بقلم/د.عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان -
أواخر الشهر الماضي وبتكتم شديد وبموجب تعميم من وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع المناهج والتوجيه ؟؟!! رقم (461) الصادر في 24 أبريل 2014م ورد فيه أنه بالتنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة العامة والسكان ، كان سيتم في كل المدارس الحكومية والخاصة توزيع وتناول دواء (أقراص) لطلاب أمانة العاصمة ومحافظة عدن (من سن السادسة إلى سن الثامنة عشر) أي في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي ، تحت مبرر أن التربة اليمنية تولد ديدان (مجهولة الاسم والهوية حتى الآن) في معدة الأطفال وان تلك الأقراص تقضي عليها .ـ
وقبل الشروع بتوزيع وتناول الطلاب المستهدفين بالحملة بأقل من 12 ساعة وردتني معلومات مفادها أن تلك الأقراص ذات أثرين :ـ الأول قصير المدى بالقضاء على تلك الديدان المزعومة والتي ظهرت هذا العام بصورة مفاجأة ودون سابق إنذار ، والثاني : طويل المدى إذ تظهر آثاره بعد عدة سنوات وبالتحديد عند دخول من تناولوا تلك الأقراص في القفص الذهبي (الزواج) إذ تؤدي للعقم . فقمت بالتحذير من خلال منشور لي بصفحتي الشخصية بإحدى شبكات التواصل الاجتماعي من تناول تلك الأقراص لوجود عدد من الشواهد وعلامات الاستفهام المريبة حولها ، وفي اليوم التالي لنشري لذلك التحذير عقد معالي وزير الصحة العامة والسُكان مؤتمراً صحفياً أكد فيه عدم وجود أي مخاوف من تناول تلك الأقراص ، وفي نفس اليوم لكن فيما يبدو قبل أن ترد الأخبار بأن معالي وزير الصحة قد عقد مؤتمره الصحفي أصدر مدير مكتب وزير التربية والتعليم تعميماً بوقف توزيع تلك الأقراص إلى أن يتم التأكد منها والتنسيق مع وزارة الصحة (أحتفظ بصورة من التعميم) ، مما يعني عدم وجود ذلك التنسيق من قبل .ـ
وفي نهاية الأسبوع المنصرم قامت إحدى القنوات الفضائية الخاصة وهي تستعرض الأحداث التي مرت باليمن خلال أسبوع مضى بإدراج هذا الموضوع ضمن تلك الأحداث من خلال ريبورتاج عن أقراص الديدان تلك ، وقد تضمن ذلك الريبورتاج تصريحاً لمدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي بوزارة الصحة العامة والسُكان ذكر فيه أنه تم في المرحلة الأخيرة (؟!) تسليم السجلات وتدريب المدرسين ومدراء المدارس وتوزيع الدواء عليهم (فهل هناك مراحل سابقة ؟؟!! وماذا تم خلالها يا تُرى؟! ) ، وهل يتطلب تناول قرص دوائي وجود سجلات وتدريب مدرسين ومدراء مدارس؟! ، وأضاف أن أستاذاً جامعياً تحفظ عن ذكر اسمه (يقصد العبد لله) قد أطلق شائعات حول تلك الأقراص .ـ
وبالرغم من قيام وزير الصحة ووزير التربية والتعليم وأركان وزارتيهما بتناول تلك الأقراص أمام كاميرات القنوات الإعلامية ، وهم بالمناسبة في سن أكبر بكثير من السن المستهدف الواقع بين 6 إلى 18 سنة ، إلا أنني أضع أمانة أمام الله في عُنق كل طبيب أو صيدلاني أو منتمي لأي مهنة تخدم هذين التخصصين للتطوع بالقيام بفحص عينة من تلك الأقراص لإماطة اللثام عن كل ما تقدم وإثبات أو نفي ما أتوجس منه خِيفةً .ـ
ولست أدعي أنني أكثر وطنية من أي مواطن ينتمي لهذه التربة الطاهرة ، كما أنني لست طبيباً ولا صيدلانياً ولا متخصصاً في أي جوانب طبية ، والموضوع لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالسياسة والتجاذبات السياسية ولا الفرز السياسي ، ولكنه يدخل في إطار الأمن القومي لـ (اليمن) ومستقبل أطفال اليوم رجال الغد ، وكباحث وأكاديمي عندي جُملة من التساؤلات بلا إجابات شافية ، جعلتني أستشعر وجود خطرٌ داهم مدروس وممنهج يقترب من أطفالنا فلذات أكبادنا ، متمنياً أن أكون مخطئاً بمخاوفي وأن تكون تساؤلاتي مجرد وسوسات شيطانية لا أساس لها من الصحة.
ـ 1. هناك مليون و650 ألف مواطن يمني تقع أعمارهم في نفس الفئة العمرية المستهدفة ، لكنهم غير ملتحقين بالتعليم الأساسي والثانوي ، وفقاً لتصريحات وزير التربية والتعليم في الاجتماع الوزاري الثاني رفيع المستوى لبرنامج (علم طفلا) بدوحة قطر أواخر الشهر الماضي ، لا تشملهم بركات الأقراص الأمريكية للديدان ، فلماذا لم تتولى وزارة الصحة توزيع تلك الأقراص عن طريق فرقها ومراكزها الصحية المنتشرة بالجمهورية ؟! ؛ وذلك لضمان حصول ذلك العدد الضخم على بركات تلك الأقراص ، عِلماً بأن الموقع الرسمي الالكتروني لوزارة الصحة العامة والسُكان خالٍ تماماً من الإشارة إلى وجود أي حملة منسقة مع وزارة التربية والتعليم بهذا الشأن .
ـ 2. لماذا صدر التعميم الرسمي لمدراء المدارس من وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع المناهج والتوجيه ، وهو قطاع ليس ذي صفة للتعميم بمثل هذه المواضيع ؟! وكان الأجدر بذلك التعميم أن يصدر من الصحة المدرسية وهي الوحدة التنظيمية الوحيدة المعنية بالأمر ، وهي همزة الوصل الرسمية بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة؟؟!!
ـ 3. لماذا صدر التعميم الوزاري (من الجهة التي لا صفة لها) بتكتم شديد بعيداً عن تسليط الأضواء عليها ، إذ لم يسبق تلك العملية أي حملة إعلامية إعلانية في كافة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة لإبلاغ الناس بجدوى تناول تلك الأقراص ؟! وما هي الآثار السلبية التي تلحق بالطالب في حالة الامتناع عن تناولها ؟! .
ـ 4. طالما ليس في الأمر أي شبهة مريبة ، فلماذا أصدر مدير مكتب وزير التربية والتعليم (وهو أيضاً بلا صفة مباشرة تخوله إصدار مثل ذلك التعميم) تعميماً بوقف توزيع وإجبار الطلاب على تناول تلك الأقراص لحين التنسيق مع وزارة الصحة بشأنها ؟! وشمل التعميم مدراء مكاتب التربية والتعليم بالمحافظات ، ومدراء المناطق التعليمية بكل محافظة في اليوم التالي لمنشوري التحذيري وبالتزامن مع المؤتمر الصحفي لوزير الصحة المطمئن والنافي لوجود أي مخاطر على أبنائنا عند تناولهم تلك الأقراص (وذلك في تناقض صارخ) .
ـ 5. ما مدى صحة المعلومات المتوفرة بأن تلك الأقراص منحة أمريكية وليس عن طريق منظمة الصحة العالمية؟! .ـ