الثلاثاء, 18-أغسطس-2015
لحج نيوز - المهندس / هشام شرف عبدالله المهندس / هشام شرف عبدالله -
تكشف لنا الأزمات والتحديات عبر المحطات التاريخية التي يمرُّ بها وطننا الحبيب إن هناك من يعمل تحت مظلة كبيرة وسماء واسعة وصافية هي مظلة وسماء هذه الوطن الكبير الذي نتفيأخمائله جميعا ، وهناك من يعمل تحت مظلّات سياسية وشخصية داخلية وخارجية.
لا أريد الاسهاب ، وسأحاول اختصار حديثي هنا عن نقطة مهمة وهي الجانب الاقتصادي ووضع الريال وكلام البعض الذين حاولوا خلال الفترة الماضية نشر الخوف والهلع بين الأوساط المختلفه وسبق وأن أدليتُ برأيّ حول هذه القضية من منظور وطني وتجربة عملية في العديد من الوزارات الهامة وخلفيتي في التخطيط الاستراتيجي عند حصولي علي درجة الماجستير من الولايات المتحده.
وبكل تواضع أحبُّ التوضيح بأنني، خبير في الميدان وفي التخطيط والتعاون الدولي (22)عاما ووزير في عدة وزارات (4) سنوات ، وإن لم أكن خبيراً اقتصادياً ، لكنّي، ولعلّ هذه هي المرة الأولى تقريباً التي أصرّح فيها بهذا الأمر ، قد تلقيتُ عروضاً للدراسة لعام واحد في أرقى جامعات( أمريكا ) و(هونج كونج) بالصين لاستكمال الحصول على شهادة الدكتورة، من خلال أبحاث عدة تقدّمت بها عن أوضاع بلادنا الاقتصادية والسياسية وألقيتُ محاضرات في تلك الجامعات, ولكنّي حالياً مشغول بأوضاع بلادنا والتحديات والتآمرات التي يواجهها وأرى أن الشخص الآن يفيد وطنه بواقع العلم والخبرة من الميدان وليس بالتنظير الذي يميلُ إليه بعضَ الإخوة الأكاديميين، الذين للأسف الشديد ، لا زال عددٌ منهم متوقّفين وحائرين بين صفحات الكتب التقليدية والنظرية ولم ينطلقوا للواقع وإن تحدث أحدهم فإنك تجد في كلامه قيوداً ومصطلحات لايستطيع تنفيذها عملياً وترجمتها بواقعية وبطريقة تعكس حقيقة مقدرته في التعامل مع المتغيرات والواقع المعاش الذي هو حتماً مختلف تماماً عن النظريات المكّدسة في كُتب الجامعات ،وأقول هذا الكلام من خلال تجربة عملية وليس كلاماً إنشائياً موجهاً نتيجة موقف ما سياسياً كان ، أو شخصياً .
،أنا أعرف الاعزاء لأكاديميين جيداً وأعذرهم في ما هم عليه ، وقد ألتقيت بعدد كبير منهم بصورة مستمرّة أثناء عملي كوزير للتعليم العالي, وبعضهم لم يكونوا يتقبلونني كوزير للتعليم العالي لأنني لا أحمل شهادة الدكتورة وخانهم التقدير حينها ، عندما نسوا أنه منصب إدارة عليا سياسي وانها ترتيبات سياسيه ادارتها الاحزاب وليست الجامعات.

أعود للحديث عن حكاية العملة الوطنية وأقول إنما طرحه البعض حولها من تنظيرات هي خاطئة ونسبة كبيرة منها صادرة عن خلفيات ومؤثرات سياسية تدخل في إطار الصراع المحتدم في البلاد الذي يحضر فيه كل شيء إلا مصالح الوطن العلياء وقيم واخلاقيات الصراع الشريف ، وأعتقد إن الحديث عن كارثة اقتصادية وضائقة بالعملة الصعبة أكثر من (90%) منه تحريض وإشاعة ، وهذه إمور وقضايا أساًساً تخصُّ الدولة في مصروفاتها, وما يدور من تفسيرات وكلام عن مخاوف بهذا الشأن لا تتعدّى أكثر من كونها إسطوانات مشروخة يستخدمها بعض الإخوة الأكاديمين اسقاطا لنظريات لامكان لها في السوق اليمنيه وفي ظروفنا هذه.

صحيح إن الدولة حالياً تُعاني من تدني ايراداتها بشكل عام , أما العملة الصعبة فمصادرها ايرادات النفط والغازوالتحويلات الخارجية والمساعدات وماتورده البنوك التجاريه للبنك المركزي, وبالتالي نستنتج في هذا السياق إن الشحة أو الصعوبة الحالية هي بسبب توقف ايرادات النفط , وما يدور من حديث حول تراجع التحويلات الخارجية من المغتربين, ولكن الأمر المؤكد حول هذه النقطة الأخيرة هو إن الإخوة المغتربون يحولون الآن عبر مكاتب الصرافة في جدة والرياض وأبوظبي وكذا مراكز تحويلات في امريكا وبريطانيا وغيرها ، بمعنى إن التدفق المالي للبلاد ما يزال مستمرا بشكل أو بآخر, اضافة إلي الأشخاص الذين يحملون العملات المختلفة وبضائع شخصيه اثناء تحركهم للداخل ، ناهيك عن حجم التعاملات الداخلية عبر الشركات والبيوت التجاريه فيما بينها, ويأتي هنا في الوقت الحالي مصدر مهم غير الدوله اليمنيه إلا وهي الضخ الهائل من دول العدوان لتمويل العمليات العسكريه وشراء احتياجات القوات التابعه لهم بالداخل وشراء الولاءات ومن والاهم في الارض, هذه مبالغ لم يسبق لها الدخول في السوق اليمنيه.
وبناء عليه نخلص إلى أن الدولةصفتها ودورها واضحين في كونها مراقب ومنظم للسوق الاقتصاديه والماليه, ومتحكم الي حد كبير في السياسه النقديه والخدمات المفترض بها أن تقدمها ,ونسبتها من النشاط الاقتصادي الاجمالي معروفة, ولا تُؤثّر علي سيرالنشاط الاجمالي في البلد ،إلا فيما يخصها من نواحي الناتج القومي الإجمالي.

وبالتالي فإن التُّجار والإخوة المواطنين من ناحيه ودول العدوان من ناحيه اخري لهم تصاريفهم وتأثيراتهم المباشرة في النشاط الاقتصادي والمالي والتجاري هذه الايام والدولة من جانبها لها موظّفيها في الشقين (المدني ) و( العسكري ) وتعاملاتها مع احتياجات الخدمات العامة والبرنامج الاستثماري وتمويل تكلفة استيراد بعض المواد الاساسيه كالقمح والسكر والزيت والادويه (بالرغم من حقيقة تغطية التجار لتلك الكلفه من حساباتهم) واستيراد ماتيسر من مشتقات نفطية, ومن هذه الحقائق والمنطلقات لانُحبّذ أن نكرر مقولة " الدوله تعاني أوضاعاً صعبة في توفير العملة الصعبة", فالدوله هي الدوله بكادرها وليس ببعض من تطفلوا خلال هذا العام وقفزوا الي مقاعد القياده ليؤكدوا انهم المنتصرين, ومانراه الان من فوضي هو وقتي كما اراه وسيختفي من سبب الفوضي كما ظهر فجأه.

كما ان وما حدث مؤخراً من جدل يتعلق بموضوع العمله الوطنيه والوضع الاقتصادي يوضح وبجلاء بأن هناك علامة سلبية بارزة عنوانها الإخوة من أكاديميين وخبراء اللحظه السياسيه كما اسميهم, حيثُ نُلاحظ إنهم عند المشاكل والتحديات يلتزمون الصمت, ولم نسمع لأحدهم تعليقاً إيجابياً تحديدا عندما طغت الاشاعات بانخفاض قيمة الريال على المشهد الاقتصادي والسياسي
بل العكس وجدنا إن بعضهم برروا ذلك بعدة مبررات ،وتوقعوا ، بل قُلّ تمنّوا تدهور وإنهيار العملة الوطنية.
وهنا أزيدكم من الشعر بيتاً ، أحد الأشخاص كان مسؤلاً عن مركز للاعلام الاقتصادي ( ينتمي لحزب سياسي معروف)وجدها فرصة وأخذ يُوجّه اللكمات ويحدّ سكّاكينه علي الريال ، مُحملاً ( الحوثي - صالح ) سبب الانهيار في العملة التي بدأ يغنّي لها ويحتفي بسقوطها بعدد من الطقوس والتنظيرات، تماماً كما حدث خلال العام 2011 حينما تمنّوا أن نذهب للافلاس والشحت علي قارعة طرق دول الخليج وانتشرت الاشاعات على نطاق واسع انذاك وخاب رجاؤهم بعد خروجنا من الازمه في 2011, ورغم إن باب التوبة مفتوح إلا انهم أبوا الدخول فيه ، بدليل إنهم في الأسبوعين الماضيين عاودا الكرّه وتوقعوا للريال اليمني العمى والكوليرا والموت, وهكذا .

وليعذرني كل أكاديمي مجد ومحترِم لعلمه ومكانته ، مخلص لرسالته ومهنته ، إذا قلت إن هناك من أكاديميينا من يتخصص في الحديث في المقايل وينحصر في قاعات تدريس وكتب معتّقة , وهذا لاعيب فيه, لكن عليهم معرفة أن الخبره والإطلاع والبحث المستمر ومتابعة الشؤون الاقتصادية بواسطة شبكة ( الإنترنت ) وبمختلف وسائل الإتصال .اضافة للتواصل مع التجار والقطاع الخاص بشكل عام أيضا ، أمر في غاية الأهمية .
أخيراً يُؤسفني القول : إن معظم الإخوة الأكاديميين وخبراء الاقتصاد يصمتون تجاه هذه الممارسات السلبية / العدائية تجاه الوطن ومصالح وأقوات الناس خوفا من رد الفعل و الهجوم المضاد من حزب (الإصلاح ) ومن لفّ لفّهم وهذا قد يكون بسبب الخوف على وظائفهم في الجامعات والسكوت للحفاظ عليها, حتى وإن كان ثمن ذلك هو الوطن والتنكُّر لكلمة الحق, ومن المعيب ، ايضا ، إن عددا كبيرا ممن يمكن أن ندعوهم بخبرائنا الاقتصاديين وأكاديميينا ينتظرون فقط لما سيقوله عن وضعنا الاقتصادي خبراء الاقتصاد العرب أو الأجانب وبعد ذلك يتكرمون بالتعليق, أو ينتقدون من يحاول أن يطرح وجهة نظر دونما وضع البدائل.
نتمني من الكل أن يشعر بأن هذا البلد سفينتنا جميعا, ولن يثنينا أي طارئ عن العمل بكل ماأوتينا للحفاظ عليها لتجاوز بحر الظلمات اللذي نحن فيه.
ولاسامح الله من كان السبب في استقدام العدوان وولوجنا في بحر الظلمات.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-32702.htm