الثلاثاء, 23-مارس-2010
لحج نيوز - النظريات الفلسفية المعاصرة في علم السياسة أفرزت مفاهيم ثابتة ومعايير راسخة لمعنى الديمقراطية وانتقال السلطة سلميا وأحدثت انقلابا ديناميكيا على الواقع المتخلف السائد في لحج نيوز/بقلم:المحامي سفيان عباس -

النظريات الفلسفية المعاصرة في علم السياسة أفرزت مفاهيم ثابتة ومعايير راسخة لمعنى الديمقراطية وانتقال السلطة سلميا وأحدثت انقلابا ديناميكيا على الواقع المتخلف السائد في أذهان الحاكم والمحكوم، إن أية رؤية مزدوجة لهذه المفاهيم تعني بالضرورة انعدام البصيرة الواجب توفرها ضمن حدود المنطق المتعقل للسياسي الذي يتبوأ مصدر القرار وينم عن تكبيل محجم لإرادة الشعب وهضم واضح للحقوق الدستورية والعهود الدولية التي أقرتها . فالديمقراطية بشكل عام تعد مكسبا جماهيريا في كيفية صياغة معنى حقوق الإنسان ونمط حضاري متقدم وتجسيد لمقررات ومضامين الاتفاقيات الخاصة بالحق المدني والسياسي التي وقعت عليها شعوب الأرض عام 1966. إن خصوصية الديمقراطية العراقية قد طغت على المشهد السياسي العالمي من حيث فحواها النظري وأسلوبها التطبيقي الغريب وخاصة في ما يتعلق بالقائمين على نهجها من الساسة الذين تربعوا عرش السلطة وزهوها وأوهام الاستحواذ والتوريث والاستماتة من اجل البقاء مما انعكست سلبا على مجمل المفاهيم الشكلية والموضوعية للديمقراطية . فالتداول السلمي صار شعارا تكتيكيا فوضويا تتقاذفه الراديكالية الحزبية الدينية منها والسياسية الضيقة التي تقاسمت صناعة الخيال الوهمي لشؤون الحكم مع ذاتها بطريقة ازدواجية الشخصية السياسية وراحت تتعجل من أمر نسف دعائم العمل الديمقراطي الذي أوصلها الى ما هو عليه من صناعة انشطارية مبعثرة ومشتتة غير مسبوكة لماهية القرار السلمي وبالتالي وضعها في خندق الشمولية والتعسف غير المبرر تجاه الخصوم السياسيين المختارين من الملايين. إن علامات الإخفاق واليأس تظهر حال الركون الى هذه الخيارات قبل وبعد الحملات الانتخابية نتيجة الخوف من شر الهزيمة والرعب من كشف المستور والمخفي في سجلات الفاسدين ولهذا فأن المسألة تأخذ مسارا آخر أمام الرأي العام الذي يراقب مجريات الأحداث على الساحة العراقية التي تتداخل حتما مع الاستراتيجيات الغربية والأمريكية . فالمراقب السياسي يرى ان الديمقراطية العراقية هي وليدة ناشئة تحمل في طياتها بصمات المحتل الأمريكي صاحب الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب (التطرف الإسلامي) وان عموم الأحزاب الدينية الإسلامية من جنوب الفلبين شرقا مرورا بأفغانستان وإيران والعراق وفلسطين ولبنان وصولا الى المغرب العربي تدخل تحت خيمة وأجندة موضوعة وموصوفة في قواميس السياسية الأمريكية أدق وصفا ولابد لها وان تستجيب أو لا تستجيب للاستراتيجيات فهي مقيدة بحدود المرتسمات المفبركة والمعدة سلفا منذ عقود خلت من قبل المنظرين وصناع الرأي السديد وحكماء العقل والمنطق والحكمة الإستراتيجية كما استجابت من قبل طالبان ورفضت للاستجابة بعد حين وأحايين عدة حتى أطيح بها مرغمة غير مأسوف عليها أمريكيا. إذن الديمقراطية العراقية لها أبعادها غير الدينية والمذهبية ولا يمكن أن تكون حكرا طائفيا فهي مرسومة لبلد متعدد الديانات والعرقيات والقوميات وإنها تحيى في مرتع العلمانية الخصب بعيدا عن تأثيرات أولئك دهاقنة العقل الأمريكي كونها هي التي تفرض نفسها دون منة إذا ما وجدت شخوصها الحقيقيين قادة كانوا أم شعوب. هذه التصورات حقيقية ومنطقية للديمقراطية في العراق أما أضدادها سيكون الوهم بعينه وما من تيار ديني قادر على تطبيقها إطلاقا أو يستحوذ على السلطة في ظل توظيفها لإغراض استهلاكية كونها مانعة من التلاعب في مبادئها لتعلق أمرها بالإرادة الكلية للشعب الذي علم الدنيا كيف تحكم أو تكون أو لا تكون ، لقد أدت السذاجة السياسية والفكرية أدوارا طفيلية وعشوائية غير معقلنة عبر العصور والدهور دفعت بأصحابها الى سلوك طرق وأساليب والقيام بتصرفات فاقدة للتوازن والرصانة وتعطي انطباعات مأساوية على شخصياتهم وهل هم أصحاء من عدمه وكيف يقودون هذا الشعب العظيم في حالهم وأحوالهم هذه؟ ان طريقة رسم الخيال الوهمي غالبا ما يكون سريعا داخل العقول الباطنة والظاهرة ولكن العبرة في وسائل إثبات الواقعية والنفاذ الى عالم الحقيقة. وبكل الأحوال إنني أرى حتمية سريان مبدأ التطبيق الديمقراطي الأمثل وضرورة الاحتكام الى الرؤى الدستورية والأخلاقية قبل اتخاذ أي قرار من شأنه الإساءة لهذا المبدأ العظيم.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-3461.htm