لحج نيوز/قصة:صادق الفائشي - نزف الجروح
توطئة
حدثني بالأمس صديق اكن له كل الحب والتقدير ، أب رحيم ذو قلب رقيق وإحساس مرهف .. بدأ يحدثني يريد ان يخفف عن نفسه ثقلها ، وما تعرض له من معاناة بسبب مرض فلذة كبده ، كان يحدثني الرجل على غير عادتي به ، كسير الخاطر متقطع الكلمات جعلني ذلك اتأمل تقاطيع وجهه التي رسمت آلاماً وأخزانا كثيرة كان يخفيها ويبتعد بها عن انظار الآخرين.. لحظت من خلال حديثه وما طرأ عليه في تعابير حزينة تلجلجت بها كلماته لتعكس واقع مرير لمعاناة نفسيه يتعايش معها ذلك الرجل .. يتحدث و كأن هموم الدنيا قد أثقلت كاهله .. سر كان يخبئه جاثم على انفاسه لا يدري من يأتمنه على البوح بما يعانيه من حزن وآلم وحسرة وأي صدر سيتسع لتلك الهموم والمعاناة.. بالرغم من كل ذلك فالرجل كان يظهر امام الاخرين قوي الحرف جزل الكلمة قوي الشكيمة يسعد الجميع الا انه يتعايش في سره مع همومه المثقلة التي يخبئها في صدره بعيدا عن الناس هكذا عرفته..
لقد اشعرني عمق الحزن الذي يخبئه ذلك الرجل بالألم والحزن معا لما يمر به صديقي ولكن ما باليد حيلة غير الدعاء .. الدموع من عيني الرجل بدأت تتساقط ، حاولت جاهدا التخفيف عنه لإخراجه من بوتقة ذلك الحزن بكل ما لدي من عاطفة الاحساس ... وبعد أن هدأ الرجل قصّ عليّ حكايته.....
بداية المعناة .......
بدأ حكايته بتنهيدة محروقة قائلا: لدي ابن هو مثالاً ونموذجاً في الخلق الحسن كلما ذهبت إلى معارفه او تواصلت مع اصدقائه ، كانوا يثنون على خلقه وتفوقه ثناءً جميلاً عظيماً، ويبدون سعادتهم به قائلين : نحن سعداء لأننا رأينا من ربى فلاناً (ويذكرون اسم ولدي )لكن ماذا اصنع وهي حكمتي التى لا تكاد تفارقني ولا اجد لها اضاد ( انا في بلد لا يدوم فيه الفرح طويلا )
لقد بدأ يومي سعيدا من اوله ،الجو في غاية الروعة من الصباح كنت منشرح الصدر طيب الخاطر وقبل الظهيرة هاتفني ولدي الغالي من مقر عمله ، يخبرني انه قرر ان يكمل دينه ، لم اتمالك نفسي من الفرحه وكنت اقفز في مكاني من شدة ا لفرح ، وبدأت ابارك له وأشجعه على هذا القرار. الذي طالما انتظرته .
فبادرته بالسؤال من هي تلك الحسناء التى قررت خطبتها ؟؟؟ .
اجابني بقوله انها فلانة بنت فلان ، وبدأ يوصف حسنها وجمالها ،، انا اعرف تلك الاسرة واصلها وحسبها ونسبها فرحت كثيرا بهذا الاختيار وبدأت اعد العدة للخطبة والعقد .
الحمد لله تمت الخطبة والعقد خلال ايام ،، وكنا في زهونا نطير فرحا بقرب عرس ولدي الغالي ، العيد هو موعد الزواج ليكون العيد عيدين ، لكن لم نكن نعرف ماذا ينتظرنا ، كانت هناك عين حاسد ترقب ولدي تطارده في كل الزوايا ،، هناك شيطان دخل في حياته عكر صفوها بدأ ولدي حزين كئيب قبل عرسه وفرحته ، تغير حاله ولاحظ الجميع هذا التغير . وصلني الخبر من مقر عمله بما حدث له .
كنت اسلي نفسي وأقول ربما ولدي حبيبي وفلذة كبدي ، يمر بحالة شوق بسبب البعد بين فترة الخطوبة والعرس ، او مهموم بسبب تكاليف الزواج .
جاء العيد واقترب مع قدومه موعد الفرح وصار هذا اليوم قريبا جدا كنت احدث نفسي بأنني سأجعل من هذا اليوم يوما تاريخيا لي .
كان العرس ثالث ايام العيد ونحن في طرب وشوق وفرحة لا توصف ، جاء وقت خروج العروس من منزلها الاول الى منزلها الجديد ، نظرت الى ولدي ، كاد عقلي أن يطير مني من شدة دهشتي، ولدي لا يبدو على ما يرام
وخرجت مسرعاً لاستقبال عروسته .. وصلت العروس الى بيتها الجديد وهنا كانت الكارثة لقد رأيت ما لم أكن أتمناه ..
سقطت العروس مغشيا عليها " أغمي عليها "، طار عقلي حاولت أن أستجمع قواي ..حلمي ..حكمتي.. كي لا أفقد اعصابي في تعاملي مع من حولي.. دعوت الله أن ينزل عليّ سكينته، وأن يُفرِغ عليّ صبراً، ، بدأت اقرأ القران والله اعلم بحالي فقد انقلب الفرح الى حزن ،
قررت الرحيل الى من القرية الى مدينة تعز وانا في حال يعلمها الله وفي الطريق اتعبني المسير وأرهقني المصاب ،
فلم استطع المواصلة ، وفي نصف الطريق لجأت الى منزل احد اقاربي كي استرح من واستعيد قواي التي انهكها الارهاق .. قصد من الراحة الى اليوم التالي ومن ثم نكمل طريقنا الى المدينة..
عد يا ولدي
ولدي هو الاخر تأثر بعد سقوط عروسته واصيب بحالة ، اشبه ما تكون بالجنون ، حدثت تغيرات سلبية كثيرة على تصرفاته وأقواله اصبح أبني شارد العقل غريب التصرفاتمرهق النفس متعب الاحساس ، وما ان يعود الى واقعه الا ويصب جم غضبه علي انا وكل من معي بوابل من الشتائم والسباب، وكانت شتائمه خارجة عن اللياقة، تخلو من أدنى درجات الحياء ، تطور الأمر بعد ذلك،حتى صار شديد الانفعال،
لقد كان ينفعل ويعلو صراخه، ويكسر ما أمامه من أغراض، وربما شقّ ثيابه أو لطم وجهه!! فكنت أتمزق حسرة عليه، وأبكي حزناً عليه وخاصة عندما أقارن بين حاله الآن وحاله في السنوات السابقة.ذهبت بولدي إلى كثير من الأطباء النفسيين، وقالوا: إنه يعاني اضطراباً سلوكياً، وعانيت كثيراً كي ينتظم في العلاج، مرة عند مشايخ ومشعوذين ومرات الى عيادات الطب النفسي وهكذا..
لقد كان ولدي ودوداً هادئاً باراً يحبني حباً شديداً، ويحب أمه وإخوته، لكن انقلبت حياته رأسا على عقب....
يتبع
|