لحج نيوز - محاولة السيطرة على وسائل الاعلام جزء من الحرب الدائرة في العالم، وهي تدور في ميادين متعددة في الاثير وموجات الفضاء والاقمار الصناعية اوعلى صفحات الجرائد واخيرا في الفضاء الافتراضي على الانترنت.
هذا الميدان الاخير "الانترنت" وفر فرصا تكاد تكون متكافئة لجميع الاطراف للتعبير عن رايها واعلان وجهات نظرها ومواقفها، مما حوله الى قوة لا يستهان بها في العالم، كان

الإثنين, 22-فبراير-2010
لحج نيوز/كتب:سمير الحجاوي -

محاولة السيطرة على وسائل الاعلام جزء من الحرب الدائرة في العالم، وهي تدور في ميادين متعددة في الاثير وموجات الفضاء والاقمار الصناعية اوعلى صفحات الجرائد واخيرا في الفضاء الافتراضي على الانترنت.
هذا الميدان الاخير "الانترنت" وفر فرصا تكاد تكون متكافئة لجميع الاطراف للتعبير عن رايها واعلان وجهات نظرها ومواقفها، مما حوله الى قوة لا يستهان بها في العالم، كان ابرز تجلياته اعتراف الخبراء الامريكيين في مرحلة من المراحل ان تنظيم القاعدة تفوق على الولايات المتحدة الامريكية في استخدام الانترنت لترويج طروحاته، مما دعاهم الى المطالبة باعادة النظر بالاستراتيجية الامريكية لاستخدام الانترنت في ترويج السياسات والافكار الامريكية.
امريكا التي استطاعت في العقود الماضية ان تفرض سيطرة كبيرة على مصادر الاخبار، بدات بفقدان هذه الميزة حاليا بفضل تطور وسائل الاتصال وانتشار الوعي بين الشعوب.
ففي العقود الماضية كانت محطة سي ان ان الامريكية والمحطات الاخرى تفرض سيطرة كاملة على الفضاء، وكانت صحف مثل الواشنطن بوست ونيويورك تايمز وهيرالد تريبيون وفايننشال تايمز ومجلتي تايمز ونيوزويك تفرض الاجندة الاخبارية للعالم وتحدد اولويات التغطية واساليب المعاجلة والرؤى المرتبطة بها.
حاليا كل هذه الامور تراجعت بشكل كبير بسبب ظهور ادوات اعلامية منافسة وقوية في العالم حدت الى درجة كبيرة من تاثير الاعلام الامريكي الذي اخذ في الاونة الاخيرة يتحول الى اعلام محلي داخلي بامتياز، الى جانب الضربات القوية التي وجهتها الازمة الاقتصادية الغربية لوسائل الاعلام مما حد من قدرتها على الانفاق ودفعها الى التخلي عن عدد كبير من كوادرها بل وبيع مبانيها كما حدث مع جريدة نيويورك تايمز التي باعت مبناها التاريخي بسبب العجز المالي وصولا الى وقف بعض الصحف عن الصدور نهائيا او الاكتفاء بالطبعة الالكترونية في احوال اخرى.
لكن العامل المهم في معادلة الاعلام العالمي اليوم وتحديدا في ميدان الفضائيات هو دخول محطات جديدة الى الميدان استطاعت ان تسحب البساط من تحت اقدام الاعلام الامريكي والغربي بشكل عام، فالجزيرة مثلا تمكنت من ازاحة "ملوك الاعلام السابقين" في المنطقة وفرضت اجندتها الاخبارية ومصطلحها الاخباري والتحليلي واستطاعت ان تكون اقرب الى روح مشاهديها وثقافتهم التي هي جزء لا يتجزا منها فحققت اختراقا لايعود فقط الى جوانب مادية بل الى جوانب معنوية وثقافية لا يمكن شراؤها بالمال.
والى جانب الجزيرة برزت محطات اخرى لعبت دورا كبيرا في جلب المشاهدين اليها مثل المنار اللبنانية والقدس والاقصى الفلسطينيتين وبعض المحطات العراقية.. هذه المحطات رغم ضالة ميزانياتها مقارنة مع المحطات الكبرى في العالم الا انها استطاعت ان تستحوذ على جزء مهم من المشهد العام في المنطقة، وتمكنت من فرض اولويات اخبارية وثقافية مغايرة للسائد على الساحة مما حولها الى قوة حقيقية رغم ضالة حجمها وقلة امكانياتها.
هذه الحقائق قرأتها الدوائر الامريكية جيدا واعترفت ضمنيا وفي بعض الاحيان علنا ان هيمنتها على الاعلام في المنطقة في تراجع مستمر رغم تمويل عدد كبير من المحطات والاذاعات والصحف باموال دافع الضرائب الامريكي، وهو التمويل الذي افضى الى نتائج "صفرية" في التاثير على الراي العام العربي، ما دفع الدائر الامريكية الى البحث عن حلول اخرى لوقف مسلسل الخسائر الاعلامية الامريكية في المنطقة العربية،فكانت بدعة مشروع القانون الذي اقره مجلس النواب الامريكي لاتخاذ اجراءات عقابية ضد الفضائيات العربية التي تحرض "على العنف والارهاب ضد الامريكيين"، وهو المشروع الذي حظي بتاييد 395 نائبا امريكيا مقابل معارضة 3 نواب فقط، والذي يطالب بفرض "إجراءات عقابية على ملاك الأقمار الصناعية التي تسمح ببث محطات تلفزيونية تروج لأفكار إرهابية".
ومن بين القنوات الفضائية التي اعتبرها المشروع محرضًا أساسيًا على العنف قناة "الأقصى" التابعة لحركة "حماس"، و"المنار" التابعة لـ"حزب الله" اللبناني، و"الرافدين" العراقية، في حين حدد المشروع نطاق الدول التي لابد من تطبيق مشروع القانون عليها، كلا من مصر والسعودية والإمارات والجزائر وتونس والمغرب والعراق والبحرين وإيران والضفة الغربية وغزة والأردن وعمان وقطر وسوريا واليمن.
مشروع القانون يشمل في عقوباته معظم الدول العربية، وهذا يعني بوضوح محاولة فرض "استعمار امريكي"على الاعلام العربي عبر تشريعات تسن في امريكا وتفرض على الدول العربية في تجاهل تام وكامل لمعاني السيادة الوطنية والحرية الاعلامية والثقافية لهذه الدول وهو ما يعني فرض وجهة النظر الامريكية على المنطقة بالقوة بعد ان عجزت باستخدام المال و"الليبراليين العرب".
لقد حاولت الولايات المتحدة الامريكية احتواء الاعلام العربي عبر ادواتها في المنطقة من خلال ما يسمى بمواثيق الشرف وغيرها، وعندما فشلت هذه الادوات نزلت الى الساحة بكل قوتها في تناقض صارخ مع موقفها من الصين التي كبحت جماح "غوغل" وهو ما اعتبرته واشنطن اعتداء على حرية التعبير، في حين لا تعترف بحرية التعبير في العالم العربي وتتعامل الاعلام العربي تحت بند "الارهاب" الذي لاتحدد له تعريفا واضحا.
على الرغم من كل السلبيات في الموقف الامريكي الا ان هناك ايجابية واحدة فقط، الا وهي اعتراف واشنطن بالدور الكبير والمهم الذي تلعبه بعض الفضائيات العربية واعترافها بخسارة الهيمنة على الساحة الاعلامية العربية.
هذا الاعتراف يجعلنا نطمئن الى ان الحالة الاعلامية العربية "في بعض اوجهها" تسير في الاتجاه الصحيح ويحرضنا على التصدي لمحاولات الهيمنة الامريكية على العقل العربي عبر السيطرة على وسائل الاعلام.

* سمير الحجاوي- كاتب وصحفي في قناة الجزيرة

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 12:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-2831.htm