بقلم/ إبراهيم الحجاجي -
بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن اليمن ، أزعج معظم الشعب اليمني عنجما خص شخص الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، خاصة أنه جاء عقب تقرير هيومن رايتس ووتش 2012م عن اليمن ، ويشير الى بُعدين أحدهما أخطر من الآخر .
البُعد الأول : إما أن رعاة التسوية السياسية في اليمن ، مجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة عبرسفيرها جمال بن عمر وغيرهم ، لم يفهمو ويتفهمو الى الآن الأزمة اليمنية من جذورها وكل جوانبها والمتسببين الحقيقين ، وكذا مفاصلها وأبعاد مخاطرها داخلياً وإقليمياً ودولياً وعلى كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية ، حتى يتسنى لها كيفية التعامل معها في ظل خصوصية بيئة وتركيبة المجتمع اليمني الذي قد تكون معقدة الى حد ما ، أو أن هناك مصالح جعلت رعاة التسوية ترتكب بقصد أخطاء في انحيازها لطرف على حساب طرف آخر .
وإذا كانت قرائتنا لهذا البُعد صائبة فأن الحلول التي ينسجها رعاة التسوية بهذا الشكل تؤدي باليمن الى الهاوية وليس الى بر الأمان .
البُعد الآخر : قد تكون عملية التفاف على ماتم انجازه في مسار التسوية تقف ورائها قوى دولية بطرق غير مباشرة ، وبمساعدة أياد ومراكز قوى داخلية في تمرير هذا العمل ، والتي ليس من مصلحتها الخروج باليمن من أزمتها بهذا الشكل ، عندما رأت أن اليمنيين قطعوا شوطاً في طريق التسوية والوصول الى تحديد موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني كونه سيعطل كشروعهم وينسف مخططاتهم التي ركبوا الموجة من أجلها ، لذلك كان لابد لهذه القوى البحث ومحاولة استغلال الثغرات (وإن كانت مكشوفة) التي من شأنها إحباط نجاح العملية ، وإثارة الفوضى من جديد واستحداث شرخ في المجتمع اليمني الذي كان قد أضحى على الإلتئام .
ومن هذه الافتراضيات التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش 2012م عن اليمن ، والذي كان بعيداً كل البعد عن الواقع ، بإغفال مقصود وممنهج عن الانتهاكات الحقيقية التي ارتكبت عامي 2011/2012م واكتفت بالتركيز على قضية جمعة 18 مارس والتعمد بهذا التظليل استهداف الرئيس صالح بإتهام غير مبرهن ، لجر اليمن الى مربع صراع جديد وأخطر من ذي قبل ، على اعتبار أن هذا التقرير الذي أعقبه بيان مجلس الأمن الدولي في توقيت حساس ، أسال لعاب بعض النفر والجماعات والقوى التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة للوصول الى مبتغاها بهذه الطريقة وخلط الأوراق من جديد ، بالمقابل كون الرئيس صالح لازال يحضى بشعبية جارفة أثار غضب الغالبية العظمى من الشعب اليمني ، حيث أن التقرير والبيان يتنافيان مع الحقائق والواقع وقيم وعادات اليمن وتركيبتها الاجتماعية ، وبذلك أوجدت إحتقان وأزمة جديدة ، وهذه المرة برعاية دولية وإن كانت بطرق غير مباشرة .
وإذا كانت قرائتنا لهذا البُعد صائبة أيضاً ، فعلى اليمنيين بكل قواهم وتكتلاتهم السياسية والاجتماعية استشعار المسئولية لمواجهة المخاطر التي تحدق باليمن والتحديات التي تواجه بلد لم يعد يحتمل أكثر مما يعاني .