لحج نيوز/بقلم:عبد الجبار سعد -
حتى النقل الصادق لأخبار الفواحش يعد فاحشة وهو باطل في قيم الدين وحتى المروءة فكيف بالنقل الكاذب ..
فالنميمة والغيبة وكل الأحاديث والأخبار التي تخلق الاضطراب والضغينة وعدم الأمان بين الناس، أو ما يسميه القرآن بـ”الإرجاف” ويسمي فاعليه بـ”المرجفين” كلها حتى مع صدقها تعتبر من المحرمات في شريعة الإسلام .
***
كما أنه حتى النقل الكاذب للأخبار والأحاديث التي من شأنها إصلاح الناس ودرء الفتنة، تعتبر واجبة ومستحبة فكيف إذا كانت كلها منقولات صادقة وتحقق هذه الأغراض .. لأن العمل لإصلاح ذات البين حتى باختلاق روايات وأخبار ليست واقعة هو عمل صالح، وهو حق فكيف إن كان صدقاً وحقاً في نفس الوقت
وكل هذا يندرج ضمن القاعدة الأصولية “أينما وجدت المصلحة فثَمَّ شرع الله”.. قال سيد الوجود “ ليس الكذاب الذي يسعى بين الناس فيقول خيراً أو ينمي خيراً، وبمحاولتك الصلح بين متخاصمين، وأن تقول لكل منهما رأيت صاحبك نادماً وشاعراً بخطئه تجاهك لتصلح بينهما بهذه الكلمات الصالحة فلن تكون كاذبا، والعكس صحيح فلو نقلت ما سمعت من حديث كل منهما المهدد والموعد لأخيه فقد دخلت في الحرام، وأصبحت نماماً وأفسدت ذات البين وأنت تدعي أنك لم تقل غير الصدق ..ولكنه صدق فاحش مقيت قاطع للأرحام ومثير للضغائن يبغضه الله والناس.
***
إذن فبعض الصدق باطل وحرام في دين الإسلام وبعض الكذب حق ومباح في دين الإسلام، هذا إذا ما أخذنا الأمور على هذا النحو الفاصل بين الحق والباطل وبين الصدق والكذب .. ففي الإسلام ليس مرخصاً أن يتنابز المؤمنون بالألقاب حتى لو كانت حقيقة، فذلك هو عين الفسوق .
***
وهكذا فإننا نطالب كل إعلام صالح إن لم يجهد نفسه لإصلاح ذات البين فعلى الأقل يتحرى الصدق ولا يكذب أو يدلس، وأن يتوخى الصلاح فيما ينقله ويهدف إليه من نقل الأحداث والحقائق، ولن يضيره بل سينفعه ويكرمه عند الله والناس أن يتجنب كل ما له صلة بإفساد المجتمعات سياسياً وأخلاقياً ودينياً ويكون مذموماً ومسيئاً حين يعمد إلى الكذب، لا لكي يصلح ولكن لكي يفسد أويقوم بتضخيم الوقائع ليخلق الروع بين الناس على طريقة من لا يكذب ولا يعطي الصدق ..
فالكثير يحاول أن يغلف الحقائق ويدلس على الناس بإخفاء الجزء الصالح من الحقيقة ونشر ما دون ذلك فيظهر الفساد متوحدا عاريا متجردا مما سواه من الحقائق، التي لو وردت لكانت ترد عليه وتظهر ضآلته وقبحه في مقابل جمال الحقيقة واتساعها الذي تم مواراته عن عمد .