لحج نيوز - في الشهر الذي تلا محاولة عمر فاروق عبد المطلب المعلنة في 25 ديسمبر/كانون الأول 2009 تفجير طائرة ركاب تابعة للولايات المتحدة، دأبت وسائل الإعلام الدولية على تسليط الأضواء على القضايا الأمنية في اليمن، حيث تلقى النيجيري البالغ من العمر 23 عاماً تدريبه الجهادي، حسبما زعم. وقد تركز الاهتمام إلى حد كبير على التهديد الذي

الخميس, 04-فبراير-2010
لحج نيوز/خاص:عبد الرشيد الفقيه -
في الشهر الذي تلا محاولة عمر فاروق عبد المطلب المعلنة في 25 ديسمبر/كانون الأول 2009 تفجير طائرة ركاب تابعة للولايات المتحدة، دأبت وسائل الإعلام الدولية على تسليط الأضواء على القضايا الأمنية في اليمن، حيث تلقى النيجيري البالغ من العمر 23 عاماً تدريبه الجهادي، حسبما زعم. وقد تركز الاهتمام إلى حد كبير على التهديد الذي يمثله مقاتلو "القاعدة" في البلاد على استقرار اليمن وأمن الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية. ونزعت التصريحات التي أدلى بها قادة الدول إلى التركيز على ضرورة تقديم المساعدة الأمنية إلى اليمن، وكذلك إلى مواصلة المعونات التنموية التي تمنح حالياً، نظراً لوضعه الذي يضعه في مصاف أكثر دول العالم فقراً.
وفي المقابل، لم يلق سجل الحكومة اليمنية في مضمار حقوق الإنسان اهتماماً يذكر في هذه الأسابيع الأخيرة. ومع أنه ما من شك في أن أعمال الجهاديين تظل مبعث قلق مستمر؛ حيث يتحمل مقاتلون ينتمون إلى "القاعدة" أو إلى جماعات جهادية أخرى المسؤولية عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عن عدد من الهجمات المميتة ضد المدنيين في السنوات الأخيرة؛ فإن مصدر المخاوف الأمنية الرئيسي الذي يخشاه اليمنيون هو في حقيقة الأمر الوقوع في براثن الردود الحكومية القمعية الشرسة، سواء على تلك الهجمات المميتة أو على ما يبدو في حقيقة الأمر أشد الأزمات خطورة وزعزعة لاستقرار البلاد: أي الحرب الدائرة في محافظة صعدة شمالي البلاد؛ والاضطرابات التي تجتاح الجنوب.
فقد لقيت أعداد غير معروفة من المدنيين – ربما بلغت عدة مئات أو يزيد – مصرعها في نزاع صعدة، كما لقي عشرات من المحتجين في الجنوب والعشرات ممن يبدو أنهم من أقارب مقاتلي "القاعدة" المشتبه فيهم مصرعهم كذلك. وزُجَّ بالمئات، وربما الآلاف، من الأشخاص الذين اشتبه في أن لهم صلات بحركة التمرد في صعدة أو بالاحتجاجات في الجنوب أو بالجماعات الجهادية، في المعتقلات لفترات مطولة دون توجيه تهمة إليهم أو إثر مقاضاتهم وفق إجراءات لا تفي بمقتضيات المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وأخضع العديد من هؤلاء، حسبما ذُكر، للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة السيئة، المتفشية في أماكن الاعتقال. وتعرض من يجهرون بآرائهم ضد ممارسات الحكومة هذه للاستهداف الأمني على نحو متزايد. وبعبارة مقتضبة، شهد اليمن تدهوراً مطرداً لأوضاع حقوق الإنسان بوتيرة متسارعة خلال السنوات القليلة المنصرمة.
فحتى وقت قريب نسبياً، ظل اليمن يبعث بإشارات واعدة على أنه بصدد اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو احترام أفضل لحقوق الإنسان. إذ أصبح دولة طرفاً في عدد من المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان بحلول نهاية تسعينيات القرن الماضي، وأنشأ وزارة لحقوق الإنسان في 2003، وأتاح للمجتمع المدني على مدار القسط الأكبر من العقدين الماضيين أن يتطور ضمن نسق لا تعرقله القيود نسبياً. وبالمثل، اتبعت السلطات لسنوات عموماً سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين الفارين من النـزاع الدائر في الصومال. بيد أن ما بدا إطاراً يتحسن باطراد لحقوق الإنسان ينوء اليوم تحت سلسلة من التغييرات المؤسسية التي تجد تجسيداً لها في إنشاء محاكم خاصة لا صلة لها بحقوق الإنسان، وتعديلات تشريعية مقترحة معادية لها، ولاسيما في سن وإقرار قوانين قمعية جائرة لمكافحة الإرهاب.
وعلى ما يبدو، فإن السلطات اليمنية تتعرض اليوم لضغوط مزدوجة تتزعمها حكومة الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوروبي، المعنية بأمنها الخاص وحسب، من أجل أن تتخذ تدابير لمكافحة "القاعدة". إلا أن منظمة العفو الدولية، وإن كانت تدعم الجهود التي تبذل لتقديم الجناة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان إلى ساحة العدالة وفق إجراءات تفي بمقتضيات المعايير الدولية وتستبعد اللجوء إلى عقوبة الإعدام، تشعر ببواعث قلق من أن التدابير الجديدة التي تتخذ باسم الأمن ربما تفضي إلى مزيد من التقويض لحماية حقوق الإنسان. فالتعاون الأمني الذي تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي طرفاً فيه، ويكون طرفه الثاني دول المنشأ للمقاتلين الجهاديين المشتبه فيهم، قد اتسم على الدوام بعدم احترام تدابير حماية حقوق الإنسان، وأدى إلى انتهاكات خطيرة شملت التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والاختفاء القسري.
ويعرض هذا التقرير الموجز لما تراه منظمة العفو الدولية من تقييم في الوقت الراهن لقضايا الأمن وحقوق الإنسان في اليمن. وهو لا يتصدى لبواعث القلق المتعلقة بالأشكال الأخرى لانتهاكات حقوق الإنسان، كالعنف ضد المرأة وإساءة معاملتها، وعقوبة الإعدام، وحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، واعتقال المهاجرين وطالبي اللجوء وإبعادهم، ما دامت هذه الانتهاكات لا تتصل على نحو مباشر بشؤون الأمن وحقوق الإنسان.


يتبغ
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 01:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-2554.htm