لحج نيوز - محمد علي علاو

الأحد, 27-يناير-2013
لحج نيوز/صنعاء -
قال المحامي محمد علي علاو في رسالة وجهها الى اعضاء مجلس الامن عشية اجتماعهم في العاصمة اليمنية صنعا .. مما لاشك فيه أن القرارات الدولية كان لها الدور البارز في رسم ملامح الطريق الآمن للخروج بالجمهورية اليمنية من أزمتها الراهنة الممتدة منذ مطلع العام الماضي.

ونحن كمنظمات مدنية ومن خلال رصدنا للانتهاكات وتقييمنا الوضع الإنساني والحقوقي في اليمن خلال الأزمة وحتى الآن ،ومدى التزام كل الأطراف بتنفيذ القرارات الدولية والمبادرة الخليجية خلال الأزمة ، توصلنا إلى التقييم الآتي :-
-لو أعدنا التمعن في تنفيذ توصيات ومقررات مجلس حقوق الإنسان الصادرة في الدورة 18 في سبتمبر عام 2011م وكذلك توصيات الدورة 19 التي انعقدت في مارس 2012م وقرارات مجلس الامن الدولي ...الخ ،لوجدنا أن أحد أطراف الأزمة اليمنية وهو (أحزاب اللقاء المشترك) لم ينفذ أغلب تلك التوصيات والقرارات على ارض الواقع بالرغم من ترحيبه نظريا بتلك القرارات والتزامه بالتنفيذ ولكن دون جدوى ، حيث أن أعمال العنف والانتهاكات الحقوقية الجسيمة لم تتوقف من قبل ميليشاتهم المسلحة إن لم تكن في تزايد مستمر، ولو دققننا في نسبة الانتهاكات قبل صدور التوصيات في سبتمبر 2011م والانتهاكات ما بعد سبتمبر لوجدنا أن نسبة ما بعد يفوق بكثير.
• رغم مرور أكثر من سنتين من صدور أول توصيات دولية من مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تقصي حقائق وطنية مستقلة بالتوافق وبحسب التزام الحكومة اليمنية بذلك ،إلا أن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق التي التزمت الحكومة بتشكيلها للبحث في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان لم ترى النور حتى الآن بالرغم من تشكيل حكومة الوفاق الوطني بعد توقيع المبادرة الخليجية من جميع الأطراف ،في حين ان القضاء اليمني شبه مشلول ولا يقوم بالتحقيق محلياً في أي انتهاكات حالية نظراً لشلل الجهاز القضائي الوطني وعدم فعاليته ولأسباب كثيرة .
- الأوضاع المعيشية والاقتصادية والإنسانية في اليمن خلال عامي 2011 و2012م وحتى الان سيئة جدا وحتى الآن تذهب من سيئ إلى أسوأ.
- معاناة أهالي الأحياء المجاورة لساحات الاعتصامات لا تزال كما هي بل أنها تتفاقم وبصور شتى الكل يعرفها.، حيث نجد أن الأطراف السياسية كافة المشاركة في حكومة الوفاق الوطني مستمرة في دعمها الاحتجاجات والاعتصامات وجميعها متورطة بانتهاكات حقوق الإنسان وبالذات حقوق أهالي الأحياء والمناطق المجاورين لساحات الاعتصامات، على سبيل المثال في أمانة العاصمة لا تزال الاعتصامات والمخيمات موجودة على حالها في حي جامعة صنعاء وكذلك في ميدان التحرير ، ولا تزال أطرافاً سياسية وتحديدا أحزاب اللقاء المشترك تدعم حركات الاحتجاج بمسميات مختلفة كتلك الموجودة حالياً في صنعاء وتعز غير ابهة بالاضرار الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد الوطني المنهار وتلك الأضرار التي لحقت بأهالي الاحياء المجاورين لساحات الاعتصامات ،وآخرها تشجيع تحريض رئيس الوزراء باسندوه "المنتمي للقاء المشترك" للمعتصمين في ساحة تعز بالبقاء في ساحات الاعتصام ورفض الانتقال وذلك خلال زيارته لمدينة تعز في بداية هذا الشهر 5 |2012م .
- إصرار ميليشيات اللقاء المشترك على بقاء المتارس والنقاط والمسلحين في الشوارع الفرعية في المدن الرئيسية لا يعبر إلا عن أن هناك أهدافاً خاصة –غير معلنة-يتم تعليبها وتسويقها تحت أي شعار ، كما أنه لا ينسجم ولا يتناغم مع طبيعة ومضمون المرحلة الثانية من تنفيذ المبادرة الخليجية، كاستمرار في منهجية تعويم القضايا الرئيسية والقذف بها بعيداً عن دائرة الاهتمامات والحلول الجذرية أو إلى مربعات الصراعات والحروب واستمرار تشويه الوعي السياسي والاجتماعي وتشتيت الطاقات والإمكانات.

- في ملف تجنيد الأطفال تحت سن 18 ، لم يتحقق شئ من التوصيات الأممية بل لا يزال الفرقة الاولى مدرع مستمرة في تجنيدها للأطفال واستغلالها الاستغلال السيئ ، وعلى وجه الخصوص من قبل وزارة الداخلية والفرقة الأولى مدرع المنشقة.

- استمرار السجون والمعتقلات غير القانونية (والسجون الخاصة) ونزلاؤها على خلفية الانتماء السياسي أو الفكري أو المذهبي في تزايد مستمر وبدون أي إشراف قضائي عليها ،وعلى سبيل المثال استمرار حبس المواطنين في الفرقة الأولى مدرع وفي الحبس الخاص بأولاد الشيخ الأحمر ولمدد متفاوتة وبدون أي مسوغ قانوني .

- أحداث العنف والعنف المضاد لم تتوقف بين الأطراف السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية بل ازدادت وتيرتها بشكل مخيف ودخلت أطرافا أخرى وتوسعت لتشمل مواجهات مذهبية ومناطقية ،وبحيث لاتتوقف في مكان إلا لتشتعل هنا وهناك، وتحت ذرائع ومبررات مختلفة.
- ازدياد ضحايا جرائم الصراع المذهبي المسلح في مناطق يمنية عدة من محافظات الجوف وصعدة وحجة بين أنصار حزب الإصلاح وأنصار الحوثيين ، وبشكل يتفاقم وبشكل يهدد أمن واستقرار البلاد، ولعل السبب في المقام الأول هو التوظيف الخاطئ للدين لتحقيق مكاسب سياسية.

وليس هذا فحسب بل أن أعمال العنف والانتهاكات داخل ساحات الاعتصام في تزايد ملحوظ أكان ما بين الشباب من أنصار حزب الإصلاح وأنصار الحوثيين أو بين أنصار الإصلاح وأنصار الحراك الجنوبي أو بين فئات أخرى .

- ازدياد وتضاعف نشاط وحجم جرائم تنظيم القاعدة الإرهابي في جزيرة العرب في معظم مناطق اليمن التي بات يسيطر عليها،حيث تبنى هذا التنظيم الإرهابي الدولي كل جرائم القتل والإبادة الجماعية للمئات من المدنيين وأفراد الجيش اليمني وبشكل ممنهج ومتواصل وبدون توقف ولأكثر من عام كامل، بالإضافة إلى مسؤوليته عن أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي يرتكبها عناصره ضد المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها في اليمن، إذ يرجع السبب في ازدياد نشاط وحجم تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن إلى عدة عوامل لعل أبرزها إحساس عناصر الإرهاب بالأمان وبالإفلات من العقاب وضعف آليات الملاحقة القضائية الفعالة ،واستفادة الإرهابيين من تداعيات الأزمة السياسية اليمنية والانفلات الأمني الذي خلفته وأفرزته من تداعيات سلبية عدة عكست نفسها على القضاء اليمني والذي أصيب بحالة من الشلل والضعف التام وبالتالي عجزه عن ملاحقة وتتبع عصابات الإرهاب وجلبهم أمام العدالة ،وكما هو حاصل في عجزه في جريمة الاعتداء الإرهابي على مسجد الرئاسة اليمنية في 3 يونيو 2011م ،حيث لم يستطيع القضاء اليمني الذي ينظر هذه الجريمة اتخاذ أي إجراء قضائي فعال فيها حتى الآن، -وفي نظرنا- فلن يستطيع عمل أي شي مستقبلا فيها،بالرغم من أن هذه الجريمة الإرهابية قد مثلت أقوى خرق فاضح للأمن والسلم الدولي والإقليمي والمحلي من قبل القوى الإرهابية التي نفذته وشاركت فيه،حيث يعتبر أول جريمة إبادة جماعية يوجه لاغتيال دولة وقيادتها بالكامل وإنهائها من الوجود من اجل السيطرة على السلطة بطريقة عنيفة وبشعة،وذلك من خلال إبادة قيادات ورموز الدولة اليمنية بكامل تشكيلاتها الدستورية ،وإحداث فراغ دستوري وامني كامل في هيكل الدولة اليمنية وبما يتيح لتلك التنظيمات الإرهابية الدولية التي شاركت في هذه الجريمة الاستيلاء على قمة السلطة في اليمن ومن ثم السيطرة على دول الجزيرة العربية والعالم وإغلاق منافذ العالم البحرية ،وهذه الأسباب مجتمعة هي التي جعلت المجتمع الدولي يجمع أمره وللمرة الأولى في تاريخه على إدانة وشجب واستنكار هذا العمل بالإجماع ووصفه بالإرهابي الخطير بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الصادر برقم"2014" بشان اليمن ،وليس هذا فحسب بل سبق وان أدانه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الثامنة عشرة المنعقدة في جنيف بشأن اليمن ،برقم (a/hrc/res/18/19) وتاريخ 29|9|2011م.

- أثبتت اغلب التحقيقات والمعلومات الأولية التي أجريت في كل جرائم الإرهاب السابقة التي حصلت في اليمن عن تورط واشتراك قيادات يمنية كبيرة فيها ومعها عناصر أجنبية وبالاشتراك مع تنظيم القاعدة الإرهابي في جزيرة العرب والذي يتلقى دعم مادي ومعنوي كبير من بعض الدول والمنظمات الأجنبية بحيث يساهموا جميعا في عصابات إرهابية عابرة للحدود تقوم بارتكاب جرائم الإرهاب في اليمن والعالم،وهو الأمر الذي يعني أن جرائم الإرهاب النوعية الضخمة التي حدثت باليمن لها طابع إرهابي دولي وشركاء في شبكات إرهابية داخلية وخارجية ،وبالتالي يكون من الصعب –بل والمستحيل -على القضاء اليمني وخصوصا في الأوضاع الحالية وعلى المدى المنظور أن ينظر في ملابسات جرائم الإرهاب بمفرده وبإمكانياته وقدراته الضعيفة ، إضافة إلى نقص الخبرة الواضح لديه ولأنه لم يسبق له النظر والتدريب في مثل هذه الجرائم الإرهابية المماثلة لهذه الجرائم من حيث الحجم أو النوع أو الارتباط الداخلي والخارجي .

-
• الملاحظ ووفقاً لما تم رصده من قبل منظمات المجتمع المدني، أن ما تم تنفيذه والالتزام به من طرفي الأزمة الموقعين على المبادرة الخليجية، هي الخطوط العريضة وفي الجانب السياسي فقط ، حيث لا يزال الملف الأمني والاقتصادي على حالهما ويشكلان قنبلة موقوتة كفيلة بنسف التسوية السياسية برمتها ومن ثم العودة باليمن ليس إلى المربع الأول من الأزمة وإنما إلى حرب أهلية طاحنة لن يوقفها أحد باعتبار أن كل الجهود – حينها- قد استنفذت.
• وفي هذا الجانب نؤكد أننا نسمع من احزاب اللقاء المشترك وحلفائهم كلاما طيبا ولكن على الارض عكس مايقال ،"نسمع جعجعة ولكننا لا نرى طحيناً"، خصوصاً في ظل غياب القضاء، وانعدام الشفافية وعدم وجود مرجعية موحدة للمعلومات والمتابعة والتنفيذ لتلك القرارات على الأرض، بل وأنعدام الثقة بين جميع الأطراف واستمرار التصعيد الإعلامي بين مختلف الأطراف ، وكذا استمرار حالات الإقصاء والتهميش داخل المؤسسات الحكومية على خلفية الانتماء السياسي كما هو ملحوظ منذ تشكيل الحكومة.
• وبقراءة سريعة على مهام اللجنة العسكرية سنجد انها فقط تمكنت من إزالة النقاط والمتاريس والمسلحين من الشوارع الرئيسية في أمانة العاصمة إلى الشوارع الفرعية وإلى أسطح المنازل ، ناهيك عن غياب اللجنة خارج صنعاء.

خلاصة الرسالة :
- إجمالا.. إننا في منظمات المجتمع المدني غير الحكومية لا نرى إلا عدم مصداقية ونوايا غير حسنة من قبل أحد اطراف الأزمة الشركاء في حكومة الوفاق الوطني "اللقاء المشترك "للإلتزام والتنفيذ الكامل لما ورد في توصيات مجلس حقوق الإنسان أو قرارات مجلس الأمن أو الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية عدا تلك الخطوط العريضة التي اشرنا إليها وهي جميعها في الجانب السياسي الذي يهم أطراف الأزمة لتقاسم المناصب، لا تلك التي تهم المواطن وتضمن حقه في الحياة.
- الجدير بالذكر إننا كمنظمات حقوقية نكرر طلبنا السابق من المجتمع الدولي بضرورة إصداره قرار ا بفتح تحقيقات قضائية دولية وتشكيل محكمة جنائية دولية خاصة بنظر الجرائم الإرهابية الأشد فضاعة والتي حدثت في اليمن خلال الأزمة وذلك بحسب القرارات الدولية التي صدرت بهذا الشأن ،لان ذلك سيكون ضمانا كافيا وفاعلا لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الصادرة بشان اليمن وكذا لاتفاقية المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة والتي وقعتها كل أطراف الصراع اليمني في الرياض بنهاية 2011م لإنهاء الأزمة وإحلال السلام في اليمن وهي التي نصت على استثناء جرائم الإرهاب عن أي عفو عام أو مصالحة وطنية قادمة ،وبالتالي فان تشكيل المحكمة الخاصة بالإرهاب سيكون تنفيذا للتوافق الوطني والالتزامات الموقعة والملزمة بين كل الأطراف المحلية ،وسيكون فيها ضمانا كافيا لاستتباب وعودة الأمن والاستقرار والسلام في اليمن وكذا على المستويين الإقليمي و الدولي ،كما أنه سيظهر مدى تضامن وشراكة المجتمع الدولي مع اليمن في مجال مكافحة الإرهاب من خلال الاشتراك في آلية قضائية موحدة وفعالة لملاحقة وتتبع أنشطة جميع الإرهابيين المتورطين في كل جرائم الإرهاب (سواء من المحليين أو الدوليين) وجلبهم أمام العدالة وبما يضمن عدم إفلاتهم من العقاب..

والله الموفق والمعين.

المحامي محمد علي علاو رئيس رابطة المعونة لحقوق الانسان والهجرة
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-24598.htm