بقلم/علي الصباحي -
عادت بي الذاكرة وأنا في عقر جامعة الدول العربية اتابع فعاليات المنتدى الثاني للمخترعين العرب التابع للنادي العلمي العربي ، ومعب لفيف من الزملاء والاصدقاء ، ومنهم الأستاذ محمد الثوباني ، حيث تذكرت عهد هارون الرشيد حينما أرسل ساعة ضخمة من النحاس الأصفر مصنوعة بمهارة فنية مدهشة كهدية لملك فرنسا حينها ( شارلمان) وفور وصول الهدية للملك جمع الناس حوله والكهنة وقال لهم ما هذا ؟ وبعد معاينتهم تلك الساعة التي بلغ ارتفاعها 4 امتار قال كهنة الملك ان الساعة تعمل بواسطة الشياطين وحطموها !!
وكانت المفاجأة التي تحولت إلي صدمة عندما اكتشف هؤلاء الرهبان أن الساعة لا يوجد بها شيء غير آلاتها, وأن خرافة الشياطين التي تسكنها كانت سقطة كبيرة منهم! وقد حزن الملك شارلمان حزنا بالغا واستدعي حشدا من خيرة العلماء والصناع المهرة لمحاولة إصلاح هذه الساعة وإعادة تشغيلها ولكن المحاولة باءت بالفشل وعندما عرض عليه بعض مستشاريه أن يخاطب خليفة المسلمين هارون الرشيد ليبعث فريقا عربيا لإصلاحها قال شارلمان’ إنني أشعر بخجل شديد أن يعرف ملك بغداد أننا ارتكبنا عارا باسم فرنسا .
هذه القصة تعكس لنا مدى الحضارة التي وصل اليها المسلمون في عصر هارون الرشيد الذى اهتم بالعلم والعلماء ، وتدور الايام وتمضي السنون وتتبدل الموازين ليصبح المسلمون هم المتخلفين والمتخلفون اضحوا هم اصحاب الابداع والابتكار !!
ما أريد قوله هو اننا كأمة كنا منارة الاختراع وشعلة الإبداع والابتكار في حين كانت الأمم الاخرى تعيش في ظلمة الجهل والتخلف ، فاستفادت تلك الامم المتخلفة من المسلمين في كل مناحي الحياة وامسكت بزمام المبادرة وتقدمت الركب الحضاري ، في حين امتنا اضحت في مؤخرة الركب للأسف الشديد!!
لكن مع ظلمة الجهل وحلكة التخلف ينبعث نور التقدم والتطور وشعاع الابتكار وصوت الاختراع ليعلن للعالم اليوم من جديد اننا امة الإبداع والابتكار والاختراع وهذا ما يعيد الامل لنا كأمة كان عنوانها الإبداع والاختراع في غابر الازمان ثم تخلفت ردحا من الزمن .
من خلال ما سبق فما اريد ان اتوصل اليه هو ما تضمنه المؤتمر الذي اقيم مؤخرا في جامعة الدول العربية حول الابتكار ودعم المخترع العربي وبحضور ثلة من النخب العربية من مختلف دول المنطقة ، وبحضور ورعاية الامين العام لجامعة الدول العربية المساعد الدكتور محمد ابراهيم التويجري وجمع من الاعلاميين .
وقد خرج المؤتمر بعدة قرارات مهمة تصب في صالح كل مخترع عربي ، وهنا نسجل الفضل في هذا التوجه الهام للأستاذ عبد الله الخشرمي الذي سعى منذ اكثر من 5 سنوات وانطلق رسميا منذ عام 2013 في مقر جامعة الدول العربية ، وقد قدم هذا الرجل العصامي – الخشرمي جهدا كبيرا حتى بات هذا المشروع النهضوي للامة طريقا يستلها من عتمة الاستهلاك إلى ميدان الانتاج .
وما لفت نظري هو الحاح الاستاذ الخشرمي على الحضور وتأكيده لهم بان يتم التواصل مع كل مبدع ومخترع ومبتكر عربي صغيرا كان ام كبيرا ليتم حصرهم في بورصة واحدة تحت مظلة النادي العلمي العربي للمخترعين وبإشراف جامعة الدول العربية، ولقد سانده في هذا التوجه صاحب الرؤية الشاملة للحياة الحاج سعيد بن احمد لوتاه .
وللحديث صلة