الثلاثاء, 22-يناير-2013
لحج نيوز - يوسف الحاضري بقلم/- د.يوسف الحاضري -
- (( إن السيطرة تقتضي تجاهل أو تحريف الواقع الإجتماعي ,,, فالدراسة المخلصة والجادة للصراع الإجتماعي لن تؤديا إلا لتعميق الصراع الإجتماعي وتكثيف مقاومو الظلم الإجتماعي ويؤدي إلى تفتيح العقول والرؤى على الواقع المعاش ومن ثم إعداد الخطط للخطوات القادمة والتي تؤدي في النهاية للتحرر من إستعباد الأفكار والواقع والعقول ...ومن منطلق معاكس لهذا الأمر تسعى الشركات ورؤوس المال والإعلام لهذا التجاهل وهذا التحريف لجعل الشعوب في غياب تام عن واقعهم الفعلي إما لإستمرارهم تحت السيطرة أو التضليل العقلي أو كإحتمال أخير توجيههم )).

ولنضرب مثلا لذلك الأمر ماذكره الكاتب "هربلرت شيللر" في كتابة "المتلاعبون بالعقول" :- ماحصل من قناة ال (N.B.C) ومشكلتها مع شركة كوكاكولا للأغذية وإحتجاجها على القناة لعدم إذاعتها لفيلم تسجيلي بعنوان "المهاجر" والذي يصور معاناة المهاجرين الذين يعملون في جني الفواكة في فلوريدا ,,,وتم إرسال التحذيرات للقناة بعدم عرض الفيلم لأنه "متحيز" حسب وصف شركة كوكاكولا للأغذية ,,, ثم تم مطالبة القناة بحذف مشاهد عديده ,,, وفي الأخير لم يتم حذف إلا مشهد واحد وتم عرض الفيلم ,,,, مما جعل من شركة كوكاكولا إلى سحب إعلاناتها التجارية من هذه القناة إلى شركتي C.B.S & A.B.C ,,,,

فعندما نتمعن النظر قليلا لمثل هذا الحال نجد أن الإعلام – غالبا – يسعى لخدمة المسيطرون على الوضع الإجتماعي في مجتمع – ما – من منطلق الملحة الذاتية لأرباب الإعلام وإلا فإنهم سيجدون المضايقات والحرب الضروس عليهم وعلى إعلامهم من خلال رجال المال والأعمال وايضا الساسة هنا وهناك ,,, وهذا ما وجدناه حاليا في الوسط العالمي عامة والعربي خاصة فكم وجدنا من قنوات إعلامية وصحف ومراكز ثقافية ودور سينماء تنهج هذا النهج من خلال خدمة أربابها ومن يغذيهم بالمال حتى أصبحت تجارة الإعلام من أكثر التجارات ربحية وتضاهي تجارة السلاح دخلا وأيضا قتلا ,,, وتجارة المخدرات دخلا وأيضا تغييبا للعقل ,,, وتجارة الأدوية دخلا وتسكيننا أو إخفاءا للمرض ,,, والشواهد على ذلك كثيرة وكثيرة جدا وللأسف كل هذا يصب سلبا في دمار المجتمعات أو إستنزاف الدول أو خرابها أو إسقاطها تحت الهيمنة الخارجية .

فدور الإعلام خطير جدا فيما إذا رهن نفسه في خدمة أشخاص وليس أوطان بيد أنه لو وجدنا إعلام متحرر ولا ينقاد – بدرجة أساسية – خلف المال "رغم ضرورة المادة" ويهدف بشكل سامي لخدمة الأرض والإنسان خدمة تعود بالفائدة للجميع على حد سواء بلا تمييز أو تصنيف وذلك من خلال عمل مماثل لما قامت به قناة N.B.C وتصوير مثلا معاناة العاملين في مجال الإتصالات في اليمن أو العاملين في المصانع الخاصة ومقارنة مدخولهم مع أرباح الشركة وإخراج نتائج التصوير والبحث للرأي العام وتحليل الأمر من جانب يعود بالإيجابية على الفرد الضعيف في هذه الحلقة المتشابكة من رجال مال وساسة وإعلام ومواطن بسيط ,,, أم أن الخوف من سحب الإعلانات التجارية منها كفيل لأن يجعل القائمون على الإعلام صامتون غاضين الطرف عن أي قضية إجتماعية ووطنية !!!

الأمل كل الأمل يكمن في بعض القنوات الناشئة والتي – أؤكد – أنها ستنهج هذه الرؤية وهذا المنهاج ولو بالتدريج ولن تسقط في واقع التضليل الإعلامي والقمع الفكري والتعليب العقلي ,,, وهذا ما نأملة كثيرا ,,, فالصراع شديد بين الباحثون عن المكاسب والمال وإخضاع العقول والبشر من جانب وبين الساعون لتحرير العقول من مستعمريها .

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-24563.htm