لحج نيوز - الرئيس عبدربه منصور هادي

الإثنين, 30-ديسمبر-2013
لحج نيو / رؤية تحليلية :عبدالقوي السباعي -
في خضم الأحداث والتحولات التي تشكلت في الوطن العربي الكبير، وشملت أهم مراكز الثـِقل والممانعة ونقاط التحكم والمعاصرة، عبرعاصفةٍ هوجاء غيرت ملامح النظم السياسية ، ورسمت توجهاتها المرحلية بحسب أيد لوجيات القوى الجديدة التي ظهرت وصعَُدَّت على حساب قوى يعتقد بأنها باليةٌ بل وأنتهت فترة صلاحيتها..
واليمن كغيرها من البلدان التي شملتها رياح التغيير الربيعية المثقلة بسحب الدخان والبارود، المبللةِِ بزخات الدموع والدماء، إلاّ أنها كانت الاكثر حظاً من تلك البلدان على الرغم من الخصوصية التي تفرد بها نسيجهُ الاجتماعي القبلي المكتض بمختلف أنواع الاسلحة والمعزز بشتى صنوف وبذور الفرقة والا نقسام منذُ إقدامه على أعادت لحمته وتحقيق وحدتهِ في مايو1990م دون سابق إنذار أو إذن مسبق – إلاّ أن الحكمة اليمانية المتجلية في معظم أبناء اليمن كانت هي سيدة الموفق..!
والمتابع المتيقن للاحداث والمتمعن في ابعادها يدرك تمام الادراك انها ليست الحكمة وحدها بل اللاعبين المحترفين المخضرمين في (الداخل والخارج) وراء الاسباب الجوهرية التي شكلت ملامح الصراع وقادت إندفاعاته وتحكمت بمنطالقاته وغذت مخرجاته على النحو المهيئُ له سلفاً سواءاً ماقبل احداث2011م أوما رافقها وحتي اليوم..
ففي فبراير2012م توافق جميع الفرقاء ومحاور الصراع من سلطةٍ ومعارضةٍ ومكوناتٍ ثوريةٍ شبابية وقبلية على شخصيةٍ توافقية واحدة تمثلت بالأخ/ عبدربه منصور هادي كرئيس شرعي توافقى لليمن، بل تعدى هذا التوافق المنقطع النظير لتتوافق عليه وتباركه كل القوى الإقليمية والدولية الراعية للمبادرة الخليجية والوصيه أو المشرفة على تنفيذ آلياتها المزمنّه ، وسارع الجميع في الداخل والخارج بإبداءِ إستعداداته لدعم الرئيس المنتخب ومساندته والوقوف إلى جانبه وحماية توجهاته ودعم قرارته ، في مختلف فعاليات وأنشطة تلك القوى ، التي دائماً ماحرصت على تضمين رسائلها تنويه ولفت نظر الرئيس تنتظر منه إعترافاً بجميلٍ وصنيعة في إيعازٍ له بمواكبة الموافق والرؤى التي تتبناها ، الأمر الذي جعل كل حريصٍ على تدعيم موقفه عند الرئيس المنتخب ولتحصين نفسه من إغراءات الصخب القادم من منافسة ، كان أكثرتيمناً بالرئيس والأحرص على إظهار المحبة والود وصولاً الى كسب قلبه وقلمة ، حتى تطور الأمر إلى التنافس على الاستحواذ عليه والانفراد به والاملاء عليه..!
لقد وجد الرئيس هادي نفسهُ أمام تحدياتٍ جمه تشكل سندانا صلباً بفوهةِ تنورٍ ينفخ كيرهُ المتوقد معسكرهُ القديم الجديد والجديد القديم ، في ظل تناقضاتٍ مريبه ومفارقاتٍ عجيبه ، وكذا تحديات أخرى تتمثل بالتدهور الاقتصادي المريع الناتج عن التدمير الممنهج والفساد المستشري في كل مفاصل البناء الاداري للدوله وبكل مرافقهِ الاقتصادية والتنموية والخدامية و...الخ ، بالاضافة الى ضغوط سياسية وعسكرية واجتماعية تهدد وحدة وتلاحم النسيج الاجتماعي للشعب اليمني الواحد الناجمه عن إفرازات أزمه 2011م وماتلاها من تغذيةٍ تحريضية على العنف بكل أشكاله والانقسام والتشرذم على اساسٍ مناطقي وحزبي وسلالي وجهوي وشللي ناهيك عن النزعات الانفصالية المتفشية على نحو مريب في عموم المناطق الجنوبية ، والاقتتال المذهبي الذي تتسع فجواته يوماً بعد يوم من صعدة في شمال الشمال ليصل الى ماهو ابعد من ذلك ، ومروراً بالعمليات التخريبية التي تُطال أهم المرافق الحيوية والخدميه كالنفط والكهرباء..... الخ ، وانتهاءاً بالهجمات الارهابية والعمليات الاجرامية المبرمجة من أغتيالات وتصفيات ممنهجه للكوادر الوطنية في الجيش والأمن والسلطة المدنية ، واستهداف الجنود والمواقع العسكرية والنقاط الامنية....الخ.
واكون محقاً اذا ما قلت أن الرئيس هادي ومنذً السنة الاولى من حكمه ، ظل هدفا مرصودا لمحاولات إغتيال وتصفيةٍ إماجسدية أو نفسيه أو كسر إرادة وهزيمة معنوية ، إذ تعرض ويتعرض للعديد من المكائد الارباكية والمظاهر الاحباطية التي تجعله عاجزاً عن التصرف حيال معظمها ، الامر الذي أظهر الرجل وللوهلةِ الاولى بقمصان الموظف التابع ، ولانه القادم على صهوة المبادرة الخليجية والتوافق توقع العديد من المراقبين أن يتجه الرئيس هادي بسرعه نحو الاعتماد على السعودية ومشايخ القبائل شمالاً وجنوباً من أجل ضمان استمرارية حكمه ، ولكنه لم يتعجل ذلك بانتظار أن يتمكن من بلورة سياسة يمنية جديدة تقوم على استقلالية القرار السياسي الداخلي والخارجي لليمن مستنداً لقوى وطنية حقيقية تكنُّ له كل الحب والولاء ومستعدةٌ للتضحية معه من أجل بلوغ الأهداف النبيلة التي ترسم مستقبل اليمن المنشود تحت راية اليمن الواحد الموحد ، وقد تضمن هذا الحل مخاطر جمَّه ، حيث انه اذا ما فشلت جهود التسوية السياسية وعجزت في بلورة رؤية وأضحة ومرضية لكل أطراف مؤتمر الحوار الوطني الشامل فإن هناك احتمالاً لاندلاع مواجهات وقتال في عدة جبهات ومحاور وتحت عدة شعارات ومطالب ، وعلى المدى البعيد والقريب هناك أكثر من سندان جاهزوما تزال شيكاتها مفتوحةٌ حتى اللحظة ، والمدرك سيلاحظ رغم التعاون المبدئي في تقبل بعض الاطروحات وتمرير بعض المسائل التي تطراً بين حين وأخر من شخصيات سياسية وقبلية وعسكرية معروفة بولائاتها وارتباطاتها الخارجية لــ(قطر– ايران- تركيا-.و......) إلا أن الرئيس هادي خيب آمالهم جميعاً وبالذات خيب أمال السعوديين والأمريكان فرغم إعلانه في بداية حكمة بمحاربة الأرهاب المتمثل بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ، موارباً خلف خطابه هذا كسب تعاطفٍ وتأييد ، غير أنه لم يقبل أن تستغل القوى الكبرى الاقليمية والدولية الخلافات الناشئة اصلاً بسببها والاقصاد المتدهور –لاملاء سياساتها على بلاده او لشراء مواقفه أو انتقاص سيادته ، وكان ذلك متوقع من هامةٍ وطنيةٍ كـ عبدربه منصور هادي الذي خرج من رحم المؤسسة العسكريه اليمنية الذي يأنف أن يكون ذيل في جسد الجمل مستحضرا قول الشاعر : (ونحن أنُــاسٌ لاتوسط عندنا ـــــ لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ.... تهون علينا في المعالي نفوسنا ــــ ومن يخطب الحسناء لم يغله المهرُ.)..
المهـــــم هنا جائت خطوة الرئيس هادي المفاجئة بمثابة صدمةٌ غيرمتوقعة اذهلت حلفائه التقليديون ، إذ بادر بتحويل مسار تنقلاته وزياراته بإتجاه الشرق تكللت بإبرام العديد من الاتفاقيات والصفقات الناجحه مع الصين وروسيا وغيرها ، وأعتقد أن سبب التحول المفاجئ لليمن تجاه قنوات جديدة ومنافسة غير امريكا والسعودية هو رغبة النظام اليمني بقيادة الرئيس هادي في إعطاء إشارة إلى كلاًمن السعودية والولايات المتحدة بضرورة اللياقة في التعامل مع اليمن ، وهي نفس الطريقة الجدلية التي أستخدمها النظام السابق بقيادة الرئيس صالح فكلاهما تجرعا مرارات الشروط السعودية الامريكية المجحفة بحق البلاد والعباد ، وكلاهما تذوقا آلم الضربات المنهالة من المطارق المتعددة ..!!
فالعلاقة بين اليمن والسعودية مثلاً ... مثلاً أشبه ما تكون بطاحونة الحمار ما تتحرك من مكانها إلاَّ لتعود إليه ، وحكايتها لاتختلف عن حكاية (المزارع والمسقى والحمار ) فمنذُ بداية العام 2013م والعلاقة البينية بين البلدين تتسم بالتوتر إبتداءاً بعدم الإيفاء بالتعهدات والإلتزامات التي قطعتها الحكومة السعودية على نفسها في أكثر من مؤتمر كمؤتمر لندن للمانحين (أصدقاء اليمن) ومؤتمر الرياض ....الخ ، معللة تنصلها بحججٍ تتعلق بإدارة الحكومة اليمنية لمخرجات الدعم ، وأنتهاءاً بتحميل اليمن عبئاً إقتصادياً جديداً يتمثل بترحيل ما يصل من 70ألف عامل يمني من أراضيها بحجة تواجدهم غير الشرعي في الديار الملكية ، وقامت الحكومة اليمنية باستقبالهم على أنهم يمنيون مجهولوا الهويه دون أن تكلف نفسها التحري عن ذلك ، ويظل السبب الرئيسي إلى عدم رضا السعودية مجهولٌ أيضاً ، فتكهنات تر جعهُ للإستكشافات النفطية الأخيرة في منطقة الجوف وعزم الرئيس هادي على تمكين شركات صينية حق التنقيب وشرف الامتياز ، وآخرى للثغرات القانونية المحشورة في بنود إتفاقية جدة الحدودية ..... غير أن هناك الكثير والكثير من الاسباب التي لا يتسع المجال لسردها ، إلاّ أن الحقيقة التاريخية تؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك أن مطرقة النظام السعودي أستغلت المال بصورةٍ مقززةٍ في علاقتها مع اليمن مستفيدةً من ضعف الموارد المادية ومن سيطرة عملائها التقليديون والجدد ونفوذهم الذي يشكل طابوراً خامس يتحرك على النحو المحدد من جهاز المخابرات السعودية وأذرعة المتجذرة في التربة اليمنية ، فزيادة الدعم أو نقصانه أو بقاء العمالة اليمنية أو طردها مرتبطٌ بإرتهان النظام في اليمن للسياسة السعودية ..!! رغم هذا وذاك فالعلاقة مستمرة بين البلدين في أحسن أحوالها (ظاهرياً) حيث يتحدث المسؤولون في اليمن عن هذة العلاقات بأنها تاريخية وعريقة وأزلية ويطلقون على السعودية (الجارة الكبرى) ويمتدحون بمناسبةٍ وبدون مناسبة مجلس التعاون الخليجي والمبادرة الخليجية حتى أعتقدنا أنها جزءٌ من دستور الجمهورية اليمنية ، بل وكأنها قرآن علينا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار ....!! وعلى الرغم من المواقف التي يتخذها الرئيس هادي حالياً والتي يعُدها النظام السعودي (متحررة) إلاّ أنه يرى أن قطع الدعم السعودي على اليمن أو إظهار العداوة المباشرة سوف يدفع به إلى دول آخرى منافسة ، لذلك فهي تستمر في كسب الوقت حتى يتمكن الرموز المواليه لها من أقطاب الحكم الحالي من السيطرة على مجريات الامور ، وأقول جازماً أنهم قد فشلوا فشلاً ذريعاً .... وما خفي كان وما يزال أعظم وأمر ...!! ولنا بكم لقاء نسرد فيه حكاية سندانٍ جديد ومطرقةً آخرى ....!
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:01 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-27868.htm