلك المقولة الشائعة ( عليّ وعلى أعدائي )
< لكن دعونا من التنظير والتفلسف الذي يبدو أنه ليس مكانه ولا زمانه ولا سياقه في هذا الشأن , ولندخل لصلب الموضوع ونتحدث بشيء من الشفافية والوضوح نقول : هناك , ومن داخل إتحاد الأدباء , تواطئاً وتوجهاً , ليس لإضعاف دوره فحسب وإنما لإحالته للموت سريرياً وجعله حطاماً وأطلالاً أثرية تماماً كمخلفات الأزمنة الغابرة ..
< وليس من شك على ان العالم العربي واليمن خصوصاً بأغنيائه وفقرائه يواجه تحديات صعبة ومشتركة .. وإن بدت أعراض كل مجتمع مختلفة نوعاً ما .. لكن لا يعني هذا أن تكون شريحة الأدباء والكـُتّاب والمفكرين والفنانيين هي الحائط الأول الأكثر إنحدراً وميالاً .. والمتجّه نحو غبش السقوط وبأعصاب أبرد من الثلج ..!
< ما الحل إذن ؟ سؤال يفرض نفسه علينا .. لإثارته , لعله يجد ُ من المعنيين في إتحاد الأدباء وكل الشرفاء في مختلف الجهات والمواقع صدى من شأنه أن يـُحرك ويحفز الضمائر التي تغط في سبات عميق أو تلك التي تحاول أن تـُجّرب اللؤم والمشاريع الذاتية .. كي تصحو وتتحرك جماعياً في البحث عن قارب نجاة لإتحادنا العريق .. عطفاً عن دوره ورصيده وكيانه الذي يعني للمتطلعين والمبدعين والأنقياء من منتسبيه الكثير من المعاني والقيم والأحلام السامية والنبيلة والبسيطة في آن ..
< على أية حال .. على الصعيد الشخصي - ولا أدري - بالطبع - بموقف زملائي الأعزاء في الإتحاد وأصدقائي خارجه – أنا أؤمن كثيراً بمقولة هامة للكاتب البريطاني ( جرهام جرين ) التي يؤكد فيها : ( بأن أسوأ أعدائنا ليسوا العامة والأميين , مهما كانت فجاجتهم ,, إن أعداءنا الأسوأ هم الأذكياء والعارفون والسياسيون والمثقفون الفاسدون ) وللقارئ الكريم وقيادة إتحاد الأدباء والمجلس التنفيذي والأدباء عموماً حرية وطريقة استكمال الجملة وتحليلها وتأملها بشرط التجّرد من الأنا المتضخمة وحسابات الربح والخسارة ..!
< ومع أنني أجد نفسي هنا مـُحرجاً وشديد الإعتذار والتودد والإنحناء لزملائي وأساتذتي الكرام في إتحاد الإدباء , لكني أعترف بعدم مقدرتي في منع نفس من أن أقسو بعض الشيء هذه المرة وأقول يبدو أن السياسة التي تـُسّير هذه المؤسسة العريقة ,, عرجاء وفاقدة للخمس الحواس مجتمعة بدليل أنها لم تُبد أي ردة فعل إيجابي عدا تبادل الأدوار لتوزيع الوهم.. وخذ لك على ذلك مثالأ .. مثالين .. ثلاثة ما شئت : موضوع وقضية الأراضي التي مضى على الأمر بصرفها للأدباء وتسليم أوراق التمليك للإتحاد أكثر من عشر سنوات وكلما سألنا عن مصيرها نحن الغرباء في هذا الوطن الذي يتفنن فيه جميع النافذين في إيذائنا , رد علينا أحدهم .. خلاص كملنا ولم يبق إلا تقطيع الأرض وتوزيعها بالعدل بين الأعضاء ولقارئي الكريم فك شيفرة عشرات المواعيد من هذا النوع ..! أما أنا فسأكتفي بدمعة أمل لآخر موعد تلقيته من أحد المعنيين الكبار بهذا الشأن .. مع الإحتفاظ برأيي الذي يقول بأنها قد تأتت في الفترة السابقة عشرات الفرص لإستكمال صرفها وتوزيعها بالفعل على الأدباء الطيبيين حتى يشعروا أنهم منتمون لهذا الوطن حقيقة وليس وهماً .. أما المثال الثاني على الفشل المركّب لقيادة الإتحاد فيتجلى في قطعهم الصلة تماماً بالأنشطة والفعاليات عدا أنشطة فرع الإتحاد بصنعاء الذي يقوم بأنشطة وفعاليات بجهود ذاتية ومشهود لها .. متخطياً التثبيط الذي لا ينتهي فقط بعدم صرف الاعتماد السنوي الخاص به .. بل يتعدى ذلك إلى الكولسة و « الحشوش « وهلم جرّه ..!
< وتأسيساً على ما سبق .. لن أكون مبالغاً إذا ما قلت ُ وبدون أي دبلوماسية إن الذين ينظرون لإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين – حسب منهجهم ومشاريعهم ومصالحهم – على أنه كـ ( كعبة آبرهة ) قابلة للإستنساخ هنا وهناك من أجل الكذب بها ومن خلالها وممارسة الزيف .. فهم مخطئون جداً إذا اعتقدوا ذلك وبأن لعنات الدهر لن تصيبهم بالعار وبرص في القيم وجذام في الأخلاق .. والأمر نفسه أيضاً للذين ينظرون لإتحاد الأدباء على أنه خزينة كخزائن قارون أو كعصاة موسى و مثلهم أيضاً أولئك الذين يتندرون ويستخفون بالإتحاد ويتقدمون بمطالب تعجيزية كأولئك الذين يُشبه حالهم قصة البقرة الصفراء والمائدة السماوية المشهورتين في القرآن الكريم .. لذا أجزم قاطعاً ويقيناً كيقيني بعدم تأثر أحد في قيادة الإتحاد بمقالتي هذه – أن كل هؤلاء – مع كل الحب والإحترام لهم – لا يخدمون الإتحاد ولا يخدمون واقع الإبداع والتنوير والعمل النقابي الأرقى والأعرق على الإطلاق .. ومن يخالفني في هذا أو حتى يسكت عمّا يجري للثقافة والإبداع والأدباء إنما يسيء لنفسه ولكل قيم الإبداع والتسامح والتنوير التي آمن بها أو انتجها وحصل بموجبها على شرف الإنتساب للإتحاد أو غيره من المؤسسات التنويرية والثقافية ..
< لكم يُؤسف حقاً أن يظل قطاع واسع من منتسبي الإتحاد يتفرجون على بعض الأخوة والجهات إياً كانت يذهبون بإتحادهم التاريخي إلى الهاوية ونحو العناوين المجهولة .. دون أن يحرك أحد ساكناً .. وكأن الأمر لا يعني أحداً ,
على كل صدقوني كنت أنتظر على المستوى الشخصي أن يتم إدراج 3 أو 4 أسماء من قيادة الإتحاد في القرار الجمهوري الخاص باللجنة الفنية ( التحضيرية ) للحوار الوطني التي شملت ( 25 ) شخصاً من الصور التي نألفها في غالبها الأعم وخلت من أي اسم ينتمي لإتحاد الأدباء أو قبيلة الكُتّاب والمثقفين ..من أولئك الذين نستطيع أن نقابلهم ونناقشهم دون تكلف أو نشرب الشاي معهم عند العم مدهش دون أية حماية أو جعب أو صواريخ ( لو ) وبرغم كل ما قدمه الإتحاد للبلد وللحركة الإبداعية وللسلام وللوحدة الوطنية إلا أن هذا لم ولن يشفع له لدى السياسي الذي وجد سباته الإتحاد فرصة لإستكمال فرصة التجاهل والإستهتار .. صدقوني إن هذا الإهمال والإنتكاسة والتهميش الذي يمر به إتحاد الأدباء وكل من ينتمي للثقافة والفكر والتنوير والكلمة ليس من صنع الصدفة وإنما نتيجة لما فعلناه نحن بأنفسنا وصدق قول الشاعر :
من يهن يسهل الهوان عليه .. مالجرح بيمت ٍ إيلام ُ
< ولا أدري حقيقة أنه من المناسب أن أضيف إلى ماسبق وأقول : إن مانخشاه كأعضاء في إتحاد الأدباء ومهتمين بالشأن الثقافي وبهذه المؤسسة تحديداً هو ان تنطبق علينا 100 % في القريب العاجل مقولة الأديب والمفكر ( بسمارك ) الذي قال نصاً : ( إن الأجيال التي تقوم بالإنجازات المدهشة تتبعها أجيال تقضي على هذه الإنجازات وللأصدقاء الذين قد ربما تذهب بهم خيالاتهم بعيداً حول هذا الأمر ويحملوا المقولة السابقة مالم تحتمل .. أود أن أقول لهم بشكل مباشر هو أن ما قصدته فقط هو : إتحاد الأدباء وإنجازات رواده الأوائل الذين أسسوه وأسسو معه قيم وأركان هامة على مستوى الساحة الوطنية والإبداعية حينما كسبوا إحترام السياسي قبل الأديب والمثقف والكاتب منذ الستينيات وحتى منتصف التسعينات .
< وقبل ان أستأذنكم بالإنصراف وأكفيكم المزيد من وجع الرأس اسمحوا لي أن أضيف وأقول : دعونا يا زملاء .. ياقوم , يا أصدقاء من الحديث المضخّم عن دور الفتن الفتاكة التي أنفجرت داخل المجتمع اليمني خاصة والعربي عامة منذ ما يزيد عن ( 10 ) سنوات ودورها فيما نحن فيه من سفة وشطط و ضغينة وكي لا نضيع الوقت في الأخذ والرد والجدال العقيم في مدى تسببها بإنهيار الكيانات الثقافية الرائدة أو خفوت دورها الذي أوشك على الإنطفاء ومعه إنهيار كامل لمنظومة القيم الجماعية التي تربط أفراد المجتمع بمؤسساته ومكوناته وشرائحه ..!
ففي ظني المتواضع إن جدالاً وشماعات – مهما كانت درجة تأثيرها على الحياة بما فيها المؤسسات الثقافية والإبداعية والبحثية - ليست السبب المباشر في كل هذه الغيبوبة والاستسلام الذي يعشيه الأدباء والكُتّاب والمفكرون والمثقون .. إنما السبب هم هؤلاء أنفسهم والمرء يضع نفسه حيث يشاء ,
< أما كلمتي الأخيرة فهي دعوتي للأعزاء والأساتذة والأسماء الكبيرة في إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين .. لأن يتأملوا معي في مضامين هذه المقولة لأمير الشعراء ( أحمد شوقي ) الذي قال ذات مرة : ( الناس صنفان : موتى في حياتهم .. وآخرون ببطن الأرض أحياء ) .. وبعد الإنتهاء من عملية التأمل عليكم الإختيار بين الصنف الاول أو الثاني ..! وختاماً أقول قولي هذا .. وكلي أمل في التغيير قبل أن يتحّول كل شيء إلى أطلال حقيقية وواقع أكثر قبحاً وفشلاً وفضاضة ..!
ودمتم لإنقاذ إتحادنا أقرب ولحرفي أرحم وأرغب.
[email protected]