الجمعة, 29-أغسطس-2014
لحج نيوز - د/عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان د/عبدالرحمن أحمد ناجي فرحان -
هل سيأتي اليوم الذي يخرج فيه أعضاء وكوادر وأنصار وحلفاء المؤتمر الشعبي العام للساحات والميادين رافعين الشعار الماسوني الشهير (ارحل) ، ولكن هذه المرة في وجه رئيس المؤتمر الشعبي العام مطالبين إياه بالتنحي من رئاسة الحزب الذي أسسه في مطلع الثمانينات من القرن الماضي ؟! ، وهل مازال المؤتمر الشعبي العام بحاجة لإعصار (تسونامي) مجدداً ؟! ؛ كي تتساقط المزيد من أوراق الخريف فيه ، ويخضع مجدداً لعملية تطهير وتنقيه و(فلترة) لكوادره كالتي حدثت مطلع العام 2011م .

فمئات الآلاف من البسطاء والمسحوقين ، منهم الطاعنين في السن والأميين ومحدودي الثقافة من الرجال والنساء والفئات الأشد فقراً ، ومنهم أيضاً المثقفين الذين رحل الرئيس الصالح إلى قلوبهم وأفئدتهم وعقولهم وجوارحهم في العام 2011م ، والكثير منهم لم يكُن يحلُم يوماً ما أن يُصبح من محبيه ومناصريه والمدافعين عنه باستماتة والمتشبثين به قبل ذلك العام ، كل أولئك ربما هم الآن في طريقهم الآن لمراجعة مواقفهم السابقة ، وصاروا أقرب ما يكونوا للانقلاب عليه في أية لحظة طالما تأكد لهم يوما بعد يوم أن اﻷخطاء التي كان يقع فيها أثناء رئاسته للدولة مازالت تتكرر وبشكل متطابق وهو متفرغ تماماً لرئاسته للمؤتمر الشعبي العام .

ولعل على رأس تلك الأسباب وأهمها على الإطلاق استمرار تمسكه وتقريبه لذات البطانة السيئة السابقة التي كانت تحيط به وهو متربع على كرسي الحكم ، والقناعة التي باتت تتعزز لديهم بأن الرئيس الصالح لم يستفد مطلقاً من الأحداث والدروس والعِبَرْ التي سخرها الله له منذ العام 2011م حتى اﻵن ، رغم أن تلك الأحداث قد كنست وأزاحت الكثيرين منهم إلى الشوارع والساحات .

وأبسط تلك الدروس والعِبَرْ وأهمها أن بعض من لازال يختصهم اليوم بالتكريم والإيثار والتقريب آثروا السلامة بأن يظلوا على الحياد صامتين يراقبون مآلات الأوضاع في ذلك العام ، وإلى أين ستتجه وتستقر البوصلة ، ولازالوا على حالهم ذلك حتى اليوم حاملين لشريحتين أو أكثر ، قابلين للانتقال والتحول للطرف الآخر في أي لحظة وبكل يُسر ودون عناء إن تبينوا أن ذلك يصب في مصلحتهم 100% ، والبعض اﻵخر منهم كان يشكل مراكز قوى مدنية وعسكرية مسيئة لنظام الصالح بل ووصمة عار ونقطة سوداء تلطخ وجه النظام السياسي ، وتمثل للرئيس الصالح حرجاً شديداً ، وكانت ترسم علامتي استفهام وتعجب كبيرتين لمبررات تمسكه بهم وعدم إزاحته لهم ، وهو يدرك يقيناً عدم رضا وسخط الكثير من المخلصين لبقائهم في مناصبهم لعشرات السنين ، ومما يؤكد معرفته بهم وإدراكه لفسادهم الذي أزكم الأنوف كلماته التي ألقاها أثناء حملته الانتخابية الرئاسية في العام 2006م بأنه لن يكون بعد ذلك العام مظلة للفاسدين .

وندرك جميعاً بأن القدر قد وفر للرئيس الصالح أكثر من محطة تاريخية لإزاحة أولئك الفاسدين ومنهم أشخاص في الدائرة الأكثر التصاقاً به وقرباً منه من المشهد السياسي والتخلص منهم بالإقالة كحد أدنى ، وجاءت أحداث العام 2011م لتشكل فرصة تاريخية سانحة له لن تتكرر لزلزلة عروشهم واقتلاعهم من جذورهم إلى غير رجعة ، غير أنهم ظلوا مخلدين في مواقعهم ، أو أنه قام بتدويرهم من منصب إلى منصب بنفس الدرجة ، بل وتزيد علامات الاستفهام والتعجب والاستهجان والاستنكار والاستغراب حينما كان يقوم بتكريمهم بترقيتهم وتصعيدهم لمواقع ومناصب قيادية أعلى ، وكانت أولى المبررات الحسنة التي يلتمسها له محبوه أنه بالتأكيد يتلقى تقارير مظلله من الأجهزة التي كان يعتمد عليها في تقييم وتزكية المرشحين لشغل المناصب القيادية العُليا في الجهاز الإداري للدولة ، ولعل ما تعرض له الرئيس الصالح من أخيه غير الشقيق خير دليل على ذلك ، والخيانات المتتالية من اقرب المقربين إليه والتي كادت تودي بحياته لولا عناية الله بجامع دار الرئاسة ومؤخراً عبر النفق المؤدي للمسجد الملحق بداره .

وأتذكر أن صحيفة 26 سبتمبر قد تبنت في أحد أعدادها شعاراً قابلاً للتنفيذ فيما بين 2006-2011م ، وخصوصاً عند إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، بأنه عند عجز الدولة عن مساءلة مراكز القوى المتنفذة آنذاك : من أين لك هذا ؟! ، فإن عليها أن تبادرهم بالسؤال : ألا يكفيك هذا؟! محذرةً بأنه سيخضعون بعد ذلك التحذير إلى السؤال الأصلي ، في حال استمروا ولم يكتفوا بما قد أصبح في جيوبهم بالنهب والسرقة من المال العام .

فهل إصرار الرئيس الصالح على التمسك بأولئك الممقوتين ، وتعيينهم أو الإبقاء عليهم في مواقع تنظيمية؟! ، نابع من صفة الوفاء المشهود له بها من أعداءه قبل أصدقاءه ، أم لخشيته إن هو أزاحهم من انقلابهم عليه تحولهم لشوكة في خاصرته وخاصرة المؤتمر الشعبي العام ، واحتمال استقطاب الطرف الآخر لهم ، وهل ينسحب ذلك على عدم السير نحو عقد المؤتمر العام الثامن للحزب الذي سيزيح الكثير من تلك الديناصورات وما يمكن أن يترتب على تلك الإزاحة ؟! ، ولازالت من علامات الاستفهام والتعجب المحيرة : ماهية الأسباب الدافعة للإصرار على الاستمرار بسياسة استقطاب البعيد من الأعداء المناوئين وبالذات ممن ناصبوا الرئيس الصالح العداء بكل الصلف والوقاحة جهاراً نهاراً في ساحات وميادين الاعتصام في العام 2011م ، وعدم الالتفات بل وإهمال القريب (كونه مضمون وفي الجيب) من المحبين المناصرين .

ومما يُعزز كل ما تقدم ويؤكد التأثير السلبي لاستمرار وجود بعض تلك العناصر المحيطة بالرئيس الصالح ، والتي تؤثر في قراراته التنظيمية أو التاريخية على مستوى الوطن ككل ، لأنها تشكل سداً منيعاً وحاجزاً سميكاً يفصل بينه وبين حقائق الأمور التي تجري في الشارع ، ذلك الموقف المستهجن والمريب وغير المفهوم بل والصادم من المؤتمر الشعبي العام إزاء الجرعة الأخيرة ، وعدم إصداره لبيان ينتصر للإرادة الشعبية ، ويستجيب لمعاناة وأنات الفئات الأشد فقراً التي سيمسها الضرر الأكبر وستتجرع تبعات وآثار وآلام تلك الجرعة القاتلة بشكل مباشر ، ليتلقف زمام تلك المبادرة طيف سياسي آخر لا يحظى بذات الإجماع الشعبي الذي يتمتع به المؤتمر الشعبي العام ، في الوقت الذي كان أغلب فئات الشعب يتمناها ويراهن على أنها ستصدر من المؤتمر الشعبي العام وحده ودون منازع آخر من القوى السياسية الأخرى في طول البلاد وعرضها ، وهو ما شكل حرجاً بالغاً للقيادات الوسطية والتنفيذية حينما يواجهون تساؤلات الشارع عن سبب تخاذل المؤتمر الشعبي العام ، وخذلانه لأنصاره ومحبيه .

هي رسالة مخلصة – يشهد الله – أوجهها من صميم قلبي كأحد الأبناء اﻷكثر إخلاصاً ومحبةً للرئيس الصالح ، وليفسرها المعنيين بما ورد فيها من مكاشفة ، أو غيرهم كيفما يحلو لهم ، فدافعي الوحيد هو محبتي وتقديري للرئيس الصالح . فإن كان يُدرك ويعي تماماً كل ما ورد أعلاه ، ولديه مبرراته لاستمرار الحال على ما هو عليه فلينحي مقالي جانباً ، وليمحو كل ما ورد فيه من ذاكرته وكأن عيناه لم تطالع حرف واحد فيه ، فلست أشكك مطلقاً بحكمته وحنكته وذكائه ودهاءه وبُعد نظره .
و #سلام_الله_على_عفاش
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 01:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-29205.htm