بقلم/ غيداء العالم -
هناك الکثير من الاسباب والعوامل التي تهدد السلام والامن والاستقرار في المنطقة، وتختلف التأثيرات من سبب لآخر، لکن من المؤکد أن الجميع يتفقون على أن التطرف الديني يشکل حاليا السبب والعامل الرئيسي الاکبر والاخطر في تقويضه للسلام والامن والاستقرار في المنطقة والتهديد المستمر لها.
صحيح بأنه کان ولازال هناك الکثير من الجهود المخلصة والحثيثة من أجل القضاء على التطرف الديني في المنطقة، لکن الذي يجب الاقرار والاعتراف به في نفس الوقت أن هذه الجهود لم تحقق إلا نتائج محددة ولم تتمکن من القضاء على ظاهرة التطرف الديني من الاساس وتجفيفه من الجذور، ولذلك فإنه من الممکن أن نسمي هذه الجهود بجهود سطحية او جانبية غير عملية وبحاجة ماسة الى تطويرها وجعلها أکثر وأقوى تأثيرا ودورا.
التطرف الديني وکذلك رديفه الاساسي الارهاب، لم يعد سرا على دول المنطقة والعالم أجمع من أن مصدره الاساسي ومنبعه الرئيسي هو النظام الديني القائم في طهران، والذي جعل من التطرف والديني والارهاب عاملين رئيسيين يستخدمهما من أجل تهديد السلام والامن والاستقرار في المنطقة وبالتالي تهيأة الارض الارضية الملائمة من أجل تحقيق أهدافه وغاياته المشبوهة، وقد کانت ولاتزال المقاومة الايرانية عموما ومنظمة مجاهدي خلق، العمود الفقري للمقاومة الايرانية، الجهة الوحيدة التي حذرت وتحذر منه على الدوام وبشکل مستمر منذ أکثر من ثلاثة عقود.
منظمة مجاهدي خلق التي کانت اول من وقف بوجه التطرف الديني ورفضه وواجهه وقاومه بشتى الطرق والاساليب ودفع ثمنا باهضا من جراء ذلك ولايزال يدفع ثمن ذلك الى يومنا هذا، حذر على الدوام وبصورة مستمرة في بياناته وأدبياته ومواقفه من خطورة التطرف الديني وکونه يشکل عاملا يزعزع السلام والامن والاستقرار في المنطقة، لکن من دون جدوى، حتى تطور الامر وصار التطرف الديني ظاهرة تعصف بالمنطقة وتشکل غيمة سوداء تلقي بظلالها الداکنة عليها.
المقاومة الايرانية التي تشدد في مؤتمراتها المختلفة التي تعقدها على ظاهرة التطرف الديني ومدى الخطورة التي تشکلها على السلام والاستقرار والامن في المنطقة، تدعو منذ سنين الى إقامة جبهة ضد التطرف الديني کآلية عملية لمواجهة التطرف الديني وتحجيمه، وقد ترجمت ذلك عمليا على أرض الواقع عندما نجحت فعلا في الاعلان عن جبهة اسلامية ـ عربية قبل أکثر من عام لمواجهة التطرف الديني، لکنها مع ذلك لم تتوقف وإستمرت في مواجهتها لأنها تعلم بأن هذا الوباء الخطير يحتاج الى مواجهة مستمرة ويقظة وحذر دائميين.
المساء الرمضاني الاخير الذي أقامته المقاومة الايرانية في باريس في ٢٦/تموز الحالي والذي حضرت فيه شخصيات سياسية ودينية من ٣١ دولة من العالم، والذي أشارت فيه السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية الى الاوضاع الوخيمة في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان واليمن، من جراء تدخل النظام الايراني هناك ونشره للتطرف الديني وقد دعت الى مواجهته وإعتبرت النظام الايراني حاملا للوائه وداعيا وناشرا له، مؤکدة بأن الحل العملي لتحقيق السلام والتسامح والديمقراطية في المنطقة يكمن في قطع دابر النظام الايراني وقالت أن المقاومة الايرانية هي ضمان لتحقيق هذا الحل.
إعتبار أن التطرف الديني خطر من المستحيل قهره والقضاء عليه، هو مجرد وهم تبثه اوساط تابعة للنظام الايراني ومن لف لفه، وان تجربة الشعب المصري الاخيرة تثبت للمنطقة بشکل خاص، من أن إرادة ووعي الشعوب بإمکانها أن تحقق الکثير وان تهزم التطرف وتقضي عليه، وان إستمرار المقاومة الايرانية في مواقفها الحازمة ضد التطرف الديني تؤکد أيضا على الارادة الحرة والعزم الراسخ على إلحاق الهزيمة الکبرى بالتطرف الديني في عقر داره بطهران.
من المؤکد أن النظر والتمعن في الاوضاع المتدهورة والخطيرة في سوريا والعراق بشکل خاص والمنطقة بشکل عام، فإن الحصيلة النهائية التي سنخرج بها هي أن لا أمن واستقرار وسلام حقيقة يمکن أن يستتب في المنطقة مع بقاء ظاهرة التطرف الديني التي يغذيها وينشرها النظام الايراني وبطبيعة الحال فإن الضمان الامثل لقطع دابر التطرف الديني والقضاء عليه هو الوقوف الى جانب الشعب الايراني والمقاومة الايرانية والنضال المشروع من أجل الحرية والديمقراطية.
غيداء العالم