بقلم/مصطفى غليس -
تتوالى خيباتنا كيمنيين ألفناها ونحتفي بها, كغريب منقاد نبحث عن هويتنا في الأماكن الضيقة قبل أن ندرك - وربما لن نفعل- أن عمقنا الحضاري والإنساني أكبر مما يروم جيل اليوم الوصول إليه بوسائل رخيصة وبطولات زائفة مبعثها عجزنا البيٍِّن عن إدراك ما نحن عليه في الواقع, وأن قيمنا أكبر جداً, إذا ما عزلناها عن سلبيات فادحة طفت مؤخراً الى حاضرنا الهش, لنصدق فبركات باهتة انتشى بعضنا لرنينها الزائف وتعامل معها بيقين مطلق دون أن يكترث لمشاعر الآخرين.
أتذكر جيداً تلك النكت التي مازلت أحفظ غالبيتها عن فحولة اليمني ورجولته التي تسنمت عرش الفحولة العالمي , ويوم امس تداولت وسائل إعلام محلية خبر مقال نشرته كاتبة كويتية في احدى المجلات عن تفرد اليمنيين بالرجولة المطلقة والاشادة بهم , يقابل ذلك انتقاص من شأن رجولة أشقائنا الكويتيين.
الخبر الذي تلقفته وسائل إعلامية ديدنها الإثارة وأكد أن " أن الكاتبة الكويتية المعروفة “غنيمة الفهد” رئيسة تحرير مجلة “أسرتي” والناشطة السابقة في مجال “النسوية” سجلت اعترافاً مدوياً نشرته في مقال بعنوان “وحي الكلمات” نشر في مجلة “المجلة” قالت فيه انه ليس في العالم أرجل من رجال اليمن" لقي رواجاً واسعاً وحصل على آلاف القراءات سواء في المواقع الإخبارية المتخصصة أو في مواقع التواصل الاجتماعي , وكالعادة أحتفى الكثير من اليمنيين بهكذا انتصار ذكوري دون الرجوع الى مصدر الخبر والتأكد من صحته , رغم عدم أهميته بالنسبة لي لأننا - أولا وأخيراً- ما نحن عليه ولن يزيد او ينقص هكذا خبر منا شيئاً , فلسنا بحاجة لمن يعزز الرجولة اليمنية بشهادة زائفة , فالرجولة - وليس الذكورة- قيم ومبادئ وأخلاق مقرونة بتعامل إنساني رفيع وتوجد في كل المجتمعات وليست حصراً علينا , كما يوجد نقيضها في كل مجتمع.
خبر الرجولة اليمنية المحتفى به بحث عن مصدره لاكتشف أنه خبر ملفق سبق لوسائل إعلامية سعودية ومنتديات اجتماعية على الشبكة العنكبوتية أن تداولته واحتفت به وبرجولة السعوديين عمن سواهم قبل نصف عام تقريباً كما فعل يمنيون اليوم ولمن أراد التأكد انصحه بالرجوع الى البحث في صفحات الويب وسيجد أن الخبر نفسه نشر في مواقع سعودية في شهر سبتمبر من العام الماضي بنفس الصيغة والعبارات التي نشرتها المواقع اليمنية باختلاف السعودة واليمننة فقط.
تلك هي خيباتنا التي تتناوبنا بين حين وآخر ونبتهج لها رغم زيفها..خيباتنا أن نصدق كل ما يقال بما في ذلك شطحات السياسيين ..لذا ليس بمستغرب أن نحتفي برجولة زائفة أحتفى بها سعوديون قبلنا وبالتأكيد ستسير على ذات الدرب بقية الشعوب العربية التي ستتلقف الخبر بشبق مقيت بعد أن تذر وسائلها الإعلامية بعض ملح وبالتأكيد على مراحل متقطعة ..
فهل هذه هي الرجولة العربية أم أننا نهرب من واقعنا البائس سياسياً واقتصادياً وفكرياً وعسكرياً الى هكذا هرطقات لا تثبت إلا اتساع خيباتنا وعظم جهلنا بما ينبغي أن نكونه؟؟