فهمي اليوسفي -
لاشك بأن المجزرة التي حدثت بميدان التحرير أمانة العاصمة صنعاء يوم الخميس الموافق9/10/2014م المتمثلة بإقدام أحد عناصر الارهاب بتفجير ذاته في المسيرة الثورية بنفس المكان فترتب عليه سقوط50 شهيداً واكثر من 100 جريح البعض منها بحالته حرجة .
هذا الحادث هو جريمة كبري بكل المقاييس .
هو حادث إرهابي دموي بشع بإمتياز .
هو تأكيد ان القوى التي خططت ونفذت هذه الجريمة وصلت لمرحلة الافلاس الايماني والانساني والسياسي.
بل دليل علي انها وصلت لمرحلة هستيريا جنونية سمها ما شئت معادية للحياة وادمية الانسان .
هذا الحادث يثير الشك بان هناك مشروع مؤامرتي كبير يستهدف اليمن برمتها ارضاً وانسانا يتيح للقوى الطامعة بتقسيم هذا البلد علي ما يشتهي الوزان .
ومن أجل فك شفرات ورموز اللغز فإن الامر يستدعي توجيه بعض الاسئلة للذات للوصول لترجمة منطقية . تهدف لكشف ما جرى ويجري من كوارث علي مستوى الساحة الوطنية.
:: هل هذا الحادث الاجرامي هو رسالة فقط تحمل ردا غير مباشراً لخطاب السيد /عبدالملك الحوثي الذي القاه قبل الحادث خصوصاً بعد ان كشف مسرحية الالتفاف بتكليف بن مبارك ؟
:: أم ان ذلك مؤشراً خطيراً ينذر بإشعال حرباً طائفية ومذهبية وووو الخ ليتكرر نفس نموذج العراق والذي لم ينتهي حتى اليوم
وبإشراف قوى الهيمنة والاستكبار الخارجي علي راسها واشنطن ؟
:: ومن يقف خلف هذه الاحداث المتفاقمة بالداخل والخارج؟
:: ومن يتحمل المسؤولية الاولي والاخيرة ؟
:: ما هو موقف منظمات المجتمع المدني ومنها الاحزاب السياسية ذات التوجه الوطني ؟
:: ففي حالة تم التوصل لترجمة منطقية لمثل هذه الجرائم فما ينبغي ان يتم القيام به لأجل وضع حدا لهذا المسلسل الدموي والتمكن من تتبع الجناة ومن يقف في صفهم علي مستوى الداخل اوالخارج ؟
للإجابة باختصار وقبل الخوض بترجمة التفاصيل لهذه القضية ومسرح وقوعها ينبغي ان ندرك بأن خطاب السيد عبدالملك من وجهة نظر معظم الناس هو جيد وممتاز ولامس الهم الوطني والمخاطر الذي تهدد حاضر ومستقبل هذا البلد لكنه اثار مخاوف قوى الفيد والفتوى بالداخل المتسلحة بثقافة الحزام الناسف والفساد الكارثي الذي نخر الجسد الوطني برمته .
فضلاً علي انزعاج مبطن لاطراف خيوط اللعبة من الخارج خصوصا بعد ان اوضح موقفهم وتدخلهم الغير محمود في الشأن اليمني ونظراً لإدراكهم بان اتفاق السلم والشراكة التي وقعت عليه كافة القوى وبحضور المندوب الاممي بنعمر قبل عيد الاضحى كان ذلك عاملاً للانزعاج واعتبرتها كلبشات نجح انصار الله في وضعها فأصبحت مطب اجهض جزء من مشروع التآمر وترتب عليه أيضاً إسقاط لجزء من شرعية المبادرة الخليجية .
هذا بحد ذاته اثر سلباً علي تدخلهم من خلال المبادرة والذي يعتبر من وجهة نظرهم ربما إجهاضاً لمشروعهم الموامراتي التي تتولي ريادته واشنطن .
من خلال متابعتي لخطاب السيد/ عبدالملك الحوثي لقد شد إنتباهي إشارته لبعض القضايا الهامة وهي القضية الجنوبية وبالذات عندما قال بانه سيقف مع الحل العادل لهذه القضية وهذه الكلمتين هامة جدا بغض النظر عن بعض الجنوبيين مع إحترامي وحبي لهم الذين انتقدوا عبارة مظالم ولم يدركوا ما هو الحل العادل الذي يقصده السيد . وإلا لماذا إنزعجت قوى الفيد والفتوى المتورطة حتى النخاع بالجرائم التي لا حصر لها والنهب المستمر للأرض والثروة في الجنوب بما فيهم الرئيس هادي الذي هو أحد الاطراف المتورطة بجرائم الجنوب .
ففي حالة أستوعب الجنوبيين قصد السيد من خلال الخطاب باعتقادي ستتضح لهم مصداقية هذا الشاب الجيد.
وعليهم بان يأخذوا ببالهم بأنه في حالة تم التوصل للحل العادل والشامل لقضيتهم بما يتوافق مع المعاهدات والمواثيق الدولية حتى فيما يخص الحق المكفول بتقرير المصير وفقاً للشرعية الدولية .
فهذا سيكون خطراً علي قوى الفيد والفتوى المركزية والذي بكل تأكيد سوف تصبح بقفص الاتهام داخل محكمة لاهاي الدولية كمجرمي حروب .
ومن الطبيعي أن تلجئ هذه الاطراف للتآمر علي هذه ألقضية وعلي أنصار الله لان ذلك سيكون رديف لانتصار الحل العادل لهذه القضية المحورية .
في الوقت ذاته يبقي الانزعاج لأطراف اللعبة من الخارج بهذا الخصوص لان الشركات الاجنبية هي مستفيدة من الاخطبوط الافسادي بالعمق اليمني ومن إجتياح وتدمير ونهب الجنوب صيف 94م فارتباط مطامع تلك الشركات بقوى الفيد والفتوى المتسلحة بالفساد والارهاب وكل ما هو معادي للحياة وهذا قاسم مشترك جعلهم في موقف موحد لإستهداف قضية الجنوب .
ألامر الذي جعل كلى الاطراف المتورطة بأن تدخل شريكة في الطبخة الموامراتية وتكون حاضرة في مشهد ومستجدات الاحداث المتفاقمة هذه الايام .
فكان ذلك عاملاً لإستمرار مشاريع الاستهداف لهذه ألقضية .
علي نفس السياق فإن إستمرار هذا المشروع الاستهدافي حتى بعد رحيل عفاش علي سبيل المثال يعطي صورة تشير أن قوى الفيد والفتوى بلجنة الحوار تمكنت من إستئجار ممثلين لها للحوار الوطني كممثلين عنها من الباطن لهذه القضية أي إحتيال علي ألحل العادل لقضية الجنوب .
هذا بعد أن وضعت حيل وحبكات لتطفيش الممثلين الشرعيين لهذه القضية والذي كان يراسهم محمد علي احمد وبالذات بعد ان تمكنت هذه الاطراف سيئة الصيت من تنصيب ممثلين من المؤتمر وحزب الاصلاح.
أي بمعني ادق تحول اللص والقاتل والنهاب للجنوب الي ممثل عن هذه القضية . فهناء العجب هذا ماجعلني اتذكر مقال للصديق ماجد الشعيبي بان علي محسن هو الممثل الوحيد للقضية الجنوبية ...
ما ينبغي ان يدركه ابناء الجنوب بان خطاب السيد عن هذه القضية يوحى من الباطن ربما بانه سيضع او قد يكون وضع حجر اساس للتحالف بين انصار الله وبين ممثلين السواد الاعظم لأبناء الجنوب بما يكفل الانتصار لهذه القضية نحوا الحل العادل الذي يرضي معظم ابناء الجنوب لآنها قضية سياسية وحقوقية بإمتاز وسيجدون بكل تأكيد بان هذه الحلول ستلقى إسناد تام حتى من القوى المدنية بتعز ولو ان الحل العادل يصب تجاه تقرير المصير للجنوب . وهذا حق مشروع مكفول دولياً .
فمن اجل الترجمة الدقيقة لمضمون الخطاب ينبغي ايضاً ان يدركوا بانه ليس مستبعدا بان هذه الاطراف التي سلخت البلد بشكل عام والجنوب بشكل خاص بعد أن نهبته واستباحت كل ماهو جميل وثمين فيه واصبحوا كابوساً مزعجا لدي معظم اليمنين ومنهم الجنوبيين .
هذه القوي التي إستباحة الجنوب هي في حقيقة الامر مرتبطة بمافيا عالمية تبرز من خلال مطامع دول الخارج وعبر شركاتها بالداخل .
كما ان هذه المافيا لها صاع وباع يلمس بشكل واضح بعمق الداخل .
ومن المسلمات بان الخارج لا يهمه سوى مصالحه حتى وان كان علي حساب دمار وتمزيق بلدان وشعوب بأكملها.
مع الاخذ بعين الاعتبار بان هذه الأطراف الخارجية هي متورطة في صناعة الارهاب وان اجندتها بالداخل هم من يرفعون شعارات مزيفة بانهم يدافعون عن الوحدة كما يفعل الخارج مسرحيات لمكافحة الارهاب وهو يهدف الي تدمير بلدان وشعوب كما فعل بافغنستان والعراق والصومال وتبرز اللعبة الامريكية في المقام الاول لانها هي من صنعت الارهاب وهي من تتولي مكافحته لاهداف أخرى والذي من المفترض ان تكون عملية المكافحة مع الدول الخمس ودخول اطراف اخري لإيجاد توازن دولي ببرنامج المكافحة بدلاً ان تبقي حصرياً علي الدولة التي صنعت الارهاب وهذا مشروع وهمي أي المكافحة للإرهاب من قبل واشنطن يعد مشروع موامراتي علي البلدان التي تحتضن الارهاب .
فهذا ليس حباً للوحدة اولاجل نجاح مكافحة داء الارهاب .
بل خوفاً من من محاكمتهم وتحاشياً لبروز طبيعة المشروع الوهمي وكوارثه ونظراً للجرائم التي ارتكبوها بحق الجنوب والشمال مع ان هذه الاطراف .
تدرك تلك القوى بأن انصار الله قد استطاعوا توجيه ضربات موجعة ومؤلمة جدا لقوى الفيد والفتوى وترتب عليه إنعكاس علي تلك ألاطراف الخارجية ايضاً وبالذات من 2004م مروراً بطرد دواعش دماج ومن ثم قلع رأس مسقط الكنبرادورية الاحمرية من عمران وكسر المعسكر المساند لها بنفس المحافظة وصولاً لأخر محطة وهي دخول مقر قيادة الدولة العميقة ( الفرقة مدرع ) لعلي محسن .
هذا بحد ذاته انتصار كبير لانصار الله بدرجة أساسية وانتصار بنفس الوقت لهدف القوى المدنية التي تنادي وتحلم بالدولة المدنية العصرية والتي من ضمن متطلباتها اخراج المعسكرات من المدن وبنفس الوقت تعد انتصار لحقوق الطفولة بمنحهم حدائق عامة وكانت النهاية هروب كبير اللصوص وحامي الارهاب والفساد وهو علي محسن سود الله وجهه .
علي ضوئه ترتب علي ذلك إنتشار اللجان الشعبية لانصار الله بأمانة العاصمة لايقاف مسلسل الارهاب ولاستتباب الامن والاستقرار وفقاً لظروف الواقع الراهن .
لهذا فإن القوى المضادة لانصار الله ولثورة التغيير الايجابي ادركت بان وصول الشريحة الحوثية لهذه النقطة قد ولد لديها زيادة الارباك وترتب عليه اجهاض لبعض مشاريعها الكارثية مما جعلها مع اطراف الخارج بان يشتركوا بإعداد إستراتيجية جديدة مع أجندتهم بالداخل يهدفون من خلالها لإفشال المشروع الثوري الراهن بقيادة انصار الله.
ومن ضمنه مشروع الدواعش الحالي الذي من المحتمل يهدف لإقحام الخاصرة تعز وكذا الجنوب بصراع مع الشريحة الحوثية تحت مسميات فتن مذهبية وطائفية وغيره .
ولذا ظلت الكفة الداعشية حريصة علي الزج بكم هائل من اعضائها لعمق المؤسسة العسكرية والامنية والتنفيذية والقضائية ورفعت درجة نشاط الارهاب في البيضاء والجنوب.
وبالتالي نستغرب عندما تقول الدولة بانها ستكافح الارهاب وعناصر الارهاب وعناصر الارهاب هي من اصبحت تدير هذه الموسسات . أي هل الارهاب سيقبض علي ذاته ويحاكم ذاته ... فعلاً امر غريب ..
فضلا علي حرص هذا النظام الذي يتغير حتى اليوم بتمزيق الحراك الجنوبي من خلال شراء البعض وربما إعطاء ضوء اخضر للإرهابين بتصفية الناشطين في حراك الجنوب وعلي مستوى القواعد والوسط . ولهذا اصبحت قيادة اللجان الشعبية بالجنوب لمكافحة الارهاب هي من عناصر الارهاب . وهذا أمراً يثير الاستغراب والحيرة وربما لم يدرك خطورته ابناء الجنوب ..
اذاً لم يكن مستبعداً بأن تقدم هذه القوى علي إرتكاب مجزرة التحريرومن خلفها نفس الاطراف الخارجية كجزء من إرباك القوى الثورية التي تقول لا للجرعة لا للمحاصصة ولا للترقيع البالي بابلى ولا لبن مبارك وتنادي بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني . وهذا حق مشروع ويعد جزء من الانقاذ للوطن .
مع الاخذ بعين الاعتبار بان قوى الفساد والارهاب حالياً ربما لديهم مخطط مؤامراتي واسع يستطيعون من خلاله إقحام انصار الله بمواجهات مع ابناء الحالمة تعز والجنوب وغيرها بما يكفل تشتيت انصار الله والقوى المدنية المساندة وإيصالهم لحالة ارباك تام بحيث يتسنى للدواعش استهدافهم وفق هذا المخطط .
ومن المحتمل ضمن اليات التآمرإستخدام الاحزمة الناسفة لنشر الرعب والخوف في اوساط الثوار وهذا امرا ينبغي الانتباه له لان ثورات التغير الايجابي خطراً علي قوى الفساد والارهاب وست .
كما ان هذه القوى ذات ثقافة الحزام الناسف تعتبر بأن إيصال انصار الله لهذه النقطة ونجاح هذا المشروع سيكون عاملاً لولوج مرحلة أخرى وهي مرحلة التقسيم لليمن وأتوقع بانه سيكون علي نفس خارطة طريق دولة العراق الشقيق والذي هو باعتقادي مشروع إمريكي بإمتاز ( مشروع شرق اوسط جديد )
في هذه الحالة اذا اتضحت صورة حلقات المسلسل لدى معظم ابناء اليمن.
فإن الامر يستدعي دراسة ما جرى ويجري بدقة وعمق وإستحداث مشروعاً مدروساً لمواجهة مثل هذه التحديات ولإجهاض المشاريع ذات الطابع الموامراتي التي تستهدف اليمن واليمنين.
والذي ينبغي ان تكون نقطة الانطلاق لإجهاضه من خلال التصعيد الثوري بشكل فعال لإسقاط النظام برمته وقلع شجرة الارهاب والفساد وبدون الدخول بمساومات تهدف لإستنفاذ الوقت وإعادة ترتيب الاوراق للأطراف المهزومة في صعدة وعمران وامانة العاصمة .
هذا لأجل الوصول للحل الشامل للقضية الوطنية بشكل عام وقضية الجنوب بشكل خاص فضلاً علي مظلومية تعز .
وبالتالي فإن ذلك سيكون هو المراد والامل لمعظم اليمنيين ممن يحلمون بدولة مدنية تحترم فيها الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية .
......فهمي اليوسفي