بقلم/طه العامري -
في سقيفة بني ساعدة وفيما كان بعض الصحابة يقومون بغسل جسد المصطفى محمد عليه افضل الصلاة والسلام كان الغالبية من الصحابة وهامة المسلمين يتجادلون حول الخلافة والحكم والسلطة ..يومها قال الى سفيان وهو الذي اسلم عنوة عند دخول المسلمين مكة قال كلمته الشهيرة ( يا بني هاشم النبؤة كانت لكم والحكم لنا ) اي لقريش ..وحين شعر أبى سفيان أن كفة الحكم ستؤول لابي بكر الصديق من ( تميم ) ذهب يبحث عن الامام علي وقال له بالحرف يا ( علي مد الي يدك لابايعك بالخلافة فانت اولى بها ) ..؟!!
فرفض الامام علي بيعة الى سفيان حتى لا يشق صف المسلمين ..كانت قريش قد تخلصت من رجل الاوس والأنصار سعد بن عبادة بالقتل لانه رفض بيعة الى بكر ورفض فكرة الحكم لقريش التي تحدث بها ابى سفيان فتخلصوا منه بالقتل وقالوا يؤمها أن ( سعد قعد يتبول في حفرة للجن فبقروا الجن بطنه ) كان سعد اول ضحايا الصراع على السلطة بين المسلمين بعد رسول الله بل وقبل أن يوارى جثمان الرسول الطاهر الثرى ..!!
بعد حوار ( السقيفة المثير ) تطورت الأحداث الصراعية الدامية بين المسلمين من اتباع وصحابة الرسول الكريم وحلفائهم ولم يستثنى من ذالك الصراع الدامي سوى الصحابي ( ابو ذر الغفاري ) وانحاز اليه في الاخير وتحديدا في عصر الخليفة عثمان الصحابي ( سعد ابن ابي وقاص ) بعد أن شاهد الفتنة تتصاعد والصراع على السلطة يزداد دموية بين اتباع محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام فقال لمن كانوا يفدون اليه لإقناعه بالانحياز لهذا الطرف او ذاك قال قولته الشهيرة ( اعطوني سيفا ناطقا يقولي هذا كافر يا سعد فاقتله وهذا مؤمن يا سعد فانصره )..!!
ما اود قوله هو أن مشروع الإسلاميين هو مشروع سلطة وحكم وتسلط لا علاقة لهم لا بالدين ولا بالله ولا بالرسول وان تحدثوا في خطابهم عن الشريعة وعن تطبيق أحكامها لكنهم يتحدثون بهذا الحديث من باب دغدغة عواطف الناس واستغلال مشاعرهم الدينية لتحقيق أهداف سياسية ودنيوية ..
بدليل أن مشروع الجهاد الاسلامي في أفغانستان وهو النموذج الذي تهافت عليه الجميع وتحدث عنه الجميع ونشر اساطيره الجميع ..ماذا قدم لنا هذا النموذج الافغاني ؟!!
الامر الاخر هناك نماذج اسلامية قائمة في عالمنا فهناك المملكة العربية السعودية التي تزعم أنها دولة إسلامية وانها تطبق شريعة الله ؟ وهناك نموذج اخر هو الجمهورية الإسلامية الايرانية وهي تاخذ بالنموذج الاخر المناهض لما تاخذ به وتحكم بموجبه السعودية ..؟ وهناك نموذج ثالث نقيض لكل النموذجين السابقين وهو النموذج الباكستاني الذي يقول إنه نموذج وسطي يتناقض مع النموذجين الإسلاميين السعودي والايراني لان النموذج السعودي ينتمي للمدرسة ( الوهابية ) والنموذج الايراني ( شيعي اثناعشري ) والنموذج الباكستاني ( اخواني ) مطور وفق نظرية ( ابو الاعلى المودودي ) وكل هذه الأنظمة تتحدث عن نفسها بأنها نماذج اسلامية فيما افغانستان تقدم النموذج الاسلامي الجهادي المطور والحديث وهي اخر ابتكارات الاسلام الجهادي ..؟!!
فإذا بحثنا عن ( الاسلام وقيمه وأخلاقياته وشريعته ) قطعا لا وجود له في كل النماذج التي أشرنا إليها ؟!!
فالنظام السعودي يؤدي رسالة ودور عضوي جاعلا من الاسلام مجرد رافعة تمكنه من الوصول لأهدافه السياسية التي غايتها ابقاء سيطرته وديمومة تسلطة على المشاعر المقدسة في ( مكة والمدينة ) وهي السيطرة التي تعطي هذا النظام شرعية السيطرة على مصير ومستقبل المسلمين والتحكم بهم وبمواقفهم وخياراتهم وقناعتهم ومواقفهم من مجمل القضايا الحياتية التي تهمهم وتهم مسارهم الحياتي ..فالنظام السعودي هو نظام اسلامي ظاهريا وهو في جوهره مجرد سادن في بلاط اعداء الاسلام والأمة العربية ووجودهما الحضاري ..وقد عمل هذا النظام منذ نشأته على تمزيق الجسد الاسلامي وافراغ الدين من قيمه الروحية والأخلاقية بل وعمل على ضرب وطمس كل المعالم الإسلامية والتراث الحضاري الإسلامي وشجع ولايزال يشجع الجماعات الإسلامية التكفيرية والجهادية والمعيقة لك اشكال التطور والتقدم التي أمرنا بها الدين وحثتا عليها الله ورسوله الكريم ..اذا الاسلام كشريعة وحياة لا اثر له في ثقافة وسلوك النظام الوهابي في نجد والحجاز ولم يكن بن عبد الوهاب ذاته الا سادن وتابع امين للأجهزة الاستخبارية البريطانية وحين افل نجم بريطانيا تكفلت بهم امريكا ولانزل ..؟!!
الامر ذاته ينطبق على ( ايران ) التي قامت بثورة تحت مسمى اسلامي وقد لا ننكر تأثيرات الثورة الإسلامية في إيران ومشروع الامام الخميني وعلاقتها بثورة المستضعفين لكنا في المحصلة نجد أنفسنا أمام دولة ذات سيادة دولة قومية لها تطلعات ومصالح واتخذت الاسلام جسرا يصلها نحو أهدافها الإقليمية والدولية ونحو حساباتها الاستراتيجية التي يجب النظر إليها وقراءتها بمعزل عن ( الدين ) بل من زاوية المصالح الدنيوية والصراع الحضاري الذي يفرض نفسه ويفرض مصالحه وحين تحضر المصالح تغيب الاديان وهذا فعل طبيعي فطر الله الانسان عليه ..!!
النموذج الباكستاني هو الآخر نموذج انتهازي لا علاقة له بالدين ولا بالرسول بل يقوم على المصالح فجغرافية باكستان فرضت نفسها على هوية النظام والدولة والمجتمع فباكستان حليف الرياض وصديقة لطهران إقامتها بريطانيا وتحميها واشنطن ، وهي حلقة وصل بين المتناقضات الإسلامية وهي الحاضنة للتيارات الجهادية ومحظونة من الغرب كنقطة محورية باتجاه الهند والصين وجنوب شرق آسيا والمحيط الهندي ..!!
هذه النماذج الإسلامية ( اسميا) أنتجت وفرخت كل الجماعات التي شوهت الدين وحقايقه واساءت لكل القيم الإسلامية وليس فيها نموذجا اسلاميا واحدا يمكن الاستشهاد به أو التوقف امامه .