لحج نيوز - صحيفة تكشف بالارقام عن كارثة حكومية

الأربعاء, 30-يناير-2013
لحج نيوز/صنعاء -
الموازنة العامة للدولة 2013م.. كارثة حكومية بامتياز (الحلقة الاولى)

-سوء السياسة المالية لحكومة باسندوه والإنفاق خارج الموازنة تسبب بحدوث عجز نقدي صافي بمبلغ 682 مليار و800 مليون ريال

-البيان المالي للحكومة تحدث عن استهداف خفض البطالة بفارق 2% في حين تؤكد مؤشراته زيادة البطالة بفارق 4%!!.

-نسبة الفقر ستبلغ في 2013م 53% بعد أن كانت لا تتعدى 42.8% في 2009م ومخصصات الحكومة في هذا الجانب غير كافية

-رغم الإنفاق الكبير على الجيش والأمن بنسبة 50% من إجمالي المرتبات والأجور وزيادة أعداد المجندين، إلا أن ذلك لم ينعكس على تحقيق الأمن والاستقرار، بل زادت عمليات التخريب والتقطعات وبرزت ظاهرة تهريب الأسلحة عبر المنافذ الرسمية وغير الرسمية

كشف تقرير رسمي عن جملة من المخالفات والاختلالات الخطيرة في الموازنة العامة للدولة 2013م.

وأوردت اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2013م في تقريرها الذي حصلت صحيفة "الجمهور" على نسخة منه، عدداً من الملاحظات حول مشروع الموازنة، مختتمة تقريرها بالعديد من التوصيات التي أكدت اللجنة ضرورة التزام الحكومة بها كشرط للموافقة على مشروع الموازنة العامة للدولة.

إلا أن ما ورد في تقرير اللجنة البرلمانية من ملاحظات وتوصيات قد كشف عن افتقار حكومة باسندوه لأبسط مقومات الإدارة المالية والتنفيذية لموارد ونفقات الدولة، ودقت أجراس الخطر القادم من هذه الموازنة التي وصفت بالكارثية على اليمن وأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية.

صحيفة "الجمهور" تضع أمام الجميع بدءاً من هذا العدد أبرز المخالفات والاختلالات في موازنة حكومة باسندوه المتعلقة بالبيان المالي للموازنة ومشروع الموازنة العامة للدولة مركزياً ومحلياً ومشاريع موازنات الصناديق والوحدات الاقتصادية.

اللجنة البرلمانية كشفت في مستهل تقريرها عن جهل الحكومة بصياغة أهداف الموازنة ومرتكزاتها العامة، وأشار تقرير اللجنة إلى أن الحكومة اعتبرت أن أهم أهداف الموازنة تتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وزيادة حجم النفقات الاستثمارية وتنظيم أساليب وآليات ربط وتحصيل وتوريد مختلف مصادر الإيرادات العامة، والسعي نحو السيطرة على عجز الموازنة وغيرها.

وأوضحت اللجنة البرلمانية أن العديد مما ورد أعلاه لا يعد من قبيل الأهداف ولا المرتكزات العامة كما اعتبرها البيان المالي، بل يمثل أغلبها إجراءات تفصيلية لما سيتم تنفيذه في جوانب السياسة العامة، وأنه كان يفترض على الحكومة أن تضع في البيان المالي أهدافاً ومرتكزات أهمها تحسين الأوضاع الأمنية وإصلاح القضاء وإقامة الحكم الرشيد وبناء الدولة المدنية ومحاربة الفساد ومكافحة الفقر والبطالة، وغيرها من الأهداف التي من شأنها التغلب على الأوضاع المعقدة في البلاد وإحداث تحول سريع في أوضاع وظروف الناس المعيشية والحياتية.

وفي هذا الصدد، أوصى تقرير اللجنة بأن تتضمن البيانات المالية للموازنات القادمة للحكومة، أهدافاً واضحة ومحددة تعكس طبيعة التحديات والصعوبات التي تواجه الدولة والمجتمع، وتنسجم مع برنامج الحكومة العام والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

واستغرب تقرير اللجنة البرلمانية من التناقض الذي أظهره البيان المالي لموازنة الحكومة حول كمية إنتاج النفط المتوقعة، حيث توقع البيان زيادة في إنتاج النفط في الصفحة الرابعة عشرة، ثم عاد ليتوقع في الصفحة السابعة عشرة انخفاض حجم الإنتاج من النفط، ولفت التقرير إلى عدم اقتناع اللجنة البرلمانية بردود الحكومة بشأن هذا التناقض.

وتطرقت اللجنة البرلمانية في تقريرها إلى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتوقع للعام 2013م والذي استهدفه البيان المالي والبالغ (6.8%)، وأشارت اللجنة إلى "مبالغة" الحكومة في استهداف هذا المعدل وصعوبة بلوغه، واصفة إياه بأنه "سيظل نوعاً من التوقعات والأماني التي لن تجد مجالاً للتحول إلى واقع ملموس" خصوصا وانه "لم يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الصعوبات والتحديات التي تواجه القطاعات المختلفة للاقتصاد الوطني مثل النفط والغاز والسياحة والخدمات والصناعات التحويلية وغيرها".

وبحسب تقرير اللجنة البرلمانية فإن السياسة المالية التوسعية للحكومة وتأثيراتها المتوقعة على الطلب الكلي من السلع والخدمات سيجعل من غير الممكن السيطرة على معدل التضخم وإبقائه في إطار رقم أحادي كما توقع البيان للحكومة، خاصة في ظل محدودية فرص نمو العرض من السلع والخدمات المنتجة محلياً علاوة على التأثيرات المحتملة للتضخم المستورد بسبب اعتماد بلادنا على الخارج في توفير معظم احتياجاتها من السلع والخدمات.

وأكد تقرير اللجنة البرلمانية في توصياته على أهمية اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الكفيلة بتحسين بيئة ومناخ الاستثمار ومعالجة المشكلات والمعوقات التي تواجه الاستثمارات المحلية والأجنبية، وكذا أهمية تنفيذ الحكومة للمشاريع الاستثمارية والرأسمالية المدرجة في الموازنة العامة وعدم إجراء أي خفض من اعتماداتها أثناء تنفيذ الموازنة تحت أي ظرف، والإسراع بتلبية كافة المتطلبات اللازمة لاستيعاب القروض والمنح والمساعدات الخارجية.

وحذرت اللجنة في تقريرها من خطورة استمرار الحكومة في تمويل عجز الموازنة العامة بوسائل تضخمية، مؤكدة على ضرورة إتاحة المجال للمشروعات الاستثمارية الخاصة للحصول على التمويلات من القطاع المالي والمصرفي دون مزاحمة من الحكومة، والتي تتسبب في رفع سعر الفائدة وارتفاع تكلفة الاقتراض على قطاع المشروعات الخاصة، وهي التكلفة التي لا تقدر سوى الحكومة على تحمل أعبائها المرتفعة ولكن على حساب المجتمع، الذي يتحمل أعباء الدين المحلي والذي ينمو سنة بعد أخرى.

كما توقع البيان المالي الذي تضمنه مشروع الموازنة المقدم من الحكومة حدوث عجز نقدي كلي بمبلغ 628 مليار و200 مليون ريال، وكذا عجز نقدي صافي بمبلغ 682 مليار و800 مليون ريال وبنسب (8.5%) و(9.2%) على التوالي، وأرجع البيان السبب الرئيسي لهذا العجز إلى الزيادة الكبيرة في حجم الاستخدامات العامة والتي فاقت الزيادة في الموارد العامة والناتجة عما أسماها "حتميات" ما تم تنفيذه خارج إطار موازنة 2012م، والالتزامات "الحتمية" التي لا سبيل لتجنبها عام 2013م.

وإزاء هذه المبررات غير المنطقية أرجع تقرير اللجنة البرلمانية السبب الحقيقي في الارتفاع الكبير في نسبة عجز الموازنة العامة 2013م إلى سوء السياسة المالية التي اتبعتها حكومة باسندوه خلال العام الماضي 2012م، وقيامها بالإنفاق خارج ما هو معتمد في الموازنة والذي انسحبت آثاره على موازنة 2013م.

وأكد التقرير أهمية محاصرة العجز من أجل تأمين الاستقرار الاقتصادي اللازم للنمو، مشدداً في هذا السياق على ضرورة التزام الحكومة بضبط الإنفاق الجاري وإلغاء النفقات غير الضرورية وتنمية الموارد الذاتية غير النفطية.

كما أكد التقرير على ضرورة استقلالية البنك المركزي في اتخاذ قراراته وعدم مجاراته لمتطلبات السياسة المالية التوسعية مع إلزام الحكومة بتدبير مواردها ونفقاتها بنفسها بعيداً ما أمكن عن التمويل من السوق المحلية والتوقف نهائيا عن تمويل عجز الموازنة العامة بوسائل تصخمية، وفصل وظيفة الخزانة التي يقوم بها البنك المركزي حاليا نيابة عن الحكومة بما يمكنه من التفرغ الكامل لرسم السياسة النقدية والمصرفية وبما يعزز من تحسين أداء القطاع المالي والمصرفي في النمو الاقتصادي والتنمية.

وحول ما تضمنه البيان المالي في مشروع الموازنة من توقعات بحدوث تراجع محدود في حجم ونسب البطالة من (36%) عام 2011م إلى (34%) عام 2013م، كشف تقرير اللجنة البرلمانية مخالفات الحكومة حول مشكلة البطالة معتبراً تناول الحكومة في بيانها المالي لمشكلة البطالة على هذا النحو "لا يعكس الإدراك الكافي لحجم هذه المشكلة وتداعياتها ومخاطرها على المجتمع"، مؤكداً ان استهداف الحكومة خفض البطالة بنسبة (2%) لن يكون له الأثر الملموس في جانب التخفيف من البطالة القائمة حاليا، مستشهداً على سبيل الاستدلال بما أوردته الحكومة في ذات البيان من تقديرات للنمو السنوي للقوى العاملة الجديدة في سوق العمل بنسبة (4%)، وهو ما سيؤدي إلى نسب بطالة أعلى لا سيما بين الشباب الذي تجاوزت نسبة البطالة في أوساطهم الـ50%.

وشدد تقرير اللجنة البرلمانية في توصياته على ضرورة إعطاء الأولوية والتسهيلات والحوافز للاستثمارات كثيفة العمالة في كافة القطاعات الاقتصادية لمحاصرة البطالة وخفض معدلاتها وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص للإسهام في توليد النمو وخلق فرص العمل والحد من البطالة، خصوصا في ظل محدودية الوظائف التي توفرها الحكومة والقطاعان العام والمختلط.

واستعرضت اللجنة البرلمانية في تقريرها ما تضمنه البيان المالي للموازنة المقدمة من الحكومة من توقعات إزاء مشكلة الفقر وظاهرة انعدام الأمن الغذائي، حيث توقع البيان المالي تفاقم مشكلة الفقر وبلوغها نسبة 53% بعد أن كانت نسبة الفقر لا تتعدى 42.8% في عام 2009م.. كما توقع البيان بلوغ نسبة انعدام الغذاء 43% بعد أن كانت في حدود 32.1% عام 2009م.

واعتبرت اللجنة تخصيص الحكومة لـ112 مليار و450 مليون ريال لبرامج الحد من الفقر في الموازنات العامة 2013م، غير كافي.

وطالبت اللجنة البرلمانية الحكومة بوضع رؤية واضحة واستراتيجية شاملة تتعامل مع تحدي تنامي وانتشار الفقر في بلادنا.

وأوصى تقرير اللجنة البرلمانية بالعمل على زيادة البرامج والأنشطة الموجهة للفقراء ومحدودي الدخل وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي والتوسع في أنشطة وبرامج التمويل الصغير والأصغر ونشر خدماتها في مختلف المحافظات والمديريات، بما يخفض معدلات الفقر في بلادنا ويحد من آثاره السلبية.

وفيما يتعلق بالتحدي الأمني، أكدت اللجنة البرلمانية في تقريرها أنه على الرغم من الإنفاق الكبير والمرتفع على القوات المسلحة وأجهزة الأمن الذي يقترب من الـ50% من إجمالي المرتبات والأجور في الموازنة العامة للدولة، وكذا ارتفاع أعداد المجندين الجدد خلال العامين الماضيين 2011، 2012م، إلا أن ذلك لم ينعكس على تحقيق الأمن والاستقرار، بل شهدت الفترة الأخيرة تنامي الاختلالات الأمنية وارتفاع معدلات الجريمة والاغتيالات وزيادة التقطعات في الطرق الرئيسية، وبروز ظاهرة تهريب الأسلحة عبر المنافذ الرسمية وغير الرسمية وتخريب خطوط نقل الطاقة وتعرض أنابيب نقل النفط والغاز والمنشآت النفطية لتفجيرات متتالية.

ولفت تقرير اللجنة البرلمانية إلى أن كل هذه الأحداث والاختلالات قد ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصاد الوطني وبالسكينة العامة للمجتمع، كما أضرت بسمعة اليمن الخارجية ونتج عنها توقف معظم التخصيصات الخارجية من الممولين والمانحين بسبب تلك الاختلالات، وهو ما أكدته الحكومة في بيانها المالي واجتماعاتها المشتركة مع اللجنة البرلمانية الخاصة بدراسة مشاريع الموازنات العامة.

وشددت اللجنة في التوصيات الواردة في تقريرها على ضرورة الإسراع في معالجة الاختلالات الأمنية بما يحقق الأمن والاستقرار، وجعل هذه القضية من أهم أولويات الحكومة في الفترة القادمة.

*صحيفة الجمهور
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-24640.htm