لحج نيوز/بقلم : فراس اليافعي -
أصدر الأستاذ سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية، والسياسي اليمني المخضرم، والمعروف بعنوان: «رؤية علاجية لقضايا وطنية خلافية» تعرض فيه لجملة من قضايا الوطن، وما تعرضت له البلاد من المحن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقبل استعراض ما جاء برؤية الأستاذ سالم صالح العلاجية لقضايا وطنية خلافية ....
نتطرق بشكل قصير لمسيرة الرجل وتاريخه فهناك من يؤيد وهناك من يرفض الأهم في ذلك إن نتفق جمعيا باحترام الرأي الأخر دون التشكيك آو التجريح أو فتح مجال الردود التي تسي للصحف والمواقع الالكترونية وللكتاب انفسهم اصحاب الردود باسمائهم المستعارة!!!
سالم صالح محمد الرجل كان أحد الخمسة اللذين احتلوا مقاعد في طاولة مجلس الرئاسة الذي أنيط به حكم اليمن بعد 22 مايو 1990م.
لعب الرجل دوراً توفيقياً مهماً خلال أزمة 93م وحرب 94م بين شريكي الوحدة, وبعد انتهاء حرب صيف 94م لم يتحول إلى (سمسار) سياسي للاستفادة من الظروف التي تهيأت بعد حرب صيف 94م اختار التأمل ولعب دور الموفق بين الطرفين.. وتعرض الأستاذ / سالم صالح لحملة إساءة من بعض القوى السياسية, التي لم تتمكن من قراءة الواقع بعمق وخبرة وإدراك.
غاب عن الوطن فترة لكنه عاد مواطناً يريد خدمة وطنه, ولم يلتفت لمن يحكم اليمن, حاول لملمة أشلاء حزبه, لكن تيار المزايدة في الحزب شن ضده حملة شعواء قابلها بهدوء السياسي المدرك للمرحلة, ولعب دوراً مميزاً في حل كثير من مشاكل (الرفاق) الوظيفية والحقوقية.
يتذكر كثر من الذين عاصروا الأستاذ / سالم صالح حين كان وزيراً للخارجية في الجنوب ثم أميناً عاماً مساعداً للحزب الاشتراكي أن الرجل يتمتع بدماثة خلق نادرة, في وقت تسيد فيه النزق والتهور وبالذات بعد أحداث 13 يناير 1986م.
وعودة إلى «رؤيته العلاجية لقضايا وطنية خلافية» تعرض في هذا الكتاب الصغير في حجمه الكبير بمدلولاته ومعانيه وموضوعاته وأطروحاته وحلوله ومعالجاته إلى جملة من العناصر المرتبة والتي تشكل بمجملها -بالفعل- رؤية متكاملة لأهم خطوط التقاطع في مجرى العمل السياسي في بلادنا والتي أصبحت تشكل خطر حقيقيا على أهم منجزات الثورة اليمنية «سبتمبر وأكتوبر» بل وخطراً مستطيراً على مسيرة العمل السلمي الديمقراطي ألتعددي في يمن الثاني والعشرين من مايو1990م.
ويمكن أن يلحظ القارئ الكريم لهذه الوثيقة ذات الـ(135) ورقة من الحجم المتوسط مصداقية طرحنا، وان هذه الوثيقة بالفعل هي «رؤية علاجية» أعارها كاتبها جل ما لديه من العناية والاهتمام الذي يملكه سياسي محنك عرفته الساحة السياسية، وعرفها منذ اكثر من خمسين عاماً؟ لتغدو فيما لو اخذ بها «وصفة علاج مثلى» لمختلف الأزمات والإشكالات التي عدت اليوم كابوساً حقيقياً على صدر الوطن والشعب.
ويكفي لرؤية ذلك أن يدقق القارئ النظر في ترتيب عناوين هذه الوثيقة، إذ يبدأ المؤلف أولا بقاعدة الحل، التي لأحل بدونها، وهي «الحاجة إلى الإصلاح والتغيير الشاملين» ثم يرتب بعد ذلك القضايا حسب الأولويات بأسلوب العارف المقتدر، كالتالي: إزالة آثار حرب 1994م، تعزيز الديمقراطية الحقيقية، ، تحقيق العدالة الاجتماعية، إنها حرب «صعده»، النهوض بالاقتصاد، تنمية المجتمع، تقوية سلطة الدولة، سلطة محلية كاملة، الاستقرار ألامني استقطاب «الحراك الجنوبي» الحفاظ على الوحدة اليمنية، إجراء المصالحة الوطنية.
وبثقة، نقول، ونجزم فيما ندعيه هنا، أن هذه «الوصفات» قد استدعى بعضها استباق بعض، وترتب بعض على بعض، ولم يتأت سوى أن يكون الإصلاح حاجة، وضرورة لازمة، وكما يعلم الكل فإن الإصلاح لا يعني اقل من التغيير، وان التغيير لن يتم ألا على قاعدة الإصلاح، ولذلك كان عنصر الإصلاح كما ذكرنا أول العناصر، قاعدة الانطلاق صوب المستقبل.
وتتعزز أهمية هذه الوثيقة الرصيفة، ذات الأبعاد والعميقة من كونها تلبية لحاجة ملحة في ظل واقع الدعوة المخلصة لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية للحوار، وهو ما يمثل اعترافاً معمداً ليس بوجود مشكلة مستعصية على الحل فحسب بل وبعجز الحزب الحاكم عن تقديم الوصفة الناجحة المقبولة بمفرده، وبأهمية دور، ورأي الأخر في صنع هذه الوصفة، وما يعنيه ذلك من النهوض بدور تاريخي في إنهاء الأزمة السياسية ذات الأبعاد المتعددة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وإعادة عجلة التنمية إلى موقعها الصحيح في سير دورة النهوض والتطوير والتحديث، وحماية جدار الوحدة المهدد بفعل الواقع المتردي بالانهيار والسقوط.
وتأتي ضرورة الانخراط الواعي في مسيرة الإصلاح والتغيير الجدية، والصادقة من منطوق الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الممزق، والذي بلغ -ويا للأسف- حداً خطيرا من انعدام إمكانيات اللقاء.
يفسراً الرجل الواقع اليمني عموماً بان الناس قي أصبحوا منشدين «إلى ما سبق بقوة» وان ثمة «صعوبة في الوثب، والانطلاق من جديد بحيث يشدنا المستقبل أكثر من مستوى حزب الماضي».
أما لماذا؟ فإن الجواب يأتي واضحاً، ومن صفحات التاريخ. يقول لان الحرب، والصراعات السياسية الحادة على السلطة التي شهدها وطننا اليمني شماله وجنوبه طوال الفترات الماضية خلفت ركاماً من المآسي والآلام، ظلت نتائجها ماثلة للعيان، وظلت جراحاتها خائرة في النفوس لعقود من الزمن، حتى الساعة».
ويعلل الحاجة -بالتالي- للإصلاح، بأن البدء بصفحة جديدة يتطلب إثبات النية الصادقة أولا و الإرادة السياسية القوية ثانياً، في سبيل إنهاء ملفات النظم السابقة، والحروب، والصراعات السابقة التي أنهكت الوطن، والمواطنين اليمنيين، ذلك انه وعلى هذا الأساس «يمكن للقوى السياسية أن تتنفس في جو ملائم جديد، ويتنفس المجتمع بكل فئاته، وطوائفه، وقبائله، ومناطقه، وعلمائه، ومثقفيه، وطلابه، ورجاله، ونسائه».
وهكذا جاءت هذه الرؤية، وعلى قاعدة الدعوة الرئاسية للحوار لتطرح بالفعل حلولها الواقعية، والصادقة، انطلاقاً من الاعتراف الصريح بوجود الأزمة والاختلافات والتباينات والتناقضات التي غدت تهدد الحياة السياسية لتنعكس على مختلف صعد الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والثقافية.
ولم يكتف سالم صالح محمد بوضع هذه الرؤية «الوصفة» بل وضع كذل، وفي إطارها، وما يضمن تحويلها إلى واقع، وممارسة حية، ونافعة يقول:ولإنهاء الحالة اليمنية المتأزمة، هناك واجبات على الكل، وعلى كل مواطن يمني، إذا ما أردنا البدء بانطلاقة جديدة في بناء الوطن» ويضيف في هذا الصدد: «ولكن الواجب الأكبر يقع على الدولة، والحزب الحاكم، حيث خيوط السلطة، ونفوذها بين يديه، أي أننا نرى أن السلطة في الجمهورية اليمنية -بالدرجة الأولى- هي المعنية بفتح باب الانطلاق، باب صفحة اليمن الجديدة، فعليها -أي السلطة- تقع المسؤولية الأولى الإضافية في تشجيع المجتمع اليمني على الأقدام على هذه الخطوة التاريخية الملحة والمطلوبة».
ويلتفت أبو صلاح إلى قضية مهمة في هذا الشأن تتصل بتأمين هذه الانطلاقة المشتركة للدولة وللمجتمع بفئته وأحزابه ومنظماته وأطره الجماهيرية مشيراً إلى أن هذا التوافق السياسي فيما لو تم، فإن نجاحه في تحقيق الوثبة الأولى يظل مرهوناً، ومرتبطاً بعدم رضوخ جميع القوى المذكورة لأتباع أساليب المناكفة، والمكايدة مؤكداً على أهمية ترك ذلك، والارتقاء بها إلى مستوى مواجهة التحديات الهائلة التي يواجهها اليمن اليوم بعواصفها العاتية التي تهدد سفينتنا الواحدة، مشيراً في الوقت نفسه إلى عامل أخر لا يقل أهمية عما سبق، وهو أن ذلك النجاح المأمول يبقى على الدوام مرهوناً بضمان «عدم تحول الإصلاح والتغيير الواسعين إلى صراع على السلطة» ذلك أن هذا الأشكال سيغدو عبئاً جديداً، وإضافة إلى سلسلة الصراعات القديمة والسابقة على السلطة، حتى وان كانت السلطة السياسية للبلد هي مفتاح الحلول الأخرى، فعلينا التعامل مع هذه المسألة بهدوء.
ويدعو الأستاذ سالم صالح من اجل أنجاح هذه الرؤية إلى تعديل بعض مما في النفوس والعقول، وعلى نحو ايجابي وبما من شأنه أن يقودنا إلى تقبل عمليات أصلاح وتغيير تقدميه وكبيرة الفعل بعيداً عن المجاملة، والتأجيل مشيراً إلى أن مبادرته تتشكل، أو تتكون من عمليتين تاريخيتين كبيرتين لأزمتي الأداء وهما:
1- إصلاح شامل، وصادق، وحديث، وعاجل.
2- مصالحة وطنية تلبي مطالب ومصالح جميع القوى السياسية الفاعلة.
لافتاً إلى أن توجيه الرؤى العلاجية بين هذه القوى السياسية يمثل بالفعل أساس المصالحة الوطنية.
ونظن جازمين بعد كل هذه الملامسات- أن هذه (الوصفة) الوثيقة، المقدمة من منبع تجربة طويلة ستبقى عرضاً مغرياً في مجرى العمل الوطني لإخراج البلد من نفقة المظلم، ومساهمة ايجابية لا ينبغي التغافل عنها، ولاسيما إذا أخلصت النبات، وأراد الجميع بالفعل التوجه بالوطن صوب آفاق المستقبل على أجنحة الحوار، وعلى قاعدة الإصلاح الشامل، لبناء الدولة اليمنية الحديثة... دولة النظام والقانون والمؤسسات.
فراس فاروق ناصر علي اليافعي
[email protected]