بقلم/وجدي علي الصراري -
في الحقيقة ما يدعو للخوف الآن ، أكثر من الكوارث التي نشهدها من عدوان خارجي ، وحرب و إنقسام داخلي مصحوب بخنق إقتصادي ، و حالة ندرة في المواد الغذائية و المحروقات ، هو كيمياء مجلس الأمن ومرحلة مابعد العدوان .
فالقرار المشرعن للعدوان لن يأتي بجديد و التجارب التاريخية أمامنا واضحة كعين الشمس ، مثل ( العراق و ليبيا ) الدولتين التي أفرغهما مجلس الأمن من محتواهما ، ليجعلهما مكاناً ترتاع فيه الإيديولوجيات الضيقة ، و مُتنهزهاً للسلاح و المليشيات .
و بالرغم هنا من عداءنا للإمبريالية العالمية و الرأس مالية المتوحشة ، نُبهر و نخاف في نفس الوقت من ذكائها في مزج معطيات كثيرة لتشرع هذا الوضع المأساوي ، فهي لا تستخدم الرئيس هادي فقط في شرعنة الإجراء ، بل تخلط أيضاً معه إنتقاءها للتوقيت و الذي إستغلت فيه حالة الإنقسام الداخلي و الحرب لتشرعن القصف أيضاً من الداخل ناسفة بذلك النسيج الإجتماعي في عمقة الوجودي و النفسي ، ومستثمرة بذلك مجمل أخطاء القوى السياسية في اليمن ومنذ حرب 94 حتى الحرب الجارية الآن في عدن مروراً بالثورتين الأخيرتين و أخطاء حكومة الوفاق .
إن إنهيار جهاز الدولة بشكل مؤسف ، عبر آلية المبادرة الخليجية التي نقلت كل تفصيل الصراع السياسي لداخل هذا الجهاز ، سمح بصعود كل المشاريع الصغيرة و التي ليس لها بعد وطني لسطح النسيج الإجتماعي ، ما أدى لتأسيس بنية أولية لتحويل الإرهاب لمكون إجتماعي حقيقي يسبح في بركة المجتمع مع بقية المكونات ، و هذا يتم تعميده الآن عبر غارات العدوان التي لن تحول جهاز الدولة و المؤسسة العسكرية لقبيلة كسائر القبائل اليمنية المسلحة فحسب ( أي مليسشيا ) ، و إنما ستحول وجوه مدنيين كثر لوجوه مليشيا نحن نمتلك الكثير منها أساساً .
و في إطار بحث حلول قد تساعد على تقليل وقع الكارثة ، و إيجاد أرضية مشتركة لتوحيد الجبهة الداخلية ، يجدر بأنصار الله الآن الإنسحاب من المدن التي دخلوها ، وخصوصاً الجنوبية منها ، و إستبدال التمركز داخلها بالتمركز خارجها ، مراقبة حركة العبور منها و إليها فقط في الوقت التي ستظهر فيه حقيقة هذه المراكز التي يراها أنصار الله محل إشتباه ، و توقف المعارك أيضاً سيجعل المكونات الإجتماعية المتصادمة مع أنصار الله تلتفت للعدوان و تشعر بخطورته ، مكونين بذلك بنية أساس أولية لتوحيد الجبهة الداخلية ، ومجابهة كيمياء مجلس الأمن التي ستغيرنا جميعاً في حال لم تتوقف .
[email protected]