لحج نيوز - لا شيء يخجل في حياة زكي عبد الوهاب، فهو رجل بدأ حياته من الصفر، حيث كان يبيع الحديد الخردة تحت رعاية أبيه في مدينة طنطا، وحاول بكل الجهد والعرق أن يحقق أحلامه وطموحاته فصار إمبراطور الحديد في مصر.. وأصبح اسمه علامة معروفة، وقد عاش زكي عبد الوهاب حياته كلها مخلصًا لعمله حتى وجد نفسه فجأة قد تجاوز الخامسة والأربعين، وراح شعره الأسود الناعم يتحول إلى خصلات بيضاء صارت تجذب العديد من

الثلاثاء, 02-فبراير-2010
لحج نيوز/رواية :سامي كمال الدين -

لا شيء يخجل في حياة زكي عبد الوهاب، فهو رجل بدأ حياته من الصفر، حيث كان يبيع الحديد الخردة تحت رعاية أبيه في مدينة طنطا، وحاول بكل الجهد والعرق أن يحقق أحلامه وطموحاته فصار إمبراطور الحديد في مصر.. وأصبح اسمه علامة معروفة، وقد عاش زكي عبد الوهاب حياته كلها مخلصًا لعمله حتى وجد نفسه فجأة قد تجاوز الخامسة والأربعين، وراح شعره الأسود الناعم يتحول إلى خصلات بيضاء صارت تجذب العديد من النساء إليه.. فهو واحد من نجوم مجلس الشعب، وواحد من مشاهير ليل القاهرة، والأهم من هذا أنه الأقرب لسادة المصير في معيشتهم وطموحاتهم وأفكارهم، لا يستطيعون اتخاذ أي قرار دونه... لذا أصبح مصير مصر كله بين يديه.
رغم كل هذا فإنه لم يصادف المرأة التي يقتنع بأن تشاركه قلبه وأمواله وحياته، حتى التقى في إحدى زياراته للندن الأميرة هناء.. وقتها رآها فتاة عربية عادية تعد للدراسات العليا أو موفدة من قبل شركة لصفقة ما، لم يتوقع على الإطلاق أن تكون أميرة أو حتى متزوجة، فبشرتها البيضاء المشربة بالحمرة وشعرها الأسود الناعم الذي يتدلى خلفها كليل تائه، وجسمها المتناسق وملابسها؛ توحي لمن يراها في نهار لندن أن لا شيء في حياتها سوى العمل.
كانت الأميرة هناء قد ضلت الطريق من الحرس الخاص بها، وخرجت من الباب المطل على الشارع الخلفي لمبنى هارودز، وعبرت إلى عدة شوارع، وراحت تسأل طريق العودة، وتقدم منها زكي عبد الوهاب ودلها على الطريق، طريقه هو، جذبها بأناقته وبصوته الهادئ ونظرته القوية، وبعد تبادل أرقام التليفونات وعدته باللقاء في مصر.
ومضت سنوات ثلاث على هذا اللقاء، وزكي يلتقيها كل خميس في كافيتريا هيلتون رمسيس بالطابق الثالث والعشرين.. يأخذ السائق السيارة الـ" بى ام دبليو " – إحدى سياراته التي يعتز بها كثيرًا – إلى ساحة الانتظار، أو يعود إلى البيت لأن البيه سوف يقضي ليلته في جناح خاص بالفندق تحجزه الأميرة باسمها حتى لا يتعرض أحد لسمعة النائب الشهير ورئيس إحدى لجان مجلس الشعب يقضي ليلته معها في شراب وحب، ولكم كان يتمنى أن تكون زوجته؛ لذا تضايق كثيرًا حين عرف أنها متزوجة، بل من واحد من أكبر أمراء الخليج، لكن هذا الأمر أراحه كثيرًا، فلم يعد مهتمًا بإدارة الصفقات، ولا السعي وراء الربح، فكل ما يريد من ملايين الأرض يجدها تحت رجليه، فقد أحبته الأميرة هناء، ومن تقع في غرامه تمنحه عمرها، رغم أن أغلب مشاهير المجتمع تحت قدميها.. لكنها كانت بحاجة إلى رجل يضرب شواطئ نهديها بعنف، ويبتلع جسدها النائم في محارته دون رجل يوقظه من سباته.. وقد استطاع زكي عبد الوهاب ؛ الذي لم يكن يميل إلى النساء، اختراقها كسيف وإشعال نيران اللذة في جسدها.
كانت الأميرة هناء تبحث عن رجل لا يبحث عما ستمنحه له من نقود أو سيارة أو شاليه بعد مضاجعتها، رجل يضاجع أحاسيسها قبل جسدها، يسكن روحها قبل سريرها، وقد وجدت في زكي عبد الوهاب هذا الرجل، الذي رفض كل إغراءاتها في البداية، فهو ليس بحاجة إلى أموال امرأة مثلها، كما أنه استطاع من خلالها أن يبسط نفوذه على منطقة الخليج ويصبح المصدر الرئيسي للحديد فيها، بل وراحت الأميرة هناء تنشئ له شركة في كل دولة عربية، ليصبح زكي عبد الوهاب الإمبراطور العربي للحديد.. وتفعل هي في مصر ما تريد، فبمهاتفة صغيرة منه ينهي لها كل شيء.
كانت داليا تعرف كل هذا، لذا لم تندهش حين فتحت باب حجرتها ووجدت هذا المنظر الغاية في الغرابة؛ حيث كان زكي عبد الوهاب يجلس عاريًا على كرسي التسريحة، بينما تجلس الأميرة هناء عند قدميه وفمها بين فخذيه مولعة بالرغبة والشبق إلى حد الجنون.

• • • • •

لا شيء في العالم يبعد عن أحلام الأميرة هناء، التي كثيرًا ما راودتها أحلامها في أن تسكن قصرًا في السماء، يقوم فيه ملائكة بأجنحة بالتهوية عليها وهى جالسة على عرشها، تشرب ماء لا يشربه أحد من البشر، وترتدي فيه ريش النعام، تسمح بدخوله لكل من شاهدها ذات يوم تتسكع على الأرصفة العربية مطرودة، بعد أن كُشف أبوها من قبل كافة الأنظمة العربية حول مشاركاته في انقلابات ضد عدد من الحكام والملوك العرب، فما من عملية حدثت إلا وكانت له يد فيها بدءًا من عملية الديك الرومي للتخلص من جمال عبد الناصر ومرورًا بانقلاب رفعت الأسد على شقيقه حافظ في سوريا، وحتى التخلص من صدام حسين.
لقد مات أبوها قبل أن يتم تنفيذ حكم الإعدام على الرئيس العراقي صدام حسين، عاش حياته مطرودًا حتى سُمح له بالبقاء في مصر عبر وساطات قام بها زكي عبد الوهاب، الذي لم يكن وقتها رئيسًا للجنة وعضوًا في مجلس الشعب، وعلى الرغم من ذلك كان واسع النفوذ لدى " اللي فوق "، يعرف الساسة العرب ما فعله والد الأميرة هناء في آبائهم.. إلا أن الجميع هرول لحضور جنازته التي خرجت من مسجد عمر مكرم، كانت جنازة مهيبة حضرها أغلب قادة العالم ففيها ثلاثة رؤساء من أمريكا: جيمى كارتر وبوش الأب والابن وهنرى كيسنجر ورؤساء روسيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا، ومن كل البلاد العربية جاءت الوفود مع رؤسائها أفواجًا.. وكشفت الجنازة أن الميت لعب بالجميع وجعلهم يعتقدون أن أوراق اللعبة في يد كل منهم لكنها لم تكن سوى في يده هو.

ومثل أعياد ميلادها خططت الأميرة هناء لتكون جنازة أبيها جامعة للكل، لتقول من هي ؟ لذا سقطت منها دمعات وهى تطل على البحيرات المرة من قصرها في لسان الوزراء في الإسماعيلية، إذ أن عيد ميلادها يوافق اليوم الذي اختاره أبوها للرحيل، ولأول مرة تحس أن أباها يخون عيد ميلادها، فهو يريد أن يرسل إليها رسالة تحمل كل معاني الحزن والأسى، يصر على أن يحملها حزنه وقت رحيله، على الرغم من كل ما فعلته لأجله، وتناست للحظات ما فعله عمره كله لأجلها.
وكعادتها لا تفعل الأميرة هناء شيئًا، فلا استعدادات لعيد ميلادها ولا تحرك يتعبها، فقط تملي على داليا ما تريد، وتعرض عليها داليا قائمة بما سيتم وتراها قبل عيد ميلادها بأربعة أشهر، وتومئ بالموافقة، فالوزراء والفنانون القادمون من الدول العربية حجزت لهم التذاكر الخاصة بهم في درجات vip والمقيمون في مصر وصلت لهم الدعوات منذ شهر، وتحركت طائرات خاصة من فرنسا والصين وإيطاليا تحمل أشهر المأكولات التي جاءت ساخنة، وطائرة خاصة من سويسرا حملت أغلى أنواع الشيكولاتة، وعزلت الأنواع التي لا تحتوي على خمور جانبًا لأصدقائها من جماعة الأخوان المسلمين.
على الرغم من كل هذا زادت دمعاتها المتساقطة في البحيرات المرة على شيء يحمل إليها الضيق ويصيبها بالوهن، أنها تمتلك العالم شرقًا وغربًا.. شمالاً وجنوبًا، تأكل من الصين وهى جالسة في مصر، وتحلي من سويسرا، لكن رفض شقيقها " فالح" حضور عيد ميلادها منذ رحيل أبيها، وذهابه كل عام في نفس الموعد إلى المقبرة الخمس نجوم في 6 أكتوبر، التي يرقد فيها أبوها والتي خطت اسمه عليها بماء الذهب، وجلوسه ساعات باكيًا أمام قبر أبيه داعيًا عليها، رافضًا أموالها... يضايقها كثيرًا.
تحس الأميرة هناء بالمقت من قبل شقيقها الذي حملها صغيرة وجرى بها على شاطئ البحر، ولعب معها على العشب الندي، وكان يحاول سرقة العالم ووضعه في قبضة يدها الصغيرة..
هو الرجل الوحيد الذي يستطيع أن يحدث ثقبًا في الكرة الأرضية إذا أغضبته، وهو الرجل الوحيد الذي يرعبها صوته.. يخيفها لأنه يعريها من زيفها ومن سلطتها الجوفاء، ويكشف أقنعة الجالسين حولها لا لشيء سوى أموالها.
- فلوسك حرام...
هكذا صرخ فالح في وجهها وهو ممسك بذقنه البيضاء الشعر، بينما راح ثوبه الأبيض وكالسونه الأبيض تحته يهتز من ارتعاشات صوته.
- حرام ؟.. كيف وزوجي يأخذها من حقه، وتحول له على مصر...
قالت هناء لأخيها.
- المرأة التي تأخذ فلوس زوجها لتشتري أجساد رجال يضاجعونها حتى الفجر، بينما زوجها جالس على كرسي بأربع عجلات، ومصاب بشلل في قدميه بسبب صدمته فيها تكون فلوسها حرام.
قال فالح... ثم أكمل صارخًا:
- هل أستأذنتيه؟.. اذهبي وقولي له: أحتاج لعدة ملايين من فلوسك لأعطيها لرجال يعجبونني ويريدون شراء سيارات "هامر" من عرق أجساد النساء..

صوته في ذاكرتها يغطى على ارتطام الماء بجدران قصرها، لذا لم تنتبه إلى طرقات الباب حتى دخلت داليا وخبطت على كتفها لتنبهها أن المعازيم قد بدأوا في الحضور.
النجوم التي تلمع في الليل فقط ليشاهدها البشر في النهار كانت تقترب منها، راسمة قبلتين على وجنتيها الرائعتين والمتوردتين بوهج السلطة والمال والشهرة..
لم يسمح لأحد أن يمر دون الدعوة الشخصية التي يحملها معه والتي كتب عليها شخصية، حتى ولو كان رئيس وزراء مصر. ووصل عدد مشاهير المجتمع إلى الألف حين بدء الحفل، وتكومت هدايا عيد الميلاد جانبًا كجبل من الجليد لا يذوب لأن هناك من يسانده، ودخل المساند دائمًا زكي بك عبد الوهاب في بدلته التي يرتديها من إف سان لوران، والكرافت الإيطالي وكعب الحذاء الإيطالي العالي الذي يخفى به قصره، راح يحيى العديد من الوزراء والشخصيات المهمة التي راحت تقف له تحية واحترامًا، نظر حوله، لم يجد أميرته، وكعادته عرف الطريق إلى داخل القصر، ترك الجميع في حديقة القصر، متجهًا إليها، هو الشخص الوحيد الذي لا إشارات حمراء أمامه للوقوف أمام عتبتها، فصاحب الليالي الحمراء يهرب دائمًا من الإشارات حتى يلحق بعشيقته، ولو كان هناك عقاب فليتأجل حتى فجر الليلة الحمراء.
دلف إلى حضرتها، فأعلنت غضبها منه، مولية ظهرها له، فقد وعدها بقضاء اليوم معها، وعدها بنهار دافئ مليء بالحب لعله ينسيها ما فعله أخوها في يوم عيد ميلادها قبل أن يأتي أحد، لكنه لم يحضر، فما كان منه إلا أن قدم لها الاعتذار، ولم لا وهي أميرته التي يقضى معها أجمل الليالي والسهرات :
- صدقيني يا ملكة عمري هناك أحد السفلة في المجلس قدم طلب إحاطة ضدي، وهو الوحيد الذي يمتلك المستندات والأدلة والبراهين هو ولا سواه، وحاولت التصرف حتى لا يتحول الأمر إلى فضيحة، وهذا ما أخرني عنكِ.
اقترب منها قبل أن ينتهي من كلامه، متحسسًا ظهرها المرمري بيده، ثم لف قبالتها وقبل وجنتيها، ويديها، ثم شفتيها، وراح يعبث بأصابعه في وجنتها اليمنى، ثم أخرج من جيبه علبة، فتحتها، وعلى وجهها بعض من غضب هارب.
خاتم تجاوز سعره المليون دولار، أذهلها اختياره، فغرت فاها، وهى التي لم يعد هناك شيئًا مدهشًا بالنسبة لها، ثم وعدها بالبقاء حتى الصباح عندها وعدم الذهاب إلى المجلس غدًا.
وسط هذا الحشد الكبير من المدعوين، يجلس زوجها في الحديقة كغريب ضل من أهله منذ سنوات وفقد الأمل في أن يرحمه القدر ويخلصه من حياته البائسة، أو أن يلقى أحدًا من أهله، وحتى ينسى همومه ويدارى عجزه، راح ينسج حكايات من وهم لا يصدقها بأن لزوجته بيزنس خاصًا بها مع زكي عبد الوهاب وغيره، وأنها سيدة مجتمع، حتى يتناسى آلامه ونظرات المحيطين به، ولكم تمنى أن ينجب ابنًا يحافظ على أمواله من بعده، لكن منذ خرج مطرودًا من قبل إخوته وأعمامه بين خيار أن يبقى ولا يتزوج بهذه المرأة، أو أن يتزوجها ويرحل وتصله حقوقه حيث يذهب، فاختار الذهاب معها، وردد أعمامه وأخوته أنها سحرت له بطريقتها حتى يقع في غرامها ويهيم وراءها في البرية، لا تعرف قدماه مستقرًا ولا يعرف قلبه أمانًا ولا يحس بأيام عمره التي تولي.
رغم السلطة والمال والمجد كان الرجل بائسًا مهزومًا، يعيش وحيدًا، رغم كل الشفاه التي تسبح بحمده وترجو منه الرضا، فليس هناك شعور لدى الرجل أقسى عليه من شعوره بأن زوجته تخونه ويعرف ولا يستطيع أن يفعل شيئًا سوى الصمت، فالرهان على اختيار العمر يصعب خسرانه أمام تطلعات العالم وانتظاره لهذا الخسران المتوقع.
خطواتها كأميرة من ليالي ألف ليلة وليلة وهى تهبط سلالم القصر إلى الحديقة، وخلفها فستانها المنساق وراءها كأنه زوجها في بداية تعارفها عليه، بينما كان زكي عبد الوهاب يجلس بين الحضور، بعد أن دلف مسرعًا عبر الباب الخلفي للقصر، وراحت تتبادل التهاني مع المدعوين وعطرها الفواح والمعتق بالبخور ودهن العود يملأ أنف كل من تعبر بجواره، لم ينتهِ تصفيقهم، وهم جالسون على مقاعدهم، منذ هبوطها وحتى جلوسها بجوار زوجها الذي راح ينظر لها بعينين مليئتين بالكره والغضب والألم والانكسار، بينما توالى صعود مشاهير المطربين والمطربات على "الستيدج"، ثم رقصت دينا في منتصف الليل، فقد أرادت الأميرة هناء أن تعلن مولد سنة جديدة لها بردفي دينا في الثانية عشرة تمامًا..!
بدأ البوفيه في الواحدة صباحًا، قدم أفخم أنواع الطعام للحضور كل حسب طلبه، الياباني أو الصيني أو الإيطالي، وأغلبهم قرر أن يمتع معدته بالكافيار الإيراني الذي لن يحصل عليه في مكان آخر، بينما جلس أحد الذين يأكلون ولا يشكرون يقول لصديقه الجالس بجواره وزوجته: - الغريب أن كل شيء مستورد إلا صاحبة المهرجان؛ طلعت تايواني..!!
زغده صديقه مشيرًا إلى قدومها تجاههما، فحياها قائلاً:
- إنها الأصل، وكل ما عداها تايواني.
كانت داليا تقترب في هذه اللحظة من زكي عبد الوهاب وتعطيه ورقة تخبره فيها أن سمو الأميرة تواجه بعض المتاعب من المدير الجديد لهيلتون رمسيس حيث يطالبها برد الأموال المتأخرة عليها، وهى مبلغ بسيط حوالي 25 مليون جنيه، وإن لم ترد خلال أسبوع فسوف يطلب خروجها من الفندق.
- ولكن سمو الأميرة أخبرتني بالأمر منذ أيام، وتحدثتُ مع وزير السياحة وأنهيت الأمر وتم نقله إلى فندق هيلتون الغردقة دون أن ننقص من درجته الوظيفية.
قال زكي عبد الوهاب مندهشًا، فزادت من انحناءتها عليه لتخبره أنها تعرف وأن عليه أن يقرأ الورقة، فالأمر مجرد حيلة حتى لا يشعر من حوله بأن في الأمر شيئًا، فتح زكي عبد الوهاب الورقة بعد ذهاب داليا وقرأها بين رجليه، فقام بسرعة معتذرًا للنجمة السينمائية الشهيرة التي تجلس بجواره، هاتف هناء فأعطت داليا الهاتف المحمول للأميرة هناء التي حاولت أن تخفى ضيقها وهى تجز على أسنانها، مخبرة زكي بأنها بداية لا تغير من امرأة " ليسبيان " تسهر كل ليلة في شقة المخرجة الشهيرة، ولكن لا يجب على رجل مثله له مكانته في الحياة السياسية والاجتماعية أن يهين اسمه وسمعته بالجلوس بجوار امرأة بهذا الشكل تحتك به بكتفها وتضع يدها على فخذه، حاول أن يكذب قولها، وأن يؤكد لها أن لا شيء يحدث بينه وبينها وأنه لا يستطيع الجلوس في مكان آخر حتى لا يحرج نفسه أمام الناس.
- بالتأكيد أنا كاذبة بدليل ما تحمله والذي بدأ يتراخى رويدًا رويدًا الآن بعد ما نهضت من جوارها.. قالت هناء ثم أغلقت الهاتف في وجهه، بينما زكي عبد الوهاب يضع الهاتف على أذنه وعيناه تنظران في دهشة إلى بنطلونه، متحركًا للجلوس على ترابيزة أخرى كل من عليها رجال.

• • • • •
لم يكن عبد الوهاب يسعى إلى وصول نجل الرئيس إلى الحكم، بل الأدهى من ذلك أن عبد الوهاب لم يكن يحب نجل الرئيس، وكان يرى أنه الأحق بحكم مصر، لذا كان يتحدث لابن الرئيس كلما التقاه في أشياء، ثم يسارع إلى فعل أمور أخرى من شأنها أن تكرّه الناس ابن الرئيس بسببها، بل والرئيس نفسه، وكان يخطط لأن يتحول الشعب المصري كله ضد الحكم ولا يجد ملاذًا في النهاية سواه.
هكذا كان زكي عبد الوهاب يخطط لانقلاباته سواء مع النساء أو مع الساسة؛ لا فرق من وجهة نظره، لذا لم يكن أحد في مجلس الشعب يجرؤ على قول لا في وجهه، وإذا فعلها واحد من الحيتان الكبار فإن عبد الوهاب ينتحي به جانبًا، مهددًا إياه مرة عبر علاقته بنجل الرئيس، ومرغبًا له مرة أخرى عبر ما يمكن أن يقدمه له من أمواله واتحاد المنفعة.
لم يكن زكي عبد الوهاب يؤمن بالاختصاصات داخل البرلمان، فما يختاره هو الذي يتم، لا توجد لجان أكبر من عبد الوهاب.
" رئيس المجلس نفسه ليس أكبر من عبد الوهاب "..
هكذا صرخ زكي عبد الوهاب، ثم مال بظهره إلى الوراء ومدد قدميه فوق المكتب، ثم نهض وذهب إلى قاعة المجلس حيث انتهت الاستراحة، وبدأ رئيس المجلس بأخذ الأصوات بالموافقة على التحقيق مع زكي عبد الوهاب، بينما أرسل زكي عبد الوهاب رسالة sms من هاتفه المحمول إلى ثلاثة أرباع المجلس الذين لم يرفعوا أيديهم على الموافقة، وكانت الرسالة الثانية دعوة لحفل عشاء يقيمه عبد الوهاب خصيصًا لهم في فندق هيلتون رمسيس.
هرول الجميع إلى عشاء الديوك الرومي، وبعد ترحاب بالنواب "الوطنيين" وتناول العشاء معهم، كان الاقتراح الخاص من زكي عبد الوهاب وهو طلب زيادة الأسعار، وذلك لأن المواطن محدود الدخل سوف يستفيد من هذه الأسعار مثل السولار وخلافه، خاصة بنزين 90و92و95، وطبيعي أن المواطن محدود الدخل لا علاقة له بالسولار، ومن قاعة الحفلات الأنيقة في فندق هيلتون رمسيس، والعشاء الفاخر الذي لن يراه محدود الدخل إلا إذا دخل الجنة، وافق النواب واقتنعوا، لكن زكي عبد الوهاب طلب من النواب ألا يتسرعوا في اتخاذ القرار لأنه يؤمن بالديمقراطية، وأنه سوف يتركهم ساعة يفكرون على راحتهم مع المشروبات والحلو.
صعد عبد الوهاب إلى الطوابق الخاصة بالأميرة هناء، والتي كانت تنتظره كعادتها، وبعد حرارة اللقاء، وأثناء استلقاء زكي عبد الوهاب على جسدها المرمري الناعم لمحت في عينيه غيمة حزن، وأصرت أن تعرف السبب، حكى لها عن العثرات التي يتعرض لها، والتي قد تبعده عن سادة المصير، قالت له: لا تضايق نفسك أنت تحميني في الداخل، وبقاؤك يعنيني، كما أتمنى أن أراك أهم رجل في العالم.
ثم تحركت من تحته، أمسكت بهاتفها، تحدثت فيه لدقائق خمس، وكان على الخط الآخر شخصية مهمة، حاول زكي عبد الوهاب أن يعرفها، لم يستطع، لكنه عرف أنها تجرى مكالمة دولية، ثم أخبرته أن يذهب إلى قصر الرئاسة في الصباح حيث ستكون كل عثراته قد انتهت.
ساعات ثلاث وزكى عبد الوهاب لم يهبط من أعلى، والنواب ينتظرون، بينما كان النائب الإخواني الذي طلب محاكمة عبد الوهاب في المجلس صباح اليوم في مبنى أمن الدولة يتم التحقيق معه لعدة تهم منها التحريض على المظاهرات وغسيل أموال، وجد منها ثلاثة ملايين في بيته، لا يعرف الرجل من أين جاءت، وتمويل حركات في الخارج ضد النظام.
صباح اليوم التالي؛ وكان يوم خميس؛ ارتفع سعر السولار، ومن ثم ارتفعت معه كل الأسعار، وزاد غضب الناس في الشارع أكثر، وبدلاً من أن يقابل عبد الوهاب في قصر الرئاسة بترحاب وتوصية، قوبل بكلمات نابية، رغم محاولاته نفى أنه السبب وراء ارتفاع الأسعار.
خرج مخذولاً، وما هي إلا أيام حتى عادت الأمور إلى مجاريها عبر توصية أخرى، وارتفع سعر الحديد أكثر وأكثر ليكسب عبد الوهاب خلال أسابيع ملايين الملايين، ثم يقدم للأميرة هناء " يخت " هدية يطل على بحيرة في لوزان بسويسرا لتقول له ساخرة من ذلك الوطن المهدر دمه يمينًا مرة ويسارًا مرات.. ساخرة منه نظامًا وحكومة وشعبًا:
- ما مصر فيها فلوس كتير أهى، والشعب المصري غنى؛ ويدفع فلوس في " يخوت ".. أمال بيدعي الفقر ليه ؟!......

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 08:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-2533.htm