بقلم/محمد أنعم -
إقرار مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي الأربعاء قانون جاستا »قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب« والذي يتيح الحق لأسر ضحايا 11 سبتمبر مقاضاة المملكة العربية السعودية بعد ثبوت تورط مسؤوليها في تلك الجريمة الإرهابية، يعتبر أول خطوة جادة فعلاً تتخذها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب وتجفيف بؤره ومنابعه وردع الدول الداعمة والمساندة له منذ الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها أمريكا في 11 سبتمبر 2001م.
واللافت في إجراءات إصدار هذا القانون ليس في اسقاط الفيتو الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد قانون لمحاسبة السعودية، بل في ذلك الاجماع المطلق على تصنيف السعودية كدولة راعية للإرهاب في جلسة الكونجرس ومن ثم في جلسة البرلمان، حيث رفض اعضاء مجلس الشيوخ فيتو أوباما بعدد 97 صوت مقابل صوت واحد ضد القانون.. وعند عرض القانون على مجلس النواب رفضت الأغلبية الكاسحة »فيتو« أوباما ضد القانون، حيث جاءت نتيجة التصويت رفض 338 نائباً للفيتو مقابل 74 صوتاً.. وبذلك أُسقط فيتو أوباما.. ودقت الأجراس للشروع بتنفيذ القانون ضد السعودية ومسئوليها.
تظهر نتائج التصويت حقيقة توجهات أهم مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة تجاه النظام السعودي والتي تعكس وجود اجماع ضد السعودية، ولا يمكن عند التأمل في عدد المصوتين مع القانون ضد الفيتو أو العكس أو المصوتين مع الفيتو.. لا يمكن أن نجد هناك انقساماً في القرار الأمريكي تجاه السعودية، بل إن هناك اجماعاً غير مسبوق لتصنيف السعودية كدولة راعية للإرهاب وضرورة ملاحقة مسئوليها قضائياً..
لم تفق السعودية ودول الخليج والمتحالفين معها في دعم الإرهاب والإرهابيين من هول الصدمة بعد انقلاب الموقف الأمريكي الذي بكل تأكيد جدد ومن خلال القانون الذي أصدر الأربعاء بأن المتهم الرئيسي في الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها أمريكا في 11 سبتمبر 2001م والتي سقط ضحيتها آلاف الأبرياء هو النظام السعودي، وليس غيره، و أن على أسر ضحايا 11 سبتمبر أن يقاضوا السعودية.. ويمثل صدور هذا القانون الأمريكي بمثابة إعلان إدانة للسعودية بشكل صريح وفي ذات الوقت دعوة لدول وشعوب العالم المتضررة من الإرهاب السعودي أن تنهج نفس النهج الأمريكي وتقدم على إقرار تشريعات مماثلة لإنصاف أسر الضحايا لمن طالهم الإرهاب السعودي.
لقد علم المشرعون الأمريكيون العالم الشجاعة بإصدار هذا القانون التاريخي الذي أكدوا من خلاله أنه لا يمكن السماح للإرهابيين وداعمي الإرهاب الافلات من العقاب ولا يمكن أيضاً المتاجرة أو التفريط بدماء المواطنين الأبرياء.
وبكل تأكيد أن هذا القانون الأمريكي ستكون له أهمية تاريخية في حياة البشرية حيث انتصر فيه الإنسان للحق والعدالة وحق الحياة واسقط والى الأبد مزاعم المصالح لتبرير تغول الإرهاب ومقايضة دماء الأبرياء ببراميل النفط.
إن على أوروبا وبقية دول العالم أن تمضي بنفس شجاعة القرار الأمريكي اذا كانت حقاً جادة في مكافحة الإرهاب، فبدون اتخاذ قرارات شجاعة ستظل المعمورة ساحة مفتوحة لسكاكين ومتفجرات الإرهابيين الذين تصدرهم السعودية الى مختلف دول العالم.
إن أمن واستقرار العالم وتخليصه من آفة الإرهاب تتطلب قوانين رادعة للدول الداعمة والمساندة للإرهاب، وتقتضي مصلحة المسلمين تحرك مماثل للانتصار لعظمة تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف الذي يتعرض لتشويه فضيع من قبل الفكر الوهابي الإرهابي الذي يعتبر أشد وطأة على الإسلام من حملات الحروب الصليبية..
الجدير بالذكر إن قانون جاستا هو قانون "العدالة ضد رعاة الأرهاب" والذي يضع بداية لمرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية السعودية والعلاقات بين دول العالم ؛ حيث سيفتح مرحلة جديدة في الصراع بين قوى الخير والسلام وقوى الشر والارهاب .خصوصا وان القانون ينص على رفع الحصانة للوجود السعودي بأمريكا، و يسمح بمقاضاة الحكومة السعودية، والحصول على التعويض المناسب ، وهذا حق مكفول في جميع التشريعات ولا يجب التفريط أو المتاجرة به على الاطلاق..
لقد دافعت امريكا باقرار هذا القانون عن مواطنيها وامنها واستقرارها وسيادتها باعتبارها مقدسات لا يجب لكائن من كان المساس بها، ولايمكن ان تكون العلاقة مع السعودية هي اقدس من ذلك . بدليل ان مجلس الشيوخ والذي لم يقم منذ عام 1983، برفض أي فيتو رئاسي، استخدام هذا الرفض لاول مرة في عهد باراك أوباما فيه تاكيد ان لا مستقبل للعلاقة الامريكية مع السعودية اذا استمر الارهاب الوهابي.
نعتقد انه لا يوجد ملاذا امنا للسعودية بعد هذا القانون وذهابها للتهديد بفرض عقوبات اقتصادية على أمريكا مجرد هراء فلا يمكن أن تقوم بسحب 750 مليار دولار، من الولايات المتحدة الأمريكية، كما سبق لها ان هددت في حالة تم تفعيل هذا القانون. كما لن تستطيع كما صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن تبيع جميع الأصول لانه بعد هذا القانون سوف يتم تجميدها قضائياً.
والاسواء من كل ذلك ان السعودية لن تستطيع بعد صدور القانون إقناع دول مجلس التعاون الخليجي الوقوف الى جانبها خشية من ان تتعرض لما تعرضت له السعودية سيما وان بعضها متورطة في اعمال الارهاب ..ولن تفكير ايضا بتجميد علاقاتها مع امريكا خاصة وان علاقاتها سيئة جدا مع روسيا والصين واوروبا والهند وايران ولم يعد معها الا اسرائيل والسودان وارتيريا وارض الصومال..