لحج نيوز/بقلم:بهاء رحال -
من الوطن الى المنفى ثم عودة مؤقتة الى الوطن ثم الى المنفى من جديد ، رحلة المناضل الذي عرفناه بطيبته وأصالته وكبريائه ، رجل المواقف الأولى الذي لا يقبل المساومة ويرفض فكرة الخنوع والخضوع في الزمن المنكسر ، رجل الانضباط والالتزام الوطني والمبادئ السامية العليا والثقافة الوطنية العميقة ، القيادي عبدالله داود "أبو القاسم" الذي عرفناه بطيبته وفروسيته وأخلاقياته الطيبة في العمل الوطني والنضالي وفي شتى مناحي الحياة التي كانت قاسية عليه في زمن التواطؤ والقهر والانهزام وكان نصيبه كبير من الاعتقال والإبعاد والتهجير الذي رافقه طيلة سنوات حياته الثمانية والأربعين عاماً حتى ارتقت روحه الطاهرة الى ربها صباح هذا اليوم في الجزائر حيث استقر به الإبعاد في وطن المناضلين وعاصمة الشهداء بعد رحلة طويلة تنقل خلالها من عاصمة الى أخرى يحلم بعودة سريعة الى الوطن ليرتاح من عذابات الإبعاد ألقصري الذي طارده وجعله منفياً بعيداً عن فلسطين كل هذا الوقت .
فاجعة كبيرة وحزن وقهر كبير على فراقك ، وأنت تغادرنا الى السماء حيث الأنبياء والصديقين شهيداً مع قوافل شهداء فلسطين الذين رحلوا عنا على طريق الحرية والتحرير ومضوا على درب الشهادة وأضاءوا قناديل النصر في حلكة ظلام الاحتلال وكتبوا تاريخهم بحق دون رياء وكان دمهم شاهداً وأرواحهم تملأ مساحات الوطن بكل عزة وكبرياء ، هم الشهداء الذين نحبهم ونعشقهم وننحني لوجههم الوضاء ولخطواتهم نقدم الولاء ، لأنهم وحدهم السادة ووحدهم العظماء .
نودعك يا أبا القاسم وإنا محزونون على فراقك ، لكنها إرادة الله التي لا نعترض عليها لأننا نؤمن بها كأيماننا العميق بالله الذي كتب لك أن تفارقنا بصمت دون أن نشعر بلحظة غيابك هناك على ارض الجزائر التي دفنا بها الآلف الشهداء من رجالات الثورة ، الجزائر وقد تركنا فيها أعظم الرجال وأشجعهم وكل ما نحب ، ذلك الوطن الذي به ترعرعت الثورة الفلسطينية ونضجت واستوحت من عظمة المليون ونصف المليون شهيد أعظم المعاني والعبر وشكلت إحدى المحطات الهامة في تاريخ الثورة الفلسطينية.
نودعك أباً وأخاً وقائداً ومناضلاً وهب حياته لأجل الوطن ، عاش لأجل وطنه أكثر مما عاش فيه وقد طارده الاحتلال وأبعده لمرتين تنقل خلالها في الكثير من العواصم حتى استقر في الجزائر عاصمة المناضلين وارض الشهداء ، فكم نحن مشتاقون إليك ، دموعنا تذرف دماً وقلوبنا تبكي حسرة وألم على غيابك ورحيلك المفاجئ فإلى جنات الخلد أيها القائد الفذ ، لك المجد في العلياء ولك الحب ولروحك السلام.