الجمعة, 05-فبراير-2010
لحج نيوز - بين يدي كتاب هام أعود لقراءته بين فترة وأخرى، وهو منجز كاتبة عراقية رائدة جديرة بالاهتمام والإشادة لدورها الكفاحي الكبير، فما قدمته سعاد خيري في مسيرتها النضالية كثير، وما كتابها " المرأة العراقية كفاح وعطاء"رغم أهميته الكبرى إلا جزء بسيط في إبداعها ونشاطاتها. فالقارئ ومن الإهداء الذي دبجّته الكاتبة بمعان غاية في لحج نيوز/بقلم:بلقيس حميد حسن -

بين يدي كتاب هام أعود لقراءته بين فترة وأخرى، وهو منجز كاتبة عراقية رائدة جديرة بالاهتمام والإشادة لدورها الكفاحي الكبير، فما قدمته سعاد خيري في مسيرتها النضالية كثير، وما كتابها " المرأة العراقية كفاح وعطاء"رغم أهميته الكبرى إلا جزء بسيط في إبداعها ونشاطاتها. فالقارئ ومن الإهداء الذي دبجّته الكاتبة بمعان غاية في السمو، سيكتشف مليا صلة هذه الإنسانة ودورها كمدافعة عن الإنسان،ومناضلة تقدمية فذّة ساعية لمساواة المرأة وتحررها.. تقول الكاتبة:

إليك شطرا من قلبي يا شقيقة نضالي!..إليك أيتها المرأة أينما تكدحين وتشقين!..في المطبخ أو في الحقل،في المعمل أو المكتب!..على ذرى كردستان وفي سهول العراق وأهواره.. على ضفاف دجلة والفرات،وتحت ظلال أشجار الجوز الوارفة أو النخيل الباسقة.
فما أسمى هذا الشعور وما اجمل هكذا عطاء...

تستعرض الكاتبة في الفصل الأول من كتابها للانطلاقة الأولى لحركة تحرير المرأة العراقية، وكيف أسهمت بعض الأسماء العراقية في غرس بذور الأفكار الأولى لتحرير المرأة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وكيف أصبح شعار تحرير المرأة ومساواتها في الحقوق شعارا جماهيريا بعد تنامي دور الطبقة العاملة وتكوين حزبها السياسي؛ الحزب الشيوعي العراقي.
وتمرّ الكاتبة بالذكر على دور المرأة العراقية في تعزيز مكانتها العلمية منذ عشرينيات القرن الماضي،وكيف أسهمت النساء العراقيات في العملية السياسية منذ تأسيس أول منظمة نسوية تجمع بين أهداف تحرير المرأة وبين أهداف سياسية كبرى في التحرر الوطني وتحرير البشرية من الفاشية والاستبداد.
وتسرد الكاتبة بعض تفاصيل من معاناة المرأة قبل ثورة 1958 وكيف تعاظمت مسؤوليتها في الخروج الثوري من فترة الملكية المظلمة بكل استبدادها وتقاليدها الإقطاعية الجائرة.
وتبين الكاتبة دور المرأة العراقية النضالي وعمق التحديات التي واجهتها وذلك بتقييم لأول قانون للأحوال الشخصية في العراق بجملة ملاحظات نقدية عرضت لها الكاتبة، التي تناولت بمرور سريع لمحات من حقبة الوصول الفاشي إلى السلطة وكيف انتهى بها المطاف إلى التربع الديكتاتوري على عرش العراق في عام 1968 .
وتضع لنا الكاتبة جداول وتعدادات لنسب مشاركة المرأة في الحياة العملية حيث دلّت الإحصاءات على نمو بسيط في مستويات المشاركة النسوية.وكيف كانت معاناة المرأة العاملة في السبعينيات، وهو فصل مهم جدا و مصدر لمن شاء التوسع في بحث بعض المضامين التي وردت فيه لدراسة أوضاع المرأة العراقية في عقد من التحولات السياسية والاقتصادية في العراق، كان للكاتبة فيه جهد متميّز في الدقّة والغنى والفائدة والأفكار الهائلة التي يزخر بها الكتاب عموما والتي تبثها الأستاذة سعاد خيري في ثنايا كتابتها القيمة. حيث تعيش مع القارئ أمنية المجتمع الخالي من الطبقات والاستغلال، المجتمع المتحرر من جميع أشكال التمييز بين البشر،المجتمع المتحرر من جميع أشكال الخوف من الحروب ومن الحاجة ومن جميع أشكال القسر. حيث الانطلاق الخلاّق دونما حدود وإعاقات.

وفي جزء هام من الكتاب تفرد الأستاذة الباحثة سعاد خيري فصلا مهما تبحث فيه عن أوضاع المرأة العراقية في سنوات الحرب العراقية الإيرانية وبعدها، وكيف أصبح الحال تحت وطأة الحكم الاستبدادي القمعي الذي حطم الإمكانيات الاقتصادية والسياسية والثقافية للبلد وجعل من العراق بلدا فقيرا مديونا يعاني من ترديات هائلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي دفعت المرأة العراقية ثمنها طويلا في معاناة قل مثيلها في الخرائط المجاورة.
وتضع الكاتبة أسماء شهيدات عراقيات ومفقودات في زمن الرعب وزمن المقابر الجماعية وهي بالتأكيد قوائم وأسماء لا تمثل إلا جزءاً يسيرا من قوائم الإعدامات والسجون، التي كان يقيمها النظام العراقي لضحاياه.
كتاب المرأة العراقية عطاء وكفاح كتاب مهم وتأتي أهميته من تكامل مواضيعه رغم صفحاته القليلة، التي ملأتها الأستاذة سعاد خيري بخبرة الباحث والكاتب بشواهد ودلالات عن آلام الماضي ومعاناة المرأ ة العراقية في طموح تحررها من تبعات الديكتاتورية المقيتة. وأهمية هذا الكتاب كونه شهادة امرأة مناضلة عانت الأمرين في السجون والمعتقلات التي أنهت عشرة سنوات من عمرها بين جدرانها المظلمة وعذاباتها المهولة , وهو شهادة عن مرحلة هي بحق من اعقد مراحل تاريخ العراق وأكثرها سوداوية، دفع فيها الشعب العراقي غالي التضحيات ولا زال يدفع حتى هذه اللحظة.
ولعل قراءة كتاب "المرأة العراقية كفاح وعطاء" الآن مهمة للوقوف على المشهد العراقي في نضاله النسوي وصولا إلى أولى العمليات الديموقراطية التي سيشهدها وطننا الحبيب،والتي سيكون للمرأة العراقية دور فاعل ومؤثر فيها، يعيد لها المكانة الحقيقة في مجتمع ديموقراطي يسعى إلى المساواة ومنح المرأة العراقية حقوقها الكاملة التي تستحق.


[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 03:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-2574.htm