بقلم/محمد انعم -
تبدو ملامح النظام العربي الجديد غير واضحة حتى الآن، فلابد لبعض القوى المتصارعة سراً وعلناً ان تحسم المعركة او تنسحب من الحياة السياسية وتضاف الى رفوف متاحفنا ضمن مجموعة عِبَر التاريخ وما اكثرها، واقل من يتعظون بذلك..
المدهش في هذه المعركة الضارية هو دخول السعودية والامارات والكويت والبحرين كطرف فيها بشكل واضح، الامر الذي يجعل المشهد اكثر اثارة رغم ان القاتل والمقتول هم اخوة فيما العدو الحقيقي يتربص بأمتنا شراً ويقف متفرجاً وفي قبضته القدس وأرض الرباط..
تنظيم الاخوان المسلمين مثله مثل تنظيم القاعدة اعلنوا موقفهم بشكل واضح، وصاروا يعتبرون ان عدوهم الاول المملكة والامارات والكويت وغيرها من دول الخليج لأنها شاركت في اسقاط نظام الاخوان في مصر عبر ذلك الدعم السياسي والمالي والمعنوي الصريح والذي جعل موقف صانع القرار الامريكي والغربي حتى اللحظة لا يختلف كثيراً عن موقف دول الخليج..
وهكذا نجد ان الموقف الخليجي من ثورة مصر جاء بمثابة اعلان حرب على الاخوان في كل دول العالم وهذا تطور خطير في علاقة الاخوان مع دول تعد مراكز مالية ودينية وتمتلك نفوذاً سياسياً لا يمكن الاستهانة به.. بالتأكيد ان موقفاً كهذا هو توجه لإنهاء الحرب التي يخوضها الاخوان بضراوة ضد دول الخليج منذ اكثر من عامين.. واذا استمر الاخوان في هذه الحرب فإنهم سيجدون انفسهم بعد اشهر إما في كهوف تورا بورا أو داخل سراديب سرية تحت رمال صحراء الربع الخالي ليخوضوا معركة الاحزمة الناسفة بعد ان فشلوا من تفجير ثورة غضب في السعودية كما خططوا ودفعوا بعناصرهم من مختلف البلدان للسفر اليها خلال شهر رمضان المبارك بدعوى اداء العمرة .. غير ان مخططهم سقط بخلع مرسي من مصر وحمد من قطر ..
هول الصدمة التي تعرض لها الاخوان في مصر جعلتهم يتصرفون بطريقة غبية ويتضح ذلك بنفس الخطاب المتشنج والانتحاري الذي تردده قياداتهم وقواعدهم ايضاً على مستوى العالم وهو خطاب كان له تأثير داخلي وخارجي كبير ويجد آذاناً صاغية طوال عام 2011م فقط ، وعندما يردد الاخوان اليوم نفس شعارات الصدور العارية وثورتهم السلمية المزعومة فانهم يرتكبون اخطاء قاتلة ضد انفسهم، وستثبت الايام أن الاخوان لن يخسروا مرسي ومصر ولكن سيحكمون على حركة الاخوان في العالم بالموت الحتمي، وهاهم يحفرون قبورهم بأيديهم غير مستوعبين للمتغيرات في الشارع العربي والغربي ايضاً..
أجزم ان المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ودولة الكويت والبحرين تعي جيداً، انها عندما اتخذت موقفاً سريعاً وبتلك الشجاعة لتأييد ثورة الشعب المصري ضد الاخوان فهي بذلك اوصلت عدة رسائل للعالم وللاخوان ايضاً..
ولعل اهم تلك الرسائل ان دول مجلس التعاون الخليجي لن تقبل ان تسقط اليمن في قبضة الاخوان مستقبلاً، لان في ذلك خطراً على امنها القومي ، كما ان التفكير بالتعايش كما كان عليه الحال في السابق اصبح مستحيلاً..
وهذا لا يعني ان الاخوان سيستسلمون بسهولة.. والمؤكد ان قادة دول الخليج يدركون جيداً ان دولهم مخترقة من قبل جماعة الاخوان والذين يتوغلون في الكثير من المفاصل المهمة في بلدانهم، مثلما يعرفون جيداً ان كل شحنات الاسلحة التركية الكاتمة للصوت والتي تم ضبطها في بلادنا كانت في طريقها للتهريب الى داخل بلدانهم ..
من الواضح ان دول الخليج بدأت تشعر بعد سقوط العراق وظهور المثلث الشيعي ان حدود امنها القومي يوجب عليها عدم السماح للإخوان بحكم مصر او اليمن.