الأربعاء, 27-يناير-2010
لحج نيوز - 
طبقا لملاحظاتي الشخصية، فإن القوات الأميركية والمخابرات ما كانتا متحسستين تجاه البعثيين والقادة العسكريين، على عكس الحاكم المدني بول بريمر الذي سطّر بمذكراته ما يؤكد تحامله على كل من كان بعثيًا وعسكريًا. وإثارة التفرقة وروح الانتقام بين العراقيين على أساس الطائفة والعرق. وربما كانت تصرفاته سببًا رئيسيًا لرد فعل واسع لحج نيوز/بقلم: وفيق السامرايي -

طبقا لملاحظاتي الشخصية، فإن القوات الأميركية والمخابرات ما كانتا متحسستين تجاه البعثيين والقادة العسكريين، على عكس الحاكم المدني بول بريمر الذي سطّر بمذكراته ما يؤكد تحامله على كل من كان بعثيًا وعسكريًا. وإثارة التفرقة وروح الانتقام بين العراقيين على أساس الطائفة والعرق. وربما كانت تصرفاته سببًا رئيسيًا لرد فعل واسع دفع ثمنه العراقيون والقوات الأميركية معا. فيما كان المبعوثون الأميركيون إلى المعارضة في فترة ما قبل التغيير يؤكدون لنا أن عدد من سيشملهم الحساب لن يتجاوز العشرين شخصًا، وكنت أطالبهم بتقليص العدد إلى عشرة، لكنهم لم يلتزموا بما قالوا.
وقد لا يكون منطقيًا تجاهل حصول متغيرات إيجابية لاحقة - ليست كافية - في النهج الأميركي حيال الأزمة المستمرة، إلا أن العديد من المسؤولين الأميركيين لا يزالون يرددون كالببغاء عبارات تحتم الضرورات مراجعتها. فعندما يتحدثون عن وجود حكومة ديمقراطية منتخبة في العراق يتجاهلون عدة نقاط أساسية، منها: الظروف التي حالت دون مشاركة نسبة كبيرة من القوى الوطنية في الانتخابات، والمداولات الطائفية والفئوية التي تشكلت بموجبها الحكومة، وعدم مصداقية دعوة المصالحة الوطنية.
وحتى لو كانت الحكومة منتخبة، فإنها ليست معفاة من التصرفات المخالفة للمنطق العقلاني ولا من عمليات الاستهداف على الهوية، وما قاله نائب الرئيس السيد طارق الهاشمي الأسبوع الماضي عن وجود معتقلات سرية سيق إليها آلاف الشباب ولا أحد يعرف مصيرهم. ينبغي أن تتوقف عنده الإدارة الأميركية والمؤسسات القانونية والإنسانية. والمفروض التحرك بهذا الاتجاه علنا.
وبخصوص الانتخابات المقبلة، فقد جرى التمهيد لحملة الاجتثاث الكبرى بتصريحات مسبقة لسياسيين تتحدث عن حصول كتل على مليارات الدولارات من دول عربية لتغيير وجهة العملية السياسية. ولم يقولوا ملايين أو عشرين مليونا مثلا! ويعكس هذا التضخيم إضافة إلى الفزع من انتخابات حرة، درجة الفساد المستشري. فهؤلاء ما عادوا يتحدثون بالملايين لأنها أصبحت رقما صغيرا قياسًا بما امتلكوا بعد 2003.
في لقاء مع الفضائية العراقية بُثّ مساء يوم 19 من الشهر الجاري، ونُشر على موقع «راديو سوا»، أشار المالكي إلى أن منع نحو 500 شخصية من المشاركة في الانتخابات لا يقصد به استهداف العرب السنة، وأن 70% من أعضاء حزب البعث كانوا من الشيعة. فهل يعني ذلك التراجع عن اتهام البعث بالطائفية، أم أن البعثي من غير الفئة المستهدفة والذي يقبل العمل تحت هيمنته كان مظلومًا؟
ومن قال إن العرب السنة هم وحدهم المستهدفون؟ هذا كان قائمًا في مرحلة التصادم الطائفي الذي افتعل أسبابه الخمينيون ومن سار معهم من التكفيريين والجهلة. أما الآن، وفي حالة الوعي الوطني واتضاح الحقائق فإن كل من يعارض المشاريع المتحجرة والمتخلفة مستهدف، بصرف النظر عن الحالة التي ولد عليها، شيعيا كان أم سنيا أم كرديا، قبل تطور طائفية الفريق المصغر بإدخال الصفة الفئوية بلون واحد.
إنها هجمة حصرها بعض السياسيين المتضررين باتجاه معين، وأهملوا قول رئيس الوزراء علنا بأنه سيستخدم حقه الدستوري في منع من سمّاهم البعثيين من الوصول إلى قبة البرلمان! ويمكن تأكيد هذا الدور من خلال رصد التصريحات الداعمة للقرارات الأخيرة من فريقه. والحقيقة «الأكيدة» أن الأجهزة الخاصة السابقة كانت لها علاقات واسعة وبمستويات رفيعة (جدا) من الموجودين حاليا في مواقع القرار والتأثير. وعدم التوقف عندها يجعل استهداف القيادات البعثية العليا باطلاً.
عندما تتصاعد الخلافات ينبغي الاحتكام إلى القضاء، والمعروف أن رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد القاضي مدحت المحمود يتمتع باحترام كبير وحيادية مشهودة، لكن المشكلة تكمن في قوى سياسية مهيمنة في الدولة تتدخل في شؤون القضاء، ويوجد من الأدلة «الأكيدة» على التدخلات ما يجعلها قضية كبرى، بحق السياسيين المتدخلين. فإلى من الاحتكام؟
لا تزال الإدارة الأميركية قادرة على فعل المزيد لتصحيح الأخطاء. وقد بدأت ملامح أسطورة التلاحم الوطني بالتبلور نحو نظام علماني. والمصالحة الصادقة هي مع البعثيين، وما قاله الرئيس الطالباني يوم الخميس الماضي عن تأييده لمشاركة البعثيين في العملية السياسية وكل جوانب الحياة، وهو ما أعرفه عنه يقينا، جعله الأكثر تأهيلا لتولي مهمة المصالحة. وعلى الكتل السياسية التوقف عن المبالغة في اجترار الماضي وتكليف الرئيس بهذه المهمة الوطنية من دون قيود. ومن مصلحة البعثيين القبول بذلك وبمشاركة أميركية بريطانية، بعيدًا عن المطالب غير القابلة للتحقق، وعدم التركيز على مفردات ظرفية طارئة. ولتكن البداية مفتوحة ومباشرة بلا وسطاء، ولا ضير من طلب العون من سورية، وليُترك الخيار للشعب في من يحكمه!
ألا توجد شرائح عراقية «كاملة» ترفض بالمطلق حكم فريق الدعوة المصغر لها؟
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 03-ديسمبر-2024 الساعة: 05:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-2413.htm