لحج نيوز/بقلم:هاني وفا -
أي مراقب لقضية سلام الشرق الأوسط يجد دائماً -ودون تحيز - أن الطرف المتعنت دوماً هو (إسرائيل)، فهي دائماً التي تضع العراقيل تلو العراقيل أمام أي محاولات جادة للوصول إلى سلام حقيقي شامل ودائم، فكل المؤتمرات والزيارات المكوكية ومحاولات الضغط لم ُتجدِ نفعاً كون رموز السياسة الإسرائيلية وصانعيها يرون في السلام انتقاصاً من كيانهم ولا يليق بموقعهم السياسي كونهم الطرف الأقوى - كما يعتقدون - وعليهم فرض السلام الذي يتناسب ووضعهم وبالتأكيد مصالحهم.
(إسرائيل) قد تكون قبلت بالمبادئ التي قامت عليها عملية السلام، التي أعتقد انها الأطول في تاريخ الأمم، وأهمها (الأرض مقابل السلام) ولكنها ودون تردد فإنها رفضتها موضوعاً، وهذا أمر ظاهر للعيان ودون أي مواربة، قد تكون (إسرائيل) تريد السلام ولكنها تريد الأرض معه، أي انها تريد الأرض والسلام معاً دون تقديم أي مقابل.
لا أدعي معرفة بواطن الأمور بقدر ما أستطيع أن أحكم من خلال مجريات الأمور وأن أجزم ان الحكومات الإسرائيلية علىاختلاف انتماءاتها يحكمها المبدأ ذهبوا أبعد من ذلك وتمادوا في غيهم عندما استهدفوا القدس الشريف المحتل بعملية تهويد متسارعة ضاربين بعرض الحائط كل الاحتجاجات والبيانات الشاجبة، بل انهم لم يترددوا في إحراج نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بالإعلان عن توسيع إحدى المستعمرات في ضواحي القدس المحتلة خلال زيارته ل(إسرائيل) وهو الذي جاء من أجل إطلاق عملية السلام من جديد بعد توقف منذ مجيء نتنياهو كرئيس للوزراء، ومع ذلك لم يقدر المسؤولون الإسرائيليون زيارة لمسؤول بحجم بايدن رغم اعتذارهم (البارد) والذي قال فيه نتنياهو ان وقت الإعلان عن توسيع المستوطنة لم يكن مناسباً، ما يعني أن الوقت لم يكن مناسباً ولكن مبدأ الاستيطان وتوسيعه لازال قائماً.
كما أنني لا اعتقد أن عاصفة الغضب الأميركية على الحكومة الإسرائيلية بسبب توسيع و(تسمين) المستوطنات ستمر مرور الكرام وإن كانت الادارة الأميركية شعرت بحرج كبير من التمادي الإسرائيلي، بل انها لم تخف حرجها وغضبها من خلال الإعلان عن تفاصيل المحادثة الهاتفية التي جرت بين هيلاري كلينتون ونتنياهو، ولا اعتقد أن الموضوع سيكون له عواقب لا قريبة ولا بعيدة المدى بل ربما سيكون أقرب إلى زوبعة في فنجان لا تتعداه رغم كل السلبيات التي رافقته ما قد يؤثر بشكل سلبي على موقف الادارة الأميركية كراع رئيسي لعملية السلام، فهي ستكون في موقف حرج حال طلبت من الطرف العربي والفلسطيني تقديم تنازلات في الوقت الذي ليس فقط لا تستطيع الطلب من (إسرائيل) فعل الشيء نفسه بل ان (إسرائيل) تبادر بإحراجها دون أن تضع أي اعتبار لعلاقة الشراكة الاستراتيجية طويلة المدى التي تربطهما.
أتمنى أن تعي الإدارة الأميركية أن (إسرائيل) دائماً ما تضعها في مواقف محرجة ودون أن تبدي حتى ولو إشارات انها راغبة في السلام الشامل والعادل، وأن تعي أيضاً أن سياسة الكيل بمكيالين لن تؤدي إلى نوع من أنواع السلام.