بقلم/د. حسن طوالبه -
لقد تقطعت كل حبال التواصل بين نظام الملالي في ايران وبين معارضيه , وخاصة منظمة مجاهدي خلق , التي شاركت الملالي في الثورة على نظام الشاه عام 1979 , ونظرا للافكار اليسارية او الافكار الحداثية التي تؤمن بها منظمة المجاهدين تم اقصاؤها من الحكم , وتمت مطاردتها داخل ايران وخارجها , واعدم المئات من اعضائها وسجن الالوف في سجون النظام المعروفة بقمعها وارهابها .
بالمقابل وقفت منظمة المجاهدين موقف الند للنظام الديني " نظام ولاية الفقيه " . وعلى هذه الخلفية يعاني سكان اشرف وليبرتي من الحصار والعنف والارهاب والحرب النفسية ويعنون كل هذا الحقد وهذا الارهاب , ولاسيما بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 . فقبل ذاك التاريخ كانت منظمة المجاهدين تملك السلاح الذي يؤهلها الدفاع عن نفسها . وفي ضؤ الوعود الامريكية والتطمينات التي منحها الضباط الامريكيين لممثلي اشرف وتعهدات الحكومة العراقية للولايات المتحدة الامريكية والأمم المتحدة بحمايتهم , تم تسليم اسلحتهم الى القوات الامريكية الغازية . ومنذ ذاك التاريخ صار الاشرفيون في عداد المدنيين المشمولين بالرعاية وفق اتفاقية جنيف الرابعة .
هذه الوعود وتلك التطمينات الامريكية لم تحل دون التدخل السافر من قبل وزارة المخابرات الايرانية ( اطلاعات ) وقوات القدس الارهابية التي يقودها قاسم سليماني في شان الاشرفيين , ومحاصرتهم اقتصاديا ونفسيا , بمنع وصول مستلزمات الافراد الغذائية والصحية الى مخيم اشرف ثم الى سجن ليبرتي , اضف الى ذلك تلك الحرب النفسية التي مورست ضدهم منذ عام 2009 وحتى الان , المتمثلة بالتشويش عليهم من خلال مكبرات الصوت , والنداءات المتواصلة التي تدعوهم الى ترك مخيمهم والعودة الى ايران . كما استخدمت اطلاعات وسائل نفسية لاختراق صفوف الاشرفيين من خلال جلب عائلات البعض منهم بدعوى لم الشمل , بهدف اقناع البعض بالعودة الى ايران .
لم تجدي تلك الاساليب نفعا , وتم استخدام القوة العسكرية المفرطة ضد الاشرفيين في عدة مرات راح ضحيتها 116 قتيلا وأكثر من 1375 جريحا على الرغم من انهم اشخاص محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة . ومن اجل مضايقتهم اجبروا على الرحيل من مخيم اشرف الذي بني باموالهم الخاصة الى سجن ليبرتي قرب مطار بغداد , واقول سجن لانه من غير المعقول ان يتم عيش 3000 شخص فوق مساحة صغيرة لا تتجاوز عدة كيلومترات مربعة , ولذلك فهو سجن أيلُ للسقوط , اذ كان معسكرا للقوات الامريكية خلال السنوات التي سبقت انسحابها المذل نهاية عام 2011 , بفعل المقاومة العراقية الباسلة .
حصلت كل تلك الاحداث بفعل التحالف الايراني الامريكي القديم الجديد , تحالف معلن زمن حكم الشاه , وتحالف خفي زمن حكم الملالي . وبات معروفا دور نظام الملالي في مساعدة القوات الامريكية في احتلال افغانستان والعراق , وهذا الدور كان له ثمنه , اذ سمحت الولايات المتحدة لنظام الملالي ان يتمدد في العراق , ويشغل الفراغ الذي تركته القوات الامريكية عقب 2011 . مقابل سيطرة الولايات المتحدة على ابار النفط العراقية . اي كان شعار الولايات المتحدة " اعطونا النفط وخذوا العراق " . ومنذ سنوات وقوات القدس والسفارة الايرانية في بغداد تسيطران على الاوضاع في العراق , وقد اكد ذلك قاسم سليماني بنفسه , وله الامر والنهي في هذا البلد المنكوب .
ولكل ما سبق فلن نتوقع للاشرفيين الا القتل والحصار والتجويع والموت البطئ , من خلال منع الدواء عن المرضى , وعرقلة ايصالهم الى المشافي , ومنع سيارات نضح المياه الثقيلة من الدخول الى ليبرتي لنضح تلك المياه الانسنة الى الخارج بهدف تفشي الاوبئة والامراض , وكذلك تشديد الحصار لاصابة السكان بالاكتئاب والامراض النفسية . هذه هي الحرب النفسية التي يمارسها نظام متمرس في العنف والارهاب منذ زمن بعيد , ضد سجناء يتوهمون انهم محميون وفق القانون الدولي , وان الامم المتحدة حرة في قرارها وقادرة على ان تؤدي دورها الانساني المطلوب , والحقيقة ان الامم المتحدة لعبة بيد الادارة الامريكية , كما ان هذه الادارة لن تغامر بمصالحها مع ايران من اجل مجموعة من المعارضين لنظام الملالي . اما اذا تعرقلت هذه المصالح ووصلت نقطة الصفر فسوف ياتي المدد للاشرفيين حتما .
اليوم والادارة الامريكية تريد ان تتوصل الى اتفاق مع نظام الملالي بشأن الملف النووي الايراني , فانها تهدف الى حماية حليفها الكيان الصهيوني اولا , وتامل ان يتحقق هذا الهدف بالوسائل السلمية . اما حماية الاشرفيين فانه يكون من خلال الضغط الشعبي المتواصل ,وبالذات من خلال النواب والحقوقيين والمنظمات الانسانية , كلها وسائل ضغط بطيئة وتكلف المعنيين ثمنا كبيرا , وما على الاشرفيين الا تمثل المبادئ التي امنوا بها وضحوا من اجلها . وكل المناضلين في العالم يعرفون هذه الحقيقة التاريخية , وهي ان صمود المناضلين كفيل بقهر اعتى الديكتاتوريات .
وعلى الدول التي تدعي انها ديمقراطية وحامية لحقوق الانسان ان تعي ان نظام الملالي في ايران نظام متخلف يسير عكس الحداثة , ويعمل ضد حقوق الانسان . فاعماله القمعية ضد ابناء الشعوب الايرانية مفضوحة لدى الراي العام العالمي , سواء بقمع التظاهرات , وزج الالوف من المواطنين المطالبين بالحرية في غياهب السجون , ومنع وسائل الاتصال المعروفة مثل الانترنت والتواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر والجات وغيرها . ووصل الامر حد منع مشاهدة الفضائيات خوفا من رؤية فضائح النظام الذي يسيطر على الوضع في ايران بيد من حديد . على العالم الحر ان يرى ويدرك من يدعم عندما يتجاهل ما يجري في ايران من عنف وارهاب ضد الشعب , وما يجري لاناس عزل من السلاح يعيشون في سجن ليبرتي . واذا صحى ضمير هذا العالم فسوف ينتصر لكل المظلومين في العالم ومنهم الاشرفيين .
.رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن ليبرتي *