بقلم/محمد علي عنبل "ابو نشوان" -
لا اجد مبرراً لفئات او أشخاص من شمائلهم الاعتداء على الآخر وحرمانه من حقه في حياة أمنة ومستقرة.. وما أبشع ان تلتصق العدوانية بشخص أو جماعة، والنماذج كثيرة في الماضي والحاضر.. ولاتزال ذاكرتي متشبعة بممارسات ارتكبها افراد وجماعات ونتج عنها حرمان آخرين من حقهم في الحياة.. والدي رحمه الله نموذج لمن ظلمهم نظام الحكم ربما بسبب ابدائه رأي او موقف إزاء الحكم الامامي الذي عرف بالاستبداد وكان رد الامام بشعاً واجرامياً فلم يكتفي بأعمال الملاحقة والقمع بل عمد الى احراق ممتلكاته ومنزله الكائن في الحدا بمحافظة ذمار، ولا يزال بعض المشائخ والوجهاء يتذكرون هذه الواقعة وما آلت اليه اسرة والدي الذي كان شيخاً مقداماً لا يقبل الظلم وترفض اخلاقه ومنظومته القيمية القبول بأية تصرفات وأعمال فيها عسف وظلم حتى وان كان مصدرها رأس الدولة "الإمام".
لقد نسينا ماحدث من عدوان غاشم مورس ضدنا، وتسبب في تشريدنا لوقت من الزمن لكن شمس الأنفة وشموخ رجولة ونبل الوالد رحمه الله ظلت مشرقة في نفوسنا مبددة ظلمة الخنوع والاستكانة مشعلة جذوة الحب والخير الذي نتمناه للكل.
لا ادري لماذا بدأت مقالتي بهذه الاستهلالة؟ أهي أشكال العدوان المنتشرة على خارطة الانسانية في عالمنا الحديث، أم أنها النماذج المتضادة مع تلك الأشكال والتي تمتلك كل مقومات اعادة الطمأنينة والسكينة الى النفس مبددة بحسنها الصقيل متاعب تصر على مطاردتنا حيث يممنا وجوهنا؟
يبدو من الصعب أن تدافع عن نفسك كونك محق في امتداح شخص جدير بكل المفردات الجميلة في لغات العالم وقد تفر منك اللغة حين تبالغ في سعيك للسيطرة عليها.. وتعود إن حالفك الحظ إلى التلقائية لتغترف منها ببراءة ألفاظاً تتناسب وعمق الجمال المكنوز في شخصية من ترغب البوح له عن مدى المكانة التي يحتلها في روحك وقلبك ومشاعرك.
هكذا اجدني احفظ اسم شخص فيه من صفات النبل مايكفي لأن اعتد بكون القدر منحني فرصة للتعرف عليه.. إنه الشيخ/ عبدالله علي احمد العنبري الحكمي الدياني من ابناء خورة بمحافظة شبوة.
لست أبالغ حين أقول بأن من تقوده الصدف للتعرف على شخص كهذا كظمأن في صحراء مترامية الأطراف تكاد حنجرته تتشظى من شدة العطش لتقوده قدماه المنهكتان الى نبع ماء صاف.. فأخلاقه دوحة خضراء تستفيء بها الأرواح بعد رحلة شاقة مع جدب طويل، وقود كشجرة وارفة الظل.
شخصيته جاذبة ساهم في تشكيلها على هذا النحو تربيته الدينية الممزوجة بثقافة آل ديان وكرم ابناء شبوة.
اعتقد في كثير من الأحيان بأنني محظوظ كون قدري يسير بي صوب اكتشافات انسانية مدهشة.
والتعرف على الشيخ الدياني كنز روحي ودفء يبعث في الحياة اجمل مافيها، ويعيد الى النفس التي كاد الإحباط أن يفتك بها أملاً نظيراً وحيوية ممتلئة حباً ونشاطاً.
وفي رحلة الحياة يمر الانسان بخبرات مؤلمة واخرى سعيدة وفي ظل عالم مزدحم بالسرعة ومشدوه بالتكنولوجيا يأووب الى حصاده فتشرق في الذاكرة اشكالاً جميلة تأويه من صلافة وجلافة مايجري ويدور.. أقول لنفسي: أو ليس احمد سالم علي معطلة العولقي رصيدي الحقيقي الذي اعتز به واحب كل اللحظات التي جمعتني به، واتغلب على كل عثراتي بكونه الرصيد الأبقى والأوفر في ظل زحمة الانبهار بقشور الحياة؟..
وما اجمل ان يتباهى المرء برصيد كهذا، وما اعظمه من رصيد "عولقي" فتح أمامي المجال لاكتشافات مبهرة.. وما الدياني إلا واحدة منها.. شكراً لقدري، وكفاني من الحياة هذا الرصيد.